رغم التعب الذي نال منه عقب يوم طويل وشاق قضاه معنا، إلا أن نجم ريال مدريد السابق إيميليو بوتراغوينيو لم يتأخر عنا لما طلبنا محاورته في ساعة متأخرة من ليلة الإثنين إلى الثلاثاء في الجناح الذي خصصناه له بفندق “هيلتون“، الاعتراف بالجميل ل “الهداف“ و“لوبيتور“ اللتين مكنتاه من عيش لحظات رائعة كما وجعله يتغلب على التعب ويقبل بكل رحابة صدر الإجابة عن أسئلتنا. “يملك يسرى مميزة، مراوغ بارع وسريع، ربما نحتاج لمشاهدته في مباراة كاملة” “اتفقنا مع المسؤولين في قطاع الشباب على فتح مركز للريال في الجزائر” “كنت أعرف بوڤرة قبل الحفل، إنه لاعب ذو شخصية قوية وعلى الجزائريين أن يفخروا به” “زيدان لم يكلمني يوما عن الجزائر لكننا كلنا نعرف افتخاره الكبير بجذوره” “كيف أنسى مواجهة بورتو وما فعله ماجر بمدافعينا؟ ولقد كنت سعيدا جدا بلقائه من جديد” كيف وجدت حفل الكرة الذهبية الجزائرية؟ قبل الحديث عن حفل الكرة الذهبية، لابد من أن أتقدم بالشكر لكل الجزائريين الذين صادفناهم والذين وجدت منهم كل الترحيب والاهتمام، صراحة أنا ووالدي كنا مدللين تماما خلال زيارتنا هذه، ما قام به هؤلاء جعلنا نشعر بأننا لسنا غرباء بل نحن في بيتنا، لقد كنت سعيدا بتواجدي في الجزائر ولن أضيع الفرصة لكي أعود مجددا وسيكون ذلك من دواعي سروري، بالعودة إلى الحفل أقول إن تجميع نخبة الكرة الجزائرية كلها في حفل مماثل أمر رائع فعلا، أنا شخصيا وجدت نفسي في نفس الطاولة مع خالف مدرب الرائع للمنتخب الجزائري في مونديال 1982، سعدان مدرب المنتخب في 1986 والمونديال الأخير، من دون أن أنسى صديقي رابح ماجر الذي كنت سعيدا جدا للقائه من جديد ومفاجأتي السارة كانت لما وجدت ماجر وخالف يتحدثان الإسبانية بطلاقة، لم أشعر تماما بالوحدة، علي أن أشكركم لتمكنكم من تجميع كل هؤلاء. ماذا كان يقول لك ماجر على سبيل المثال؟ لقد تحدثنا أكثر عما نفعله في الوقت الحالي، وأعتقد أنه سعيد جدا بالحياة التي يعيشها في قطر وعمله كسفير للنوايا الحسنة في منظمة الأممالمتحدة، وهذا أمر جيد له. وماذا بالنسبة لخالف؟ بالنسبة لخالف فهو كما يبدو يعرف الريال جيدا، هو يرى بأن الفريق بات ملزما بالارتقاء بمستواه، وإذا كانت هذه فكرته عن الريال فهذا دليل على أنه كان مدربا صارما ولو لم يكن كذلك لما فاز على منتخب ألمانيا، لقد كلمني أيضا عن الإمكانات الفنية للاعبين الجزائريين والتي قال إنها مميزة جدا ويملكون بالإضافة لذلك الإرادة، وحسب كلامه فاللاعب الجزائري يحتاج فقط لأن يوضع في ظروف جيدة حتى يفجر موهبته. ما هي الصور التي ستحتفظ بها من زيارتك للجزائر؟ صورة القصبة، هذا الحي الرائع الذي لو يستثمر فيه من أجل العناية والمحافظة عليه فإنه سيصبح معلما بصبغة عالمية، لقد كنت سعيدا وسعيدا جدا بعد أن اكتشفت ضيافة وكرم أهله، أعجبتني عمارته، أسطحه وأزقته الضيقة والأهم منظره الرائع المطل على الواجهة البحرية وكل هذا بني على ربوة في العاصمة، القصبة أبهرتني فعلا وسأسعى للعودة إليها يوما، وأتمنى من السلطات المحلية أن تبذل مجهودات أكبر من أجل الحفاظ والعناية بهذا الإرث الهام. هل كنت تتوقع أن يتعرف عليك الناس خلال هذه الزيارة؟ صراحة، لم أكن أتوقع ذلك، لقد مضت 15 سنة منذ أن علقت الحذاء، لقد كنت فخورا جدا والناس يتهافتون علي من أجل أخذ صور معي، لقد كنت سعيدا جدا بأن الناس لازالوا يذكرونني، كنت سعيدا بعد أن وقفت على متابعتهم الواسعة لليڤا، فهم يعرفون تقريبا كل شيء عنها، بفضل كرة القدم شعرت بأني قريب من الجزائريين. ألم تتضايق لما كانوا يكلمونك عن... (يقاطع) عن البارصا، لا تماما، أنا متعود على ذلك، في إسبانيا لا حديث لنا سوى عن ذلك، لا مشكلة في ذلك (يضحك). واجهت المنتخب الجزائري مرة واحدة خلال مشوارك وكان ذلك في مونديال المكسيك، ما هي ذكرياتك من هذه المواجهة؟ كانت مباراة فاصلة لأن المنتخبين كانا مطالبان بالفوز من أجل الصعود للدور الثاني، أذكر بأننا كنا متخوفين من عامل الحرارة الشديدة، فالمباراة لعبت في مدينة مونتيري التي كان يميزها طقس حار في تلك الفترة، وقلنا إن هذا العامل يخدم الجزائريين أكثر لأنهم أكثر تعودا على الحر منا، لكن في النهاية الأمور صارت في صالحنا تماما. لكنها لم تسر في صالحك بشكل شخصي. صحيح، لقد تعرضت لتدخل أول خلال الدقائق الأولى ثم لتدخل ثان، الأمر الذي دفع مدربي لتعويضي بسرعة، يمكن القول إن تلك المباراة لم تكن ذكرى رائعة بالنسبة لي (يضحك). هل تذكر لاعبين جزائريين واجهتهم خلال تلك المباراة؟ بالإضافة لرابح ماجر وهذا أمر بديهي، هناك أيضا بلومي، لاعب رائع من الناحية الفنية لكنه رفض الانتقال للعب في أوروبا لأسباب خاصة به، فالسيد خالف أعلمني بأنه تلقى العديد من العروض من أقوى الأندية الأوروبية لكنه فضل البقاء في الجزائر، ويبدو أنه كان سعيدا أكثر في الجزائر، عن نفسي أقول إنني تمنيت رؤيته في إسبانيا لأنه فعلا مميز بفنياته، بالنسبة لي ماجر وبلومي هما أفضل لاعبين في تاريخ الكرة الجزائرية. هل تذكر مباراة الريال مع بورتو؟ بطبيعة الحال، مباراة الذهاب لعبناها في فالنسيا بما أن ملعب برنابيو كان تحت طائل العقوبة، يومها مدافعونا قضوا أمسية سيئة بسبب ماجر الذي كان يعبث بهم حتى أنه سجل هدفا، لكننا تمكنا من قلب النتيجة في الدقائق الخمس الأخيرة بفضل هوڤو سانشيز ومانولو سانشيز، خلال لقاء العودة عشنا نفس السيناريو فقد كنا متأخرين بعد نهاية المرحلة الأولى بعد هدف سوزا، لكن البديل لورانتي قلب المعطيات بعد دخوله فقدم مباراة كبيرة وقدم كرتين لميشال مكنتانا من التفوق وإقصاء حامل اللقب وهذا لم يكن أمرا هينا، وكما ترون أنا أحتفظ بكل تفاصيل تلك المواجهة، ذاكرتي لازالت قوية. ما هي مهمتك الحالية في ريال مدريد؟ أنا مدير العلاقات الإدارية في ريال مدريد وممثله لدى الاتحاد الأوروبي و“الفيفا“، ممثله أيضا على مستوى الاتحاد الإسباني لكرة القدم وسفيره وممثله في الخارج. الكلام صار كثيرا بخصوص تعيين زين الدين زيدان ضمن الطاقم الفني لريال مدريد، هل تعتقد أنه مؤهل لشغل هذا المنصب؟ “زيزو“ يريد أن يتقرب من الفريق والمسؤولون يريدون أن يساعدنا بطريقة ما، ومادام أن مورينيو هو الذي طلبه شخصيا فنحن في إدارة النادي نرى بأنه يقدر أن يكون وسيطا جيدا بين الرئيس، المدرب واللاعبين، لقد باشر مؤخرا مهامه الجديدة هذه، وحاليا لا يمكنني أن أحكم عليه، حتى وإن وجب أن نقر بأن زيدان شخصية جد محبوبة من طرف المشجعين ومن جميع المسؤولين في ريال مدريد، ونحن نريد الآن استغلال شخصيته وأخلاقه العالية في خدمة النادي بأن يفرض نفسه في هذا العمل بالتدريج. كيف هي علاقتك معه؟ جيدة جدا، وهو لا يضيع الفرصة للعب معي أنا، بويو، مارتين فاسكيز، سانتشيز، ميشال وغيرهم من قدامى الريال عندما نخوض المباريات كل أيام ثلاثاء وخميس من كل أسبوع، ونكون سعداء جدا بلقائه كل مرة. هل حدثك ذات مرة عن الجزائر؟ لا لم يفعل، لكننا لم نتحدث أيضا عن فرنسا أو إسبانيا، محور حديثنا في كل مرة يقتصر على كرة القدم وريال مدريد، وعلى كل حال هو ليس ملزما بالحديث عن الجزائر لأننا ندرك كلنا افتخاره الكبير بجذوره الجزائرية، قد يبدو الأمر غريبا لكن زيدان كما أعرفه لا يحبذ تماما أن يكون تحت الأضواء، لأنه إنسان بسيط جدا ومتواضع لأبعد الحدود، إنه رجل مبادئ. ريال مدريد يملك مراكز تكوين في كل أنحاء العالم، ألم تفكر في فتح مركز خاص في الجزائر؟ للتوضيح، هي ليست مراكز تكوين، لكنها مراكز بطابع اجتماعي، سأوضح لك الأمر أكثر، الريال يسعى من خلال فتح هذه المراكز إلى مساعدة الفئات المحرومة والمحتاجين عبر العالم، نسعى للتخفيف من معاناة الأطفال الذين يواجهون مشاكل اجتماعية حتى يكون لحياتهم معنى، نريد أن يشعروا بالسعادة قدر المستطاع، حاليا نحن ممثلون في 45 بلدا وهدفنا الوصول إلى نكون موجودين عبر 100 بلد عبر العالم. وهل الجزائر تندرج ضمن مشروع الوصول لمائة بلد؟ بطبيعة الحال، وسأكشف لكم بأننا التقينا قبل أسبوع بالمسؤولين في قطاع الرياضة ويمكن أن أقول لكم إن المحادثات كانت مثمرة تماما، الأمر الذي يمكننا من فتح مركزنا بالجزائر في القريب العاجل. توجت إسبانيا باللقب العالمي في مونديال جنوب إفريقيا، لماذا انتظر بلدكم كل هذا الوقت للوصول إلى هذا اللقب، لماذا لم يحقق جيلكم رغم كل المواهب التي ضمها هذا اللقب؟ يجب أن نكون صريحين ونقر بالحقيقة، إن الجيل الحالي هو الأكثر موهبة في تاريخ الكرة الإسبانية، وهنا لا أتحدث فقط عن اللاعبين الأساسيين فحتى البدلاء رائعون أيضا، لاعب مثل سيسك (يقصد فابريڤاس) وسيلفا، من أفضل اللاعبين في العالم في مناصبهم رغم أنهم بدلاء في المنتخب الإسباني، بعدهما هناك المدربان أراڤونيس وديل بوسكي اللذان عرفا كيف يدفعان اللاعبين لتقديم أفضل ما لديهم، كل مدرب بطريقته الخاصة، ويضاف إلى كل هذا أن المنتخب الإسباني حاز على الحظ الذي يكون بجانب الأبطال لما تأهل بركلات الترجيح أمام منتخب إيطاليا في أورو 2008، وتأهل على حساب الأورغواي بعد أن صد كاسياس ركلة جزاء وأخيرا فاز باللقب وأحرز إنييستا هدف الفوز بعد أن يضيع روبن فرصة من ذهب خلال المباراة النهائية، كل ما قلته يبين أنك حتى وإن كنت تملك أفضل فريق في العالم يجب أن يكون معك التوفيق وهذا كان حال المنتخب الإسباني في الفترة الأخيرة. وهل ساهم قرار اللاعبين الإسبان بالهجرة أخيرا للدوريات الأوربية في خدمة المنتخب؟ بطبيعة الحال، لاعبون كثر مثل رينا، أربيلوا، سيسك، بيكي، ألونسو وغيرهم اختاروا الدوري الإنجليزي، هذا ما سمح لهم بتكوين شخصية أقوى بمعنويات من حديد، والوصول لدرجة كبيرة من النضج الكروي الذي ربما كان ينقصنا خلال فترتنا نحن، لكن أعود وأقول هذا الجيل هو الأفضل والأكثر تكاملا في تاريخ الكرة الإسبانية على الإطلاق. نحن في نهاية حديثنا ولم نتطرق بعد للمتوجين، ما رأيك في صاحب الكرة الذهبية مجيد بوڤرة؟ يجب أن أوضح بأني كنت أعرف بوڤرة قبل حفل الكرة الذهبية، إنه لاعب بشخصية قوية، قائد حقيقي في الميدان، أن يلعب في ناد بعراقة وقيمة وتاريخ وتقاليد رانجرز أمر ساهم في ذلك، على الجزائريين أن يكونوا فخورين به، هناك أيضا لاعب أعجبني خلال الحفل. من هو؟ اللاعب الأشول الذي تم اختياره كأفضل لاعب في البطولة المحلية، والذي شاهدنا بعض اللقطات من مهاراته على الشاشة الكبرى، هناك شيء من ميسي في طريقة لعبه، لديه يسرى قوية، لديه حس المراوغة، سريع جدا، أعتقد بأنه ربما يجب أن نراه في مباراة كاملة. هل من الممكن أن تقترحه على ريال مدريد؟ (يكتفي بابتسامة عريضة). كلمة أخيرة حتى نترك ترتاح. “الهداف“ و“لوبيتور“ لهما فضل عليّ، وهو أنهما سمحتا لي باكتشاف بلد كبير في كرة القدم، ولقد كنت بالمناسبة سعيدا جدا لعودة الجزائر إلى المحافل الدولية من خلال مشاركتها الأخيرة في نهائيات كأس العالم. متى ستقرر العودة لزيارة الجزائر؟ قريبا جدا، هذا إذا لم أكن قد أزعجتكم (يضحك).