متابعة دائمة لأعوان "وكالة تسيير إنجازات المشاريع الثقافية" للمشروع المهيكل مكنتنا الزيارة الميدانية التي قمنا بها أمس رفقة المكلف بالإعلام ورئيسة المشروع على مستوى الوكالة الوطنية لتسيير إنجازات المشاريع الكبرى للثقافة بالجزائر العاصمة، من الوقوف على آخر مستجدات إعادة تهيئة الأروقة المغلقة بشارع العربي بن مهيدي بوهران إلى "متحف للفن المعاصر". هذا الهيكل المهمل الذي أبت الوزارة الوصية إلا أن تستغله وتفتحه لفائدة الرسامين من هواة الإبداع والفن الراقي الجميل، بلغت نسبة أشغال إعادة تهيئته إلى ال 80 بالمئة، حيث لاحظنا ونحن نتجول بين مختلف طوابقه الخمسة، أن الأشغال كانت تسير بوتيرة متسارعة، إذ وبعدما كانت هذه الأروقة في وقت قريب مكانا منسيا ومهجورا، تسكنه الأشباح وتغزوه الجرذان ويقطنه المتشردون والمنحرفون، بات رويدا رويدا يرى النور ويخرج من ظلمته المخيفة التي خيّمت عليه لعدة سنوات. حيث تحوّل بفضل جهود الشباب الساهرين على إعادة إحيائه من جديد، إلى مكان جميل تخلص نهائيا من كل الفضلات والركام اللذان كانا يشوّهانه بالداخل، وقد لمسنا صراحة ونحن ننتقل من طابق إلى آخر، رغبة الحرفيين والبنائين في إنهاء أشغال "متحف الفن المعاصر" في زقتها المحددة، لتسليمها كما هو مقرر سلفا في 16 أفريل من السنة القادمة، احتفالا بيوم العلم الوطني المجيد. وحسب رئيسة المشروع رماضنة فريال، فإن عملية تهيئة المرفق، شهدت في الآونة الأخيرة تقدما ملحوظا، حيث مر هذا "المشروع المصنف" في 2013 بعدة مراحل، أولها مرحلة الدراسات، التي انطلقت في سنة 2010، لتليها عملية تنظيف الأروقة التي شيّدتها السلطات الاستعمارية في 1922، من جميع أشكال القاذورات والركام التي تجمعت بداخلها، لتأتي بعدها مرحلة تدعيم وتقوية أساسات هذا المبنى الشامخ، بمادة خاصة تدعى "نسيج ألياف الكربون" تستخدم عادة في تدعيم المنشآت الخرسانية كالجسور وغيرها من الهياكل القاعدية الكبرى، حيث أكدت لنا رئيسة المشروع، أن تقارير الخبرة، أظهرت هشاشة الهيكل وحاجته إلى تقوية أكثر تحسبا لأي طارئ قد يقع مستقبلا، لسببين رئيسيين هما : أولا :"أن مدينة وهران تقع في منطقة معروفة بنشاطها الزلزالي الكبير"، وثانيا :"مرور وادي الروينة الجوفية من تحته"، مما قد يتسبب في انهياره لا قدر الله، لتضيف محدثتنا أن عملية تدعيم الأساسات بمادة "نسيج ألياف الكربون" انتهت كلية وبات المتحف اليوم أكثر صلابة وقوة من ذي قبل، بل وقادر على تحمل مختلف الصدمات قد التي يتعرض لها لاحقا، وهاهو اليوم في مراحله الأخيرة، المتمثلة في تلبيس المبنى وتزيينه بالكامل من الداخل، بعدما رست المناقصة على إحدى الشركات الخاصة، التي شرعت منذ مدة في أشغال التبليط، دهن الجدران، وتركيب زجاج النوافذ، فضلا عن تركيب المكيفات الهوائية والمصاعد ومختلف التجهيزات الأخرى. مرفق بمعايير دولية وأوضح لنا بالمناسبة المكلف بالإعلام على مستوى الوكالة فيصل بوصبع، أن عملية إعادة تهيئة "متحف الفن المعاصر" بوهران، تمت وفق ما المعايير المعمول بها دوليا، خصوصا وأن المرفق سيكون فضاء يستقطب الآلاف من الزوار، القادمين من مختلف ولايات الوطن وحتى خارجه، إذ تفاديا لأي نقائص وعيوب من الممكن أن تشوب عمليات التهيئة، حرصت الوكالة التي لديها مكتب بولاية هران على متابعة الأشغال بشكل دوري ومستمر، إلى غاية تسليم المشروع، موضحا أنه تقرر تخصيص الطابق الأرضي، لحفظ وصيانة المقتنيات ومختلف الخدمات الإعلامية الأخرى، وأما الطابق الأول المقابل مباشرة لشارع الشهيد العربي بن مهيدي، فسيكون مفتوحا بشكل يومي أمام الزوار، حيث يحتوي على شباك اقتناء التذاكر، فضاء للأطفال وحتى لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، محلات لبيع الأغراض التذكارية، على أن تنظم فيه بشكل دائم المعارض الفنية، وأما الطوابق الثانية، والثالثة والرابعة، فسيتم تخصيصها للمعارض المسطرة في برامج إدارة "متحف الفن المعاصر" التي ستنصب لاحقا، وستشغل الطابق الخامس كما جاء على لسان المكلف بالإعلام، على أن تخصص شرفة المبنى لإقامة الإكراميات التي تنظم على شرف الضيوف والفنانين المدعوين. مع العلم أن العديد من الرسامين المبدع، باتوا ينتظرون بفارغ الصبر، افتتاح هذا المرفق، لعرض لوحاتهم التشكيلية، لاسيما في ظل شح مثل هذه الفضاءات الثقافية بالمدينة، التي هي اليوم في أمسّ الحاجة إلى أروقة لعرض مختلف الأعمال الفنية الراقية التي تبدعها أنامل هواة الرسم الجميل والمعبر. وليس إلى محلات تجارية لبيع المواد الاستهلاكية مثلما كانت هذه الأروقة التي انبعثت من الرماد بعدما كانت مكانا للأسف مهملا وملجأ للمنحرفين والمتشردين.