بعيدا عن ضوضاء المدن وو ازدحام العمران يعيش البدو الرحل حياة بدائية سعيدة حيث تقطن الأصالة ويستقر الكرم شققنا طريقنا وسط مناظر طبيعية و أراضي تكسوها الحلفاء و الدوم معزولة عن جميع مظاهر التمدن والنسق الحضاري المعروف, كانت الطرق غير معبدة و السفر إليها شاق و كان العثور عليهم ليس بالأمر السهل في الخلاء والوصول إليهم صعبا في مكان لا يجاوره غير الخواء ارتحلنا على عجلة الشوق للقاء آهل البدو الرحل الذين سمعنا عنهم كثيرا. **حياة يطبعها عدم الاستقرار وجهتنا كانت خيمة منشورة وسط تضاريس طبيعية عذراء حياة يعيشونها منذ سنين وسط عزلة تامة ولون حياة مغاير أحد سكان البدو الرحل التي تبعد عن عاصمة ولاية سعيدة بأكثر من 80 كلم حيث نجد أغلبهم في المناطق الجنوبية للولاية وجدناهم بنواحي قرية مرغاد بلدية سيدي أحمد قضينا مساء كاملا في ضيافتهم هدوء لا يكسره سوى ثغاء المواشي استقبلنا السيد بحوص في خيمته رفقة أفراد عائلته بحفاوة و حلاوة الحديث بتواضع و بساطة تعكس خصالهم وكرمهم كانت تميزهم العفوية. لا يكادون يستقرون في منطقة حتى يغادرونها حسب الفصول مهنتهم الأساسية الرعي المرتبطة بما تجود به الأرض من الكلأ و الماء العامل الرئيسي الذي يجذبهم للبقاء هناك الذي يعتبر الزاد الأساسي لمواشيهم التي تشكل بدورها رأس مالهم و مصدر رزقهم حياة يطغى عليها الترحال و عدم الاستقرار بحثا عن مرتع لماشيتهم. **تعلق بطريقة عيش موروثة عن الأجداد وزيادة عن برودة الشتاء ليلا مع الحطب وطول ساعات أيامه وصعوبة موسم الأمطار و الرياح حيث يصعب على الشخص العادي تحمل برودة الطقس خلال هذا الفصل البارد معتمدين في ملبسهم على الجلابة الأكثر استعمالا عند البدويين المصنوعة من الصوف أو الوبر، ويشكل غياب الكهرباء و الماء أهم العوائق التي تزيد من معاناتهم يبحثون طوال السنة عن الماء و المطر لكي يؤمنوا لهم و لمواشيهم الحياة يعتمدون على جلب الماء في الصهاريج وعلى بطارية الشاحنة للإضاءة ليلا و على الحطب للتدفئة و الطبخ .. معاناة صيفا و شتاء إلا أنهم اعتادوا عليها رغم مجموعة النقائص ،يظهرون قدرا كبيرا من القبول بمعيشتهم وظروفهم وهذا تعلقا بطريقة عيش ورثوها عن أجدادهم رغم قساوتها حبهم لطبيعة الصحراء القاسية وكأنهم يردون الجميل للأرض التي احتضنتهم حياة يميزها استغنائهم عن الكثير من الحاجيات المعاصرة التي أصبحت بعيدا كالطبيب و الدواء وغيرها من ضروريات إلا أن صبرهم وكلمة الحمد لله لم تفارق ألسنتهم. . **"الزريزي" لاستقبال الضيوف يعيش عمي بحوص رفقة عائلته على رعي الماشية و الذي شد انتباهنا وجود ثلاث خيم الخيمة الكبيرة المخصصة للعائلة وجناح مخصص للضيوف وللطبخ و للنوم ،وخيمتان صغيرتان مجهزتان بزرابي "الخملة" واحدة للرجال و أخرى للنساء ولمعرفة كيف تعيش المرأة البدوية استقبلتنا خالتي فاطمة رفقة زوجات أبنائها التي حضرت لنا "الرفيس" الذي يقدم عادة مع الشاي بنكهته الصحراوية حياة جميلة و أصيلة تجعلك تعيش بين أحضان الطبيعة و بين كرم البدو الذين يصرون على استقبال عابري الطريق يرفضون التخلي على هذه الحياة و مواكبة العصرنة , أول ما يستقبلك به البدوي مأكولاتهم التي لازالت طبيعية خالصة "الزريزي" وهو لبن يطبخ على النار ويضاف إليه دهان أو الزبدة المستخلص من حليب الأغنام، و اللبن، و الكسكسي الوجبة الأساسية في يومياتهم سمة الأصالة البدوية و كذا "البركوكس" أو" المردود" و الذي أحيانا ما يكون ممزوجا بالتوابل و الأعشاب الذي يزيده نكهة والذي يمنح الجسم مناعة تقي من قسوة البرد حسب ما أوضحته لنا خالتي فاطمة و" رب "عصير التمر، والخبز المطلوع الذي يحضر في الطاجين الطين، و"خبز الملة" المحشو بالشحم يوضع تحت الرمال و الفحم بعد نضجها يتم إخراجها من تحت الرمل ، وحتى الماء بطعم "القرية" له نكهته الخاصة . حياة الصحراء علمتهم الصبر ومواجهة الصعاب وعلى هذا النمط المعيشي تسير أيامه الجميلة في الحياة هنا. تواجه قسوة الطبيعة طلبا لظروف العيش التي توفرها مع إنها حياة شاقة إلا إنها حياة أجمل من الضوضاء التي نعيشها.