رجت أمس، الجمعة، مظاهرات في الجزائر العاصمة، ومدن أخرى، تطالب بمحاربة الفساد وتأجيل الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها الشهر المقبل، بعدما اعتبر رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات محمد شرفي، أن من حق الدولة التصدي لمن يعرقل العملية الانتخابية. وتأتي مظاهرات أمس، الجمعة بعد تصعيد المحتجين ولجوئهم إلى بدء مسيرات ليلية، للتّعبير عن تمسك الحراك بالتّغيير الجذري للنظام القائم بالبلاد. وتعتبر التظاهرات الليلية أسلوبا جديدا يتبعه الحراك الشعبي، للتنديد بإجراء الانتخابات الرئاسية، مع العلم أن السلطة تهدد أي محاولات من المتظاهرين لتعطيل المسار الدستوري وإجراء الانتخابات. وردد المتظاهرون هتافات ترفض إجراء الانتخابات وساروا في شارع ديدوش مراد الرئيسي بقلب الجزائر العاصمة. وعادة ما يتم تنظيم الاحتجاجات الحاشدة، التي اندلعت فبراير، وأجبرت الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة على التنحي في أفريل، أيام الجمعة والثلاثاء من كل أسبوع. ومنذ الليلة ما قبل الماضية، نظم مئات الجزائريين مسيرات في العاصمة، ضمن حملتهم المستمرة منذ أشهر، ورددوا هتافات ترفض إجراء انتخابات “مع وجود العصابة”، وترفض وجود سياسيين من نظام الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة خلال المرحلة الانتقالية. وأصبحت الجزائر تشهد مسيرات ليلية سلمية في العاصمة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، حيث تجمع المتظاهرون أول أمس، في ساحة البريد المركزي، رافعين الأعلام والشعارات المطالبة بإلغاء الانتخابات الرئاسية المقبلة والمقررة في الثاني عشر من ديسمبر. وهتف نحو 300 شخص “سنحصل على الحرّيّة” و”لن نتراجع”، وذلك للتنديد بتنظيم هذه الانتخابات. وفي وسط المدينة، أطلق سائقون العنان لأبواق سيّاراتهم، بينما قرع متظاهرون على الأواني، قبل أن تعمد الشرطة إلى تفريق الحشد، وقال شهود إنّه تمّ اعتقال نحو ثلاثين شخصًا، حسب ما قاله المحامي زكريا بن لحريش، عضو الرابطة الجزائريّة للدفاع عن حقوق الإنسان، إذ اتُهم هؤلاء ب”التجمّع غير المصرّح به”، وقد أُطلق سراح 21 منهم موقّتًا. ..انتشار أمني كثيف تحسبا لتظاهرات الجمعة ونشرت، أمس، الجمعة، قوات أمنية كثيفة في محيط شوارع العاصمة والساحات المركزية، التي تتم فيها التظاهرات الشعبية، تحسباً لتظاهرات الجمعة ال40 من عمر الحراك الشعبي، قبل أن يبدأ الناشطون والمتظاهرون في التجمع قرب ساحة أودان والبريد المركزي. وشهد محيط ساحة أول ماي باتجاه شارع الشهيدة حسيبة بن بوعلي بقلب العاصمة، انتشاراً، ولوحظ وجود رتل كبير من مركبات الأمن وآليات مكافحة الشغب. كما وُضع رتل آخر في محيط مستشفى مصطفى باشا الجامعي بالطريق المؤدي لحي بلكور الشعبي. وتوزعت مركبات حمل عناصر الأمن وقوات مكافحة الشغب على طول شارع الشهيد ديدوش مراد، المؤدي إلى ساحة أودان، إضافة إلى الشارع الفرعي بالقرب من ساحة البريد المركزي، وهي الأماكن التي تحتضن غالباً التظاهرات الشعبية. وفي شارع محمد الخامس في قلب العاصمة، اصطفت مركبات قوات الأمن والشرطة بالقرب من ساحة أودان، كما وُضعت المركبات والآليات عند مدخل ومخرج النفق بشكل يغلقه تماماً، ويمنع حركة السيارات والسير فيه. وتحسباً للتظاهرات الشعبية بعد صلاة الجمعة، تم نشر الحواجز الأمنية عند المدخل الشرقي للعاصمة، بين حي الخروبة وساحة أول ماي، مع تشديد مراقبة المركبات والسيارات التي تدخل إلى قلب العاصمة منذ صباح أمس، كما أبقت السلطات على الإغلاق الأسبوعي الذي تفرضه على مداخل العاصمة، خصوصاً المدخل الشرقي، الذي يربط العاصمة بولايات الشرق ومنطقة القبائل، لمنع وصول أكبر عدد من المتظاهرين من هذه الولايات للمشاركة في تظاهرات الحراك الشعبي. وكانت مظاهر الانتشار الأمني، قد لاحت منذ الليلة الماضية، عندما سيطرت قوات الأمن على تظاهرات ليلية، اندلعت وسط العاصمة، رفضاً للانتخابات الرئاسية المقررة في 12 ديسمبر المقبل، بعدما فوجئت السلطات بمظاهرة في الليلة، التي سبقت ذلك، مساء الأربعاء، حيث قرّر الحراك الشعبي تصعيد الموقف مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية.
ورغم الانتشار الأمني الكثيف في وسط وأحياء العاصمة، إلا أن المقاهي والمحلات التجارية والمطاعم بقيت مفتوحة، للسماح للمتظاهرين باقتناء حاجياتهم، خصوصاً أن التظاهرات السلمية لم تشهد، منذ بدايتها في فبراير الماضي، أي إخلال بالأمن العام أو تحطيم أو تخريب للممتلكات العامة والخاصة.