واصل المنتخب الوطني عروضه الهزيلة ونتائجه الضعيفة بمناسبة مباراته أمام إفريقيا الوسطى أول أمس الأحد، حيث أنه إضافة إلى كونه خيّب آمال 35 مليون جزائري من خلال الأداء الكارثي الذي قدّمه اللاعبون والذي كان يمكن أن يجعلهم يعودون إلى أرض الوطن بنتيجة أثقل بكثير لولا التدخلات الموفقة للحارس مبولحي... ما سمح لمنتخب مغمور بتسجيل أكبر إنجاز له في تاريخه على حسابنا بعد أن فعلت مالاوي ذلك في بداية السنة خلال نهائيات كأس أمم إفريقيا التي احتضنتها أنغولا، حيث هزمتنا بثلاثية نظيفة وقبلها الغابون في 2004 بعنابة أين هزمتنا بنفس النتيجة. هزيمة إفريقيا الوسطى استمرار للسقوط الحر للخضر هذه السنة وإذا كان الجمهور الجزائري قد صدم بهزيمة التشكيلة الوطنية في “بانغي” الأحد الفارط قياسا بمستوى المنافس المتواضع وبالتغيير الذي طرأ على مستوى العارضة الفنية بقدوم بن شيخة، فإن الواقع أكد أن الهزيمة كانت خيارا لا مفر منه لمنتخبنا الوطني الذي واصل سقوطه الحر منذ حلول سنة 2010، ما دام أن أخطاء اللاعبين لم تصحح ولم يجد لا بن شيخة ولا سعدان قبله حلا لمشكل عقم الهجوم ولا لهشاشة الدفاع، لتكون بالتالي الهزيمة المخزية أمام منتخب يبقى مجهريا ودون تاريخ. 9 هزائم كاملة، 3 تعادلات و3 انتصارت فقط منذ بداية 2010 وكانت سنة 2010 بمثابة كارثة حقيقية للمنتخب الوطني من حيث النتائج التي سجلها، حيث رغم بلوغه نصف نهائي كأس أمم إفريقيا بأنغولا ومشاركته في “المونديال”، فإن حصيلته كانت ضعيفة، ما دام أنه من مجمل 15 لقاء خاضه بين اللقاءات الرسمية والودية فإنه فاز 3 مرات فقط (مالي، كوت ديفوار والإمارات العربية المتحدة) مقابل تلقيه الهزيمة في 9 مناسبات منها 3 مرات بثلاثية نظيفة (مالاوي، صربيا وإيرلندا)، ومرة برباعية أمام مصر، وهي نتائج كافية لتأكيد المستوى الضعيف للمنتخب الوطني منذ بداية السنة. الهجوم ب 7 أهداف وسجل في 15 لقاءات فقط واكتفى المنتخب الجزائري بتسجيل 7 أهداف في 15 لقاء، حيث تمكن من الوصول إلى شباك منافسيه في 5 لقاءات فقط (مالي، كوت ديفوار، الإمارات، الغابون وتنزانيا)، وهذا مقابل صيام اللاعبين عن التهديف في 10 مواجهات كاملة (مالاوي، أنغولا، مصر، نيجيريا، صربيا، إيرلندا، سلوفينيا، إنجلترا، أمريكا وإفريقيا الوسطى)، وهو ما يؤكد لا محالة ضعف الخط الأمامي للمنتخب الوطني الذي يبقى عاجزا عن إيجاد الحلول لبلوغ مرمى منافسيه في غالب الأحيان. حصيلة كارثية وأقل من هدف في كل لقاءين ومن مجموع 15 مباراة خاضها الخضر منذ بداية 2010 نجد أنهم نجحوا في تسجيل 7 أهداف فقط (ثلاثية أمام كوت ديفوار وهدف أمام كل من مالي، الإمارات، الغابون وتنزانيا) أي بمعدل أقل من هدف واحد في كل لقاءين، هذا دون نسيان أن 3 أهداف سجلت في لقاء كوت ديفوار الذي لولاه لوجدنا الآن أنفسنا ب 4 أهداف فقط في 14 مباراة، ومن مجموع الأهداف السبعة المسجلة في 2010 هناك هدفان كانا هديتين، الأول جاء بركلة جزاء سجلها زياني أمام الإمارات بعد لمس أحد لاعبي المنافس لكرة غير خطيرة في منطقة الجزاء بيده، والثاني أمام الغابون من توقيع جبور عن طريق تسلّل واضح. الدفاع “يعوم”، تلقى 23 هدفًا وصمد 4 مرات فقط ليس مشكل المنتخب الوطني في هجومه فقط، بل إنه أيضا في دفاعه الهش غير القادر على الصمود في وجه منافسيه بدليل أنه في مجموع 15 لقاء هذه السنة (6 في نهائيات كأس أمم إفريقيا، 3 في نهائيات كأس العالم و4 لقاءات ودية إضافة إلى لقاءين في تصفيات كأس أمم إفريقيا فإنه تلقى 23 هدفًا بمعدل يفوق 1,5 هدف في كل لقاء، ومن كل هذا نجد أن بلحاح وزملاءه لم يتمكّنوا من الصمود في وجه منافسيهم إلا في 4 لقاءات فقط (مالي، أنغولا، الإماراتوإنجلترا) مقابل تلقيهم لهدف على الأقل في المواجهات الأخرى. المشكل كبير وكان يستحيل حله في لقاء واحد إذا كان الجميع قد انتظر تعيين بن شيخة على رأس العارضة الفنية للمنتخب الوطني كحل نهائي لوقف النزيف الذي عانى منه الخضر منذ بداية هذه السنة، فإن مباراة إفريقيا الوسطى كشفت أن المشكل كبير وكان يستحيل حله في ظرف زمني قصير وخلال لقاء واحد بعد أن استفحلت العيوب في أداء التشكيلة الوطنية التي تسرّب إلى لاعبيها الغرور منذ تأهلهم إلى مونديال جنوب إفريقيا، وأصبحت نتائجهم ليست فقط ضعيفة ولكن أيضا قمة في التناقض، وهم الذين يتعادلون أمام إنجلترا وينهزمون أمام منتخبات مغمورة في صورة إفريقيا الوسطى، مالاوي والغابون. بن شيخة دفع ثمن حماسه الزائد عن اللزوم وإذا كان يستحيل تحميل بن شيخة كامل مسؤولية خسارة إفريقيا الوسطى ما دام أنه لم يمر وقت طويل على مسكه زمام الأمور وهو الذي وجد منتخبا هشا تسرب الشك إلى لاعبيه، فإن ذلك لا يمنع من تحميله جزءا منها ما دام أنه قبل خلافة سعدان في ظرف حساس جدا كان يمر به المنتخب الوطني الذي لم يتذوّق قبل مباراة إفريقيا الوسطى طعم الفوز في لقاء رسمي منذ يوم 24 جانفي الفارط أمام كوت ديفوار في نهائيات “الكان“، وقد دفع بن شيخة ثمن حماسه الزائد عن اللزوم للإشراف على المنتخب الوطني، وهو الذي كان مستعد لفعل كل شيء من أجل تحقيق الحلم الذي راوده منذ بداية مشواره المهني دون أن يبالي بالعواقب. عليه تحمّل مسؤولية خياره والتاريخ لن يرحمه ويبقى مطلوبا الآن من بن شيخة تحمّل كامل مسؤولياته لأنه لم يتردد في قبول ما أسماه ب “الواجب الوطني”، وإذا كان كل الجمهور الجزائري قد ابتهج لتعيينه مدربا خلفا لسعدان، فإنه وجب عليه أن يعرف أن هذا الجمهور سينقلب عليه حتما في حال فشله في تأهيل الجزائر إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا القادمة، لأن الأمر سيكون بمثابة مهزلة حقيقية والتاريخ حتما لن يغفر ل”الجنرال” مهزلة أخرى بعد التي حدثت في “بانغي” أول أمس. “مزية” لم يتبقّ لنا إلاّ لقاء واحد قبل 2011 وبالعودة الى الحديث عن السنة الكارثية للمنتخب الوطني التي لا يمكن تماما مقارنتها بالسنة التي سبقت (2009) حين تمكّن زملاء بوڤرة وقتها من تحقيق نتائج فاقت جميع التصورات وسمحت للخضر بالتأهل إلى “المونديال” بعد 24 سنة من الغياب، وإلى نهائيات كأس أمم إفريقيا التي غبنا عنها خلال الدورتين النهائيتين ل 2006 و2008، فإنه وجب أن نحمد الله أن “كوشمار” 2010 يوشك على نهايته ما دام أن المنتخب الوطني لم يبق له إلا لقاء واحد هذه السنة سيخوضه الشهر القادم وسيكون وديا أمام منتخب “لوكسومبورغ” المتواضع والذي نأمل أن لا ينهي 2010 مثلما بدأها المنتخب المالاوي علينا يوم 11 جانفي الفارط. ---------------- الوصول على السابعة ونصف صباحا واستقبال بارد تأخر إقلاع الطائرة التي كانت تقل وفد المنتخب الوطني من مطار بانغي إلى الجزائر بساعتين أو أكثر، وهذا بسبب الإجراءات التنظيمية والرقابة في المطار، وعليه فقد أقلعت الطائرة في الثانية ونصف صباحا، ودامت الرحلة خمس ساعات كاملة، فيما كان الوصول إلى مطار هواري بومدين الدولي على السابعة ونصف صباحا. وقد انهار رفاق يبدة كلية في الطائرة واستسلموا للنوم بعد الإرهاق االشديد الذي نال منهم عقب السفرية الشاقة من إفريقيا الوسطى. ومن حسن حظهم أن الاتحادية وفرت لهم رحلة مباشرة من بانغي إلى الجزائر. يبدة، عبدون وعنتر يحيى التحقوا مباشرة بباريس مباشرة بعد وصول الطائرة التي كانت تقل لاعبي المنتخب الوطني إلى مطار هواري بومدين، فلم ينتظر البعض كثيرا لامتطاء الطائرة التي كانت متجهة إلى باريس في الثامنة صباحا. ويتعلق الأمر بكل من حسان يبدة، جمال عبدون وكذا القائد عنتر يحيى الذين كانوا قد حجزوا من قبل في هذه الرحلة نظرا لارتباطاتهم مع أنديتهم في أوروبا. ولم يكن لديهم متسع من الوقت للبقاء في أرض الوطن وأخذ قسط من الراحة مثل بقية الرفقاء. بقية اللاعبين تنقلوا إلى الماركير وفي الوقت الذي غادر فيه كل من يبدة، عبدون وعنتر يحيى الجزائر باتجاه باريس مباشرة بعد الوصول إلى المطار، فإن بقية اللاعبين تنقلوا إلى فندق “الماركير” بالعاصمة من أجل أخذ قسط من الراحة. وفيما يتعلق بالمحليين فقد عادوا إلى أنديتهم على غرار زماموش، العيفاوي ولموشية. وقد كان غالبية لاعبي المنتخب الوطني المحترفين على موعد مع شد الرحال إلى الأراضي الأوروبية في منتصف النهار، خاصة أن أعضاء الاتحادية قدموا لهم تذاكر السفر ونقلوهم إلى الفندق قبل شد الرحال حسب مختلف الاتجاهات. مبولحي ألح على أخذ أول رحلة لم يهدأ بال حارس المنتخب الوطني رايس مبولحي إطلاقا عند وصوله إلى المطار، وهو الذي طلب من أعضاء الاتحادية الحجز له في أول رحلة إلى باريس من أجل الالتحاق بفريقه “سياسكا صوفيا” في أقرب وقت ممكن، وعليه فقد ألح مبولحي كثيرا للحصول على تذكرة، وهو الذي تنقل إلى فندق الماركير مع بقية الرفقاء قبل أن يغادر في منتصف النهار، دون أن ننسى أن هذا الحارس كان قد التحق بالتربص متأخرا بسبب ارتباطاته مع ناديه البلغاري. روراوة ودّع اللاعبين فور نزوله فور نزوله من الطائرة، قام رئيس الاتحادية محمد روراوة بتوديع جميع اللاعبين، وطلب منهم مواصلة العمل، في انتظار التربصات المقبلة للمنتخب الوطني. ولم يطل روراوة الحديث مع اللاعبين وهو الذي نال منه التعب بسبب السفرية الشاقة من إفريقيا الوسطى إلى الجزائر، بالإضافة إلى معنوياته هو كذلك التي كانت في الحضيض بعد الخسارة التي تعرض لها المنتخب الوطني في هذه الخرجة. ولم يتمكن لحد الآن من تجرعها، حاله حال الطاقم الفني وكل اللاعبين الذين خيبوا آمال الملايين من الجزائريين. بن شيخة لم يدخل القاعة الشرفية أما فيما يتعلق بالناخب الوطني الجديد بن شيخة، فلا يمكن أن يكون هناك طرف آخر أكثر تأثرا منه، وهو الذي خاب أمله كلية بعد الخسارة التي تعرض لها لاعبوه في هذه المباراة. وعلى الرغم من كل التطمينات قبل اللقاء والتحضيرات التي قام بها رفاق عنتر يحيى، إلا أنهم تلقوا هزيمة قاسية أمام منتخب متواضع. ومباشرة بعد وصول بن شيخة إلى المطار، فلم يبق في القاعة الشرفية مع بقية الوفد، بل استقل سيارته وغادر على جناح السرعة إلى بيته. استقبال بارد في المطار عند وصولنا إلى مطار هواري بومدين كانت الساعة تشير إلى السابعة ونصف صباحا، وهو توقيت بداية المداومة بالنسبة لمعظم عمال المطار. وكما كان منتظرا، فقد لقي لاعبو المنتخب الوطني استقبالا باردا من طرف عمال القاعة الشرفية الذين أبدوا استياءهم من النتيجة التي انتهى عليها اللقاء، ولم يحيوا حتى لاعبي المنتخب الوطني، وهي صورة مصغرة عن الجماهير الجزائرية التي استاءت كثيرا عقب هذه الهزيمة المذلة أمام منافس يحتل المراتب الأخيرة في تصنيف “الفيفا” والذي تمكن من التغلب على “الخضر” الذين شاركوا مؤخرا في مونديال جنوب إفريقيا.