انتظرنا مثلما انتظر جميع الجزائريين لدى قدوم الناخب الوطني وحيد حليلوزيتش، أن يحدث تغييرات جذرية على تشكيلة المنتخب، من خلال ضخّ دماء جديدة تسمح لمنتخبنا بالنهوض من جديد بعد فترة الفتور الرهيبة التي مرّ بها منذ "مونديال 2010 بجنوب إفريقيا، لكن للأسف الشديد فإن الواقع يثبت أن رياح التغيير لم تأت وقد لا تأتي في الغد أو القريب العاجل، لأن البوسني لا زال يعتمد على التركيبة التي ورثها من بن شيخة ومن قبله سعدان، وهو أمر تؤكّده القائمة الموسّعة التي استدعاها تحسبا للقاءي تونس والكامرون الودّيين، والتي ضمت 31 لاعبا منهم 19 لاعبا كلهم كانوا في عهد المدرب رابح سعدان خلال سنوات 2008، 2009 و2010. تعداد سعدان في "المونديال" وكأس أفريقيا لا يزال موجودا عنتر يحيى، زياني، بوقرة، يبدة، بلحاج... وغيرهم من اللاعبين القدامى، مبولحي، قادير، مصباح، بودبوز... وغيرها من الأسماء الجديدة التي انضمت للمنتخب قبيل "المونديال"، كلها أسماء مثّلت الجزائر في نهائيات كأس إفريقيا 2010 بأنغولا وكأس العالم 2010 بجنوب إفريقيا، ولا زالت إلى حد الآن ضمن حسابات حليلوزيتش مثلما كانت ضمن حسابات بن شيخة قبله، أمر وإن دل على شي فإنما يدل على أن رياح التغيير مؤجّلة، وأنّ المنتخب لا يزال بحلّته نفسها وصورته في عهد الناخب سعدان، الذي كان في كل مرة يتلقى انتقادات لاذعة من النقاد وأهل الاختصاص على تجديده الدعوة ل غزال مثلا وغيره من اللاعبين القدامى الذين لا نزال نراهم إلى حد الأن ، وها هو البوسني يجدد ثقته في أغلبية العناصر باستدعائه ما لا يقل عن 19 لاعبا للقاءي تونس والكامرون المقبلين، دون أن تطاله سهام الانتقاد التي وجهت للشيخ سعدان. كأن حليلوزيتش يريد القول إن المشكل تكتيكي لجوء حليلوزيتش إلى اللاعبين الذين كان سعدان يعتمد عليهم في مختلف المباريات التصفوية، وفي مختلف النهائيات التي لعبها من قبل، دليل على أنّه يرى أن المشكل تكتيكي أكثر مما يكمن في اللاعبين، فكيف نفسّر الاستنجاد بالعناصر نفسها مجددا رغم إخفاق هذا الجيل في تأهيل الجزائر إلى نهائيات كأس إفريقيا 2012، فربما يرى حليلوزيتش من وجهة نظره أن مشكلة غزال وكل رفقائه القدامى أنهم لم يندمجوا مع نمط سعدان أو خطط بن شيخة، وها هو يوجه لهم الدعوة وكله أمل أن يبعث الروح في نفوسهم من جديد، وهو ما ستثبته الأيام لأننا لا يمكننا أن نقيس على انتعاش وحركة فقط في لقاء واحد أمام منتخب مغمور بحجم إفريقيا الوسطى، بل علينا التريث قليلا للحكم على تحسن الأداء من عدمه، لا التسرع في إطلاق أحكام مسبقة ومنتخبنا اكتفى باللعب أمام منتخب لا باع له في عالم كرة القدم. حتى سعدان استنجد بالمحليين وعكس ما يعتقده البعض بأن استنجاد حليلوزيتش بعدد من المحليين يعتبر تغييرا حقيقيا وثورة أحدثها هذا المدرب، فإن عهدة سعدان كانت مليئة باللاعبين المحليين ففي عهده لعب رحو، زاوي، قاواوي، العيفاوي، لموشية، زماموش، حيماني، جديات....وغيرهم، عددا كبيرا من المباريات خلال التصفيات المزدوجة لكأسي إفريقيا والعالم 2010، قبل أن يتقلص عدد المحليين في "المونديال" بما أنّ سعدان كانت له نظرة خاصة، وفضل ضرورة الاستنجاد بالمحترفين واللاعبين الأكثر جاهزية من الجانب البدني لمسايرة وتيرة المباريات من مستوى عال في كأس العالم، وها هو حليلوزيتش اليوم يستنجد بدوره بلاعبين محليين جدد مثل حشود، بوشوك، دوخة وتجار تحسبا للمباريات الودية المقبلة التي سيلعبها المنتخب، بعدما استنجد بهم دون إقحامهم في لقائي تانزانيا وإفريقيا الوسطى، وسننتظر كي نتأكد إن كان سيضع فيهم ثقته مستقبلا أم لا لدى انطلاق التصفيات والمباريات الرسمية في فيفري من السنة المقبلة. فغولي الاستثناء الوحيد لكن "الفاف" هي من حسمتها معه ومثلما عرف عهد سعدان انضمام عدد كبير من المحترفين الجدد مثل يبدة، غزال، جبور مغني وغيرهم، ها هو عهد حليلوزيتش يعرف انضمام لاعب محترف وحيد والأمر يتعلق ب فغولي الذي أنهت الاتحادية مؤخرا كافة إجراءات تأهيله في المنتخب الوطني، غير أنها حالة استثنائية حسمتها الاتحادية بما أن الرجل وإلى حدّ الآن لم يضمن ولا لاعبا محترفا من مزدوجي الجنسية، الذين ظل في كل مرة يؤكد أنه دخل في اتصالات متقدمة معهم، وأنه سيضم أكبر عدد منهم إلى المنتخب في إطار سياسة تشبيبه وغير ذلك، ما جعله يستنجد في نهاية المطاف بالوجوه القديمة، الموجودة في أفضل أحوالها (مصباح وقادير مثلا)، والتي تعاني على مقعد البدلاء ومن نقص المنافسة مع فرقها (مثل بوعزة ومطمور)، ومن نسيها الجمهور قبل أن تعود مجددا (غيلاس مثلا). هل فعلها المغتربون ب حليلوزيتش؟ وحتى لا نظلم حليلوزيتش الذي ربما فرضت عليه الظروف اللجوء إلى الأسماء القديمة ربما لضيق الوقت، فضلنا أن تكون إجابتنا على سر اعتماده على الوجوه التي اعتمد عليها سعدان بالتساؤل إذا كان الرجل قد فشل في إقناع اللاعبين المغتربين، الذين دخل في اتصالات متقدمة معهم بتقمص ألوان المنتخب الجزائري والدفاع عن ألوان بلدهم الأصلي؟ فهل فعلها هؤلاء به وتراجعوا عن الالتحاق بالمنتخب؟ أم أن الناخب يرغب في منح فرصة أخيرة لزملاء غزال في لقاءي تونس والكامرون، على أن يغربل تعداده لدى انطلاق التصفيات القارية المقبلة؟