اعتبر عبد الوهاب بن خليف ،خبير في القضايا المغاربية، بأن فكرة إعادة بعث مشروع الإتحاد بين دول المغرب العربي صارت اليوم ضرورة ملحة شعبيا و سياسيا، بالنظر إلى التحديات الجيو-سياسية والاقتصادية والأمنية. التي تشهدها المنطقة، والتطورات التي يعرفها العالم، وخاصة منذ بداية الحرب في أوكرانيا ومنطقة الشرق الأوسط و الحرب على غزة. وأوضح بن خليف، خلال استضافته، اليوم الاثنين، ضمن برنامج "ضيف الدولية " لإذاعة الجزائر الدولية، إن المنطقة المغاربية تعرف تأخرا في بناء تكتل سياسي واقتصادي وصناعي تكاملي، بين دوله أسوة بما هو معمول به في مجلس التعاون الخليجي والإتحاد الأوروبي. وذلك على الرغم من" تضافر كل العوامل المشتركة التي تقود إلى تحقيق هذا المشروع الذي حلمت به مختلف الأجيال والنخب السياسية والثقافية المتعاقبة منذ فترة الكفاح من أجل استرجاع الحرية والاستقلال منذ مطلع القرن العشرين.". كما قال بن خليف، إنه استبشر خيرا بمبادرة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بالعودة إلى مجال التنسيق والتشاور عبر لقاء قمة ثلاثية تجمع رؤساء كل من الجزائر وتونس و ليبيا، وهو ما يعكس إرادة صلبة لإعادة إحياء مسار البناء المغاربي المشترك والذي ظل يراوح مكانه منذ أكثر من عقدين ." وأضاف قائلا،" من الضروري العمل على إعادة بعث هذا المشروع التكاملي الطموح خاصة وأن دول المنطقة لها مقومات مشتركة لا نجدها في مناطق أخرى من المنطقة العربية والأوربية وغيرها من مناطق العالم وذلك بحكم موقعها الجيو-استراتيجي بين قارتي أوروبا وإفريقيا وتوفرها على مقومات وموارد وثروات طبيعية وبشرية معتبرة ومتنوعة." واستحضر بن ضيف، نموذج الاتحاد بين دول القارة الأوروبية وهو مسار انطلق بالتدرج وعبر مراحل منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وقال عنه، "رغم حالة العداء التاريخي بين دوله وخاصة بين ألمانيا وفرنسا والبعد الجغرافي والاختلاف اللغوي والثقافي والديني إلا أن أوروبا قدمت للعالم أنجح تجربة في مجال التعاون والتكامل السياسي والاقتصادي والأمني بفعل توفر الإرادة السياسة القائمة على تغليب المصلحة المشتركة وتبادل المنافع ." وأردف قائلا ، "هذه الدول بدأت بالتقارب الاقتصادي ثم الوحدة السياسية والعملة الموحدة وصولا إلى فضاء" شنغن" واستطاعت بذلك تجاوز كل التناقضات الموجودة بينها والعالم يرى اليوم تكتلا سياسيا واقتصاديا وعسكريا يتشكل من 27 دولة و بدا أقوى من أي وقت مضى وبمنأى عن كل العواصف وتجلى ذلك بكل وضوح خلال اندلاع الحرب في أوكرانيا ومغادرة بريطانيا للإتحاد ." وفي ذات الشأن، يرى الأستاذ بن خليف، بأن الفرصة كبيرة متاحة اليوم لإعادة تفعيل التعاون والتكامل والتنسيق بين دول المغرب العربي في ظل تنامي الحاجة المشتركة و الملحة للدول المغاربية ،"لمواجهة التطورات الجيو-استراتيجيه الحاصلة على الصعيدين الدولي و الإقليمي وفي مقدمتها أهمية التكتل وتحقيق التكامل الاقتصادي على ضوء الأزمة الغذائية العالمية الناجمة عن جائحة "كوفيد " و ما رافقها من أزمات متعددة والتي أظهرت الحاجة إلى تضافر جهود الجميع ومنها درء الأخطار الأمنية الجديدة القادمة من منطقة الساحل." كما اقترح الأستاذ بن خليف، في ذات المناسبة، رؤية براغماتية لإحياء هذا المسار و تقوم مرحليا على ،"إطلاق مشاريع اقتصادية جديدة خاصة وأن هناك أرضية خصبة يمكن البناء عليها ومنها الطريق السيار ألمغاربي والقطار الرابط بين الجزائر وتونس وهذا المشروع يمكن إن يصل لاحقا إلى ليبيا وموريتانيا إضافة إلى البنك المغاربي و إقامة مناطق اقتصادية وصناعية مشتركة للتبادل الحر على طول المناطق الحدودية ."