خلف "تجاوب" رئيس الجمهورية مع مطلب تشكيل هيئة مستقلة لمراقبة الانتخبات تباينا واضحا في مواقف الأحزاب المعارضة. فقد نجح الرئيس في افتكاك اعتراف من المعارضة بنجاعة الخطوة التي أقدم عليها عندما تعهد أمس في رسالته بمنسابة ذكرى أول نوفمبر بأن الدستور القادم سيقر إنشاء آلية مستقلة لمراقبة الانتخابات رغم التشكيك في تجسيدها، لينقل بذلك الجدل القادم لدى بعض الأحزاب من قوقعة تأسيس اللجنة وقبول المطلب الرئيسي للمعسكر المعارض إلى الكيفية التي تكفل تحقيق استقلالية الهيئة. حمس ترحب وتشترط... رحبت حركة مجتمع السلم بما جاء في رسالة الرئيس حول آلية مراقبة الانتخابات معتبرة أن إعلان رئيس الجمهورية يدل على أن مطالب المعارضة قد وصلت إليه، وأكدت أن الحل الوسط الذي يضمن حقوق الناخبين والمنتخبين وفي الوقت نفسه يحفظ استقرار البلد، هو اللجنة الوطنية المستقلة لتنظيم الانتخابات، والتي من أدوارها آلية رقابة الانتخابات، لكن الحركة أكدت أن هذا المطلب بعيد عن مطالب حمس التي تعتبر أن المشكل المتعلق بالانتخابات لا يتمثل في مرقابة الانتخابات فقط، وإنما مرتبط بقضايا تنظيمية، حيث أشار مقري في بيان نشره على موقع التواصل الاجتماعي إلى أن المراقبة تحتاج إلى مراقبة القوائم الانتخابية المشكوك فيها في حد ذاتها كمرحلة أولى من تنظيم الانتخابات، والإشكال الثاني يتعلق بالخلية الإلكترونية على مستوى وزارة الداخلية وبعض المراكز الأمنية. كما أكد القيادي في حمس نعمان لعور أن حديث الرئيس عن هذه الآلية يعطي مؤشرات على أن الجزائر مقبلة على انتخابات تتعلق بالاستفتاء حول الدستور، وهنا السلطة مطالبة بإيجاد هذه الآلية حتى تضمن للدستور المعروض مصداقية أكبر، مضيفا أن التطرق إلى إمداد المعارضة البرلمانية لإداء دورها هو اعتراف بأن المعارضة لم تكن تمارس حقها. النهضة والأفافاس يشككان، وتواتي يعتبرها رسالة للتلهية أبدى الشيخ جاب الله موقفا مغايرا لموقف حمس حيث يرى في افتتاح أشغال مجلس الشورى الوطني لجبهة العدالة والتنمية أن رسالة الرئيس ليست استجابة لمطلب المعارضة بل هناك محاولة للالتفاف والتحايل، مؤكدا أن الإشراف المستقل يجب أن يشمل مراجعة القوائم الانتخابية، والجبهة لا تثق في وزارتي الداخلية والعدل في تنظيم الانتخابات. وجدد جاب الله مطلبه بشأن تنظيم الانتخابات وذلك بسحب ملف الانتخابات من وزارتي الداخلية والعدل وإسنادها إلى هيئة مستقلة تشرف عليها ولا تكتفي بالمراقبة فقطو مذكرا بأن نزاهة الانتخابات هي شعارات "نسمع عنها لكن ما رأينا لها أثرا في مختلف الاستحقاقات الانتخابية"، لافتا إلى أن المال الوسخ يلعب دورا كبيرا في توجيه الناس. وفي سياق آخر اعتبر جاب الله أن الديمقراطية التي كرست في الدستور شكلية، وأن التعديل المزمع إجراؤه على الدستور لا يستجيب لتطلعات الأمة. من جهته عبر السكرتير الأول في حزب الأفافاس محمد نبوو في اتصال مع "البلاد"، عن القراءة نفسها من رسالة الرئيس التي قال إنها لم تقدم الجديد بشأن الهيئة، حيث إنه لم يفصل في شأنها واكتفى بالحديث عن آلية رقابة، موضحا أن رسالة الرئيس كانت عامة ولم تتطرق إلى التدقيق حول هذه المسألة التي كانت مطلب الجبهة والمعارضة. وأضاف أن ما جاء به الرئيس لم يكن متطابقا مع ما قدمته الأفافاس بشأن الهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات والمعروضة لدى السلطة في مشروع الانتقال الديمقراطي الذي تسعى الأفافاس إلى تحقيقه. كما شكك رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، موسى تواتي، في نوايا السلطة وتجسيد هيئة مستقلة لمراقبة الانتخابات لعدم الفصل بين السلطات، وعدم وجود نية لإيجاد هيئة قضائية مستقلة، لافتا إلى أن الحديث عن هكذا قرار لا يكون في رسالة بل يحتاج إلى نقاش وإشراك جميع الفعاليات. وأضاف موسى تواتي في تصريح هاتفي ل«البلاد" أن تطرق الرئيس في هذا الوقت إلى الهيئة التي ظلت مطلب المعارضة جاء من أجل تلهية الرأي العام في ظل توجه اقتصادي جديد.