تباينت أراء رؤساء وممثلو عدة أحزاب سياسية مضمون الرسالة التي وجهها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بمناسبة الذكرى ال61 لاندلاع الثورة التحريرية خاصة فيما يتعلق بإنشاء لجنة وطنية مستقلة لمراقبة الانتخابات وتوسيع دور المعارضة البرلمانية في مشروع تعديل الدستور الذي سيتم الإعلان قريبا عنه. فبينما عبر رؤساء الأحزاب عن أملهم في أن يتم تجسيد مضمون الرسالة ميدانيا لإرساء دولة المؤسسات وتكريس الديمقراطية الحقيقية بالجزائر لم ترق المقترحات التي تقدم بها الرئيس بوتفليقة، لأحزاب المعارضة، حيث اعتبروها غير كافية ولا تضمن نزاهة العملية الانتخابية. ..مقري وجاب الله غير مرتاحان لمقترح الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات قال رئيس جبهة العدالة والتنمية عبد الله جاب الله، أن الهيئة كما طرحت لا تقدم ولا تؤخر، وسجل المعني في لقاء حزبي أمس"مطلبنا هيئة وطنية مستقلة تتولى الإشراف الكامل على الانتخابات… لم تتم الاستجابة لمطلب المعارضة بل هناك محاولة للالتفاف والتحايل". وبعدما طعن في وزارتي الداخلية والعدل في تنظيم الانتخابات، طالب بان أول خطوات الاشراف المستقل بان يشمل مراجعة القوائم الانتخابية، وباسم تنسيقية الحريات والانتقال الديموقراطي طالب الشيخ جاب الله : التنسيقية تطالب بسحب ملف الانتخابات من وزارتي الداخلية والعدل وإسنادها لهيئة مستقلة تشرف عليها ولا تكتفي بالمراقبة فقط. أما رئيس حركة مجتمع السلم، وردا على مقترح الرئيس بوتفليقة، قال "نعتبر أن الإشارة إلى هذه القضية يدل على أن مطالب المعارضة قد وصلت لرئيس الجمهورية، غير أن هذا المطلب بعيد عن مطالبنا كحركة مجتمع السلم حيث أن المشكل المتعلق بالانتخابات لا يتمثل في رقابة الانتخابات فقط. لقد شهدنا انتخابات يعلن عن نتائجها وطنيا قبل أن يتم الفصل في نتائجها محليا". ويعتقد زعيم حمس ان مشكل الانتخابات يرتبط بقضايا تنظيمية، ويتعلق بتنظيم الانتخابات من الأول إلى الاخر ومنه ما يتعلق بالكتلة الناخبة الغير معروفة بدقة إلى الآن، وهنالك ما يتعلق بوجود أعداد من الناخبين تنتخب عدة مرات في عدة صناديق، تتعلق بالخلية الالكترونية على مستوى وزارة الداخلية وبعض المراكز الأمنية، تتعلق بالخلايا الالكترونية والإدارية على مستوى مقرات الولايات، على مستوى الصناديق الخاصة، على مستوى التصويت الجماعي للأسلاك المشتركة لصالح جهات محددة. القضية قضية تنظيمية ولذلك مطلبنا هو هيئة مستقلة دائمة تتكفل بتنظيم الانتخابات من الأول للآخر ومنها رقابة الانتخابات. وبخصوص إمكانية النزول الى الشارع، قال"إن النظام السياسي يعلم بأن الأحزاب السياسية لم تختر إلى الآن الخروج للشارع للدفاع عن حقوقها التي تسلب منها في كل انتخابات، إن اختيار الأحزاب عدم التصعيد عند كل تزوير ، وعلى رأس هذه الأحزاب حركة مجتمع السلم، سببه التضحية بالحقوق الحزبية لحساب استقرار الوطن بالنظر للمأساة التي مرت بها الجزائر، غير أن السلطة تستغل هذه الروح الوطنية ويسمح لنفسه بإعلان نتائج انتخابية هو أول من يعلم بأنه لا علاقة لها بالواقع، ولذلك الحل الوسط الذي يضمن حقوق الناخبين والمنتخبين وفي نفس الوقت يحفظ استقرار البلد هو اللجنة الوطنية المستقلة لتنظيم الانتخابات، والتي من أدوارها آلية رقابة الانتخابات". .. الأفلان والأرندي و"الجزائر الجديدة وجيل جديد متفائلون وعلى خلاف ذلك، يرى الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني أنه "على الأحزاب أن تتفق على تشكيلة ودور اللجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات" التي تحدث عنها الرئيس بوتفليقة في رسالته. وذكر سعداني بان حزبه مع "وجود شخصيات مستقلة وممثلي الأحزاب وتنظيمات المجتمع المدني في تشكيلة اللجنة" مشيرا إلى أنه يتعين ان تبقى أبواب هذه اللجنة مفتوحة إلى كل من يهمه الأمر. ونوه نفس المسؤول بما جاء في رسالة رئيس الجمهورية فيما يتعلق بتوسيع دور المعارضة البرلمانية في إخطار المجلس الدستوري بشان مختلف القوانين التي يوافق عليها البرلمان مشيرا إلى أن السيد بوتفليقة قد "التزم بتعهداته لبناء دولة مدنية". ومن جهته يرى الناطق الرسمي للتجمع الوطني الديموقراطي الصديق شهاب أن رئيس الجمهورية قد منح للمعارضة والاغلبية "كل الضمانات" لكل واحد منها في موقعه للتجند في خدمة الجزائر. وأشار ذات المسؤول أن إحداث آلية مستقلة لمراقبة الانتخابات يعتبر مكسبا ثمينا للديمقراطية في الجزائر موضحا بأن كيفية تشكيلتها "خاضعة للنقاش والإثراء من طرف الجميع". واعتبر أن مضمون الرسالة هو التزام من الرئيس "للمضي قدما في بناء جزائر مستقرة وبناء مؤسسات قوية تخدم الديمقراطية" مما سيساهم في ربح معركة التنمية. بدوره أكد العضو القيادي في حزب جيل جديد إسماعيل سعيداني أن قرار الرئيس بوتفليقة الخاص بإحداث لجنة مستقلة لمراقبة الانتخابات يعتبر "مكسبا" سيساهم في تجسيد الدمقراطية وإجراء انتخابات "شفافة ونزيهة ترجع الكلمة فيها للشعب". وأضاف المتحدث بان قرار إحداث هذه اللجنة يعتبر من بين المطالب التي كانت المعارضة تنادي بها مبرزا في نفس الوقت أهمية تشكيل هذه اللجنة من "شخصيات مستقلة وذات كفاءة علمية". وبخصوص توسيع دور المعارضة البرلمانية يرى نفس المسؤول بأنه لابد من "خفض" عدد النواب الذين يحق لهم إخطار المجلس الدستوري بشأن القوانين التي يصادق عليها البرلمان. وبدوره عبر رئيس حزب جبهة الجزائر الجديدة جمال بن عبد السلام عن اعتقاده بان رسالة رئيس الجهورية هي "رسالة مطمئنة" لكنها تحتاج–كما قال– إلى "تجسيد ميداني" من خلال إجراءات وممارسات. وبخصوص إحداث لجنة مستقلة لمراقبة الانتخابات يرى المتحدث أن نجاحها يتطلب وجود "إرادة سياسية من السلطة للذهاب إلى انتخابات حرة ونزيهة" مشددا على أهمية "استقلالية هذه اللجنة عن الإدارة وعن الأحزاب السياسية". وكان رئيس الجمهورية قد أعلن في الرسالة التي وجهها إلى الأمة بمناسبة الذكرى ال61 لاندلاع ثورة التحرير انه سيتم الإعلان قريبا عن مشروع مراجعة الدستور الذي سيساهم–كما قال– في تعزيز دعائم ديمقراطية هادئة. كما أعلن أيضا رئيس الدولة عن استحداث آلية مستقلة لمراقبة الانتخابات و إمداد المعارضة البرلمانية بالوسائل التي تمكنها من أداء دور أكثر فاعلية بما في ذلك إخطار المجلس الدستوري.