مضى وقت طويل لم يتحدث فيه اللاعب الدولي والمدرب الوطني سابقا رشيد مخلوفي، ومع اقتراب موعد المباراة الهامة التي تنتظر الجزائر أمام منتخب المغرب يوم 27 مارس الجاري كان لابد من تذكره كي يحدثنا عن هذه المباراة الهامة وكي يسدي نصائح للاعبين قد تفيدهم عندما يواجهون الأشقاء، فكانت إجاباته حماسية بعض الشيء هذه المرّة وكان تفاؤله شديدا عندما أكد على أنّ الفوز سيكون حليف الجزائر لا محالة. مساء الخير عمي رشيد، صحفي «الهدّاف» معك من الجزائر؟ مرحبا بكم. مضى وقت طويل لم نسمع فيه صوتك ولم نطّلع على تصريحات لك تخص المنتخب أو الكرة الجزائرية على العموم، فما سبب هذا الصمت؟ (يضحك) لا أحد اتصل بي كي يحدثني عن المنتخب منذ فترة طويلة ولو تلقيت اتصالات منكم مثلا لتحدثت عن «الخضر» والكرة الجزائرية ككل دون أي مشكلة. ومضى وقت طويل أيضا لم تزر فيه الجزائر، فما السبب؟ هذا السبت بحول الله سأكون في أرض الوطن. من أجل حضور مباراة المغرب أم ماذا؟ لا، لن أحضر اللقاء لأني مرتبط بعض الشيء وسأزور مدينة مستغانم مطلع شهر أفريل لعقد ندوة صحفية تخص الجمعية التي نشرف عليها وتهتم تعلم بتأطير الشبان، ستكون زيارة عمل قصيرة فقط. نرغب في أن نتحدث معك بخصوص لقاء الجزائر والمغرب الذي سيلعب يوم ... ( يقاطعنا) لا حديث خاص عن هذا اللقاء ما أرغب في قوله هو الفوز ولا شيء غير ذلك، نحن في وضعية معقدة بعد تعثرنا في لقاءي تانزانيا وإفريقيا الوسطى وبالتالي لا مجال للحديث عن أي شيء سوى الانتصار ثم الانتصار، أرجوك دعك من التكتيك والأمور الفنية وركّز على ما أقوله لك، لا خيار أمامنا سوى الظفر بالنقاط الثلاث، نقطة إلى السطر. من أجل تحقيق الفوز لابد أن يكون هناك تحضير نفسي وتكتيكي وبدني أيضا، أليس كذلك؟ دعك من هذا الكلام لأن مثل هذه المباريات الهامة والحاسمة لا تتطلب ذلك إطلاقا، لا تكتيك ولا هم يحزنون بل تتطلب التحلي بالشجاعة والإرادة من أجل الظفر بالنقاط الثلاث، لو كنا اليوم في وضعية أفضل من الوضعية التي نتواجد فيها لكان الحديث عن التحضير التكتيكي والفني ضروريا، لكن أن نحتل الصف الأخير بنقطة واحدة ونلعب مباراة هامة في عقر دارنا ونهتم بأمور أخرى فهذا لن يجدينا نفعا، أمر وحيد على اللاعبين أن يضعوه في أذهانهم وهو ضرورة تحقيق الانتصار وإسعاد الجماهير الجزائرية التي تنتظر منهم الكثير. في رأيك ما هي مفاتيح الانتصار بمباراة هامة مثل مباراة المغرب؟ هي مباراة شبيهة بتلك التي جمعتنا بمصر في السودان، يومها لو تعد إلى شريط اللقاء تتأكد أننا لم نقدم أداء فنيا راقيا لكننا كنا أكثر رغبة من المصريين في تحقيق الفوز وكنا أكثر شجاعة وأكثر حضورا منهم فوق الميدان، وفي النهاية فزنا عليهم ووصلنا إلى المونديال. إذن المفاتيح في رأيك هي الشجاعة والإرادة. القلب، الحرارة، الشجاعة، الإرادة، الحماس، الشعور بالانتماء إلى الجزائر، حبّ «البلاد»، لا تبحث عن التكتيك بقدر ما يجب أن تبحث عن الفوز بأي ثمن للإبقاء على الحظوظ في التأهل إلى نهائيات كأس إفريقيا 2012 قائمة، أما إذا خسرنا أو تعادلنا فذلك يعني ضياع فرصة التأهل وهي نقطة على اللاعبين أن يضعوها في أذهانهم جيدا. ألا ترى أنّ عدم خوض أي مباراة ودية لفترة 5 أشهر قد يعرقل لاعبينا يوم المباراة؟ حتى هذا العامل لن يعرقلهم ولن يثنيهم عن تحقيق الانتصار إذا توصّلوا إلى قناعة ألا وهي الظفر بالنقاط الثلاث، ثم لا تنسى أنّ لاعبينا لا يعانون من الجانب البدني مثلما كان عليه الحال من قبل لأنهم يلعبون بانتظام مع أنديتهم في أوروبا، كما أنّ المحليين يلعبون بانتظام أيضا مع فرقهم في بطولتنا. أقصد أيضا أنّ هذه الفترة الطويلة التي بقوا فيها دون منافسة قد تؤثر سلبا على الانسجام بين الخطوط الثلاثة. صحيح ما تقول، لكنهم قادرون على تعويض ذلك بالحرارة والقلب لأن المباراة عبارة عن قمة محلية بين جارين يعرفان بعضهما جيدا، ويكفي للاعب أن يتحفّز بمجرد أن يفكر في أنه سيواجه جاره، هذه هي حلاوة «الداربي» فاللاعب لا يحتاج إلى ما يحفزه وتجده يتحفز بطريقة لا إرادية ويقدّم أفضل ما لديه في الميدان، أضف إلى ذلك وحسب علمي فإن بن شيخة وجّه الدعوة لعدد كبير من العناصر القديمة التي سبق لها أن لعبت مع بعضها لسنوات وبالتالي فمشكل نقص الانسجام لن يؤثر كثيرا. سبق أن واجهت المغرب خلال سنوات الستين بعد الاستقلال، فكيف كانت المباريات مع الأشقاء حينها؟ كبيرة، مثيرة وصعبة في آن واحد، كانوا يخلقوا مشاكل لنا في ملاعبنا ونحن أيضا كنا نخلق لهم مشاكل في عقر دارهم، كانت مباريات حماسية والغلبة أحيانا كانت تعود لهم وأحيانا لنا، وأعتقد أنّ المباريات بين الجزائر والمغرب لم تفقد يوما إثارتها والمهم أنها لم تخرج يوما عن إطارها الرياضي إذ أنّ الروح الرياضية كانت دوما المنتصرة مهما كان اسم الفائز. منتخبنا الحالي الذي ورثه بن شيخة عن سعدان تعوّد على استقبال ضيوفه في ملعبي تشاكر بالبليدة و5 جويلية بالعاصمة وهذه المرة سيستقبل الأشقاء المغاربة في عنابة، هل ترى أن ذلك من شأنه أن يؤثر على نفسية اللاعبين الذين سيلعب أغلبيتهم لأول مرة في ملعب 19 ماي؟ كيف له أن يؤثر سلبا؟ هم في نهاية المطاف سيلعبون في الجزائر أعتقد أن مدينة عنابة تابعة للجزائر وملعبها 19 ماي تابع للجزائر وأعتقد أن الجمهور العنابي جزائري أيضا وسيناصر منتخبه بالحماس نفسه الذي يناصر به الجمهور العاصمي أو البليدي، دعك من هذا الحديث، اسمعني جيدا. تفضّل ... هؤلاء اللاعبين لن يكون أمامهم أي عذر هذه المرّة، عليهم ألا يتذرعوا مهما حصل بأن الملعب جديد عليهم أو أنهم تعوّدوا على اللعب في البليدة والعاصمة أو أن أرضية الميدان سيئة لأنها حجج واهية لا جدوى منها، وعليهم أن يبرهنوا لنا أنهم «قدّها» وأنهم قادرون على الإطاحة بالمنتخب المغربي في الميدان، وإذا تحلّوا بالإرادة والشجاعة كما قلت لك منذ قليل لا شيء سيوقفهم يوم الأحد المقبل. لو كنت مكان بن شيخة يومها ما هو الخطاب الذي ستلجأ إليه في حديثك مع اللاعبين؟ «يا ولادي فكروا في هذا الشعب الذي أتى من أجلكم، فكروا في الجزائر، فكروا في أننا قد نقصى لو نتعثر والعبوا من أجل تشريف الجزائر ورفع رايتها عاليا»، هذا هو الخطاب الذي على بن شيخة أن يلجأ لتوظيفه بالإضافة إلى التركيز على العمل النفسي، وبإذن الله الفوز سيكون حليفنا. وما هي النصيحة التي يمكنك أن تسديها لهم وأنت الذي تملك خبرة طويلة في ميادين أوروبا كلاعب محترف وميادين الجزائر كمدرب ل «الخضر»؟ الظاهر أنك ترغب في سماع الكلمة التي تبحث عنها منذ أن بدأت محاورتي (يضحك). أجل أريد منك خطابا مؤثرا يبعث العزيمة في نفوس لاعبينا .. إذن اسمعها وليسمعوها مني هم أيضا، «الدم للركبة» (يضحك مطولا) ... الدم للركبة مثلما فعلتم أمام مصر في السودان والفوز لا محالة سيكون من نصيبنا وبعدها سنبعث حظوظنا في التأهل إلى نهائيات كأس إفريقيا. في الأخير ما هو تكهنك بنتيجة اللقاء أم أنك لست من النوع الذي يرغب في التكهن؟ أتكهن لك دون أي مشكلة، بإذن الله اللقاء «مربوح مربوح مربوح لينا» سنفوز عليهم مهما حصل، لكن أعيد وأكرّر بشرط. ما هو؟ هم ليسوا مطالبين بالبحث عن الاستعراض أو إمتاع الحضور بعروض كروية أو أي شيء من هذا القبيل، هم مطالبون فقط بالتركيز طيلة اللقاء، الحضور الدائم في كل مساحات الملعب، الاستحواذ على الكرة، الفوز بالصراعات الثنائية، الاندفاع البدني، القلب والحرارة وحبّ الجزائر ... وتحيا الجزائر. شكرا لك عمي رشيد على صراحتك. لا شكر على واجب، لقد كنت هادئا في بيتي فإذا باتصالكم يبعث في نفسي حرارة اللقاء مبكرا رغم أن أربعة أيام تفصلنا عنها (الحوار أجري أمس)، إلى اللقاء.