ارتفاع حصيلة العدوان الصهيوني على لبنان إلى 3583 شهيدا و 15244 مصابا    هولندا ستعتقل المدعو نتنياهو تنفيذا لقرار المحكمة الجنائية الدولية    الرابطة الأولى موبيليس: شباب قسنطينة يفوز على اتحاد الجزائر (1-0) ويعتلي الصدارة    ضرورة تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في الآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء وتكثيف الدعم لها لضمان تحقيق أهدافها    ندوة علمية بالعاصمة حول أهمية الخبرة العلمية في مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية    الأسبوع العالمي للمقاولاتية بورقلة : عرض نماذج ناجحة لمؤسسات ناشئة في مجال المقاولاتية    قريبا.. إدراج أول مؤسسة ناشئة في بورصة الجزائر    رئيس الجمهورية يتلقى رسالة خطية من نظيره الصومالي    الفريق أول شنقريحة يشرف على مراسم التنصيب الرسمي لقائد الناحية العسكرية الثالثة    اجتماع تنسيقي لأعضاء الوفد البرلماني لمجلس الأمة تحضيرا للمشاركة في الندوة ال48 للتنسيقية الأوروبية للجان التضامن مع الشعب الصحراوي    تيميمون..إحياء الذكرى ال67 لمعركة حاسي غمبو بالعرق الغربي الكبير    ربيقة يستقبل الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين    توقرت.. 15 عارضا في معرض التمور بتماسين    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    الجزائر ترحب "أيما ترحيب" بإصدار محكمة الجنايات الدولية لمذكرتي اعتقال في حق مسؤولين في الكيان الصهيوني    هذه حقيقة دفع رسم المرور عبر الطريق السيّار    عطاف يتلقى اتصالا من عراقجي    توقيف 55 تاجر مخدرات خلال أسبوع    مكتسبات كبيرة للجزائر في مجال حقوق الطفل    حوادث المرور: وفاة 11 شخصا وإصابة 418 آخرين بجروح بالمناطق الحضرية خلال أسبوع    أدرار: إجراء أزيد من 860 فحص طبي لفائدة مرضى من عدة ولايات بالجنوب    توقيف 4 أشخاص متورطين في قضية سرقة    بوغالي يترأس اجتماعا لهيئة التنسيق    الجزائر العاصمة.. وجهة لا يمكن تفويتها    سوناطراك تجري محادثات مع جون كوكريل    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    المجلس الأعلى للشباب ينظم الأحد المقبل يوما دراسيا إحياء للأسبوع العالمي للمقاولاتية    رفع دعوى قضائية ضد الكاتب كمال داود    صناعة غذائية: التكنولوجيا في خدمة الأمن الغذائي وصحة الإنسان    منظمة "اليونسكو" تحذر من المساس بالمواقع المشمولة بالحماية المعززة في لبنان    غزة: 66 شهيدا و100 جريح في قصف الاحتلال مربعا سكنيا ببيت لاهيا شمال القطاع    كرة القدم/ سيدات: نسعى للحفاظ على نفس الديناميكية من اجل التحضير جيدا لكان 2025    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    الجزائر تتابع بقلق عميق الأزمة في ليبيا    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    الجزائر متمسّكة بالدفاع عن القضايا العادلة والحقوق المشروعة للشعوب    3233 مؤسسة وفرت 30 ألف منصب شغل جديد    ارتفاع عروض العمل ب40% في 2024    الشريعة تحتضن سباق الأبطال    طبعة ثالثة للأيام السينمائية للفيلم القصير الأحد المقبل    بين تعويض شايل وتأكيد حجار    90 رخصة جديدة لحفر الآبار    خارطة طريق لتحسين الحضري بالخروب    التسويق الإقليمي لفرص الاستثمار والقدرات المحلية    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    شايبي يتلقى رسالة دعم من المدير الرياضي لفرانكفورت    فنانون يستذكرون الراحلة وردة هذا الأحد    دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها    مصادرة 3750 قرص مهلوس    رياضة (منشطات/ ملتقى دولي): الجزائر تطابق تشريعاتها مع اللوائح والقوانين الدولية    الملتقى الوطني" أدب المقاومة في الجزائر " : إبراز أهمية أدب المقاومة في مواجهة الاستعمار وأثره في إثراء الثقافة الوطنية    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    ماندي الأكثر مشاركة    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فنانون وأكاديميون ومخرجون ومسرحيون في ندوة النصر
نشر في النصر يوم 15 - 04 - 2013

لماذا ترك الجمهور الجزائري الخشبة وحيدة؟
هجر الجمهور الجزائري المسارح التي لم تعد تستقطب الناس إلا في مهرجانات يكون الجمهور فيها من المسرحيين أنفسهم، رغم الاعتمادات المالية الضخمة التي باتت تستهلكها المسارح، ورغم ان الاشتغال بالمسرح اليوم كتابة وإخراجا وتمثيلا واقتباسا اصبح مجزيا من الناحية المادية عكس ما كان عليه في السنوات الذهبية للخشبة الجزائرية. كراس الثقافة حاول البحث في الأسباب التي جعلت المسرح وحيدا وطرحت أسئلة على العديد من الأكاديميين والمخرجين المسرحيين ، وحاولت الإحاطة بظاهرة العزوف التي هي وجه من وجوه ازمة أبي الفنون في الجزائر.
أدار النّدوة: أحمد ذيب
* محمد غديري مدير الثقافة لولاية أم البواقي
الدولة تصرف أموالا طائلة والقاعات تظل شاغرة
عند التحضير لمختلف الملتقيات الفكرية والأدبية سواء تعلق الأمر بالمسرح أو بالكتاب أو بقضية تخص الطباعة أو القراءة أو بأمسيات أدبية نصطدم بغياب الجمهور حيث يظل المتدخلين أو الأساتذة المستضافين، في مواجهة انفسهم رغم ما وضفته الدولة ممثلة في وزارة الثقافة أو مديرية الثقافة أو أي مؤسسة تحت الوصاية وكل هذا يحصل بالرغم من أن الهياكل والمؤسسات ليست بحاجة للجانب المادي نهائيا فكل المتطلبات متوفرة، وكل ما ينظم له طابع أكاديمي ويتم تنصيب لجان علمية من المختصين وتتم دراسة الجوانب المتعلقة بكل ملتقى وننسقها ويتم التحضير لها بالملصقات أو إعلانات أو عبر وسائل الإعلام والمشكل الوحيد والعائق الذي يفشلنا كأفراد وليس كمؤسسات هو غياب الاستقطاب والقاعات الشاغرة ، فمثلا موضوع الملتقى الوطني "المسرح والثورة" لم يحضره سوى المهتمون وهذا الجانب كثيرا ما يؤثر فينا، فالدولة تصرف أموالا معتبرة ونحن لم نفهم سبب عزوف الجمهور..هل لارتباطه بانشغالات وهل العزوف ظرفي وهذا ما نتمناه كي يعود الجمهور إلى هاته القاعات، والملاحظ أن الأمور الأكاديمية فيها العزوف ويبقى مسرح الطفل هو المستقطب للأطفال بالدرجة الأولى، وعلى العكس من ذلك فإن الحفلات الفنية وحدها التي تملأ القاعات.
* الأستاذة زهرة صفصاف مؤلفة نصوص مسرحية بغليزان
النصوص المسرحية هي التي تقف وراء عزوف الجمهور عن المشاهدة
القضية مرتبطة بذوق الجمهور والنص فعندما يمر الأخير على الركح ينجح وتارة يفشل في غياب الجمهور، والأمر يرتبط بدرجة كبيرة بالجمهور ولا يتوقف على النصوص وهذا الجمهور غيابه أو عدم حضوره هو المؤثر في درجة متابعة العرض المبرمج، ووسائل الإعلام هي المكلفة بهذه المهمة ودور الثقافة عليها الإعلان فالإعلام له دور بارز في استقطاب الجمهور وفي إنجاح المسرح بصفة عامة، وربما يتعلق الأمر بالنصوص فالمتابع للعرض المسرحي أحيانا ينقل للشارع ما يشاهده ويبقى المواطن متشوق في حالة الإعجاب بالنص الأول وفي حال العكس يفر الجمهور، وفي حال كتابة نص يعالج ظواهر وقضايا اجتماعية يلقى الإعجاب والمتابعة والأساس يكمن في غياب الثقافة، فعندما يكون الجمهور غير مهتم لا يتابع العروض المسرحية حتى وإن تم تقريبها منه، فأبرز العوامل المؤثرة بشكل مباشرة في متابعة المسرحية تلك المتعلقة بدور وسائل الإعلام وثقافة الجمهور وبشكل كبير صيغة النص المسرحي، والذي يؤدي الأخير فوق الركح عليه أن يكون بارعا في إيصال الرسالة.
* ليليا ساعي مشاركة ممثلة
موضوع المسرحية هو المؤثر على الجماهير داخل قاعات العرض
الجمهور اليوم يبحث على مواضيع مثيرة وفكاهية لكن مواضيع الثقافة والتاريخ يتبين في كل مرة بأنها ليست في المتناول وغير متابعة من طرف الجمهور، والمواضيع التاريخية يتضح بأنها غير مشوقة للكثير من الجمهور بعد 5 دقائق فقط من العرض أين يغادر القاعة لوجهة أخرى، فمؤخرا وبولاية قالمة التي احتضنت فعاليات المهرجان المحلي للمسرح المغترب شاركت في عرض مسرح الشارع بعنوان "مكانش" وقدمناه في قالب فكاهي، بداية العرض لم يتجاوب معها الجمهور بالنظر لاختصار العرض على موضوع تاريخي والجماهير التي كانت موجودة لا تبحث على الأهداف المرجوة من العرض ولا على المواضيع ذات المعاني والعبر، والكل يبحث عن "الزهو" وفقط؟.
* لطفي بن سبع فنان ومخرج مسرحي ومدير مسرح جهوي
إدراج المسرح في البرنامج المدرسي سيعيد له جمهوره على نطاق واسع
غياب الجمهور في نظري سببه أن الفرد الجزائري ليست له ثقافة مسرحية ويفتقر لهاته الثقافة، والمشاكل الاجتماعية التي يعرفها جعلته يفتقر للجانب الثقافي، فالجزائري لا يسمع ولا يقرأ ولا يشاهد وهذا النقص لا نستطيع معالجته إلا إذا دخلت ممارسة النشاط الدرامي أو الفنون الدرامية في البرامج المدرسية مثلها مثل الرسم والموسيقى، فالفرد الجزائري يدرك مختلف النوتات والآلات الموسيقية ومن جهة أخرى يعرف تحليل اللوحة الزيتية من خلال الألوان والتركيب والموضوع وكذا من خلال ماهية النقطة الذهبية في اللوحة،..لكنه لا يعرف شيئا عن موليير وعن شكسبير وعن سعد الله ونوس وعن توفيق الحكيم ولا يعرف مطلقا عبد الرحيم رايس ومن هو مصطفى كاتب، ولا يعرف أقسام الخشبة وأنواع المسرح وماهي المدارس وماهي التقنيات المسرحية، ولا يلم كذلك بمكونات العرض من إضاءة وديكور وملابس، وما هو الفرق بين الديكور و السينوغرافيا..و هذه الأشياء لا يعرفها الطفل الذي هو جمهور الغد، ولا يتعلم ذلك إلا إذا كانت في المدرسة، لأنه إذا رأينا وسائل الإعلام بصفة عامة لا تقدم ما يمكن تقديمه في هذا المجال للمشاهد الجزائري من جريدة وتلفزيون ومجلات، ومن جهة ثانية فهناك لربما المواضيع التي يتناولها المسرح حاليا فهي بعيدة كل البعد على الواقع المتفرّج الجزائري الذي لا يجد فيها نفسه وبالتالي لا يهتم بما يعرض على الخشبة، كذلك لربما اختيار الوقت المناسب للعروض المسرحية فالفرد يوم كامل وهو يعمل وفي الأمسية نناديه للمسرح ويصبح الأخير فيما يخص العرض من الثانويات، كذلك أن للتلفزيون دور هام وهام جدا في التوعية أو في تلقين الثقافة المسرحية بالنسبة للمشاهد الجزائري وهنا يطرح السؤال أين هي حصة "فضاءات المسرح"؟ التي كانت تقدم للمشاهد كل ما يتعلق بالممارسة المسرحية وتعرّف بالممارسين أو الممثلين على مختلف أصنافهم وأنواعهم على التراب الوطني،... وأنا أتفاءل في المستقبل ما دامت الدولة الجزائرية ممثلة في وزارة الثقافة تهتم بالممارسة المسرحية وهذا بتدعيم مختلف التظاهرات الخاصة بالمسرح فهناك حوالي 6 مهرجانات مرسمة ناهيك على مختلف الأيام المسرحية التي تنظم هنا وهناك من مختلف المسارح الجهوية وكذلك المديريات والجمعيات التي تسعى إلى عرض مختلف الفنون الدرامية وكذلك تدعيم لمختلف التربصات في التمثيل والسينوغرافيا والنقد وهذا ما سيؤثر إيجابا على الممارسة المسرحية وتكوين تأطير يعتمد على معرفة أكاديمية علمية في مجال المسرح.
* د/ حبيب بوخليفة أستاذ في المعهد العالي لمهن العرض والسمعي البصري ببرج الكيفان
الفنان اليوم مقيّد وهدفه الاستفادة من ريع الدولة وهو ما انعكس على متابعة الجمهور
يرى الأستاذ المشارك بجامعة الجزائر 2 في مجال السوسيولوجيا والأنتربولوجيا الثقافية الدكتور حبيب بوخليفة بأن المسرح كان ولا يزال مرتبطا ارتباطا وثيقا بالمجتمع، بشرط أن يكون في مستوى القضايا المطروحة على المجموعة البشرية من جهة ومن جهة ثانية تكون هناك جدية في المستوى الجمالي بما فيها التمثيل والكتابة والسينوغرافيا والإضاءة وكل المفردات التي تدخل في تركيب العرض المسرحي، بحيث أن العرض يكون في الوقت نفسه قاعدة فكرية ومتعة المشاهدة. أما بالنسبة لماذا تراجع الجمهور عن الفضاءات المسرحية بالرغم من أن هناك الكثير من الوسائل المادية والمعنوية؟ فيعتقد المخرج والناقد بأن الإشكال يعود أساسا إلى أننا لازلنا نعيش في دولة الثقافة من جهة، وافتقاد مشروع بناء المجتمع الجزائري من جهة أخرى، أما في الفترة الاستعمارية فيضيف ذات المتحدث بأنه وبعد 1926 أين تم عرض "جحا" لسلالي بقاعة "السوكرصال" بالعاصمة استطاع أن يجذب أكثر من ألف متفرج في الأمسية الواحدة لأن الفعل المسرحي آنذاك كان حتمية تعبيرية تحاول أن تجسد الذات من خلال تجسيد عناصر الهوية ألا وهي اللغة الدارجة والعربية وتقاليدنا وحضارتنا وعمقنا العربي والإسلامي، فالفعل المسرحي كان على عاتق مسؤولية المبدع كاملة مثل: سلالي علي، وبشطرزي ومحمد توري، ورشيد قسنطيني..، فالفن المسرحي كان أداة تعبيرية حتمتها الظروف الاستعمارية لكي نؤكد على أننا لسنا فرنسيين بالرغم من الصعوبات الجمة منها المادية والمعنوية استطاع أولئك الأوائل أن يخوضوا معركة تجسيد العروض المسرحية، ومقارنة باليوم يطرح الدكتور تساؤله: ما الذي حدث؟، إذا نظرنا إلى الحركة المسرحية بعد الاستقلال كانت في الريتم نفسه، ولكن بأهداف تختلف عن الأولى فبعد أن كان نضالي تحوّل إلى ثوري عند انتقاله إلى تونس، أين أصبح حينها أداة تعبيرية عن المشروع الاشتراكي الذي اختارته السلطة الثورية آنذاك في تجسيد العلاقة الاجتماعية بعدما عانى الجزائريون من ويلات الاستعمار من قتل وفقر وتدمير، والآن حدث أن الفعل المسرحي أصبح من ضمن توجيهات الدولة المركزية، بمعنى أننا في الوقت السابق كنا في دولة الثقافة واليوم فإننا في حضن المسؤولية الإدارية والمالية من طرف الدولة والقطاع العمومي، لذلك أصبح الفنان مقيدا لا تهمه الإبداعات في المجال المسرحي بقدر ما يهمه الاستفادة من الريع نتيجة ثقافة سياسية عرجاء لا تؤمن إطلاقا بالكفاءة في مجال الإبداع الفني المسرحي وبذلك همشت الطاقات المبدعة التي بإمكانها أن تفجر مستوى عالٍ من الجماليات، فأصبح بفضل هذه السياسة كل من هب ودب مسؤولا عن المؤسسة المسرحية، وفي الوقت نفسه سينتج مخرجا وكاتبا وبعدها ممثلا، وبالتالي نبقى ندور في حلقة مفرغة أساسها الاستفادة من الريع، ولكي نتجاوز مرحلة الترقيع والرداءة القاتلة للفن المسرحي لا بد أن ننتقل من ثقافة الدولة إلى دولة الثقافة ولا بد للمجتمع أن يأخذ على عاتقه مسؤولية إثراء الثقافة المسرحية ثم الاهتمام بالتكوين الذي لا يمكن أن نستغني عنه.
* بن جدو نعيمة أستاذة أدب تمثيلي بجامعة سكيكدة
الانترنت والتلفزيون جعلا الجمهور يستغني عن المسرح
ترى الأستاذة الجامعية بن جدو نعيمة الباحثة والناقدة في المجال المسرحي بأن غياب الجمهور عن الالتحاق بالمسارح لمتابعة ما ينتج من مسرحيات مرده ظهور وسائل إعلام متطورة من انترنت وتلفزة وإذاعة وكلها تتواجد داخل المنازل وتجعل الجمهور في مغادرتها باتجاه الخارج، الأستاذة بن جدو بينت بأن التوجهات الأسرية أصبحت بلا نمط في الغالب، وعن عزوف الجماهير أكدت كذلك أن الأسرة الجزائرية لا تحفز أبناءها على الرؤية المباشرة بحجة أن النصوص المقترحة لا توجه أبناءها وهي بحسب محدثتنا رؤية ناقصة للأسرة التي لا تعي الدور الحقيقي للسينما في ظل غياب الثقافة الأسرية، هذا إضافة إلى انعدام الحافز من المؤسسات المستقبلة للأطفال والشباب من مدارس ومعاهد إلى جانب نقص الإشهار والإعلان من طرف المؤسسات المختصة وهو ما يجعل العروض المبرمجة تحدث في غياب الجمهور.
* رابية عبد الحميد فنان وممثل بالمسرح الوطني الجزائري
عودة الجمهور مرتبطة بإصلاحات جذرية لقطاع الثقافة
بصفة عامة المسرح الجزائري منذ العشرينيات لما أعطيت شهادة ميلاده بواسطة مسرحية "جحا" لعلالو مباشرة وموازاة مع الحركة الوطنية كان الجمهور يأتي بكثرة لأن الحركة الوطنية أدت رسالتها في تعبئة الجماهير لكي تنتفض ضد الاستعمار وكان الجمهور يأتي لمتابعة المسرحيات خاصة بعد إعطاء الإدارة الاستعمارية إشارة انطلاق موسم المسرح العربي بدار الأوبيرا، لأن المسرحيات المقدمة آنذاك كانت مسرحيات يشاهدها الجمهور ومشجعة من الحركة الوطنية ويتم تقديم عروض مخصصة للنساء والمسرح يمتلئ بالحايك الأبيض، والنساء مرفقات بأزواجهن على مستوى ساحة بورسعيد، وهناك عروض مزدوجة وكانت المضامين المسرحية برغم الاستفزازات ومراقبة الإدارة الفرنسية مضامين شبه ملتزمة تساير الحركة الوطنية، وكان الجمهور ذكي يتابع كل كبيرة وصغيرة ويتابع كل التلميحات التي ترمز للنضال والجهاد، وكانت بداية المسرح الجزائري تتميز بغياب العنصر النسوي والرجال هم الذين يؤدون الأدوار النسائية، وبعد 1965 جاءت أول ممثلة جزائرية السيدة "عاجوري عائشة" أو كلثوم اسمها الفني والتي أدمجها محي الدين بشطرزي في فرقته، وأثناء الثورة استمر محي الدين بشطرزي في تقديم عروض مسرحية ثورية بصفة غير مباشرة وكل ما يكون عنوان مسرحي مثل "فاقوا"،"الخداعين"،"على الشرف"،"بني وي وي"، إلا ومحي الدين بشطرزي يستدعى إلى دار البوليس لأنها تقلق وتزعج النظام البوليسي، وبعد الاستقلال واكب المسرح الخطاب السياسي وكان يعكس حقيقة الواقع المعاش ويساير المجتمع الجزائري المملوء بمختلف الصراعات السياسية والاجتماعية والإيديولوجية وكان الجمهور متنوع بين شعبي ونخبوي ومثقف، وكان يتابع مختلف العروض المسرحية التي يكسر من أجلها أبواب المسرح الجزائري خاصة عروض رويشد وحسان الحسني ولبرانتي، لأن تلك الفترة نجد فيها كبار المخرجين وكبار الوجوه المسرحية، أما وسط الثمانينات وعندما هبّت الرياح الديمقراطية ومست المؤسسات الاقتصادية لم تستثني المؤسسات الثقافية إضافة إلى العشريتين اللتان أدتا إلى انحطاط وتقهقر وضعف الحركة المسرحية في الجزائر، وبعدما بدأت الجزائر تسترجع أنفاسها من أجل القيام بصحوة مسرحية بدأ السياسيون الذين أشرفوا على القطاع الثقافي يحولون مضمون المسرح الذي لا يتماشى وانشغالات وهموم المجتمع وهذا ما انعكس سلبا على تنمية وتطوير الحركة المسرحية جراء التفتح والتعددية الحزبية الفوضوية التي مست حتى القطاع الثقافي والسينمائي، والمطلوب اليوم هو أن على قيادة البلاد أن تقوم بإصلاحات لهذا القطاع كما قامت بإصلاح وإنعاش مختلف الهيئات على غرار المنظومة التربوية والإدارة والعدالة، لأننا لا نستطيع أن نبني ثقافة من العدم من دون إمكانيات مالية ودعم مادي، فتطور أي مجتمع من خلال تطور نظامه السياسي يحكم عليه بتطور الحركة المسرحية.
* طه العامري عضو الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني
الفرجة اليوم ليست مضمونة فوق ركح لم يسع لتحقيقها
سؤال غياب الجمهور عن دور العرض المسرحي يجب أن يطرح قبل كل شيء، فالمسرح فرجة والفرجة اليوم ليست مضمونة وليست موجودة في كثير من الأحيان والعروض المسرحية أصبحت وكأنها "مونولوج"، والجمهور يغادر بعد ذلك القاعات ولا يعتني بهاته العروض بل ويبدو عليه مظهر اليأس من هذا النوع الفني لأن العرض هو الذي يهرّب الجمهور وينفره من متابعته، إبان الاحتلال الفرنسي كنّا نقدم روايات تلخص صورا عن المجتمع وحياة الشخص الجزائري، والمسرح كان يترجم ماذا كان يدور في الشارع ويحمل بين طياته متعة حقيقية للمشاهد، والفضل في استقطاب الجمهور في تلك الفترة يرجع إلى دور الممثلين البارعين على غرار محمد التوري ورويشد وسيد علي، ومن أبرز الممثلين كذلك: حبيب رضا وكلثوم ومحي الدين بشطرزي، وهم الذين كانوا في المستوى وإذا قارناهم مع الجيل الحاضر نقول أن فناني هذا الجيل تنقصهم الثقافة والممارسة، ووجب عليهم تعلم الفن وممارسته بجد ويؤمنون بما يقدمونه للجمهور، ولا يهمهم في هذا الجانب المادي، كنّا في جولتنا المسرحية وبعد شهر من العمل لا نملك في جيوبنا ثمن الحافلة التي نعود بها إلى منازلنا وكل ما نملكه من مال نصرفه لإنجاح العروض التي نقمه لجمهور ذواق ومتعطش، فالإنسان الذي يبحث عن المادة لا ينجح والمسرح رغبة وممارسة وتجارب، وكانت اللغة التي تقدم بها العروض في تلك الفترة بسيطة بساطة معيشة المواطن اليومية، فالفترة التي التحقت فيها بالمعهد الجهوي للفنون الدرامية بين 1945 و1947 كانت الدروس المقدمة باللغة الفرنسية والتربصات تقام بفرنسا أما العروض التي نقدمها للجمهور فباللغة العربية أو الدارجة، وبعض الروايات يتطلب عرضها الفصحى على غرار رواية صلاح الدين الأيوبي، والمشكل المطروح اليوم هو مشكل نصوص فنحن نتفاجأ حين نسمع عدد النصوص والسيناريوهات المكتوبة، وهاته الأخيرة حرفة والمختصون في هذا المجال قليلون وبات الفنانون هم نفسهم الكتاب والروائيون، فأنا لم أسمع بمؤلف خارج المسرح كتب للمسرح ومن غير الممكن أن يكتب كاتب عادي كتابة عادية ويحولها للمسرح، ويوجد كتاب عظماء كتبوا للمسرح وكان ذلك للقراءة في غياب الفرجة وعناصر استمالة الجمهور ونتأسف أنه بعد 50 سنة من الاستقلال يصبح جيل اليوم جيلا ليس واعيا على عكس جيل الأمس.
* مخلوف بوكروح أستاذ جامعي بجامعة الجزائر
على المسرحيين أن يأخذوا العبرة من كرة القدم ويحولوا الركح إلى ملعب
في الحقيقة موضوع الجمهور معروف تاريخيا ولا يمكن الحديث عن المسرح دون الحديث عن جمهوره الذي يبقى المتغير الأساسي في الظاهرة المسرحية فلا يمكن الحديث عن المسرح في غياب الجمهور، والتاريخ تحدث أيضا على أن الذي كان يمارس المسرح أولى عناية خاصة للجمهور وذلك لإدراكهم بالأهمية الحقيقة التي يمثلها، وفي العصر الحالي التراجع لم يستثن الجزائر فحسب بل تعداه إلى كل الدول العربية منها والغربية وشمل كذلك القراءة وغير ذلك وذلك بسبب عديد المتغيرات التي طرأت على المشهد الثقافي والإعلامي بفعل التكنولوجيات الحديثة ومختلف وسائل الإعلام التي استند عليها الجمهور بالنظر لكونها مغرية ومرتبطة بما بعد الحداثة، والمجتمع الصناعي اليوم نشأت لديه العديد من الجوانب السلبية ومنها أن الثقافة أصبحت استهلاكا، شأنها في ذلك شان بقية السلع وأصبح الجمهور ينظر إليه كسلعة وهذا فيه خطر كبير، وعلى الممارسين والباحثين أن يولوا عناية خاصة لموضوع الجمهور وعلى المؤسسة المسرحية أو الفرقة أن تنطلق من استراتيجية تعنى باستهداف الجمهور، هذا الأخير الذي يعتبر مواطنا بالدرجة الأولى ويجب أن يحقق لديه ما يرضيه ومحاولة الاقتراح عليه ما عجزت عنه بقية الوسائط الإعلامية العجيبة،..كرة القدم لا تشكو من الجمهور وهي ظاهرة والآلة الرهيبة التي تدور في هذه اللعبة تمكنت من استقطاب جمهور كبير والملاعب تمكنت كذلك من تكوين جمهور يفقه في اللعبة ويحدث ردود أفعال، وينبغي على الممارسين مقارنة ركحهم بملاعب كرة القدم التي تكون الفرد معرفيا، ووجب العمل مثل ما فعلته مؤسسة الكرة لتكوين جمهور ممارس، وتاريخيا المسرح الجزائري عندما ظهر مطلع القرن العشرين شرع في تكوين الجمهور، ففي سنة 1921 قدِم المصري "جورج أبيض" وقدّم عرضا مسرحيا للجزائريين غير أن المؤرخين يقولون بأن الجمهور لم يقبل على عروضه وأرجع ذلك إلى اللغة المستعملة التي كانت عربية، وبعد عشر سنوات قدمت فرقة ثانية للفنانة "فاطمة رشدي" وكان الجمهور غفيرا على عكس المرة السابقة برغم اللغة نفسها ومعنى ذلك بأن الذين اشتغلوا بعد "جورج أبيض" مارسوا المسرح بحثا عن الجمهور، والمهمة الجوهرية هي البحث وتكوين جمهور وهي مهمة صعبة وأصعب من تكوين بطل مسرحي أو الصعود إلى المنصة. الرواد الجزائريون لعبوا دورا كبيرا في البحث عن الجمهور وباتت المشاهد المسرحية تتخللها مقاطع من الغناء والرقص لأن المسرح كان حديثا في البيئة الجزائرية وكون بعد ذلك جمهورا من الذكور والإناث، فعروض محي الدين بشطارزي بمساعدة مصطفى كاتب تقدم عرضيين الأول للنساء والثاني للرجال واشتغلوا على تكوين جمهور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.