“أنا أبحث عن مهاجمين يسجّلون أهدافا، حتى نعتاد على تحقيق الانتصارات علينا أن نحرز أهدافا في كل لقاء، لذلك يلزمنا مهاجمون أقوياء يسجلون في كلّ مرة....”، هي العبارات التي وظّفها وحيد حليلوزيتش الذي أكّد من جديد للجميع أنه يفكّر في جعل المنتخب الوطني يلعب بطريقة هجومية أكثر منها دفاعية، ويرغب الناخب في أن يعتاد منتخبنا على تسجيل الأهداف، وتحقيق الانتصارات داخل الديار وخارجها مثلما فعل مؤخرا في غامبيا، عندما قلب الطاولة على المنتخب المضيف في المرحلة الثانية، غير أنّ ما قاله البوسني يحمل نوعا من التناقض، لأنّه لا يزال يحتفظ ببعض المهاجمين ممن مضت سنوات عن تسجيل آخر أهدافهم بألوان المنتخب الوطني. غزال صفر هدف منذ قرابة ثلاث سنوات لكنه سيبقى البحث أو الإبقاء على مهاجمين يسجلون أهدافا تبقى نقطة مهمة تحسب لصالح حليلوزيتش إن هو نجح في ذلك، غير أن الحديث بهذه الطريقة من جهة والإبقاء على مهاجمين اشتاقوا واشتاق الجمهور الجزائري معهم إلى رؤيتهم يهزون الشباك هو التناقض بحدّ ذاته، وهنا نذكر على سبيل المثال رأس الحربة الدولي عبد القادر غزال، الذي مضت سنتان ونصف عن آخر هدف أحرزه بألوان المنتخب الوطني، وكان ذلك أمام منتخب رواندا لحساب تصفيات كأسي العالم وإفريقيا 2010، ناهيك عن أنه صائم عن التهديف حتى مع الفرق الكثيرة التي تقمص ألوانها، دون أن نغفل أنه طيلة مشواره مع المنتخب منذ انضمامه سنة 2009 اكتفى بتسجيل ثلاثة أهداف فقط، اثنين منها في لقاءين رسميين أمام مصر ورواندا وواحد في مرمى البينين في لقاء ودي. قرّر إعادة جبور المتألق مع أولمبياكوس رغم فشله مع الخضر وموازاة مع البقاء الأكيد ل غزال ضمن حسابات حليلوزيتش مستقبلا، فإن المؤشرات توحي إلى أن جبور عائد إلى صفوف المنتخب الوطني بداية من التربصات المقبلة لشهر ماي القادم، وتلميح حليلوزيتش لذلك خلال ندوته الصحفية خير دليل على ذلك، وإن كانت الأهداف الغزيرة والكثيرة التي يسجلها جبور في البطولة اليونانية مع فريقه أولمبياكوس تجعل قرار إعادته منطقيا، إلا أن صيامه عن زيارة مرمى المنافسين بألوان “الخضر” لا يدفع للتفاؤل بعودته هذه، لأن أرقامه هو الآخر ضعيفة كأرقام غزال، فاللاّعب لم يسجّل طيلة خمس سنوات بألوان المنتخب سوى أربعة أهداف، اثنان منها في لقاءين رسميين أمام مصر وليبيريا، واثنان في لقاءين وديين أمام الغابون والأورغواي. بنيتهما الجسمانية سرّ تشبثه بهما ولن نكون مستقبلا عندما يعلن حليلوزيتش عن قائمته التي ستضم غزال وجبور تحسبا للقاءات رواندا، مالي وغامبيا، بحاجة إلى استفساره عن سرّ تجديده الثقة في الأول واسترجاعه خدمات الثاني بعدما تخلى عنه في لقاء غامبيا، لأنّه كان قد أجاب على هذا التساؤل بطريقة غير مباشرة لدى حديثه عن غيلاس، وقال بصريح العبارة: “أريد مهاجمين أقوياء من الناحية البدنية، أريد مهاجمين تكون لهم بنية جسمانية قوية، مهاجمون يربحون الصراعات الثنائية مثل عودية الذي لم يسجل أمام غامبيا لكنه فاز بكل الصراعات التي خاضها”، وهو تصريح كاف ليؤكد أن الصفات التي يبحث عنها في المهاجمين تتوفر في جبور وغزال، لكن دون أن تتوفر فيهما الصفة الأهم، ألا وهي هزّ مرمى منافسي المنتخب الوطني. فغولي قصير القامة لكنّه قناص وممرر حاسم وتبدو حجّة حليلوزيتش واهية وغير مقنعة عندما ألمح لعدم تحمّسه لإعادة غيلاس بسبب قصر قامته، لأن قصار القامة الذين قال إنهم يصنعون الفارق في فريق عملاق ك برشلونة وفقط، يوجدون في تعداد المنتخب أيضا وقادرون على صنع الفارق أيضا، ونذكر على سبيل المثال سفيان فغولي الذي يعد قناصا للأهداف بأتم معنى الكلمة ناهيك على أنه ممرر حاسم، ولعل ما فعله في لقاء غامبيا وما يفعله مع فالنسيا في الليغا الإسبانية خير دليل على ذلك، فالقامة لم تشكل أيّ عائق بالنسبة له لا مع عمالقة ريال مدريد ولا برشلونة، فلعب أمامهما دون عقدة، وكان قريبا من التسجيل في مرمى فالديس وكاسياس. حليلوزيتش مثل سعدان معذور بسبب قلة المهاجمين ورغم كل ما قلناه، إلا أن حليلوزيتش لن يلام ولن يعاتب على اعتماده المتواصل على غزال وجبور مستقبلا، مثلما لم يلم سعدان قبله على تجديده الثقة فيهما رغم صيامهما عن التسجيل، لأن السوق اليوم لا تتوفر على مهاجمين كبار يصنعون الحدث في الملاعب الأوروبية مع فرق كبيرة، فما عدا فغولي المتألق في أقوى بطولة في العالم “الليغا”، فإن الآخرين لم يبرزوا بشكل جيد، وحتى من يبرزون فبكون بروزهم في بطولات متوسطة المستوى، وفي حال كهذه يصبح الاعتماد على العناصر القديمة مثل غزال وجبور عاديا جدا حتى وإن تغلبت القامة على حسّهما التهديفي.