عاشت مدينة سيون السويسرية مساء أول أمس حركة غير عادية رغم أن يوم العطلة عادة ما تقل فيه الحركة وكل المحلات مغلقة لدرجة أن المدينة تصبح مدينة أشباح... لكن الأمر اختلف كثيرا بعد برمجة المنتخب الجزائري لحصة تدريبية في ملعب سيون الذي كان قبلة كل أنصار المنتخب الجزائري القادمين من كل أنحاء أوروبا لدرجة أن السلطات الأمنية عاشت أمسية الأحد حالة من الاستنفار القصوى. يبدة وزملاؤه لم يفهموا شيئًا ورغم أن أنصار الخضر لم يفارقوا لاعبي المنتخب الوطني منذ حلولهم هنا في سويسرا، حيث لم تخل تدريبات أشبال سعدان في كل مرة من الحضور الجماهيري الذي خلق جوا مميزا هنا بكرانس مونتانا، إلا أن ما حدث يوم الأحد فاق كل التصورات بدليل أن حتى اللاعبين لم يفهموا شيئا فيما يحدث، وظلوا مندهشين للصور التي كانوا يشاهدونها عن جيوش الأنصار الذين تنقلوا إلى ملعب سيون الذي كان كله بالأعلام الوطنية لدرجة أن يبدة اعتقد وكأن الحصة التدريبية تجرى بالجزائر. بودبوز في قمة السعادة وهتف لوالدته ليخبرها بما شاهد أكثر المتأثرين بالاستقبال الأسطوري للخضر كان اللاعبون الجدد الذين لم يعيشوا حرارة الاستقبال بعد التأهل التاريخي للمونديال، وكان على رأس هؤلاء الشاب رياض بودبوز الذي اختار الجزائر وهو لم يتعدّ سن ال 20 ليكون أول أمس جد فخور بهذا الاختيار بدليل الفرحة العارمة التي كانت تظهر على وجهه وهو يستمع ويشاهد الهتافات التي كانت تدوي في الملعب “بودبوز... بودبوز“ لدرجة أن مصادرنا أكدت أن لاعب سوشو بمجرد صعوده للحافلة هتف لوالدته لإخبارها بما عاش في تلك الأمسية التي ستبقى دون شك راسخة في ذهن الفتى. بوڤرة لم يتوقّف عن التصوير وكادت تغلبه الدموع في نشيد قسمًا إضافة للاعبين الجدد كان مجيد بوڤرة في قمة السعادة وهو يشاهد الأنصار بذلك العدد المعتبر يهتفون باسمه ليصور كل تلك المشاهد بعد نهاية الحصة التدريبية، وكشف لزملائه في الفندق أنه عندما سمع النشيد الوطني يردده الأنصار كادت تغلبه الدموع من شدة الشعور بالفخر للانتماء لبلد يملك جمهورًا لا يقدّر بثمن. قال لزملائه : “تبحثون في العالم كله ولن تجدوا جمهورًا مثل هذا“ وفي حديثه مع زملائه سواء في الحافلة التي حوصرت من طرف الأنصار عند مغادرة ملعب سيون أو في الفندق بعد تناول العشاء قال “الماجيك“ : “أصبحت متأكدا الآن بعد الذي شاهدته أننا لا نستطيع أن نجد جمهورا مثل هذا في العالم بأسره، وحتى المنتخبات التي تتوج في كل مرة بالألقاب العالمية والقارية لا تملك جمهورا مثل أنصار المنتخب الجزائري“. يبدة كشف أن الكثير من المنتخبات تغار من الجزائر بسبب جمهورها وفي حديثه معنا بعد الحصة التدريبية عندما سألنا حسان يبدة عن شعوره بعد الذي شاهده في ملعب سيون قال اللاعب : “بصراحة لا يمكنني أن أصف شعوري خاصة أنني أعلم أننا نملك جمهورًا استثنائيا، والكثير من المنتخبات تغار من الجزائر لأنها لا تملك جمهورا حماسيا مثل هذا، وطبعا أنا فخور بذلك وأتمنى ألا نخيّب الجماهير هذه في كأس العالم“. الجميع لم يتوقف عن الحديث عمّا حدث في سيون خلال وجبة العشاء ومباشرة بعد وصول الوفد الجزائري للفندق عقب الحصة التدريبية لم يتوقف اللاعبون عن الحديث عمّا عايشوه في الملعب لدرجة أن كل لاعب ظل يتكلم عن شعوره عند دخول أرضية الميدان وسماعه لكل تلك الهتافات، ليبقى الجميع مندهشا للحضور القوي للجالية الجزائرية من ألمانيا، فرنسا، بلجيكا وحتى إسبانيا من أجل تشجيع الخضر، ليخلص اللاعبون إلى نتيجة أنه لا توجد جماهير في العالم يمكنها أن تصنع تلك الصور إلا الجزائريين. القدامى ظلوا يقصّون على الجدد الاستقبال في الجزائر بعد ملحمة أم درمان وفي وقت ظل اللاعبون الجدد يعبرون فيه عن أنهم لم يكونوا أبدا يحلمون بأن يتدربوا أمام مدرجات مملوءة بهذا الشكل تحوّل اللاعبون القدامى للحديث عمّا عاشوه بعد العودة من أم درمان عقب التأهل التاريخي أمام مصر للمونديال، حيث قصّ زياني وزملاءه على بودبوز والبقية كيف خرج كل الشعب الجزائري إلى الشوارع فرحا بالإنجاز في أجواء لن ينسوها طيلة حياتهم. زياني وصايفي أكدا أن “لحمهم تشوّك” لسماع قسمًا ممزوجة بالزغاريد وفي دردشة اللاعبين فيما بينهم لم يتردّد كل من كريم زياني ورفيق صايفي اللذان عاشا العودة من السودان في التأكيد أنهما شعرا ببدنيهما يقشعران عند دخولهما ميدان سيون المزيّن بالأعلام الوطنية وهما يستمعان للنشيد الوطني ممزوجا بالزغاريد الجزائرية التي دوّت في مدينة سيون، وخرج الجميع بنتيجة أن الجزائر بلد يمتلك شعبا ليس مثل كل الشعوب تجده في كل مكان وزمان. يذكر أن كلا من غزال، منصوري، صايفي وزياني بقيوا لأكثر من ربع ساعة يمضون الأتوغرافات ويأخذون الصور التذكارية مع الأنصار. منصوري ظل يؤكد أن أقل شيء هو تشريف الجزائر في المونديال وخلال حديثه مع زملائه لم ينس أن يذكّر القائد يزيد منصوري الجميع أن الكثير من البلدان لا تملك جمهورا مثل هذا لا يستحق أن نخيّبه، وهي رسالة واضحة من اللاعب لزملائه حتى يضعوا في رؤوسهم أن المسؤولية أصبحت ثقيلة عليهم ويجب أن يشرّفوا الألوان الوطنية في المونديال القادم، خاصة أن منصوري وهو فوق أرضية الميدان ظل يردّد أنه يجب الذهاب نحو الجمهور وهو أقل شيء يمكن أن نقدّمه للذين تنقلوا من بعيد من أجل تشجيعنا. شرطي سويسري مكلّف بالحراسة قال للاعبين : “ماذا لو فزتم بكأس العالم“ من الطرائف التي حدثت في آخر حصة تدريبية للخضر في سيون هو ما قاله أحد رجال الشرطة السويسريين الذي كان مكلّفا بحراسة لاعبي الخضر بعد أن شاهد كل تلك الأمواج البشرية التي قدمت لملعب سيون حيث وجّه خطابه قائلا : “حسب علمي الجزائر لم تفز بعد بكأس العالم وشاهدت كل هذا فماذا لو تتوجون بالتاج العالمي كيف سيمكنكم التدرب بعد الآن“. وهو الكلام الذي أضحك اللاعبين وجعلهم يردون عليه بالقول : “أنت لم تشاهد شيئا وكان عليك أن تحضر للجزائر بعد التأهل أمام مصر“. --------------------------------------------- منتخبنا الوطني قد يصبح مرفوضا للتربص في أوروبا يبدو أن الأحداث التي عرفتها الحصة التدريبية لأمسية الأحد الفارط لن تمر مرور الكرام على المسؤولين الكبار في القطاع الرياضي في مختلف الدول الأوروبية، حيث أن منتخبنا الوطني قد يصبح مرفوضا للتربص في المراكز الكبرى للتحضيرات على غرار كوفرتشيانو، كرانس مونتانا، لوكاستولي وغيرها من المركبات من المستوى العالي التي صار يتربص فيها منتخبنا الوطني الذي تأهل إلى المونديال، وصار يستقطب أعدادا هائلة من الأنصار خاصة من الجالية الجزائرية المقيمة في مختلف دول أوروبا التي تحاول استغلال فرصة تواجد “الخضر“ بقربها من أجل زيارتهم وأخذ صور تذكارية مع الجميع، وهو الامر الذي الذي يتفهّمه المسيرون جيدا لأنه ليس دائما باستطاعة أبناء المهجر رؤية المنتخب الوطني عن قرب، لكن من شأن هذه الزيارات أن تسبب مشاكل للإتحادية الوطنية بالدرجة الأولى. دخول الأنصار بتلك الطريقة لا يخدم “الخضر“ وكما أشرنا إليه من قبل فإن تلك الهمجية الشديدة التي شهدتها الحصة التدريبية التي سمح فيها المدرب الوطني رابح سعدان لأنصار المنتخب بالحضور في المدرجات من شأنها أن تضر بمصالح الإتحادية بالدرجة الأولى، وسيكون سعدان مجبرا على غلق الأبواب في وجههم مجددا وعلى الجميع مراعاة هذا الخيار لأنه في صالح “الخضر“ المطالبين بالتركيز كما ينبغي على العمل الجاد والصارم حتى يكونوا في المستوى المطلوب وحتى لا يتم الإضرار بسمعة الجالية الجزائرية المتواجدة بالمهجر، لأن اللقطات التي تم بثها عبر مختلف وسائل الإعلام العالمية أضرت بطريقة أو بأخرى بصورة الجزائريين الذين يعيشون في مختلف دول أوروبا، ومن جهة أخرى من شأنه كما ذكرنا أن تحرم منتخبنا الوطني من التربص في المراكز العالمية الكبرى لأن أصحابها يبحثون عن سلامة ممتلكاتهم قبل كل شيء. كيف سيكون التحضير في حال التألق أكثر مستقبلا؟ والسؤال الذي يطرح نفسه بعد هذه التجاوزات هو كيف ستكون الأوضاع مستقبلا في حال تمكن منتخبنا الوطني من تحقيق إنجازات أكبر والتأهل في المناسبات المقبلة إلى المونديال، حيث أن عدد الأنصار سيتضاعف أكثر وعلى الإتحادية التفكير في مكان التربصات مستقبلا، فهناك من طالب بإجراء التربصات مستقبلا في أمريكا الجنوبية أو شرق آسيا وهي المناطق التي لا يتواجد فيها عدد كبير من الجزائريين على عكس ما يحدث في أوروبا. حذار من العودة إلى نقطة الصفر في التربصات مخاوف شديدة تراود مسيري الإتحادية الوطنية لكرة القدم بعد كل ما قيل هنا وهناك خاصة بعد تلك الأحداث والتجاوزات، حيث يرى البعض أنه في حال قررت إدارات المراكز الكبرى في أوروبا عدم استقبال المنتخب الوطني في التربصات المقبلة فإن الإتحادية ستكون مجبرة على العودة إلى نقطة الصفر والتربص في المراكز المتواضعة مثل تلك التي كان يتربص فيها منتخبنا الوطني في العشرية السابقة في الضواحي الفرنسية النائية على غرار “روان“، “تولون“ التي أجرى “الخضر“ مباريات ودية فيها نظرا لغياب المرافق في الجزائر. على الإتحادية أخذ مثل هذه الأمور بعين الاعتبار بالنظر إلى الخبرة التي يملكها مسيرو الإتحادية في مجال التنظيم بعد كل ما وقفنا عليه في مختلف التربصات السابقة وأبرزها ذلك الذي جرى في “كاستولي“ الفرنسية والحالي في سويسرا ب “كرانس مونتانا“، نتأكد أن الإتحادية حضّرت كل شيء ولم تترك للطاقم الفني واللاعبين أي عذر للتحجج به في حال الإخفاق وعدم إنجاح التربصات والدخول في الاستحقاقات المنتظرة وأبرزها المونديال القادم، فمن الجانب الإداري كل شيء يسير على أحسن ما يرام في هذا التربص دون أن ننسى الإمكانات المتوفرة والطاقم الطبي الكبير الذي يتكفل بمعالجة مختلف حالات لاعبينا في هذا التربص وعلى رأسهم مراد مغني الذي لم تتحدد وضعية حالته الصحية بعد. أنصارنا مطالبون بتمالك أنفسهم لفائدة “الخضر“ وفي الأخير يبقى على أنصار منتخبنا الوطني تمالك أنفسهم مستقبلا حتى لا يلفتوا الانتباه ويجبروا المدرب الوطني على حرمانهم من الاقتراب من اللاعبين في الحصص التدريبية، لأنه بتلك التصرفات التي قاموا بها أساءوا بطريقة غير مباشرة لسمعة الجزائر في الخارج ومن شأن ذلك أن يضر بتربصات منتخبنا الوطني في المستقبل لأنه مقدم على استحقاقات عالية المستوى وذلك يتطلب منه التربص في أكبر المراكز العالمية، وإلا فإن محبي “الخضر“ سيجدون أنفسهم مهمشين أكثر مما هم عليه في الوقت الراهن إذا تنقل المنتخب الوطني للتربص في أمريكا الجنوبية أو قارة آسيا من أجل الابتعاد عن ضغط الأنصار والحضور الجماهيري الغفير.