- عرض مفصل لتاريخ الخشبة في بلادنا وإبراز أهم الأشواط التي قطعتها أجمع صباح أمس الجمعة، المشاركون في الملتقى الفكري حول المسارح الجهوية بالجزائر، عن افتخارهم واعتزازهم بالأشواط التي قطعتها الحركة المسرحية في البلاد، معتبرين الجزائر من بين الدول العربية الرائدة في مجال الإنتاج، الإخراج والإبداع الركحي. حيث استطاعت أن تؤسس بفضل حنكة وتجربة الكثير من المسرحيين المخضرمين وحتى الشباب منهم، لمسرح يهمل هوية، خصائص ومميزات قلّما تجدها في الكثير من الدول العربية، حيث استعرض مثلا المدير العام للمسرح الوطني محمد يحياوي، تاريخ الركح في الجزائر، الذي مرّ بعدة مراحل هامة بداية من بداية العشرينات إلى الاستقلال في 1962، وكيف لعبت فرقة مسرح جبهة التحرير الوطني، دورا محوريا في التعريف بقضيتنا العادلة وحماية الشخصية الجزائرية من مخاطر الطمس والتغييب الاستدمار، لتأتي بعدها فترة ما بعد الاستقلال، حيث شرعت الحكومة وقتذاك في تأميم المسرح الوطني وإشراكه في عملية البناء والتشييد من خلال انخراطه في ما يسمى بالواقعية الثورية ومحاربة كل أشكال الظواهر السلبية التي من شأنها التأثير على سير المجتمع في بلادنا، لتنطلق بعدها الدولة الجزائرية في الرفع من مستوى الثقافة الوطنية، من إقامة الكثير من المشاريع القاعدية المهيكلة، على غرار المعهد الوطني للفنون الدرامية وتوسيع حركية المسرح الوطني وإنشاء مسارح جهوية، لتعم باقي ولايات الوطن، على غرار مسرح وهران، عنابة، سيدي بلعباس..إلخ، تليها المرحلة الثانية وهي عملية توسيع إنشاء مثل هذه المرافق الركحية، حيث وفي 1985 تم تشييد مسارح جديدة في بجاية، باتنة وغيرها من الولايات الأخرى، لتتواصل هذه الجهود لتمس مدنا وحواضر عديدة ما جعل اليوم عدد المسارح يقفز إلى 17 ركحا، في انتظار فتح 3 أخرى قريبا، ليصل عددها إلى 20 مسرحا، مؤكدا أن هذه المؤسسات الثقافية تمكنت من تشريف الجزائر في مختلف التظاهرات العربية، بدليل تحصلها على الكثير من الجوائز، دون أن ننسى طبعا استضافتها للعديد من الفرق المسرحية والكتاب والمخرجين والمبدعين العرب، وفتح المجال أمام التعاونيات والجمعيات الراغبة في البروز والنشاط والمشاركة في عملية التحسيس والتوعية الشبابية، ليفسح المجال بعدها للكثير من مدراء المسارح الجهوية بالوطن، على غرار أم البواقي، العلمة، وباتنة، حيث تحدث كل واحد من موقعه، عن تجربة مسرح مدينته ودوره في إثراء الحركة المسرحية في الجزائر، فضلا عن إسهامه في عملية تكوين الأجيال الشابة وانفتاحه على الغير والتجارب العربية والأجنبية دون المساس بهويتها وتراثها وقاماتها وذاتيتها. استياء من تقزيم الركح الجزائري ليفتح بعدها النقاش أمام المتدخلين، الذين استعرض كل واحد رأيه ونظرته لواقع المسارح الجهوية في الوطن، وما هي النقائص التي تعاني منها والتحديات التي تواجهها مستقبلا، وكان لافتا بالمناسبة المداخلة النارية التي ألقاها عزري الغوتي مدير المسرح الجهوي لوهران، الذي انتقد وبشدة ما سماها تقزيم الهيئة العربية للمسرح، للركح الجزائري مؤكدا أن المسارح الجهوية في بلدنا ليست هاوية ومبتدئة بل على العكس من ذلك، أن الخشبة عندنا هاوية وذات مستوى عالي، بدليل وجود أسماء فنية وإبداعية ذات صيت عالمي، على غرار علولة، مجوبي، بوقرموح، كاتب ياسين...وآخرين داعيا إلى تصحيح ما ورد من أغاليط وتجنيات من قبل منظمي المهرجان على تاريخ ومسار وعراقة خشبتنا، كاشفا عن عرض مسرحية ألفها كاتب ياسين في 1956 في باريس، متسائلا في ذات الصدد :«بربكم هل هذا مسرح هاو؟" ليضيف لقد استضفنا الكثير من الأشقاء العرب واطّلعوا على التجربة الرائدة لركحنا، دون أن نحدث الجميع عن تاريخ فرقة مسرح جبهة التحرير الوطني، فهل يعقل أن نمحو كل هذا التراث ونستبدله بآخر غير حقيقي ومحرف... هذا الأمر أحرج كثيرا هيئة تنظيم المهرجان، ما دفع رئيس المؤتمر الفكري يوسف عيدابي إلى التدخل وتهدئة الأمور، مؤكدا أن للجزائر مسرح محترف، قائم بذاته ويملك تاريخا طويلا ومشرفا، لا يمكن إغفاله أو الإنقاص من قيمته حتى. ليتواصل النقاش بمداخلات أخرى دعت إلى الاهتمام بالركح المدرسي وتوسيع وتعزيز تجربة المسرح الجامعي وغيرها من التساؤلات الأخرى ذات الصلة بمحور المؤتمر الفكري.