أظهر تقرير داخلي لمنظمة «أوبك» تم الإطّلاع عليه هذا الأسبوع تنامي الخلافات داخل المنظمة، وسط الجدل الدائر بين الدول الأعضاء على الحاجة إلى دعم سعر عادل للنفط وتعزيز الإيرادات، تحت وطأة تراجع أسعار الخام. وتضمنت مسودة تقرير عن إستراتيجية أوبك في الأجل الطويل ملاحظات من إيرانوالجزائروالعراق، ومقترحات من إيرانوالجزائر، بخصوص إجراءات لدعم الأسعار، مثل تحديد مستوى سعري مستهدف، أو حد أدنى، والعودة إلى نظام حصص الإنتاج. وتراجعت أسعار النفط بأكثر من النصف، إلى أقل من 50 دولارا للبرميل منذ جوان 2014، وتفاقم الانخفاض بعد أن غيرت منظمة البلدان المصدرة للبترول استراتيجيتها في 2014، للدفاع عن الحصة السوقية بدلا من خفض الإنتاج لدعم الأسعار، كما كانت تفعل من قبل. وقادت السعودية تغيير الاستراتيجية مدعومة بالأعضاء الخليجيين الآخرين الأغنياء نسبيا. لكن دولا أخرى مثل فنزويلاوإيرانوالجزائر كان لها تحفظاتها، وواصلت الدعوة إلى خفض الإنتاج. وتشير الوثيقة إلى أن تلك الخلافات بشأن السياسة قصيرة الأجل تؤثر على تحديث المنظمة للاستراتيجية طويلة الأجل، وقد تنذر بتباين المواقف خلال اجتماع الرابع من ديسمبر عندما يلتقي وزراء نفط «أوبك» لمراجعة سياسة الإنتاج، وتتكون الوثيقة من 44 صفقة، منها 11 صفحة تعليقات للدول الأعضاء أضيفت في ختام التقرير. وقال تعليق الجزائر في المسودة «على أوبك أن تستعد بشكل خاص لوضع حد أدنى للسعر والدفاع عنه، وأن تقبل بمقايضة مؤقتة بين تدني الحصة السوقية وارتفاع الإيرادات.» وقال أحد تعليقات إيران «نوصي بالاتفاق على (نطاق) سعر عادل ومعقول، ثم محاولة دعمه ما دام عادلا ومعقولا.»، لكن السعودية، أكبر منتج للنفط في المنظمة، تقول ان السوق تحدد أسعار الخام. ولم تعلق المملكة على مسودة التقرير، ويلتقي ممثلو دول «أوبك» في مقر الأمانة العامة للمنظمة في فيينا هذا الأسبوع، للاتفاق على المسودة النهائية للتقرير. وتريد إيرانوالجزائروالعراق- وهي من أشد دول «أوبك» تضررا من هبوط أسعار النفط- وضع صيغ مختلفة بخصوص حاجة المنظمة لتعظيم الإيرادات في مقدمة الأهداف على الأجل الطويل. وأشارت إلى أن المناقشات بين مندوبي «أوبك»، الذين اجتمعوا لوضع تقرير للاستراتيجية على الأجل الطويل، لم تسفر عن اتفاق على بعض الأهداف. ومن بين ما اقترحته الجزائر على أوبك «تعظيم الإيرادات النفطية على الأجل الطويل للدول الأعضاء، وحماية مصالحها الفردية والجماعية، مع تعزيز دور النفط في تلبية احتياجات الطلب على الطاقة في المستقبل.» وقالت الجزائر مشيرة إلى قرار «أوبك» في نوفمبر بعدم خفض الإنتاج «يمثل سلوك أوبك عاملا إضافيا في عدم التيقن» بحسب مسودة التقرير. أما العراق، الذي يزيد الإنتاج والصادرات بمساعدة الشركات النفطية الأجنبية، فكان من بين تعليقاته «يجب أن تحدد الدول الأعضاء في أوبك سياساتها الخاصة، فيما يتعلق بالاستراتيجية طويلة الأجل، بخلق نموذج لتعظيم الإيرادات، من خلال الموازنة بين الحصة السوقية والأسعار.» وتضغط إيران- التي تستعد أيضا لزيادة الصادرات واستعادة حصتها من السوق بمجرد رفع العقوبات عنها- في تعليقاتها لإعادة العمل بنظام الحصص في المنظمة والذي توقف في 2011. وتقول إيران ان سقف إنتاج «أوبك» البالغ 30 مليون برميل يوميا لا يحدد حصصا للدول الأعضاء بشكل منفرد، وان هذا «لا يساهم بفاعلية في استقرار سوق النفط». وأظهر التقرير تعليقا آخر لإيران جاء فيه «قامت بعض الدول الأعضاء في أوبك بزيادة معدل الإنتاج، بناء على طاقتها الإنتاجية، وبدون النظر إلى سقف الإنتاج. يجب وضع سقف لإنتاج أوبك، كل ستة أشهر أو إثني عشر شهرا، بناء على الطلب المتوقع على نفط المنظمة، ومن ثم يمكن الاتفاق على حصة إنتاج لكل دولة عضو.» وتلقى مقترح إيران دعما من الجزائر، التي قالت «إنه ربما يكون ضروريا في نهاية المطاف إعادة العمل بنظام الحصص، حتى تكون إدارة الإنتاج واقعية وعادلة بقدر الإمكان.» وتقول مصادر في «أوبك» إن إعادة العمل بنظام الحصص قرار يرجع فقط إلى وزراء المنظمة عندما يجتمعون في الرابع من ديسمبر، لكن الدول الخليجية الرئيسية الأعضاء تعارضه.