المسرح الجزائري في غيبوبة والمسارح جدران دون روح كشف الممثل الجزائري عبد الحميد رابية عن رغبته في توثيق مذكراته حتى تبقى مرجعية للأجيال القادمة في الفن المسرحي الذي يفتقر وكما قال إلى المراجع أو الكتب التي تتحدث عن تاريخه في الجزائر، وحتى يترك بصمته في هذا المجال حيث أكد للجمهورية على هامش ندوة بمكتبة شايب الدزاير حول "تاريخ المسرح الجزائري " ، أنه انتهى من مسودة المذكرات في انتظار الاتصال بأحد الزملاء قصد تنقيحها وإعدادها للنشر والتي تحتوي أيضا على أكثر من 20 محاضرة وقصيدة لرواد المسرح الجزائريين ومجموعة من المقالات والاستجوابات حول المسرح إلى جانب عمله على كتابين حول تاريخ المسرح والسينما التي تتضمن نصوصا مقتبسة عن المسرحين الروماني والبلغاري ،هذا الأخير الذي كان مواضيعه تتشابه مع المواضيع المطروحة في الواقع الجزائري خاصة وقت الاشتراكية . حول واقع وتاريخ الفعل المسرحي قال رابية أن المسرح يبقى دخيلا على الحضارة العربية على العموم ، وكل العلوم قد ترجمت ماعدا النصوص المسرحية ،لكن بالمقابل تاريخ المسرح مرسوم في الحضارة الجزائرية القديمة الذي هو استثناء والذي يظهر جليا في المسارح الرومانية المحفورة بباتنة، تبسة ،سوق اهراس، تيبازة، شرشال وغيرها. وهناك اختلاف حول تاريخ المسرح العربي الذي يقال انه ظهر في 1847 مع هارون النقاش في مسرحية البخيل الذي كان بمثابة شهادة ميلاد المسرح العربي ، ومع اجتهاد الجامعيين والأساتذة أكدوا أن المسرح بالجزائر ظهر عام 1908 مع الصحوة والنهضة التي ظهرت في مصر وأثرت في الجزائر أين انشئت جمعيات ثقافية ،لكن بالمقابل توصل الباحثون إلى إيجاد نص مكتوب يعود لسنة 1847 في فترة هارون النقاش والنص يتعلق بجزائري من أصل يهودي اسمه إبراهيم داموس بعنوان " نزاهة العشاق " كان موثقا في جامعة مانشستر في انجلترا ،صحح ونقح من طرف مخلوف بوكروح، وهو الأمر الذي ترك علامة استفهام حول نشأة الفن المسرحي الجزائري. وبعدها ظهرت في سنة 1926 مسرحية جحا لسلالي علي المدعو علالو الذي شهد انطلاقة المسرح الشعبي الجزائري ومعها انطلاقة رائد المسرح وأبوه الروحي الراحل بشطارزي. كما صرح رابية في نفس السياق ، ان للثورة كان لها أثرا على المسرح خاصة مع مؤتمر الصومام ومع تكوين فرقة كاتب ياسين عام 1940 التي شاركت في مهرجانات عالمية لإيصال صدى القضية الجزائرية ،لكنها عرفت ضغوطا من قبل المستعمر إلى حين ظهور فدرالية جبهة التحرير التي كانت سفيرة القضية الجزائرية أيضا ،فالثورة التي أنجبت الشاعر مفدي زكريا هي نفسها التي أنجبت المسرحي عبد الحليم رايس ، ومنها الى ما بعد الاستقلال مع تأميم دار الاوبيرا من قبل الرئيس بن بلة التي تحولت الى المسرح الوطني ومعه تكونت الفرقة الوطنية المحترفة على رأسها مصطفى كاتب وعرف انتعاشا كبيرا وبين هذا وذاك عرف المسرح الجزائري أوجه –حسب رابية – حتى بداية الثمانينات وسجل أمجاده وكان بالمقابل يواكب الخطاب السياسي مع الثورة الصناعية والزراعية ونزل الجمهور لمشاهدة العروض ثرية المضامين بغزارة للتمتع بأداء رويشد وحسان الحساني وغيره خاصة مع حرية التعبير وحصد معه الجوائز للجودة والنوعية التي كانت مقدمة والتي انبهر لها حتى الرواد في العالم العربي على غرار المصريين ، لكن مع هبوب رياح الديمقراطية وحل المؤسسات المسرحية انعكس ذلك سلبا على المسرح الى غاية 2016 و يمكن أن يقال أن المسرح في غيبوبة –على حد تعبيره – لغياب السياسة الثقافية المشجعة للمسرح وعزوف الجمهور عن المسارح وتحولت المسارح الجهوية الى جدران دون روح فارغة من التركيبة الفنية وسياسة التقشق ستأزم الوضع أكثر ،كما ان الجيل الجديد للمسرح انقسم بين مهاجر ومسؤول عن المسارح الجهوية في الوقت الذي هم في الأصل ممثلون وليسوا إداريين والبقية عليهم الاجتهاد من اجل الأخذ عن الممثلين القدامى الذين هم اليوم مهمشين ، متأسفا في الوقت ذاته عن القطيعة بين الجيلين .