يجدّد منتخبنا الوطني هذه الأمسية العهد مع تصفيات كأس إفريقيا بعد نكسته في تصفيات "كان" 2012، وسيكون مجبرا على بداية تصفيات الكأس القارية لسنة 2013 بانتصار على حساب المنتخب الغامبي المضيف إذا أراد بلوغ أدوار متقدمة في هذه التصفيات والتواجد في بلاد نيلسون مانديلا مطلع السنة المقبلة. نقص التحضيرات لهذه المباراة هاجس ورغم الفرق الشاسع بين المنتخبين الجزائري والغامبي من حيث الإمكانات المادية والبشرية إلا أنّ المهمة تبدو صعبة بعض الشيء بالنظر إلى الظروف المحيطة باللقاء، فمنتخبنا لم يقم بأي تحضير لهذه المباراة لأن التربص بفرنسا كان قصيرا والغرض من ورائه كان تجميع اللاعبين فقط فضلا على أنه أُجري بتعداد ناقص إلى غاية نهايته، ناهيك عن وصول اللاعبين إلى العاصمة باريس ومن هناك إلى "بانجول" منهكين ومتعبين بعد المباريات التي خاضوها مع فرقهم والسفريات الشاقة التي قاموا بها من البلدان التي يلعبون فيها إلى باريس وبعدها إلى غامبيا، عكس المنتخب الغامبي الذي دخل تربصا تحضيريا مبكرا استفاد فيه مدربه "بيتر جونسون" من أغلبية لاعبيه سواء المحترفين أو المحليين، ومن المؤكد أن نقص التحضير شكل هاجسا كبيرا ل حليلوزيتش الذي يدرك مدى صعوبة التعامل مع ذلك. إعداد التشكيلة والخطة هاجس آخر يقلق حليلوزيتش نقص التحضيرات وعدم استفادة الناخب الوطني من جميع لاعبيه منذ أول يوم من التربص التحضيري لم يكن هاجسه الوحيد لأنّ هناك ما يشكّل صداعا للمسؤول الأول على العارضة الفنية ل "الخضر" ألا وهو صعوبة إعداد التشكيلة المثلى التي يمكنها أن تحقق النتيجة الإيجابية التي جاء لأجلها المنتخب والخطّة المناسبة لكبح جماح "عقارب" غامبيا، فالمدرب وحتى إن كانت التشكيلة والخطة في ذهنه إلا أن ما قد يقف ضده وضد المنتخب هو عدم إجراء أي حصة تدريبية لتجريب التشكيلة والخطة، فحتى الحصة الوحيدة التي أجراها في غامبيا أمس كانت عادية ولم يقم فيها اللاعبون بتمارين تكتيكية. الحرارة وسوء أرضية الميدان عاملا مؤثران أيضا ويبدو كل شيء ضد منتخبنا في هذه المباراة لأن هناك عاملان آخران يتخوّف البوسني حليلوزيتش من أن يكون لهما انعكاس سلبي على أداء اللاعبين مساء اليوم وهما الحرارة الشديدة التي بلغت 37 درجة أمس وأول أمس وقد تكون كذلك مساء اليوم، إضافة إلى الحالة المزرية لأرضية الميدان التي ستصعّب مهمة لاعبينا. "الخضر" عازمون على رفع التحدي رغم ذلك ورغم نقص التحضير والصعوبات التي واجهها حليلوزيتش في تجميع لاعبيه ودرجة الحرارة العالية وسوء أرضية الميدان إلا أن منتخبنا لن يكون أمامه خيار سوى الفوز إذا أراد بلوغ الدور القادم، وهو أمر اعترف به اللاعبون جميعا لدى حديثنا معهم منذ وصولهم إلى العاصمة "بانجول" حيث أجمعوا على أنّ وحتى إن عرف التحضير لهذه المباراة اضطرابا شديدا إلا أن العزيمة والإرادة ستكونان كافيتين لتحقيق نتيجة جيدة هذه الأمسية. اللاعبون واعون بالمسؤولية وكلهم يتحدثون عن حسم الأمور هنا والظاهر أنّ لاعبينا استخلصوا دروس الماضي القريب وصاروا أكثر وعيا ونضجا لأنّ من حدثناهم جميعا بدوا لنا واعين بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم، حيث أكدوا على ضرورة وضع كل العوامل الصعبة التي واجهوها قبل اللقاء والتي سيواجهونها خلاله جانبا والتركيز في اللقاء لأجل الفوز وحسم أمر التأهل إلى الدور المقبل هنا في بانجول ثم لعب لقاء العودة في ظروف مريحة نهاية شهر جوان المقبل. تعدادنا أثرى من تعدادهم وحليلوزيتش لديه خيارات بالجملة تحدثنا عن العراقيل التي يواجهها منتخبنا قبل المواجهة لكن هناك بعض الإيجابيات التي تصب في مصلحتنا ولا داعي لكي نتغاضى عنها، إذ أنّ الفرق شاسع للغاية بين التركيبتين البشريتين للمنتخبين، فهم يملكون 16 محترفا من بينهم واحد يلعب في "الليڤا" الإسبانية وآخر يلعب في البطولة الاسكتلندية أمّا البقية فينشطون في أمريكا، كندا، السويد، الدانمارك، الكويت وغير ذلك من البطولات الضعيفة وغير المعروفة، أما منتخبنا فيضم من ينشطون في أقوى البطولات الأوروبية سواء في إسبانيا، إيطاليا، إنجلترا أو فرنسا بل يضم من يلعبون في أندية كبيرة أيضا وهو عامل في مصلحة لاعبينا لإحداث الفارق بالنظر إلى الإمكانات الهائلة التي يتمتعون بها، كما أنّ حليلوزيتش لديه تشكيلة ثرية تضم لاعبين اثنين على الأقل في كل منصب ناهيك عن امتلاكه للاعبين آخرين متعددي المناصب وهو ما يتيح له فرصة إعداد التشكيلة الأفضل حتى بدون تحضير للاعبين مع بعضهم البعض قبل اللقاء. الدخول في اللقاء جيدا، استغلال الفرص والتركيز مفاتيح الفوز وإضافة إلى التسلح بالإرادة فإنّ هناك عوامل أخرى ستكون مفاتيح للفوز وهي الدخول جيدا في اللقاء، الإستحواذ على الكرة وحرمان المنافس منها منذ إعطاء الحكم صافرة الإنطلاقة، فضلا على استغلال الفرص لما تتاح ووضع الفرصة الأولى في شباك المنافس حتى تسهل المهمة أكثر والحفاظ على التركيز أيضا حتى في أحلك الظروف التي قد يواجهونها. حذار من تكرار سيناريو إفريقيا الوسطى لأنه أقصانا وللأسف نجد أنفسنا مضطرين إلى التذكير بكابوس خرجة منتخبنا إلى إفريقيا الوسطى يوم تكبّد خسارة على يد منتخب مغمور بثنائية نظيفة كانت السبب في الخروج من تصفيات كأس إفريقيا 2012 قبل أن يترسم ذلك عقب الخسارة المهينة في مراكش أمام المنتخب المغربي، وهو السيناريو الذي على اللاعبين أن يذكرونه جيدا حتى لا يتكرر لأن الإهانة مجددا على يد منتخب مغمور آخر غير مقبولة هذه المرة حتى وإن كان هذا المنافس قد تغلّب علينا في مناسبتين من قبل.