أطلّ الوزير الأول أحمد أويحيى علينا سهرة يوم الأربعاء عبر حصة “حوار الساعة”، وهي الحصة التي تطرق فيها إلى المشاكل التي تتخبط فيها البلاد والحلول التي تسعى الحكومة للجوء إليها. غير أن المفاجأة كانت في تعريج الرجل للحديث عن ما يحدث لمنتخبنا الوطني منذ خسارته المذلة أمام المنتخب المغربي، ومستقبله في ظل البحث المتواصل للاتحادية الجزائرية لكرة القدم عن مدرب أجنبي يشرف على العارضة الفنية خلفا للمدرب المستقيل أو المقال من منصبه عبد الحق بن شيخة. “من الطبيعي أن تؤلمنا خسارة المغرب” اعترف أحمد أويحيى الذي تحدث في تلك السهرة كأمين عام لحزب التجمع الديموقراطي بأنّ الخسارة المذلة التي مني بها “الخضر” على يد المنتخب المغربي برباعية نظيفة “آلمتنا كثيرا مثلما آلمت كافة الشعب الجزائري الذي كان يتطلع للانتصار”، معبرا عن أسفه الشديد لما آل إليه المنتخب بين عشية وضحاها بعدما كان في الماضي القريب فقط يصنع أفراح الجزائريين. “سعدان حقق نتائج جيدة وعطاوه” وفي رده على سؤال أحد الزملاء حول مستقبل العارضة الفنية وسعي “الفاف” إلى التعاقد مع مدرب أجنبي كبير، عاد السيد أحمد أويحيى إلى الوراء وبالضبط إلى حقبة الناخب الوطني السابق رابح سعدان، وقال عنه بصريح العبارة: “الشيخ رابح سعدان الله يذكرو بالخير، قام بعمل كبير يوم عاد إلى المنتخب الوطني سنة 2004، قادنا إلى كأس إفريقيا، وظهر منتخبنا خلال نهائيات كأس إفريقيا بتونس بوجه مشرف، لكنه وما إن عاد إلى أرض الوطن حتى عطاوه (قالها هكذا بالعامية)، ثم عاد مؤخرا وأهلنا إلى نهائيات كأس إفريقيا وحقق نتائج جيدة، وقادنا إلى نهائيات كأس العالم بعد غياب طويل وحقق نتائج مشرفة أيضا وزادو عطاوه، وبعدها جلبوا بن شيخة ثم ذهب هذا الأخير بعد الخسارة، أعتقد أن تغيير المدربين ليس الحل لقيادة منتخبنا إلى بر الأمان“. “ألم نحقق نتائج جيدة مع خالف ومخلوفي؟” ورفض أويحيى أن يقول صراحة إنه ضدّ المدرب الأجنبي، لكنه أشار إلى أن الحقبة الزاهية التي عرفها منتخبنا الوطني على مدار التاريخ كانت بقيادة مدربين محليين، وقال: “ألم نذهب إلى مونديال 82 بمدرب محلي اسمه خالف محيي الدين الله يذكرو بالخير؟ ألم نحقق في حقبته نتائج كبيرة أمام المنتخبات العالمية؟ ألم نفز بألعاب البحر المتوسط مع مخلوفي؟ ألم نحقّق أفضل النتائج أيضا مع سعدان؟... أعتقد أنّ إنجازات الجزائر كانت كلها بقيادة مدرب محلي”. “لو كان الأمر بيدي لاستنجدت باللاعبين المحليين” وأبدى رئيس الوزراء رأيه حول ظاهرة انتداب اللاعبين المغتربين مزدوجي الجنسية قائلا: “هم جزائريون مثلنا، يشتركون معنا في الأصول والجنسية والدين الإسلامي، لكن لو كان الأمر بيدي كشخص اسمه أحمد أويحيى، لاستنجدت باللاعبين المحليين، مع الاكتفاء بانتداب ثلاثة أو أربعة لاعبين مغتربين لإعطاء الإضافة، لدينا المادة الخام في الجزائر سواء لاعبين أو مدربين ولنضع فيهم الثقة فقط“. تصريحاته دليل على أنه يشجع ورقة المدرب المحلي عقب قراءة لما قاله الرجل الثاني في البلاد بعد فخامة رئيس الجمهورية، نخرج باستنتاج وهو أن السلطات العليا في البلاد كانت ولا زالت ترفض التعاقد مع مدرب أجنبي مثلما يرغب فيه روراوة، وأنها لا زالت تؤيد وتشجع ورقة المدرب المحلي، ما دامت هذه الورقة “ومن زمان“ قد أثبتت جدارتها على حساب ورقة المدرب الأجنبي، فمع مخلوفي مثلا نالت الجزائر ميداليتين ذهبيتين في ألعاب البحر الأبيض المتوسط والألعاب الإفريقية، ومع سعدان ذهبنا ثلاث مرات إلى المونديال، ومع كرمالي نلنا الكأس الإفريقية الوحيدة، ومع خالف محيي الدين قهرنا الألمان سنة 82 قبل أن نذهب ضحية مؤامرتهم مع النمساويين، وهي كلها عوامل تجعل اليوم السلطات العليا للبلاد تبعث برسالة مشفرة إلى روراوة بأنها ضدّ التعاقد مع المدرب الأجنبي الذي لن يكلف خزينة الدولة سوى أموالا طائلة دون أن يضمن لنا النهوض بمنتخبنا على قدميه مرة أخرى. رسالة السلطات قد تجعل روراوة يعيد النظر في سياسته ومن المؤكد أن السيد أحمد أويحيى لم يكن يتحدث من فراغ سهرة الأربعاء، ولم يقل كلاما من أجل ذر الرماد في العيون فقط، بل هي رسالة مشفرة إلى رئيس “الفاف” محمد روراوة كي يتراجع عن ما يصبو إليه بالتعاقد مع مدرب أجنبي، والتحول من جديد إلى ورقة المدرب المحلي، والعودة إلى التكوين واستغلال اللاعب المحلي أيضا عوض استيراد لاعبين. فلا غرابة مستقبلا إن حول روراوة سياسته إلى المدرب المحلي من جديد، وتراجع عن التعاقد مع مدربين أجانب يتربصون في المنعرج للجزائر من أجل ملء الجيوب وفقط، لا من أجل النهوض بمنتخبنا الذي صار عاجزا عن التهديف فما بالك الفوز.