عاد المنتخب الجزائري لكرة القدم إلى الواجهة بعد تتويجه بلقب كأس الأمم الأفريقية، التي أقيمت في مصر صيف عام 2019، للمرة الثانية في تاريخه، بعد غياب دام 29 عاماً، وبالتحديد منذ أن أهدى المدرب الراحل عبد الحميد كرمالي اللقب الأول للجزائر، بعدما استضافت البطولة في عام 1990. لكن هذه المرة جاء بفضل مهندس النجمة الثانية المدير الفني جمال بلماضي، الذي تمكّن من تحقيق قفزة نوعية مع منتخب “محاربي الصحراء” في مشوارهم، بعد معاناتهم الطويلة منذ المشاركة التاريخية في مونديال البرازيل 2014، مع المدرب الأسبق البوسني وحيد حاليلوزيتش، واستمرت لأكثر من أربع سنوات، بسبب عدم الاستقرار والتغييرات الكبيرة للمدربين. ولن تتوقف مسيرة المدرب الجزائري عند هذا الحد، فقد كان رفقاء القائد رياض محرز يُعدّون لمواجهة منتخب زيمبابوي يومي 26 و29 مارس الماضي، في الجولتين الثالثة والرابعة من التصفيات المؤهلة لكأس الأمم الأفريقية في الكاميرون 2021، قبل أن تسبّب أزمة تفشي فيروس كورونا الجديد في تأجيل كل المنافسات الرياضية عبر بقاع العالم حتى إشعار آخر. وقد يكون هذا التوقف سلاحاً ذا حدين أمام مدرب المنتخب القطري الأسبق، الذي تنتظره ثلاثة تحديات في المستقبل لقيادة “الخضر” إلى بطولتي “كان 2021” في الكاميرون ومونديال قطر 2022. وسيكون بلماضي أولاً في مهمة من أجل الحفاظ على سلسلة المباريات من دون هزيمة. فمنذ تعيينه في شهر أوت عام 2018 على رأس العارضة الفنية للمنتخب الجزائري، فاز زملاء مهاجم نادي السد القطري، بغداد بونجاح، في أول لقاء أمام بنين، وتعادلوا في الثاني ضد غامبيا، قبل أن يتعثروا أمام منتخب بنين بهدف يتيم في الجولة الرابعة من التصفيات المؤهلة إلى بطولة كأس أفريقيا للأمم 2019، لتكون هذه آخر خسارة ل”المحاربين”، قبل أن تنطلق سلسلة “اللاخسارة”، بداية بهزيمة منتخب توغو بنتيجة (4-1) في شهر نوفمبر 2018، ومروراً بكأس أفريقيا التي احتضنتها “أرض الكنانة” العام الماضي، ووصولاً إلى الانتصارين الأخيرين على كل من منتخبي زامبيا (5-0) وبوتسوانا (1-0) في التصفيات المؤهلة إلى كأس الأمم الأفريقية 2021 في الكاميرون، حيث نجح منتخب “محاربي الصحراء” إجمالاً في الوصول إلى 17 مباراة على التوالي من دون هزيمة، منها تحقيق 14 انتصاراً، والتعادل في ثلاثة لقاءات أخرى، ليحطّم بذلك الرقم المسجل باسم منتخب جيل نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات، بقيادة المدرب عبد الحميد كرمالي، الذي تمكّن من الوصول إلى 15 مباراة من دون خسارة. وسيكون بلماضي وأشباله أمام تحدٍّ آخر، وهو الحفاظ على مركزهم في تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” على الأقل، أو تحسينه خلال الفترة المقبلة، وذلك بمواصلة تحقيق سلسلة النتائج الإيجابية، سواء كان ذلك في التصفيات المؤهلة إلى كأس الأمم الأفريقية 2021 بمواجهة زيمبابوي مرتين، وبوتسوانا وزامبيا، أو في الدور الثاني من التصفيات المؤهلة إلى مونديال قطر 2022، حيث سيواجه “الخضر” منتخبات بوركينا فاسو، وجيبوتي والنيجر في المجموعة الأولى. وفي حال تصدُّر المنتخب الجزائري مجموعته بنهاية هذا الدور، سيكون ضمن أفضل خمسة منتخبات متأهلة إلى المرحلة الفاصلة من مجموع عشرة منتخبات، من أجل أن تكون هناك أفضلية لخوض لقاء العودة بميدانه، ولعب مباراة الذهاب خارج الأرض، وهذا حسب ما تشير إليه القوانين داخل أسوار الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، الذي قرّر العودة إلى طريقة تصفيات مونديال البرازيل في 2014، خلال الإقصائيات المقبلة، بدل ما كان عليه الحال في مونديال روسيا الماضي. وتراجع المنتخب الجزائري في تصنيف “فيفا” من المرتبة ال(33) عالمياً، منذ رحيل المدير الفني الفرنسي كريستيان غوركيف، أولاً مع المدرب الصربي ميلوفان راييفاتس الذي لم يعمَّر طويلاً مع المنتخب، قبل أن يتبعه البلجيكي جورج ليكنس الذي تراجع معه المنتخب إلى المركز ال(50) عالمياً، ومن ثم تواصل السقوط مع المدرب الإسباني لوكاس ألكاراز إلى المركز ال(64) عالمياً، قبل أن يصل إلى الصف ال(66) عالمياً، والحادي عشر في القارة السمراء، في آخر تصنيف تحت قيادة المدير الفني السابق، رابح ماجر، وتحديداً في يوليو/ تموز عام 2018. غير أنه منذ تولي جمال بلماضي قيادة سفينة منتخب “الأفناك”، بدأ بالعودة تدريجياً، ليصل، بعد عام بالتمام، إلى المرتبة ال40 عالمياً وإلى ال4 أفريقياً، وذلك بعد التتويج بلقب كأس الأمم الأفريقية، ومن ثم واصل “الخضر” التقدم في تصنيف “فيفا” بخمسة مراكز، ويصل إلى الترتيب ال35 على مستوى العالم، وال4 في قارة أفريقيا، خلال آخر تحديث في شهر فبراير/ شباط الماضي. أما التحدي الأكبر الذي سيواجه بلماضي في المستقبل القريب مع منتخب “محاربي الصحراء”، فهو بعث نفَس جديد في التشكيلة، وبداية رحلة البحث عن نجوم ومواهب جديدة، سواء تعلق الأمر باللاعبين الذين يلعبون في الدوري الجزائري، أو في الدوريات العربية والأوروبية، وهذا في ظل تجاوز لاعبيه من الحرس القديم، الذين أسهموا كثيراً في تتويج الخضر بلقب “كان” الأخير، حاجز سنّ الثلاثين، لا سيما في مركز متوسط الميدان الدفاعي، لخلافة عدلان قديورة الذي بلغ سنّ 34 عاماً، بالإضافة إلى تعرّضه لإصابة خطرة ستبعده عن الملاعب لفترة طويلة، وكذلك مراكز أخرى لتعويض مهدي تاهرات، وإسلام سليماني، وهلال العربي سوداني. وكان بلماضي قد قرّر استدعاء أسماء جديدة إلى المنتخب، على غرار كريم العريبي، ليكون بديلاً لهلال العربي سوداني المُصاب، بالإضافة إلى دعوة بلماضي لعبد القادر بدران، لتعويض جمال بلعمري الذي عانى من الإصابات أيضاً.