لأن الكتب تقرأ من عناوينها فان رواية"لن نبيع العمر"للروائية الشابة زهرة مبارك تجعلك من الوهلة الأولى تنجذب إليها لتكتشف فيانيقها وتتشوق لتصفحها رواية تفننت صاحبة الثلاثين ربيعا في نسج خيوطها بأنامل صالت وجالت في عدد من طابوهات المجتمع ومشاكله التي لا تنتهي ،الواقعية والأسلوب البسيط والجرأة الكبيرة في تناول المواضيع سلاح ذو حدين من جهة يبرز طموح الروائية واعتمادها على أسلوب خالف تعرف أو مبدأ الصوت الخارج عن الجوق ومن جهة أخرى الوقوف في وجه مواقف بعض المحسوبين على المجتمع،زهرة مبارك من خلال روايتها المتكونة من ثلاثة فصول: مذكرات رجل تافه،حكاية قلب،الغضب والاغتصاب وعلى مدار 125 صفحة وهو حجم الرواية تعالج الكاتبة موضوع الشذوذ الجنسي والذي يصنف في خانة المواضيع الحرجة والمحرمة لا لشيء إلا لأنه يعتبر منافيا للتعاليم الإسلامية ،ولكن زهرة مبارك تحدت كل ذلك وعالجت الموضوع بأسلوب أدبي سلس وتراجيدي تحكي من خلاله عن مأساة وفاة الطبيب ياسين بمرض السيدا بسبب ركضه وراء نزواته وسعيه الدائم لإشباع غريزته الجنسية وبشتى الطرق ليقع في مصيدة الشذوذ الجنسي والذي بدوره جعله أسيرا في غياهب السيدا يصارع في صمت إلى أن تدق ساعة الحقيقة وينتقل إلى جوار ربه،وفي حوار مقتضب كشفت صاحبة الرواية أنها اختارت الموضوع لأنه ينطلق من واقعنا المرير وهو موجود لكنه يبقى جريمة مسكوت عنها فسعت من خلال مضمون روايتها التطرق إلى قضايا جيلها وهذا ليس عيبا كما يعتقده البعض بل بالعكس فدور الأديب أو الكاتب لايقتصر فقط على رصد وتأليف قصص الملهاة بل يجب أن يلعب دور رصد واقعه بحلوه ومره وبايجابياته وسلبياته وان يتحمل مسؤولية كتاباته ليقدمها على طبق يتذوقه العام والخاص ولم تخف عنا أنها تلقت صعوبات كبيرة عند نشرها للرواية لان الكثير رفض الغوص في هذا الموضوع رغم أنه مشكل يعشش في مجتمعنا سواء سرا أو علانية وأضافت نفس المتحدثة أن المجتمع الذي يقبل أن يتكلم عن الجسد ويمارسه ويرفض أن نكتب عن ذلك زهرة مبارك شخصيا لا تنتظر منه إشارة لتوظف شيء من الجسد أو كل الجسد في أعمالها جرأة الفتح قام بها المجتمع ذاته وليس الكتاب والشعراء وهذا الأسلوب المكشوف والمعرفة الخاصة تجد لها هواة ومعجبين كما يوجد لها معارضين لان الجسد مرتبط في أذهان الناس بالخوف وبالحرام والخجل ،ولمن لايعرف هذا القلم الشاب فهي زهرة مبارك صاحبة ال 30 ربيعا قلم صحفي لازال في بداياته وكاتبة طموحة تؤسس لحجز مكانة لها مع الكبار وهي تسير بخطى ثابتة معروف عنها الطموح والسعي إلى الأفضل والصراحة والانطلاق من الواقعية بعيدا عن عالم المثل والخيال وهي شابة في مقتبل العمر تستحق كل التشجيع والتقدير والالتفاف حولها ودعمها ماديا ومعنويا فهي للأسف مشهورة خارج أسوار مدينتها ووطنها ويجهلها الكثير من أبناء ولايتها.