مكثت قرية بن هجام ببلدية المحرة بولاية البيض تجتر لمدة طويلة مخلفات التهميش والحرمان رغم تعاقب المجالس المنتخبة التي لم تغيّر واقع البؤس الذي إرتسمت معالمه في ربوع هذه القرية التي زارتها »الجمهورية« بداية الأسبوع الجاري، حيث تمّ الوقوف على أوجه المعاناة ومظاهر الغبن التي لم تكن في حاجة لمن يشرحها أو يدلنا عليها، ورغم ذلك فقد كانت الجولة القصيرة كافية للحديث مع بعض شباب القرية والإستماع لهموم السكان وإنشغالاتهم بداية من الرمال التي زحفت على كل شيء في هذه القرية وغطت مداخل البيوت والشوارع الترابية التي حوّلتها أشغال مشروع شبكة الصرف الصحي الى مسالك وعرة يصعب السير فيها، وفي ظل هذه الظروف الطبيعية وتقلص المساحات الرعوية التي فقدت غطاءها النباتي فضل العديد من الموالين وممارسي النشاط الرعوي الهجرة نحو المدن القريبة، وبدرجة أكثر الى مدينة المشرية التي تبعد عن القرية ب 50 كلم، ورغم أهميتها الإقتصادية والإجتماعية إلا أن وضعية الطريق من أهم الإنشغالات التي يطرحها السكان ويلحون على سلطات ولايتي البيض والنعامة بتأهيلها بالخرسانة المزفتة، خاصة بعدما إنتهت بها أشغال التأهيل بترات التيف، وبعيدا عن هاجس الطريق الذي يأمل السكان أن يصل مسامع الوزير السيد / غول ويلتفت إليه ليضع حدا لمعاناتهم، تقاطعت الأحاديث حول الواقع الصحي الصعب، حيث تفتقر قاعة العلاج الى التجهيزات لإسعاف المرضى والمصابين باللسعات العقربية، وفي غياب سيارة الإسعاف، تزداد الوضعية سوءا إذ ما تطلب الأمر تحويل الحالات المرضية المستعصية أو الإستعجالية الى مستشفى المشرية، حيث تبقى شاحنات نقل الأعلاف والحيوانات الوسيلة الأكثر توفرا في مثل هذه الظروف، ودائما في سياق الإنشغالات طالب الأولياء بتحسين ظروف تمدرس أطفالهم بالمدرسة الإبتدائية الوحيدة بالقرية والتي تكاد تغطيها الرمال بجهة الجدار الذي أسقطته الرياح منذ عدة أشهر دون أن تبادر البلدية الى إعادة بنائه لمنع دخول الحيوانات ساحة المدرسة قبل وضع السياج بهذا المكان. وتبقى البطالة وغياب فرص التشغيل إهتمامات أخرى تحدث عنها الشباب الذين يئسوا الفراغ والروتين والوعود التي لا طائل من ورائها، والتي لم تغيّر شيئا من واقعهم المثقل بالمتاعب والأوجاع التي غابت عنها حتى المسكنات، متسائلين في سياق متصل عن برنامج التضامن الذي حمله للولاية وزير القطاع خلال زيارته الأخيرة للمنطقة وحصة سكان القرية من هذه الإعانات. ويأمل السكان أن تتحقق وعود ربط القرية بشبكة غاز المدينة المتواجد على بعد حوالي 12 كلم، كما يترقبون زيارة السلطات الولائية للوقوف على حجم الغبن الذي يعيشونه في منطقة قدمت أكثر من ثمانين شهيدا، ورغم ذلك مازالت تبحث عن حقها في التنمية المحلية والبرنامج الخماسي الثاني لرئيس الجمهورية لتحسين معيشة سكانها وترقية الحياة فيها.