ساهم تألق الأغنية السطايفية الأصيلة في توسعها وإنتشارها من ولاية سطيف إلى ولايات شرقية أخرى على غرار قسنطينة وعنابة وغيرها من المدن الجزائرية، هذا الأمر وإن دل فإنما يدل على أن هذا الطابع صار بالفعل تراثا فنيا متجذرا ولديه الكثير من عشاقه ، والدليل على ذلك هو كثرة المغنيين والمطربين الذين تبنوا هذا الطابع السطايفي العريق والشجي ، بل وأنهم قاموا بتصديره إلى بلدان أخرى بغية التعريف به وجعله يلج باب العالمية تماما مثلما إستطاع طابع الراي أن يقتحم ويغزو الكون بفضل فنانية المتألقين كالشاب خالد ومامي وآخرين ... . والجدير بالذكر هو أن الأصوات الشابة التي تبنت الغناء السطايفي ، سعت وبكل ما أوتيت من قوة أن تتمسك بهذا التراث من خلال تأديتها للكثير من الأغاني القديمة المستحواة من عمق وذاكرة ولاية سطيف بصفة خاصة ومنطقة الهضاب العليا بصفة عامة لاسيما وأن العديد من هذه الآغاني جاءت لتشدوا وتبجل نضالات وكفاحات آهالي هذه المنطقة الغالية من الوطن في مقاومتهم للإستعمار الفرنسي وما يجب الإشارة إليه هو أنه هناك نوعين من الأغنية السطايفية التراثية والعصرية . فالتراثية إشتهر فيها الموال السطايفي أي السراوي وهو النوع الذي كانت تتغنى به المرأة السطايفية ذات الصوت العالي والجمهوري في الأعراس ومختلف المناسبات كالختان والحفلات وقد ظهر السراوي لأول مرة بجبال مدينة سطيف كجبل بوطالب وجبل بابور حيث ذاع في سنوات الثلاثينات والربعينات لإنعدام الآلات آنذاك لتظهر مع بداية الإستقلال فرقة "السعادة" التي أنشئت عام 1938 بزعامة الشهيد حسان بلكيرد والتي كانت تضم مجموعة من العازفين على غرار عمر بوخادم وعباس رزيڤ ومحمد شايب وعبدالعالي سحنون وإبراهيم بوراس وأهم ماميز هذه الفرقة هو تمكنها من إدخال آلات موسيقية كالعود والقانون وكانت تتغنى بأغاني ثورية "كطيارة صفراء" وكان لها الفضل في ظهور أصوات متميزة مثل سمير سطايفي وكاكشي الخير والطاهر قفي وغيرهم وفي الخمسينيات أصدر السطايفي المغترب محمد بن شايب أول أسطوانة بفرنسا التي جاءت بعنوان »يا سطيف العالي« و»باللّه عليك ياحمام« ثم بعد الإستقلال قامت المطربة المتميزة "الغالية" بإصدار أول أسطوانة التي تضمنت عدة أغاني منها "خشيت باب سطيف" و"حنا سطايفية" التي لقيت شهرة كبيرة في تلك الفترة ، كما كان للإخوة "برناوي" الفضل في إصدار أغنية »يا العجوز مين جيتي « وهي الأغنية التي لازالت ترددحاليا على ألسنة الشباب وأما الطابع الجديد فشهد ظهور العديد من الوجوه الفنية الشابة التي طورت هذا اللون التراثي وجعله أكثر عصرنة وحداثة ونذكر على سبيل المثال الشاب خلاص والشاب عراس وكذا بريزة السطايفية والشاب الطيب وغيرهم الذين إستطاعوا أن يلجوا بهذا الفن إلى العالمية وهذا بعد تنشطيهم لعدة حفلات فنية كبيرة في العديد من البلدان العالمية .