رحّلت السلطات المغربية ليل الاثنين إلى الثلاثاء بطريقة "مشينة ومناقضة" للإنسانية عشرات "الحراقة" الأفارقة، من بينهم نساء حوامل وقصّر من أراضيها، إلى الحدود الفاصلة مع الجزائر، منتهكة كل الاتفاقيات والأعراف الدولية. لم تكلّف قوات الملك محمد السادس عناء نفسها في اتخاذ الإجراءات اللازمة والمعمول بها دوليا بخصوص ترحيل المهاجرين غير الشرعيين إلى بلدانهم، واكتفت بطردهم ب"عنف" إلى الحدود الجزائرية، لتضع الحكومة في "مأزق" التكفل بهم وأعادتهم إلى أوطانهم. وثارت منظمات مغربية تعنى بشؤون المهاجرين ضد تعامل سلطات بلادهم مع المهاجرين السرّيين، وقال الحسن عماري عضو اللجنة المركزية للهجرة داخل الجمعية المغربية لحقوق الانسان، الذي تنقّل منطقة العالب قرب الحدود الجزائرية - المغربية، أن الأمن المغربي رحّل 168 مهاجرا في ظروف لا إنسانية، ويُرمون في الخلاء"، وقال أن "المخزن" يشن حملة ضد المهاجرين الأفارقة وصفها ب"الشديدة". وأكد كامارا لاي، منسق مجلس المهاجرين من دول جنوب الصحراء في المغرب، لفرانس برس، أن "السلطات المغربية اقتحمت الاثنين بشكل مفاجئ المنازل في حي التقدم وحي النهضة في العاصمة الرباط واعتقلت ما يزيد عن 30 مهاجرا عند منتصف النهار". وأضاف كامارا "السلطات كسرت الأبواب واقتحمت المنازل بطريقة عنيفة. واعتقلت مهاجرين وطردتهم في اتجاه الحدود المغربية الجزائرية". وشرح العماري أن "من بين 168 مهاجرا اقتيد إلى الحدود، هناك قاصرون ونساء وحوامل ومصابون كانوا قاد حاولوا في وقت سابق اقتحام السياج الفاصل مع مدينة مليلية الخاضعة للسلطات الاسبانية". واعتبر العماري أن "هناك خرقا للقانون المغربي رقم 02.03 الخاص بدخول وإقامة الأجانب وبالهجرة غير المشروعة، وخرقا للقوانين المتعلقة بالترحيل والاقتياد إلى الحدود". وقال هشام الرشيدي، الكاتب العام للمجموعة المناهضة للعنصرية والمدافعة عن حقوق المهاجرين والأجانب، "حسب هذا القانون لا يجب ترحيل القاصرين والحوامل والمرفقات بالأطفال وطالبي اللجوء والجرحى الذين يشكل الترحيل عليهم خطرا". وتتعمد السلطات المغربية كل مرة إلى ترحيل المهاجرين غير الشرعيين على أراضيها إلى الحدود الجزائرية المغلقة منذ 1994، وفي المقابل تقوم السلطات الجزائرية بترحيلهم إلى بلدانهم بعد محاكمتهم، في ظروف إنسانية. ويبحث الأفارقة "تحت ضغط البطالة والجفاف" عن طرق جديدة لدخول أوروبا عبر بوابة اسبانيا التي تتحدث عن رسو قوارب 200 مهاجر غير شرعي منذ ماي الماضي في جزر صغيرة تابعة لإسبانيا وتقع قبالة الساحل المغربي. وذكرت صحيفة "الباييس" الاسبانية، أن أكثر من 800 مهاجر تمكنوا حتى الآن هذا العام من تسلق سياج ارتفاعه ستة أمتار مقام حول جزيرة مليلة الاسبانية على الساحل الشمالي للمغرب. وبالمقارنة دخل نحو 1900 مهاجر غير شرعي الجزيرة طوال العام الماضي بأكمله. والغالبية الكبرى من الأفارقة هم من الشباب يأتون من دول مثل كوت ديفوار والكاميرون والسنغال ونيجيريا والنيجر ومالي وتشاد حيث يعلقون آمالهم على إسبانيا رغم محنتها الاقتصادية حولت ربع القوة العاملة إلى عاطلين. وفي ظل هذا الوضع عاد عشرات الآلاف من المهاجرين - بما في ذلك الأفارقة - إلى بلادهم الأصلية. بل إن الإسبان أنفسهم يهاجرون الآن إلى دول أوروبية أخرى أو إلى الأمريكيتين. وتلعب المغرب دور "دركي أوروبا" لتنفيذ مخطط كبح هجرة الأفارقة في بلدان شمال إفريقيا، ولا ترى حرجا في طرد المهاجرين إلى دول الجوار على غرار الجزائر، الصحراء الغربية وموريتانيا، مخافة التحاقهم بالجزر الاسبانية المتاخمة للمغرب، إرضاء لمدريد، وطمعا في هبة مالية من الاتحاد الأوروبي قد توظّف في إسكات أصوات آلاف المغاربة الذين يشتكون الفقر والبطالة.