اتهم قائد أركان الجيش أحمد قايد صالح، أمس، الأربعاء، أطرافاً أجنبية لها “خلفيات تاريخية” مع الجزائر بمحاولة زرع الفتنة وضرب استقرار البلاد. ووجه قائد أركان الجيش كلمته للشعب بعد ساعات من أول خطاب للرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح، رئيس مجلس الأمة، الثلاثاء، تعهد خلاله بالالتزام الكامل بإجراء الانتخابات الرئاسية. وفي كلمته بالناحية العسكرية الثانية بوهران، قال قايد صالح: “للأسف مع استمرار المسيرات السلمية، سجلنا محاولات من أطراف أجنبية لزرع الفتنة وضرب استقرار البلاد”. وتعهد بأن الجيش الجزائري سيكون مراقبًا ومرافقًا للمرحلة الانتقالية، التي أقرها دستور البلاد، مستنداً إلى الثقة المتبادلة بينه وبين الشعب. ونبه إلى أن المرحلة الحاسمة الحالية تقتضي من أبناء الشعب التحلي بالوعي والصبر والفطنة من أجل تحقيق المطالب الشعبية والخروج بالبلاد إلى بر الأمان. وأضاف قايد صالح، خلال اليوم الثالث لزيارته للناحية العسكرية الثانية بوهران، أين أشرف على مناورات “حسم 2019” “وعليه، تتطلب هذه المرحلة التاريخية والمفصلية الحاسمة، بل، تفرض على كافة أبناء الشعب الجزائري المخلص والوفي والمتحضر، تضافر جهود كافة الوطنيين بإتباع نهج الحكمة والرصانة وبعد النظر، الذي يراعي بالدرجة الأولى وأساسا المصلحة العليا للوطن، والأخذ بعين الاعتبار أن تسيير المرحلة الانتقالية يتطلب مجموعة من الآليات يقتضي تفعيلها حسب نص الدستور، أن يتولى رئيس مجلس الأمة الذي يختاره البرلمان بغرفتيه، بعد إقرار حالة الشغور، منصب رئيس الدولة لمدة ثلاثة أشهر، بصلاحيات محدودة، إلى حين انتخاب رئيس الجمهورية الجديد”. وقال الفريق “ومع انطلاق هذه المرحلة الجديدة واستمرار المسيرات، سجلنا للأسف، ظهور محاولات لبعض الأطراف الأجنبية، انطلاقا من خلفياتها التاريخية مع بلادنا، لدفع بعض الأشخاص إلى واجهة المشهد الحالي وفرضهم كممثلين عن الشعب تحسبا لقيادة المرحلة الانتقالية، وتنفيذ مخططاتهم الرامية إلى ضرب استقرار البلاد وزرع الفتنة بين أبناء الشعب الواحد، من خلال رفع شعارات تعجيزية ترمي إلى الدفع بالبلاد إلى الفراغ الدستوري وهدم مؤسسات الدولة، بل كان هدفهم الوصول إلى إعلان الحالة الاستثنائية، وهو ما رفضناه بشدة منذ بداية الأحداث، فمن غير المعقول تسيير المرحلة الانتقالية دون وجود مؤسسات تنظم وتشرف على هذه العملية، لما يترتب عن هذا الوضع من عواقب وخيمة من شأنها هدم ما تحقق، منذ الاستقلال إلى يومنا هذا، من إنجازات ومكاسب تبقى مفخرة للأجيال”. وواصل المتحدث: “ولإحباط محاولات تسلل هذه الأطراف المشبوهة، بذلنا في الجيش الوطني الشعبي كل ما بوسعنا، من أجل حماية هذه الهبة الشعبية الكبرى من استغلالها من قبل المتربصين بها في الداخل والخارج، مثل بعض العناصر التابعة لبعض المنظمات غير الحكومية التي تم ضبطها متلبسة، وهي مكلفة بمهام اختراق المسيرات السلمية وتوجيهها، بالتواطؤ والتنسيق مع عملائها في الداخل، هذه الأطراف التي تعمل بشتى الوسائل لانحراف هذه المسيرات عن أهدافها الأساسية وركوب موجتها لتحقيق مخططاتها الخبيثة، التي ترمي إلى المساس بمناخ الأمن والسكينة الذي تنعم به بلادنا”. وبخصوص التحقيق في قضايا الفساد، كشف قايد صالح، أن العملية متواصلة حتى في قضايا سابقة، مؤكداً أن “المتابعات القضائية ستمتد إلى ملفات فساد سابقة والعدالة استرجعت كل صلاحيتها”. وشدد على أن العصابة التي تورطت في قضايا فساد ونهب المال محل متابعة من العدالة، موضحاً أن القضاء سيفتح من جديد ملفات فساد قديمة منها قضية تتعلق بشركة الطاقة الوطنية (سوناطراك). قايد صالح يتحدث عن أزمة اقتصادية وقال الفريق أحمد قايد صالح، إنه “يتعين على الجميع فهم وإدراك كافة جوانب وحيثيات الأزمة، خلال الفترة المقبلة، لاسيما في شقها الاقتصادي والاجتماعي، التي ستتأزم أكثر إذاما استمرت هذه المواقف المتعنتة والمطالب التعجيزية”. وأضاف أن ذلك “سينعكس سلبًا على مناصب العمل والقدرة الشرائية للمواطن، خاصة في ظل وضع إقليمي ودولي متوتر وغير مستقر”. داعيا إلى ضرورة “التحلي بالصبر والوعي والفطنة، من أجل تحقيق المطالب الشعبية والخروج ببلادنا إلى بر الأمان وإرساء موجبات دولة القانون والمؤسسات”. وأوضح المسؤول العسكري أنه “لا طموح له سوى خدمة البلاد والسهر على أمنها واستقرارها، وأنه على ثقة كاملة بتفهم الشعب الجزائري وإدراكه لحساسية الوضع وتغليبه المصلحة الوطنية وقدرته على الخروج من هذه الأزمة منتصرا”. دعم الجيش للحراك أزعج أطرافا بالداخل والخارج وقال رئيس أركان الجيش، إن دعم المؤسسة العسكرية للحراك الشعبي، أزعج بعض الجهات، ومن وصفها ب”الأصوات الناعقة بالداخل والخارج”. وأوضح بهذا الخصوص: “أود أن أجدد التذكير بأنني قد التزمت شخصيًا بدعم الشعب في هذه المرحلة الهامة والوقوف إلى جانبه، رغم ظهور بعض الأصوات الناعقة في الداخل والخارج، ممن يزعجهم التلاحم القوي بين الشعب وجيشه”. واستبق قايد صالح الانتقادات، التي من الممكن أن توجه إليه، عقب إعلانه دعم قيادة عبد القادر بن صالح لتسيير الدولة لتسعين يوما، بقوله “سيثبت التاريخ صدق أقوالنا ومساعينا وأنه لا طموح لنا سوى خدمة بلادنا والسهر على أمنها واستقرارها”. وأردف في السياق: “ستخيب كل آمالهم ومناوراتهم الرامية إلى المساس بسمعة ومصداقية الجيش الوطني الشعبي، الذي سيظل، رغم كيد الكائدين وحقد الحاقدين، سندًا قويًا لشعبه في المحن والأزمات، في إطار أحكام الدستور وقوانين الجمهورية، وأن ثقتنا كبيرة في تفهم شعبنا وإدراكه لحساسية الوضع وتغليبه المصلحة الوطنية وسيتمكن وطننا بإذن الله من الخروج من هذه الأزمة منتصرا كما عهدناه”.