نشرت : المصدر موقع جريدة "الشروق" الثلاثاء 13 يونيو 2017 12:35 اهتزت قرية كاف أوعرقوب التابعة إلى بلدية تاغزوت، الواقعة شرق عاصمة البويرة، دقائق قبل الإفطار يوم الأحد على وقع جريمة شنيعة راح ضحيتها 3 أفراد من عائلة واحدة نفذها عمهم بواسطة بندقية صيد كان قد استرجعها مؤخرا من مصالح الدرك الوطني ، حيث أطلق عليهم عيارات نارية كانت كفيلة بأن تبيد زوجة شقيقه وولديها على خلفية نزاع قديم متجدد حول قطعة أرضية موروثة، قبل أن يلوذ بالفرار نحو الغابة المجاورة بعد وصول مصالح الدرك الوطني التي لا تزال تحاول القبض عليه إلى حد كتابة هذه الأسطر. تنقلت "الشروق" إلى قرية كاف أوعرقوب الموجودة على سفوح جبال جرجرة صباح أمس قصد التعرف أكثر على تفاصيل الجريمة التي هزت أركان القرية المعروف سكانها بمحافظتهم وطيبتهم، حيث صادفتنا في الطريق قوافل هائلة من سكان القرى والبلديات المجاورة أتوا ليواسوا العائلتين المفجوعتين وسكان القرية الذين وجدناهم تحت الصدمة من هول الجريمة، حيث صعب علينا في البداية التحدث إليهم ومعرفة تفاصيل ما وقع قبيل إفطار يوم الأحد الأسود على حد تعبير أحد أقرباء الضحايا الذي وجدناه بالقرب من مكان وقوع الجريمة بالمنزل العائلي الغاص بالمعزين والمواسين. وكان من بين المعزين، وانتقلت إلى القرية ومقر سكن العائلة المفجوعة، النائب البرلمانية المنتخبة مؤخرا عن دائرة حيزر عن حزب التحالف الجمهوري الوطني فريدة سي ناصر، حيث انتقلت بغرض تقديم التعازي للعائلة والوقوف إلى جانبها رفقة بعض المسؤولين المحليين الذين شاهدنا البعض منهم بالمنطقة قبيل موعد الجنازة. الضحية رابح حاول الإصلاح بين والده وعمه لم يكن من السهل أن نتحدث إلى أحد أفراد العائلة المغدورة بسبب هول الصدمة التي أصابتهم وكذا انشغالهم بتحضير مراسيم الجنازة التي كانت مع صلاة العصر بمقبرة القرية القريبة، حيث حاولنا عن طريق أحد الأعيان المعروفين إلا أننا لم نفلح إلا فيما بعد بالتقرب إلى أحد أقارب الضحايا الذي أخبرنا بأن الجاني المدعو "ب. اعمر"، شيخ في ال65 سنة، كان في نزاع دائم مع شقيقه حول قطعة ترابية، حيث كان قد أدين وقضى عقوبة السجن منذ أكثر من 15 سنة في قضية متعلقة بنفس السبب، ليبقى النزاع قائما والخلافات متكررة إلى غاية مساء الأحد وبدقائق قليلة قبيل موعد الإفطار، حيث حضر غاضبا حسب رواية بعض الجيران وهو يصرخ بالقرب من منزل شقيقه، ليخرج إليه شقيقه وابنه المدعو رابح صاحب 40 سنة، المعروف بأنه كان يفض الخلاف بين والده وعمه في كثير من المرات، وهو ما كان ينوي القيام به، إلا أن عمه لم يتح له الفرصة هذه المرة حيث كان حاملا بندقيته ووجه عدة طلقات نارية أصابت في البداية شقيقه بجروح قبل أن تبيد الابن المصلح وشقيقته صاحبة 35 سنة ووالدتهما ذات 63 سنة، حيث تركهم الجاني غارقين في بركة من الدماء بفناء المنزل العائلي ولاذ بالفرار نحو الغابة المجاورة بعد وصول مصالح الدرك الوطني فور تبليغها بوقوع الجريمة.
مخاوف من ارتكاب الجاني الفار جرائم جديدة تصادف وجودنا أمام المنزل العائلي للضحايا رفقة المعزين والمواسين الذين فاق عددهم ألفا، ينتظرون وصول جثامين الضحايا الموجودة بمستشفى محمد بوضياف بعاصمة البويرة، مع وجود مصالح الدرك الوطني التي حضرت فرقة منها للتحقيق في الجريمة، حيث أخبرنا بأن عناصرها تحقق مع أفراد العائلتين منذ الصباح قصد محاولة الوصول إلى كامل تفاصيل الواقعة أو الفاجعة، فيما تسعى فرقة أخرى وتحت أوامر قائد الدرك الوطني بالولاية للبحث والوصول إلى مكان وجود الجاني الهارب قصد توقيفه، لاسيما أنه لا يزال يحتفظ بسلاحه الناري وتحت تأثير الصدمة النفسية، التي قد تدفعه إلى ارتكاب جريمة أخرى في حق آخرين أو في حق نفسه دون وعي منه. لجنة من الأعيان والأئمة لوأد تداعيات الجريمة تحدثنا ونحن ببلدية تاغزوت المعروفة بطيبة أناسها وتضامنهم مع الشيخ سعداوي شعبان إمام مسجد أبي بكر الصديق بالمدينة، وهو إمام معروف بتواضعه وطيبته وكذا احترامه من طرف جميع السكان، حيث استنكر الجريمة البشعة التي قال إنه لم يحدث مثلها بالمنطقة منذ أن وطأتها قدماه منذ سنوات عدة، مشددا على أنه لمس كل الطيبة والتضامن وسط السكان المحليين، وهو ما زاد من دهشته وصدمته من هول ما وقع مستبعدا ارتكاب الجاني لجريمته وهو في كامل قواه العقلية والإيمانية، كاشفا لنا أنه يعتزم رفقة بعض أعيان المنطقة والأئمة تشكيل لجنة للتدخل مباشرة بعد مراسيم الجنازة لدى العائليتين بهدف القيام بالصلح بينهما وإخماد أي نار حقد وانتقام بين أفرادها، وهو الدور الذي يجب أن يلعبه كما قال كل الأئمة والأعيان لاسيما بالمناطق النائية من أجل فض الخلافات وتجنب وقوع مثل تلك الحوادث البعيدة عن تعاليم ديننا وتقاليد مجتمعنا المحافظ.