أضحت هوليوود الملاذ الحالي للمخرج رشيد بوشارب، بعدما ترك فرنسا، ولو مؤقتا على حدّ تعبيره، إذ يشتغل حاليا على فيلمه الجديد "طريق العدو" أو "Enemy Way" في الولاياتالمتحدة الأميركية، ينتظر أن يكون جاهزا للعرض مطلع 2014، لقد أحدث رشيد بوشارب المقيم في فرنسا وابن الجيل الثالث من المغتربين الجزائريين، المفاجأة عندما بدأ الاشتغال على فيلم يتحدث عن موضوع يؤرق الغرب منذ أحداث 11 سبتمبر "علاقة العرب بالغرب"، الثيمة التي تبرز بقوة، في هذا الفيلم الذي سيعرض شرفيا بالجزائر. يلخص هذا العمل ثيمة "الطريق إلى الإسلام" وعن ذلك يقول المخرج رشيد بوشارب، إنه اشتغل بالسيناريو رفقة الكاتب الجزائري المقيم بفرنسا ياسمينة خضرا أو محمد مولسهول، ويضيف المخرج: "اشتغلت مع خضرا لأنه يساير أفكار الفيلم بدقة واحتراف، هو أيضا كاتب كبير، ويعرف هذا الموضوع جيدا، وهذا ما شجعني لأن أكون قريبا من كتاباته، فالقصة مقتبسة من أحد نصوصه الأدبية، الفيلم يروي قصة البطل غرنيت "Garnet"، عضو في عصابة تنشط في أعمال العنف في مدينة نيو مكسيكو، ويجسد دوره الممثل الأميركي فوريست ويتيكر، يقضى ثماني عشرة سنة في السجن بتهمة القتل، اعتنق خلال هذه المدة من الزمن الدين الإسلامي، تعاليم هذه الديانة جعلته يفكر في مشروع سلمي، ويحاول أن يعيد الهدوء إلى قريته. البارز في القصة أنها كتابة مشتركة بين رشيد بوشارب الذي يتوقع للفيلم أن يكون مختلفا عن أعمال القصص الهوليودية الأخرى التي لم تتطرق من قبل إلى حقيقة تواجد الإسلام أو تطرقت إليها ولكن كعنصر داخل القصة وليست كقصة كاملة، وجهة المخرج الجزائري إلى مدينة السينما العالمية "هوليوود" ترجمه في جملة واحدة "الاتجاه إلى هوليوود هو مشروع احتراف" وبالفعل، لم يكن الفيلم الأول للمخرج المثير للجدل في فرنسا، أثار جدلا واسعا في فرنسا عندما عرض فيلمه "الأهالي" وكذا فيلم "الخارجون عن القانون" أثناء عرضه في مهرجان كان السينمائي الدولي، بل سبقته ثلاثة أفلام، "القضيب الأحمر" عام 1985 وفيلم "سنغال الصغيرة" عام 2001 و"فقط كامرأة" عام 2011، وانتقال بوشارب إلى أميركا شجعه نجاح فيلمه "غبار الحياة" الذي رشح لأوسكار أفضل فيلم أجنبي عام 1996، في العام نفسه كان قد عرضه في القاعات السينمائية، وقتها كان أول فيلم عربي فرنسي يعرض بتلك الكثافة في دور العرض الأميركية، ويعلق بوشارب على الموضوع بالقول: "لا أنكر أن أمريكا هي حلم أي مخرج محترف ولكن حاولت أن أشتغل خارج الأفلام التجارية الأميركية، لأنني أشتغل في أفلامي على القضية؛ جل أعمالي ربما تصنف عند بعض النقاد بكونها أعمالا مسائلة". ويضيف قائلا: "أنا أشتغل بنظرة مختلفة، لكون الأعمال التي أقدمها للجمهور تحدث فيه بعض الاضطراب، ولأن الفيلم بالنسبة إلي صناعة تقدّم بطريقة ذكية وتحمل نظرة ما عن طريق تكثيف الصورة". . فكرة موضوع علاقة الغرب بالإسلام، أيضا كانت قديمة بالنسبة لبوشارب، الذي قدّم إشكالية نظرة الغرب إلى العرب في فيلم "نهر لندن" جسد من خلالها قصة تدور ضمن حادثة "تفجيرات لندن 2009"، وانطلاقا منه فكر في فيلم آخر يعالج أو يتطرق إلى الثيمة نفسها. بالنظر إلى ما يحدث في بعض الدول العربية، علق المخرج على الموضوع بالقول إنه أضحى من الضروري إنتاج أفلام عن الربيع العربي، في الوقت الراهن، وأضاف: "ما يحدث في سوريا وتونس ومصر يشكل قصصا سينمائية تقدّم إلى الجمهور، ولا يمكن تجاهل هذه الوقائع فنيا، وعن نفسي هناك تفكير في إخراج فيلم يروي تلك الأحداث، ولكن ذلك يحتاج إلى نضج في الفكرة والسيناريو معا؛ وحتى وإن لم يكن مناخ الإنتاج في الجزائر أو في تلك البلدان يساعد على العمل، فإن دول الجوار في أوروبا وأمريكا لديها صناعة سينمائية تمكن من إنتاج بعض تلك الأفلام التي تتحدث عن العالم العربي. كشف المخرج رشيد بوشارب أنه يجهز لفيلم آخر بعدما ينتهي من فيلم "طريق العدو"، يتعاون فيه مع الكاتب ياسمينة خضرا، وهذا من خلال سيناريو فيلم طويل يريد أن يكون مختلفا من ناحية الكتابة، وأضاف: "التعاون في الكتابة مستمرّ مع الكاتب ياسمينة خضرا وأنتظر فقط انطلاق عرض فيلم طريق العدو، ثم أعود إلى أمريكا، لمعاينة أماكن التصوير واستدعاء الطاقم الفني لفيلم قادم سيصوّر في كوبا، ولا أريد أن أتكلم عنه كثيرا في الوقت الحالي، ولكن يمكن أن أصفه بالمتميز عن أعمال السابقة.