تقدم جمعيتا " نشاطات الشباب " و الثقافة " أمل " من دائرة بني سنوس ابتداء من اليوم وإلى غاية 12 جانفي المقبل بقصر الثقافة مفدي زكرياء بالجزائر العاصمة عادات وتقاليد تظاهرة " آيراد " بدعوة من المحافظة السامية للأمازيغية ، حيث ستعملان على التعريف أكثر بالكرنفال السنوي الذي لم ينقطع حسّه عند القبائل السنوسيين منذ أمد طويل، وذلك من خلال مشاركة فريق مختص في لعبة "آيراد" تحت إشراف الدكتور عبد المجيد جبور رئيس جمعية الشباب، وفي هذا الصدد أوضح ممثل الوفد أن الاحتفال سيكون مدعوما بالأكلات الشعبية التي تشتهر بها بني سنوس في هذه المناسبة الذي تثمنها المحافظة السامية، لما ترسخه من رموز جميلة وما تؤرخه لحضارات عديدة، فالكرنفال -حسبه- يسجل وجوده في كل دشرة أو قرية ويعكس بجلاء مظاهر التضامن والتكافل ولم الشتات بزرع الأمل وإحياء أجواء الفرحة و الابتسامة، مع العلم أن كلمة "آيراد" لفظ يستعمل فقط عند قريتي " بني عشير" و"لخميس "، في حين أن قرية بني حمو " الفحص" تسمي كرنفالها ب "بابا الشيخ" ، وبقرية زهرة يعرف عندهم ب "ونّان"، أما دشرة الثلاثا فيسمونه ب "ومنان" ، وقرية تافسرة تسمي احتفاليتها ب " الشيخ بوقرنان" ، وببني بهدل يسمونه " حمار الشعير" ، وهكذا ورغم أن الكنية ليست متساوية ، إلا أن المراد واحد و الهدف إنساني متكامل في الالتفات للمحتاجين ممن لا يستطيعون إحياء الاحتفالية ماديا ومعنويا . طقوس قديمة النشاط الاحتفالي "لآيراد" يبدأ مباشرة بعد صلاة المغرب، عندما يكون نبات " البوص" جاهزا بأسبوعين على الأقل، مع نبتة البصيلة التي تكون مبسوطة على أسطح المنازل لتتصلب و تيبس، ما يجعلها تصل إلى شعلة النار بسهولة حتى يتمكن حامليها من إضاءتها في الشوارع و الأحياء، حيث يردد المحتفلون بما فيهم الصغار عبارات الناير " هيراد ، هيراد ، تشاب لالا ، تشاب لالا أعطيني تشيش بين أيديا "، وفي تلمسان يعيش المحتفلون نفس الأجواء تقريبا على مدى ثلاثة أيام ، فيها نفقة الكرموس، اللحم ورأس العام وترديد قصيدة شعبية تحفيزية أمام أبواب المنازل لطلب الصدقة ، يقولون فيها " بومنا نيها هاهاها، وثناني هاها ، و ثلاثة هاهاها ، ورباعوهاها إلى غاية وعاشروهاها " ، و لما تفتح أبواب الديار يدخلون وينبطح أكبرهم ، و يتساءل الأتباع ممن معه ويقولون " باش تقوم بومناني ؟" ، فيجيبهم صاحب البيت " يقوم بالشريحة والكرموس و الجوز الفاروقي و الرمان المشقوق و فطور الطالب ملفوق " ، و إذا ما أكرمهم الأهالي يقولون جميعا " لا إله إلا الله هذا الدار دار الله و الطلبة عبيد الله عمرها وتمرها بجاهك يا رسول الله "، و في حالة ما لم تعط لهم الصدقة يسمعون أرباب العائلات أصواتا رهيبة مخيفة و ينشدون أقوالا مخيفة . السفيزف و الأكلات تقليدية احتفالات يناير عادة حميدة تتجلى ايجابياتها و أفراحها على مدار ثلاثة أو أربعة أيام في بعض الأحيان كزيادة زمنية ترفيهية، وهي تنقسم إلى عدة أنواع فهناك "الناير الزهري الذي تظهر فيه الفواكه الجافة مثل التين ، الرمان ، اللوز ، الكاوكاو ، وحبات السفيزف التي تضعها ربات البيوت في قدر " البركوكس" ، أو في " المحمصة " وهي نوع من العجائن المصنوعة باليد ، حيث توضع في القدر ليس للتزيين ، و إنما كعادة موحدة في احتفالات يناير ، شرط أن يكون لون حسائها أبيضا وممزوجا بأنواع الباقوليات من فول يابس ، عدس ، حمص ، فاصولياء ، جزر ، بطاطا ، لفت و غيرها من الخضروات التي تعطي توازنا غذائيا للناير الزهري ّ، و حسب العارفين من كبار الأهالي من قرية " بني عشير" فإن وجبة البركوكس تقدم خلال العشاء لأفراد العائلة، و من يقع بملعقته حبة من السفيزف فهو فأل خير يبشره بالحظ الكبير ، وذلك حسب ما تنصه الاعتقادات والطقوس المتوارثة التي لا ضرر فيها سوى الضحك و السخرية في جو مليء بالحب والترفيه ، وكذا الوحدة المنبعثة من تظاهرة " يناير " بزمنها البعيد من التقويم الأمازيغي القمري، وهكذا وبعد الانتهاء من تحضير هذه الأكلة الشعبية التقليدية يتم وضع القليل منها بالكانون لأجل إطعام " عجوزة الناير" ، و هي شخصية خيالية تتداول على الألسنة أمام الأطفال لتشويقهم وإخبارهم أن هناك امرأة غريبة عن البلدة ستزورهم اليوم لتدعو لهم بالبركة وتيسير الحال ، ومن بين الإشارات التي تحتفظ بها العائلات السنوسية غلق الأواني على وجهها و كلهّا رموز تحضر بقوة لطرد هذه العجوز التي تعتبر جزء من قصص وحكايا "أيراد" ببني سنوس . " لمقرقشة " بالمكسرات إضافة إلى الناير الزهري يوجد أيضا " لمقرقشة " وهو طبق من الحلفاء مملوء بالمكسرات مختلفة الأنواع و المذاق، حيث تجنى من البساتين في فصل الخريف وتستخرج في يوم يناير ، كما يتم طهي خبيزات من كسرة الدار مزركشة باللوز تتوسطها " بيضة العرب " ، و توزع على الصغار دون استثناء ، وتوزعها ربات البيوت في أكياس من القماش محشوة بالمدخرات الشتوية التي ذكرناها آنفا ، كما يتم أيضا طبخ وتحضير المشهّد ، المسمّن ، تريد ، السفنج ، لتختتم الحفلة مع أيراد " السبع " ، وهو رجل من عائلة يشهد لها بالفال الطيب و الجيد ، يقوم بتجسيد بطل الكرنفال بمتعة كبيرة ، حيث تتم الدعوة إلى لمّ الشّمل و إبقاء الكرم مهما تغيّر الوضع الاجتماعي و الاقتصادي .