نقابة الأئمة تؤكد أنهم أصبحوا خارج سيطرة الوزارة الوصية ترتفع بورصة بعض المقرئين في رمضان وتصل المبالغ التي تجمع لصالحهم في نهاية الشهر إلى عشرات الملايين، وينشط هؤلاء في الأحياء والمناطق الراقية، التي تضم رجال المال والأعمال، في وقت دعا فقهاء إلى ترك عادة جمع المال للمقرئين لعدم إفساد النية وفتح الباب للمنافسة. تستعين غالبية المساجد خلال الشهر الفضيل بمقرئين متطوعين يؤمون المصلين فيالتراويح، ويتنقل هؤلاء من المناطق النائية والبعيدة لتغطية العجز على مستوى الكثير منالمساجد المتواجدة بالمناطق الحضرية والمدن الكبرى، وهم يحملون معهم عتادهم الوحيد،وهو القرآن الكريم الذي حفظوه منذ نعومة أظافرهم عن ظهر قلب وأتقنوا تلاوته وتجويده،ولا تضع وزارة الشؤون الدينية ضوابط لتأطير نشاط هؤلاء الأئمة المتطوعين، الذين ينتقلونبين المساجد في حرية تامة، ويؤمون المصلين ثم يتلقون أجرا يجمع من تبرعات المحسنينكلا حسب قدرته، مقابل إسهامهم في سد العجز المطروح على مستوى المؤطرين في قطاعالشؤون الدينية، وفق تأكيد رئيس المجلس المستقل للأئمة "جمال غول"، الذي أكد وجودنقص فادح في الإمامة، وأنه لو توقف الأئمة المتطوعون عن النشاط في رمضان لظهرالنقص بطريقة جلية، ولأفرغت الكثير من بيوت الله من المصلين، موضحا بأن العديد منالمساجد تصبح خالية على عروشها بعد أن يهجرها الموظفون المتطوعون. وما يثير الاهتمام في قضية المقرئين أو الأئمة المتطوعين بروز فئة جديدة يتهافت عليهاالمصلون على مستوى كل ولاية تقريبا، بسبب إتقانهم لتلاوة القرآن، وهؤلاء ينشطون عادةبمراكز المدن أو الأحياء الراقية وفي المساجد المعروفة التي يقصدها الكثير من المصلين،وتصل المبالغ التي يتقاضونها إلى عشرات الملايين، وقد تتجاوز ال 500 مليون سنتيم،ومنهم من يشترط الحصول على كامل تلك الأموال عدا ونقدا، مقابل إتمام إمامة المصلين إلىغاية نهاية شهر رمضان. ويساهم في جمع هذه المبالغ الأعيان ورجال الأعمال، ويحظى هؤلاء الأئمة بامتيازات خاصةمقارنة بباقي الأئمة المتطوعين من فئة البسطاء، إذ تضمن لهم مسبقا ظروف الإقامة،كتأجير شقة خاصة بهم، أو تخصيص سائقين يسهرون على تنقلهم بين مقر إقامتهم والمسجدالذي ينشطون به، في حين يبيت آخرون بمقصورة المسجد، ويفطرون على صدقات وهباتالمحسنين. ولا يجد ممثل نقابة الأئمة حرجا في أن يستفيد المقرئون المتطوعون من أجر، قائلا بأنحامل القرآن يجوز إكرامه دون حد، لكن قانونيا تطرح العملية إشكالات عدة لأن القانون يمنعجمع التبرعات دون الحصول على ترخيص من الوالي، لكن دون مبالغة لأن الأمر لا يتعلقبتجارة وإنما بكتاب الله، وهو نفس رأي الأستاذ كمال بوسنة عضو المكتب الوطني لجمعيةالعلماء المسلمين، الذي أفاد ل"الشروق" بأن ما يعطى للإمام في الصلاة من غير شرط منهولا طلب جائز، خاصة إذا كان من أهل الحاجة، كما يجوز لولي أمر المسلمين أن يخصصللمتفرغ لإمامة الناس وتعليمهم أمور دينهم راتبا من بيت مال المسلمين، والأصل أن يقومالإمام الراتب بإقامة صلاة التراويح، أما إذا قام أحد بإمامة الناس في صلاة التراويح فلايجوز أن يشترط مبلغا معينا أو أجرة محددة مقابل ذلك. وينبغي على المصلين أن يتركوا عادة جمع المال للمقرئين في صلاة التراويح، لما يترتبعن ذلك من إفساد للنية وفتح لباب المنافسة على الدنيا وطلبها، ومع ذلك فإن الصلاة خلفهؤلاء صحيحة، وإن كان من لوم فعليهم. ويضيف جمال غول إن بعض المقرئين أصبحواخارج سيطرة الوزارة الوصية، التي أصبحت وفق رأيه عالة على المساجد، فهي لا تقدمالدعم المادي لها، ولا تضمن المؤطرين الذين يسيرون تلك المساجد، لكنها في المقابل تتحكمفيها، دون أن توفر الإمكانات المادية التي توفرها مساهمات المحسنين، ويقترح المتحدثعلى الهيئة الوصية تكوين معلمي القرآن إذا كانت تتحرج من المقرئين المتطوعين، من خلالرسكلتهم كي يؤموا المساجد في رمضان، وهو نفس المقترح الذي كان قد قدمه رئيس نقابةالأئمة جلول حجيمي.