نجحت تشكيلة مولودية سعيدة من اقتطاع تأشيرة التأهّل للدور القادم من منافسة كأس الجمهورية، بعد أن اجتازت عقبة اتحاد بلعباس، في لقاء ظهر السعيديون بوجه شاحب خاصة في الشوط الثاني بسبب النقص الحاصل على مستوي التعداد، وكذا التعب والإرهاق الذي نال من التشكيلة بعد لعب العديد من المباريات في ظرف قصير التحيّة والتقدير للاعبي بلعباس وقبل الحديث عن تفاصيل المواجهة التي جمعت الجارين مولودية سعيدة واتحاد بلعباس، يجب الوقوف عند نقطة مهمة، وهي الطريقة التي لعب بها الفريق المنافس، حيث أرغم صاحب الصف الثاني في البطولة على التراجع للخلف طيلة فترات الشوط الثاني، ونجح في بسط سيطرته على مجريات اللقاء، والأكثر من ذلك أن عناصر الاتحاد استطاعت التوغل داخل منطقة المولودية وكادت تسجل العديد من الأهداف لولا تألق الحارس كيال. لذلك يمكن القول أن اتحاد بلعباس يستحق مكانته ضمن بطولة الكبار، وكل السعديين يمنّون النفس أن يصعد هذا الفريق، نظرا للمستوى الرائع الذي أظهره أشبال المدرب عصام في مواجهة الكأس. تأهّل مستحق بالنظر لمعاناة التشكيلة وبعيدا عن الأداء المحتشم للتشكيلة السعيدية خاصة في الشوط الثاني، وبعيدا عن سيطرة اتحاد بلعباس على مجريات اللعب بعد الهدف الوحيد الذي سجله سعيدي، إلا فإن لاعبي “الأمسياس“ أدّوا ما عليهم وتأهلهم كان مستحقا بالنظر للمعاناة الكبيرة التي شهدتها التشكيلة، فمن عير الممكن أن يطلب أنصار المولودية من لاعبيهم تقديم أداء أحسن، في ظلّ الإرهاق والتعب الذي تعانيه المولودية جرّاء لعب عدد كبير من المباريات في فترة قصيرة، ومن غير الممكن أيضا أن نلوم التشكيلة التي لعبت منقوصة من أبرز ركائزها، على غرار شرايطية وحجاري وعكوش وميباراكو، بالإضافة إلى المعاناة المتواصلة ل حديوش ومڤني وعاتق، الذين لعبوا اللقاء مصابين. لذلك فالتأهّل كان منطقيا ومستحقا لأبناء المدرب روابح. صعوبات كبيرة في اختراق دفاع بلعباس حاول السعيديون في الشوط الأول القضاء على أحلام “العبابسة“ مبكرا، حيث سعى مادوني وبوسماحة إلى تسجيل هدف السبق، لكن دفاع بلعباس كان أكثر تنظيما واستطاع أن يوقف زحف السعيديين ونجح في إيقاف أغلبية الكرات الخطيرة، ومع ذلك كان بإمكان رفقاء بوسماحة خلال هذا الشوط تسجيل أكثر من هدف، حيث أتيحت لهم فرص لا تعوّض كتلك التي ضيعها بوسماحة في الدقيقة 25 من الشوط الأول. لتنتهي المرحلة الأولى بالتعادل السلبي مع سيطرة شبه مطلقة للسعيديين، لدرجة أن الحارس مروان كيال كان مرتاحا في أغلبية فترات هذا الشوط. بوسماحة “ضيّع العجب“ ومادوني ينتظر عودة حديوش وعكوش لم يكن المهاجم الشاب بوسماحة في يومه حيث ضيّع أهدافا محققة بسبب التسرّع ونقص التركيز، والغريب أن بوسماحة الذي كان يحسن التمركز داخل المنطقة ويحصل على كرات في المكان المناسب كان يعاني من مشكل اللمسة الأخيرة، لدرجة أن كلّ كراته وصلت الحارس زايدي دون تسجيل أي خطورة. لكن ورغم ذلك لا يمكن إلقاء اللوم على لاعب شاب شارك مرة أساسيا. هذا في الوقت الذي واصل المهاجم مادوني تألقه اللافت، حيث استطاع أن يحرّك الخط الأمامي بفضل سرعته وقوة توغله، إلا أنه بدا بحاجة ماسة للاعبين أكثر خبرة من بوسماحة، حيث افتقد كثيرا بقية المهاجمين على غرار حديوش وعكوش وشرايطية. دخول بن دحمان غيّر مجريات اللقاء ومع بداية الشوط الثاني، واصل لاعبو المولودية ضغطهم مع أول دقيقة واستطاعوا أن يفتتحوا باب التسجيل عن طريق المتألق سعدي، وبعد عمل كبير من لاعب وسط الميدان بن دحمان الذي شارك في هذه المواجهة بصعوبة كبيرة نظرا لإصابته بزكام حاد. حيث استطاع بن دحمان وبعد أول لمستين للكرة أن يهدي زميله سعدي كرة الهدف الأول والوحيد، الذي حرّر الآلاف من أنصار المولودية وصنع الفرجة والمتعة في مدرجات ملعب 13 أفريل. تجدر الإشارة إلى أن بن دحمان كان ضمن التشكيلة الأساسية لكنه غاب في آخر لحظة بسبب الزكام، الأمر الذي جعل المدرب روابح يبقيه ورقة رابحة وهو ما حصل فعلا، حيث أقحمه في الشوط الثاني. سيطرة مطلقة لبلعباس في الشوط الثاني في الوقت الذي كان أنصار المولودية ينتظرون أن تواصل تشكيلة فريقهم مواصلة سيطرتها على مجريات اللعب، وأن يفتح هدف سعدي شهيتهم لتسجيل أهداف أخرى، حصل العكس تماما حيث تحوّلت السيطرة إلى رفقاء بلغوماري الذين فرضوا حصارا على منطقة السعيديين، كما اعتمدوا على خطة التسلّل لكسر هجمات المولودية، والأكثر من ذلك أن العباسيين استطاعوا اختراق الدفاع السعيدي وكانوا الأقرب للتسجيل في أكثر من مناسبة لولا التألق اللافت لحارس المرمى كيال، الذي ساهم بنسبة كبيرة في الفوز المحقق، بالنظر للكرات الخطيرة التي أنقدها بأعجوبة وبكل روعة. المولودية أكملت اللقاء في ظروف كارثية نقطة أخرى ساعدت اتحاد بلعباس في السيطرة على وسط الميدان، وتتعلق بالظروف الصعبة التي أكمل فيها السعيديون تلك المواجهة. حيث تعرّض مڤني لإصابة منعته من الجري فوق أرضية الميدان، شأنه شأن حديوش الذي لم يستغل سرعته الفائقة بسبب معاناته المتواصلة في كاحل القدم، والأكثر من ذلك أن الحارس كيال الذي تألق بشكل كبير كان هو الآخر يعاني من إصابة في الكتف جعلته يكمل اللقاء بصعوبة كبيرة. لكن ورغم كل ذلك لا أحد في سعيدة ينكر المستوى الكبير الذي أظهره اتحاد بلعباس الذي أحرج كثيرا دفاع المولودية. كيال يتألّق وخبرته صنعت الفارق أكد الحارس مروان كيال أنه أحد أهم الصفقات الرابحة التي ظفرت بها إدارة المولودية بداية هذا الموسم، فبعد تألقه في البطولة ومساهمته الفعالة في تحقيق عديد الانتصارات، وبعد قهره اتحاد العاصمة في الدور الماضي، واصل تألقه المتميّز وكان له الفضل الكبير في تأهل سعيدة. حيث استطاع أن يقف في وجه مهاجمي بلعباس وينجح في إيقاف خطر هجماتهم، كما تألق في صدّ العديد من الكرات التي كانت متجهة للشباك خاصة في الدقائق العشر الأخيرة، حيث تصدى لمحاولات حميش وحمزاوي بطريقة رائعة أبهر بها حتى أنصار الاتحاد. مڤني وعاتق يُصابان مرّة أخرى في الوقت الذي أراحت عودة مڤني للتشكيلة بعد غياب طويل الأنصار والطاقم الفني للمولودية، فقد تعرّض لإصابة بدت خطيرة بالنظر لأنه لم يعد قادرا في الدقائق الأخيرة على الركض أو التحرّك بسهولة، لذلك سيعود لنقطة الصفر وسيباشر علاجه مجدّدا، وهو الأمر الذي يخيف كلّ السعيديين لأن إصابة مڤني السابقة كانت خطيرة للغاية وأجبرته على الابتعاد عن الميادين لمدة طولية. كما تواصلت معاناة المولودية بإصابة عاتق الذي ترك مكانه لزميله بن دحمان، والذي سيجبر على إجراء فحوصات طبية أخرى حتى يتعرّف على مدى خطورتها. نحس الإصابة سيقضي على الفريق لم يعد أحد في سعيدة يفهم ما يحصل للتشكيلة في هذه الفترة، فالمولودية لم تلعب منذ مدة بتعدادها الكامل، وفي كل مرّة يجد المدرب توفيق روابح نفسه في موقف حرج، بسبب الخيارات القليلة والفراغ الرهيب الذي يشهده كرسي الاحتياط، الذي كان في كلّ المباريات السابقة يضمّ لاعبين مصابين قصد تغطية النقص. فإذا ما تواصلت الأمور على ما هي عليه، فالأكيد أن مرحلة الإياب ستكون صعبة وسيكون تحقيق المزيد من النتائج أمرا مستحيلا. لذلك لا يزال كلّ السعيديين ينتظرون عودة العناصر المصابة، حتى تسهل المهمّة على المدرب روابح لمواصلة مشوار البطولة والكأس بقوة. حديوش: “شعرت بآلام حادّة وأكملت اللقاء بصعوبة“ أقحم مدرب المولودية توفيق روابح مهاجمه حديوش في الشوط الثاني، حيث كان يمنّي النفس بأن تتحسّن حالته الصحية، لكن متاعب الطاقم الفني تواصلت بعد أن شعر حديوش بآلام شديدة، وقد أكد بعد نهاية اللقاء أنه لم يلعب بكامل إمكاناته قائلا: “أولا، أنا سعيدة جدا بالتأهل الذي حققناه اليوم، فالمهمة كانت صعبة أمام فريق منظم، لكن وكما لا يخفى على أحد في سعيدة فنحن نعاني من غيابات كثيرة بسبب الإصابة، وهذا الأمر أعاقنا كثير وصعّب مهمّتنا. وبالنسبة لي، شعرت بآلام حادة ولم ألعب بكامل إمكاناتي، كنت أتمنى أن أكون جاهزا حتى أشارك في هذه المواجهة بصفة عادية، لكن لا يزال أمامي وقت كافٍ، حتى استرجع لياقتي وأعود رفقة زملائي إلى أجواء المنافسات”. العلامة الكاملة لأنصار الفريقين بعيدا عن ما حصل فوق أرضية الميدان، يمكن القول أن ما فعله أنصار الفريقين يستحقّ الإشادة والتقدير، حيث أثبت كلّ من كان في ملعب 13 أفريل أن الروح الرياضية هي التي خرجت فائزة في الأخير، وأكدت للجميع أن العلاقة بين سعيدة وبلعباس كانت ولا تزال ممتازة، والدليل على ذلك أن العباسيين حظوا باستقبال مميّز في ملعب سعيدة. وردّد الجميع شعار: “سعيدة، بلعباس.. خاوة، خاوة“، في مشهد نادرا ما نشاهده في الملاعب الجزائرية. حيث أعطى أنصار الفريقين درسا رائعا في الروح الرياضية، كما أعطى لاعبو الفريقين صورة جملية عن “داربي“ الغرب. حيث تميّز اللقاء بروح رياضية كبيرة وبتنافس شديد فوق أرضية الميدان. كيال:“مباريات الكأس كلّها صعبة والمهمّ لنا هو التأهّل” ما تعليقك عن التأهّل الذي حققتموه أمام بلعباس ؟(الحوار أجري بعد نهاية اللقاء) الحمد لله، حققنا اليوم تأهّلا كبيرا رغم صعوبة المهمة، فقد واجهنا فريقا منظما خلق لنا الكثير من الصعوبات، وهذا الأمر كان متوقعا لأن مباريات الكأس لا تعترف بفريق في القسم الأول وآخر في القسم الثاني. فحظوظ التأهل كانت متساوية بيننا وبين بلعباس. حاولنا استغلال جزئيات صغيرة وجدنا الثغرة وتمكنا من تسجيل هدف الفوز، وهذا أمر ممتاز بالنسبة إلينا. ثم أن مواجهة اليوم “داربي“ قوي معروف في الغرب. وفوزنا في المواجهة أمر ممتاز لنا، ونتمنى التوفيق لبلعباس في بقية مشوار البطولة. الشيء الرائع في لقاء اليوم هو أن الروح الرياضية كانت حاضرة، أليس كذلك؟ طبعا، شيء ممتاز أن تكون الروح الرياضية هي الأبرز في لقاء “داربي“ جمع فريقين يعرفان بعضهما بعضا. فاللقاء جرى في ظروف عادية داخل الميدان، وفي المدرجات أيضا شاهدنا صورا جملية وسمعنا هتافات رائعة بين أنصار المولودية وأنصار الاتحاد، وهذا الأمر قليل ما نشاهده في بطولتنا. ما سبب تراجعكم للخلف في الشوط الثاني؟ لعبنا اللقاء في ظروف صعبة بسبب الغيابات الكثيرة التي عانينا منها، فنحس الإصابات لم يفارقنا مند مدة، وهذا الأمر كان له تأثير في معنوياتنا.. والمهم هو أننا أنهينا اللقاء لصالحنا. بعد الهدف الذي سجّلناه تراجعنا للخلف وحاولنا الحفاظ على النتيجة، والحمد لله نجحنا في ذلك. ساهمت في الحفاظ على الهدف الوحيد لفريقك، ما قولك؟ لم أقم سوى بواجبي، وسبق أن أكدت لك أننا نريد الذهاب بعيدا في الكأس. دخلنا بكل قوة ورغم كلّ النقائص حققنا الهدف المنشود، ولو كنا انهزمنا لكان من الصعب علينا تقبّل ذلك خاصة أننا لعبنا المواجهة فوق أرضية ملعبنا. أودّ أن أشكر كل زملائي الذين أدّوا ما عليهم. الفوز لم يحققه كيال لوحده بل حققته قوة المجموعة ورغبتها في ضمان التأهّل. يبدو أن خبرتك في هذه المنافسات ساهمت في تألقك اليوم؟ الخبرة عامل مطلوب في مثل هذه المباريات، فقد سبق لي أن وصلت للنهائي رفقة البرج وتذوقت حلاوة التأهّل من دور لآخر. على العموم أنا لم أقم سوى بواجبي، مثلي مثل أيّ لاعب آخر في الفريق. وأتمنى أن نواصل تألقنا في البطولة أو في الكأس، حتى نفرح أنصار المولودية وتعمّ الفرحة في المدينة. هل فعلا تعرّضت لإصابة في هذا اللقاء؟ تعرّضت لإصابة تبدو خفيفة، وسأقوم في الأيام القليلة بفحص طبي حتى أتأكد من مدى خطورتها. بعد التأهّل للدور القادم، هل لا زلتم تصرّون على أن تكون الكأس أحد أهدافكم؟ الكأس لا يمكن لأي فريق أن يحدّدها كهدف، فهي ليست مثل البطولة، فأيّ هزيمة حتى ولو كانت لأسباب تافهة ستقصينا نهائيا. لذلك أقول إن هدفنا لعب لقاء بلقاء، لكن رغبتنا هي الوصول لأبعد دور ممكن في هذه المنافسة، وعلينا أولا أن نفكّر في كيفية ضمان بقائنا بأسرع وقت ممكن. من الفريق الذي تتمنى مواجهته في الدور القادم؟ لحد الآن نحن لا نعرف الفرق المتأهّلة للدور القادم، كما لا يجب أن نستبق الأحداث، هناك قرعة ستقام حتى نتعرّف على منافسنا، كما أن اسم المنافس لم يعد يهمّنا، ما دمنا نرغب في التألق والوصول إلى أبعد دور ممكن. يجب علينا أن نضع احتمالات مواجهة أيّ فريق ومهما كان اسمه. فكما نتذكر واجهنا في الدور الماضي أحد أكبر الاختصاصين في الكأس وهو اتحاد العاصمة وتغلبنا عليه، واليوم واجهنا فريقا محترما وحققنا التأهل، وفي المرّة القادمة سنعمل المستحيل حتى نتأهّل للدور ربع النهائي مهما كان اسم المنافس. أتمنى فقط أن نواصل اللعب في سعيدة لأن عامل الأنصار مهمّ جدا بالنسبة لنا، وبفضلهم سنحقق تأهّلا آخر ونواصل تألقنا. ما رأيك في المساندة التي قدّمها لكم أنصار المولودية؟ حضورهم بقوة في هذا اللقاء هو حافز في حدّ ذاته بالنسبة إلينا، وكما قلت لك من الصعب أن نتقبّل الهزيمة ونسمح بخروج الآلاف من السعيديين من الملعب خائبين.. أنصار المولودية كانوا سندا لنا وساعدونا.. “ويعطيهم الصحة“. أريد في الأخير أن أشكر فريق اتحاد بلعباس وأنصاره على الروح الرياضية وتتمنى لهم حظا أوفر في البطولة، لأنهم فعلا فريق محترم ويلعب كرة نظيفة.