النسر الذي حلق في سماء أوروبا وحط بالجزائر كان إميليو بوتراڤوينيو لاعبا عبقريا وأسطورة حقيقية في كرة القدم حيث تمكن رفقة نادي ريال مدريد من التألق والوصول إلى مرحلة الفن في هذه اللعبة، فقد كان محاربا حقيقيا على الأجنحة وقناصا داخل منطقة العمليات، كما يعرف بأنه لاعب نحيل، ضعيف، وقصير لكنه مخادع في اللعبة الأكثر شهرة في العالم، فبإمكانه أن يصنع الأعاجيب لحظة وصول الكرة إلى قدميه لذلك تجده يراوغ بمهارة لا توصف. "البويتري"، "العقاب" أو "النسر" كما يوصف هي تسميات استحقها نظرا لروعته التي أبهر بها العالم في الميادين سواء مع النادي الملكي أو مع المنتخب الإسباني، كما كان شاهدا على واحدة من أجمل فترات "الميرنڤي" برئاسة "رامون أديل ميندوزا"، أين تمكن من حصد ألقاب عديدة سواء الشخصية منها أو الجماعية، إميليو مهاجم ممتاز ولاعب خلوق، يقدم كرة نظيفة خالية من التعقيدات، لكنها ببساطة كرة قدم كاملة نصبته رفقة فريقه من أحسن الأجيال في عالم المستديرة. إميليو الصغير من كرة السلة إلى كرة القدم إميليو بوتراڤوينيو سانتوس من مواليد 22 جويلية 1963 في مدريد ب إسبانيا، وكان إميليو الابن الثاني بعد زواج إميليو بوتراڤوينيو بينافينتي من ألفاريز بيلار، قضى إميليو سنواته الأولى في شارع أنتيليون رقم 7 أين كان يدرس في مدرسة "سان أنتون"، وفي تلك المنطقة تماما كانت بداياته الأولى مع المستديرة، وبعد ذلك انتقلت العائلة "بوتراڤوينيو" إلى شارع نارفايز ب مدريد دائما، أين التحق بمدرسة "لا كالاسانثيو"، لكن بوصوله سن العاشرة دخل إميليو لنادي كرة السلة أين لعب هناك ثلاث سنوات كاملة، غير أنه اكتشف فيما بعد أنه لم يولد لتلك اللعبة فتخلى عنها، في حين كان والده دائما ما يشجعه على الانضمام لأندية الكرة في أول فرصة تظهر له. إميليو كان مولعا بالدراسة ومحبا للكرة ولنادي ريال مدريد غير أن اللعب لهذا النادي العريق كان بمثابة الحلم بالنسبة له، واصل إميليو لعب الكرة إلى أن انضم لفريق الهواة "كالاسانثيو" وأبان عن قدرات رائعة وموهبة كبيرة في كرة القدم. بداياته في عالم المستديرة والتعلق بحلم "الميرنڤي" ساهمت ممارسة إميليو للكرة في شوارع الحي كثيرا في صقل موهبته الكروية، مثلما حدث للعديد من اللاعبين العمالقة على غرار بيلي، مارادونا، كرويف وغيرهم، وعلى نهجهم بدأت نجومية بوتراڤوينيو في البروز في شوارع لا كالاسانثيو، وفي 13 جويلية 1980 نال إميليو لقب البطل في دورة ودية مع أشبال نادي الهواة "أ.س. كالاسانثيو" أين كان إميليو حاسما جدا مع زملائه، وهناك فكر بوتراڤوينيو الأب في عرض ابنه على نادي العاصمة الأول ريال مدريد للتجريب، غير أن أمورا حدثت غيرت كل شيء أين توجه به والده لتجريب حظه في نادي العاصمة الثاني أتلتيكو مدريد، وفي 12 أوت أجرى بوتراڤوينيو تجارب مع النادي الأحمر والأبيض حيث أقنع بوتراڤوينيو كثيرا خوان خيا الذي قام بتجريبه وكتب تقريرا إيجابيا عنه، لكن بعد ثلاثة أيام تغيرت المعطيات تماما، ففي 15 أوت 1980 أمضى بوتراڤوينيو عقدا رسميا مع النادي الملكي في صنف الآمال، ليحقق بذلك إميليو حلمه وحلم والده. الشاب الأنيق يلفت أنظار دي ستيفانو انظم بوتراڤوينيو إلى ريال مدريد في 1980 أين بدأ مسيرته الكروية، وبعد ذلك بدأ اللاعب الإسباني يجلب الأنظار إليه بقوته على الأجنحة وسرعته في التوغلات داخل منطقة العمليات، لكن النادي الملكي كان يملك مجموعة من النجوم آنذاك، إضافة إلى نقص الخبرة في المستوى العالي أمور جعلت إدارة الفريق تعير لاعبها الشاب (19 سنة) إلى ريال مدريد "كاستيا" الفريق الرديف ل الميرنڤي، ومع مرور الوقت تابعه كشافو النادي الملكي، وأعجب به كثيرا مدرب الريال ألفريدو دي ستيفانو حيث تنبأ له بمستقبل كبير في كرة القدم، ليطلب منهم بعد ذلك ترقيته إلى الفريق الأول، وهو ما حدث فعلا في 4 فيفري 1984 أين تمت ترقيته للفريق الأول، وهي الفرصة التي انتظرها إميليو بعد جهد وعمل كبيرين قاداه لتطوير إمكاناته الفنية وقدراته الهجومية. وقد تمكن اللاعب الإسباني من تسجيل 36 هدفا في ظرف ثلاث مواسم قضاها مع "لاكاستيا"، خاض خلالها 65 مباراة وتمكن في موسم 1983-1984 من نيل لقب بطولة الدرجة الثانية الإسبانية مع مجموعة من اللاعبين المتألقين. 1984 انطلاقة بطل مع جيل ذهبي بعد انضمامه إلى الريال في بداية سنة 1984 بدأ المهاجم الأسطوري رحلة إثبات الذات في الفريق العالمي، كما كان إلى جانبه مجموعة متألقة جدا من اللاعبين المميزين عل غرار مانولو سانشيز، ميشيل، مارتن فازغيز وميغيل بارديزا الذين تألّقوا كمجموعة متكاملة، حتى أطلقت عليهم الصحافة اسم " النسور الخمس" حيث صالوا وجالوا في الملاعب الإسبانية منذ ذلك الموسم، وكان بوتراڤوينيو أبرزهم لأنه المكلف بمعانقة الشباك والتحرك على الأطراف، وقد تمكن "النسر" من تسجيل 14 هدفا في موسمه الأول مع الريال في سن ال 22. وبوصول هذا الجيل الجديد من اللاعبين المتألقين بزعامة بوتراڤوينيو بدأ الريال في استعادة نشوة الألقاب ورغم أن لقب الموسم ذهب لخزائن الغريم برشلونة إلا أن "البلانكوس" تمكنوا من نيل لقب كأس الملك الإسبانية وكأس الاتحاد الأوروبي (أوروبا ليغ حاليا)، كبداية فقط لعودة مرتقبة للنادي الملكي. أواخر الثمانينات والفترة الذهبية ل الميرنڤي أصبح إميليو من أحسن المهاجمين في إسبانيا ووصفته التقارير ب ملك منطقة العمليات إذ لا يضيع الشباك إطلاقا، ولهذا السبب أُطلقت عليه تسمية "البويتري" أي "النسر" أو "العُقاب"، وقد ساعده احتكاكه بهداف عالمي مثل سانشيز حيث شكلا معا ثنائيا لامعا في هجوم الريال، وكانت مرحلة أواخر الثمانينات هي أهم فترة في تاريخ إميليو لأنها عرفت تحقيقه لإنجازات عظيمة رفقة "البلانكوس"، أين تمكن جيل بوتراڤوينيو من معادلة رقم جيل دي ستيفانو سنوات الستينيات وذلك بنيلهم لقب البطولة الإسبانية لخمس مواسم متتالية ما بين 1990 و1995، وقد كان ل إميليو نصيب أوفر من ذلك حيث تمكن من تسجيل 82 هدفا في تلك المواسم، وهي الأهداف التي نصبته ملكا من ملوك "الميرنڤي" على مر التاريخ، كما استطاع الفريق آنذاك نيل لقب كأس الاتحاد الأوروبي للمرة الثانية على التوالي سنة 1986 إضافة إلى كأس الملك سنة 1989 وكأس السوبر الإسبانية سنوات 1988، 1989، 1990 على التوالي. بداية التسعينيات وخيبات الأمل مع الملكي بعد الفترة الزاهية التي عاشها بوتراڤوينيو مع النادي والألقاب التي تمكنوا من حصدها، توقفت المسيرة الناجحة ل البلانكوس بعودة النادي الكتالوني للواجهة بقيادة الهولندي يوهان كرويف الذي قاد برشلونة للسيطرة على الساحة الكروية في إسبانيا بدايات التسعينيات، لكن ذلك لم يمنع بوتراڤوينيو من الظهور دائما كملك لمنطقة العمليات، حيث كان "النسر" خفيفا وسريعا في تحركاته، وينساب بسهولة وسط المدافعين، ولذلك عرف بمرعب الحراس رفقة زميله سانشيز المكسيكي، ولم يتمكن بوتراڤوينيو من إحراز أي بطولة ما بين 1991 و1994 حيث ذهبت جميعها ل البلاوڤرانا، واكتفى إميليو رفقة فريقه بحصد لقبي كأس الملك وكأس السوبر الإسبانية سنة 1993، ولم يترك بوتراڤوينيو هواية تسجيل الأهداف إطلاقا لأنه أمضى في تلك المواسم الأربع 64 هدفا في جميع المنافسات مع النادي الملكي. 1991 "البويتري" هداف البطولة الإسبانية ورغم أن إميليو كان زعيما في زمانه باعتراف الجميع إضافة إلى كونه لاعبا متزنا وذا مستوى ثابت، إلا أنه كان ينكر دائما وإلى يومنا هذا الأمر ودائما ما يتحجج بزميله هوغو شانشيز الذي غالبا ما كان يتوج في نهاية الموسم بلقب الهداف في النادي الملكي والذي يعتبره "البويتري" من أحسن المهاجمين الذين لعبو ل الريال، غير أن "النسر" تمكن في موسم 1990-1991 من الوصول إلى سقف أكبر عدد من الدقائق التي لعبها في موسم واحد منذ بداية مشواره أين تمكن من تسجيل حضوره في 3042 دقيقة كاملة ذاك الموسم، وقد تمكنت قدمه الذهبية من تسجيل 19 هدفا في "الليڤا"، الأمر الذي سمح ل بوتراڤوينيو بتخليد اسمه في سجل هدافي "الليڤا" الإسبانية بنيل الحذاء الذهبي ولقب "البيتشيتشي"، كما بلغ عدد أهدافه في جميع المنافسات 23 هدفا كاملا، وهو الرقم الذي لم يحققه اللاعب الإسباني سابقا. نهاية مسيرة مخيبة مع "البلانكوس" بحلول موسم 94-95 بلغ "النسر" سن 30، وعقب المجد الذي عاشه رفقة الأبيض الملكي عرفت مسيرته انخفاضا محسوسا في المستوى خاصة بوصول جيل جديد من الشباب بقيادة راوول ڤونزاليس وإيفان زامورانو، كما عرفت مواسمه الأخيرة تناقص معدله التهديفي وبعض الإصابات التي أثرت عليه، فقد سجل هدفا واحدا فقط أمام راسينغ سانتاندير في 9 أكتوبر 1994 (د63)، وهو آخر أهداف "النسر" مع الملكي. وبعملية إحصائية بسيطة نجد أن إميليو لعب ذاك الموسم 12 مباراة في جميع المنافسات منها 8 مواجهات في "الليڤا" و4 في كأس الاتحاد الأوروبي، ودخل 3 مرات كأساسي فقط منها مرتين في كأس الاتحاد الأوروبي، وكانت آخر مباراة ل إميليو أمام سيلتا فيغو أين لعب 15د الأخيرة وفاز "الميرنڤي" ب 4-0 وذلك بتاريخ 22 جانفي 1995، لتكون تلك آخر الدقائق له مع الريال الذي توج في نهاية الموسم بلقب "الليڤا" بعد 4 سنوات عجاف سيطر فيها زملاء بيب ڤوارديولا. "العُقاب" يودع ملعب "البيرنابيو" بعد المشوار الرائع الذي قدمه بوتراڤوينيو في ملعب "سانتياغو بيرنابيو" قرر اللاعب الإسباني وضع حد لمشواره مع النادي الملكي الذي كان ناجحا بجميع المقاييس عدا فشله في تحقيق اللقب الغالي رابطة الأبطال، وفي جوان 1995 أقدم "النسر" على عقد ندوة صحفية كانت عاطفية للغاية، حيث أعلن فيها توديعه للنادي الملكي متوجها إلى البطولة المكسيكية لخوض تجربة جديدة مع نادي أتلتيكو سيلايا حيث صرح آنذاك: " يمكنني اللعب لموسم إضافي آخر، لكن ذلك غير ممكن مع ريال مدريد، قناعاتي تمنعني من اللعب في البطولة الإسبانية لناد آخر غير الريال"، ليغادر بذلك "النسر" النادي الملكي بعد 12 موسما، خاض خلالها 27013 دقيقة في 341 مباراة بمعدل 79.22 دقيقة في المباراة الواحدة، سجل على إثرها 123 هدفا في جميع المنافسات، ليرحل "النسر" رفقة عائلته متوجها إلى المكسيك في تجربة جديدة. المكسيك آخر محطة في الملاعب في صيف 1995 التحق النجم الإسباني بنادي أتلتيكو سيلايا المكسيكي لخوض آخر تجربة له في الملاعب، ورغم بلوغه سن ال 32 إلا أنه كان نجما في البطولة المكسيكية إلى جانب زميله السابق في الريال ميشال، ودخل بوتراڤوينيو موسمه الأول بقوة حيث لعب 34 مباراة سجل من خلالها 17 هدفا، لكن موسمه الثاني لم يكن بنفس الأناقة فرغم لعبه 26 مباراة إلا أنه لم يسجل إلا في مناسبتين فقط، لكنه عاد مرة أخرى ليسجل حضوره في موسمه الثالث مع النادي المكسيكي أتلتيكو سيلايا حيث لعب 32 مباراة سجل من خلالها 10 أهداف رغم بلوغه سن ال 35، وفي 18 أفريل 1998 أعلن إميليو بوتراڤوينيو اعتزاله كرة القدم نهائيا بعد ثلاث مواسم كاملة مع أتلتيكو سيلايا خاض خلالها 5586 دقيقة في 91 مباراة بمعدل 85.66 دقيقة في كل مباراة، سجل خلالها 37 هدفا منها 29 في البطولة المكسيكية، ليودع النسر الإسباني ميادين الكرة بعد مباراة اعتزالية أقيمت على شرفه في المكسيك. رغم تألقه فيما بعد بداية محتشمة مع "الماتادور" بعد تألقه اللافت مع نادي ريال مدريد "كاستيا" وترقيته للفريق الأول ل البلانكوس استدعي بوتراڤوينيو للمنتخب الإسباني في أورو 1984 ب فرنسا، ورغم وصول "لا روخا" للنهائي أمام المنتخب الفرنسي والذي فاز فيه رفقاء بلاتيني ب 2-0، إلا أن "النسر" صاحب الواحد والعشرين سنة لم يشارك في أي مناسبة ولو كبديل، وهي بداية محتشمة خاصة أن مدربه آنذاك في الريال دي ستيفانو كان ينتظر تألقه وهو ما لم يحدث، واكتفى "العقاب" بخوض غمار أورو 1984 لأقل من 21 سنة أين لعب خمس مباريات كاملة ب 344 دقيقة سجل من خلالها هدفين فقط، قبل أن يخسر الإسبان النهائي أمام الإنجليز ب 0-2 من إمضاء غايل وهاتلي. "النسر" والإبداع الكروي مع "لا روخا" كانت أول مباراة له مع المنتخب الأول في 17 نوفمبر 1984 ضمن تصفيات مونديال المكسيك 1986 أمام منتخب بلاد الغال، والتي تمكن فيها من تسجيل هدفه الأول في الدقيقة 90 لتنتهي المباراة ب 3-0، ليواصل اللاعب الإسباني تألقه مع المنتخب حيث خاض معه نهائيات مونديال المكسيك أين لعب المنتخب الإسباني والمنتخب الجزائري في المجموعة "د" إلى جانب البرازيل وإيرلندا الشمالية، وقد سجل إميليو رباعية في ذلك المونديال في مرمى الدانمارك في ثمن النهائي قبل أن يتم إقصاؤهم في ربع نهائي المنافسة أمام بلجيكا بضربات الترجيح، كما خاض بوتراڤوينيو نهائيات مونديال 1990 ب إيطاليا والتي أقصي فيها الإسبان في الدور ثمن النهائي أمام يوغوسلافيا، ولعب أورو 1988 ب ألمانيا أين أقصي "لا روخا" في الدور الأول، ليختتم "النسر" مشواره مع المنتخب في 18 نوفمبر 1992 في مباراة أمام إيرلندا، بعد مشوار دام ثمانية سنوات خاض خلالها 69 مباراة دولية سجل فيها 26 هدفا. اللاعب الخلوق بأسلوب لعب نظيف رغم مروره على أكبر نادي في العالم وتسجيله لأهداف عديدة وحمله لألوان المنتخب الإسباني، ورغم صعوبة المباريات في "الليڤا" خاصة ضد الغريم الأزلي برشلونة، إلا أن بوتراڤوينيو كان دائما لاعبا هادئا في الملاعب لا يحتج على قرارات الحكم، وقد دلت الإحصائيات على أن نجم "الميرنڤي" لعب لنادي ريال مدريد "كاستيا" ثلاث سنوات تقريبا نال 5 بطاقات صفراء، كما لعب للنادي الملكي 12 موسما نال فيها 5 بطاقات صفراء فقط دون تلقي أي طرد، والغريب في الأمر أن الرقم خمسة طارده حتى في المكسيك أين لعب آخر ثلاث مواسم ونال فيها 5 بطاقات صفراء دون تلقي أي طرد، وبعملية حسابية بسيطة نجد أن بوتراڤوينيو نال 15 بطاقة صفراء في كامل مسيرته التي دامت على مدار 18 سنة، دون تلقيه أي طرد أو حتى إيقافا آليا. محبوب في إسبانيا حتى من الكتلان ويعتبر "النسر" مثالا يحتذى به في إسبانيا كونه خاض 69 مباراة مع المنتخب الإسباني دون أن يتلقى أي إنذار أو طرد في مشوار امتد على مدار ثماني سنوات كاملة، وقد تحدث بوتراڤوينيو عن هذا الأمر فقال: " فعلا أظن أن لاعب كرة قدم يجب عليه أن يفكر كيف يمكنه أن يساعد فريقه، وليس بمخاصمة المنافس أو مناقشة الحكم يمكنني أن أصل لذلك. في الميدان مهمتي هي التغلب على الخصم مُظهرا ذكائي في ذلك"، وقد نال اللاعب الثناء من الجميع في إسبانيا لأنه محبوب الجماهير لحسن خصاله وأخلاقه العالية، فحتى أنصار الغريم الأزلي برشلونة يحترمون إميليو كثيرا لأنه دائما ما يظهر الاحترام اللازم لجماهير "البلاوڤرانا". لاعب بكل الألقاب إلا رابطة الأبطال استطاع بوتراڤوينيو تحقيق أغلب الألقاب رفقة الريال سواء الجماعية على غرار "الليڤا"، كأس الملك، كأس "السوبر" أو الألقاب الشخصية على غرار لقب هداف "الليڤا"، إلا أن تشكيلة "الميرنڤي" بقيادة إميليو لم تتمكن من نيل لقب كأس أوروبا للأندية البطلة (رابطة الأبطال بتسميتها الجديدة منذ 1992)، وهي النقطة التي أُعيبت على هذا الجيل الذي تمكن من معادلة جيل دي ستيفانو في عدد البطولات الإسبانية المتتالية، لكنه لم يستطع مجاراة نسقهم على المستوى الأوروبي، وبهذا يكون بوتراڤوينيو قد أخفق في حصد اللقب الأغلى على الصعيد القاري، لكن المهمة ما كانت لتكون بهذه السهولة إذا علمنا أن تلك الفترة عرفت سيطرة واضحة للكرة الإيطالية بقطبيها ميلان وجوفنتوس، وهي الفترة التي تمكن فيها الطليان من الوصول إلى النهائي في 8 مناسبات فازوا في أربع منها وخسروا في أربع، وبالتالي غاب لقب هذه البطولة عن خزائن الملكي وعن سجل "النسر" المتألق بوتراڤوينيو. دون ألقاب مع "الفوريا روخا" وإذا كان بوتراڤوينيو لم يتحصل على رابطة الأبطال مع الريال، إلا أنه مع "الفوريا روخا" (الغضب الأحمر) لم يتمكن من حصد أي لقب دولي، حيث غيبت الألقاب نهائيا عن المنتخب الإسباني بقيادة مجموعة من اللاعبين المتميزين، وإذا كان الجيل الحالي للمنتخب الإسباني يعد الأبرز على مر التاريخ كونهم أبطال أوروبا (2008) وأبطال العالم (2010) لأنهم يضمون أحسن اللاعبين وأبرز الأندية في شاكلة برشلونة وريال مدريد، فإن جيل إميليو لا يمتلك نفس خصائص الجيل الحالي رغم وجود لاعبين مثل فازغيز، ميشيل، بوتراڤوينيو أو الحارس زوبيزاريتا، لأنهم لم يكونوا الأبرز آنذاك حيث كان الطليان والألمان إضافة إلى السوفيات مسيطرين على المنافسة الأوروبية، بينما كانت الغلبة على المستوى العالمي بيد البرازيل والأرجنتين بقيادة مارادونا، وبالتالي فإن الإسبان رغم مستواهم الراقي إلا أن نجوميتهم لم تقف أمام عمالقة الكرة في ذلك الزمان، لينتظر الإسبان جيل كاسياس وتشافي لتحقيق المجد الكروي العالمي. مشواره المهني عرف بالتميز دائما بوتراڤوينيو طالب جامعي في زمانه كان إميليو لاعبا بمستوى دراسي متميز فقد تحصل إميليو على شهادة جامعية في التسويق بجامعة مدريد، وقد تحدث بوتراڤوينيو لجريدة "الهداف" في حفلها العاشر للكرة الذهبية سنة 2010 حيث قال:" لقد قمت بدراساتي الجامعية عندما كنت لاعبا محترفا في ريال مدريد"، وأضاف قائلا: "عكس ما يعتقد البعض ليس لدينا برنامج كثيف جدا، لدينا التدريبات الصباحية ثم نملك الوقت الكافي للراحة والاسترخاء، الأمر بسيط : في أوقات الراحة مثل فترة القيلولة أنجز دروسي وواجباتي، وعند التنقل مع الفريق أراجع فقط"، كما أضاف "البويتري" أن المشكل الذي كان يعترضه نوعا ما هو يوم الأحد الذي يلي المباريات مع النادي لأنه يجد صعوبة في الاستيقاظ باكرا والذهاب للدراسة، ليوضح أن الدراسة لم تشكل له أي إشكال إطلاقا من أي ناحية تذكر، بل على العكس كان يجد في ذلك راحة كبيرة. التفرغ الكلي للدراسة بعد الاعتزال بعدما ختم "البويتري" مشواره الكروي مع نادي سيلايا المكسيكي، لم يعد اللاعب النحيف إلى إسبانيا بل كانت وجهته الولاياتالمتحدةالأمريكية أين توجه إميليو لإتمام دراسته هناك، فبعد شهادة التسويق التي تحصل عليها عندما كان رفقة "الميرنڤي"، تحصل "النسر" على شهادة ماستر في تسيير الأندية الرياضية وهي الشهادة التي تخول له العودة إلى إسبانيا والبقاء في عالم الرياضة وعلى الخصوص كرة القدم التي يعشقها كثيرا، ولما لا العودة إلى ريال مدريد مرة أخرى كما صرح في الندوة الصحفية التي أعلن فيها تركه للنادي الملكي سنة 1995. تجربة قصيرة في الصحافة بعد عودته من الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى إسبانيا بقي بوتراڤوينيو دائما في ميدان الرياضة، فبعد عودته مباشرة استدعي من طرف الأمين العام لشؤون الرياضة آنذاك فرانسيسكو فيلار ليشغل منصب مستشار الوزير ويحل محل رياضي إسباني آخر هو كوليمان الذي أقيل من هذا المنصب، كما خاض تجربة في ميدان الصحافة الرياضية كمستشار في المباريات الدولية في مجال كرة القدم دائما، حيث تميزت جل مقالاته وتحاليله بالحيادية والدقة وضبط النفس، إضافة إلى برودة دم كبيرة في التعامل مع المواقف المختلفة. العودة إلى البيت الملكي من جديد في 15 جانفي 2001عين إميليو بوتراڤوينيو مديرا عاما مساعدا في نادي ريال مدريد مرسما بذلك عودته للنادي الملكي خلال العهدة الأولى للرئيس فلورنتينو بيريز، وصرح إميليو بعد تعيينه قائلا: "إنه من دواعي سروري العودة إلى النادي الملكي... أريد أن أساعد في تكوين هذا النادي وفق طموح جميع محبيه"، وأضاف قائلا: "منذ أن تركت النادي سنة 1995 أبقيت الباب مفتوحا دائما للعودة إلى بيتي... كما أنه من دواعي سروري العمل إلى جانب خورخي فالدانو إنه شخص معروف، وأتفق معه في الكثير من الأمور التي ستساعد على جعل ريال مدريد فريقا كبيرا دائما"، و بقي إميليو في ذات المنصب إلى غاية نهاية عهدة بيريز سنة 2006، لكن بمجرد عودة هذا الأخير لرئاسة النادي الملكي في جانفي 2009 بعد استقالة رامون كالديرون، عاد بوتراڤوينيو مرة أخرى لاعتلاء منصبه في إدارة ريال مدريد كمدير للعلاقات العامة في نادي العاصمة، وهو المنصب الذي يشغله بإتقان إلى يومنا هذا. حياته الشخصية هادئة ومتزنة إميليو الأب أول من اكتشف إميليو الابن كما ذكرنا في بداية الحديث فإن إميليو بوتراڤوينيو لاعب الريال هو الابن الثاني من زواج كل من إميليو بوتراڤوينيو بينافينتي مع ألفاريز بيلار، ويتضح أن الابن والأب يحملان نفس الاسم وهو أمر طبيعي في إسبانيا غير أن الأب يلصق به اسم "الدون" (أي السيد في الإسبانية)، وكان إميليو الابن متأثرا كثيرا ب الدون بوتراڤوينيو الذي كان يعشق النادي الملكي كثيرا، ويحب كرة القدم رغم أنه لم يكن نجما فيها، ولذلك كان يشجع ابنه إميليو على ممارسة الكرة لأنها رياضة جميلة وممتعة، حتى أن الأب كان يلعب مباريات مع ابنه الصغير رفقة الجيران والأصدقاء في الحديقة العائلية بشارع "نارفاييز"، ورغم أن إميليو الابن بعد وصوله سن العاشرة دخل ميادين كرة السلة إلى غاية سن ال 13، إلا أن تعلقه بالكرة جعله يتخلى عن ميادين السلة ويعود أدراجه إلى المستديرة، ولعل الدون بوتراڤوينيو هو السبب الرئيسي في ذلك لأنه اكتشف باكرا قدرة الابن وقوته في ميادين الكرة. حياة هادئة مع زوجته صونيا يعيش بوتراڤوينيو حياة عائلية هادئة، ساعدته كثيرا في الاستقرار سواء في عمله أو أثناء مسيرته الكروية، وقد تزوج إميليو في 13 ماي 1991 من صونيا ڤونزاليس في منطقة "توريلودونيس" بضواحي مدريد، وهو الزواج الذي أنجب الزوجان من خلاله فيما بعد طفلين، وقد كان لزواج إميليو أثر كبير جدا في توازن حياته لأن زوجته ساعدته كثيرا في قراراته خاصة ذلك المتعلق بمغادرة مدريد نحو المكسيك لخوض تجربة جديدة هناك، ونفس الشيء في تنقله من المكسيك إلى الولاياتالمتحدة لإتمام دراساته في الماستر، كما كانت زوجته صونيا ترافقه في الكثير من الأحيان عند خوض المباريات خاصة داخل إسبانيا، وكان يرافقها أحيانا الدون بوتراڤوينيو بينافينتي. أعجب وتحسر على حال القصبة الهداف تستقدم بوتراڤوينيو إلى الجزائر في إطار الحفل العاشر للكرة الذهبية 2010 الذي نظمته جريدة "الهدّاف"، تمكن إميليو من زيارة الجزائر لأول مرة في حياته إلى جانب الدون بوتراڤوينيو الأب، ورغم أن الزيارة هي الأولى من نوعها إلا أن "البويتري" أظهر اطّلاعه الواسع بالجزائر وهو اطّلاع ينم عن ثقافته ومعرفته، وفي حديثه مع الزملاء تبين أن بوتراڤوينيو يعرف الكثير عن الجزائر خاصة السياسة والمحنة التي تعرض لها البلد في سنوات التسعينيات، كونه مواطنا إسبانيا عانى أيضا من ويلات الحرب الأهلية في إسبانيا، أما عن معرفة إميليو بالرياضة الجزائرية فلم تكن كبيرة جدا عدا معرفته بالمنتخب الذي احتك به في مونديال 1986 ب المكسيك والذي ذاع صيته بعد نتائج مونديال إسبانيا سنة 1982، كما أظهر معرفته بكل من اللاعبين ماجر الذي يعتبره لاعبا عظيما وبلومي الذي استغرب بقاءه في الجزائر دون احتراف، كما ذكر إميليو معرفته بالعداءة بولمرقة والعداء مورسلي اللذين تألقا في أولمبياد برشلونة 1992. زار القصبة وتحسر على حالها وقبل بداية الحفل زار إميليو بوتراڤوينيو رفقة الوالد مدينة العاصمة أين قادته زيارته إلى أعالي القصبة العتيقة، وهناك أظهر إميليو إعجابا كبيرا بهذا الصّرح التاريخي الذي شبهه بمدينة "توليدو" في إسبانيا والتي تشبه كثيرا القصبة الجزائرية عندنا غير أنها أكبر منها مساحة، كما أن إميليو كان يعرف عن القصبة عدة معلومات خاصة أنها مصنفة من طرف "اليونيسكو" ضمن التراث العالمي، غير أن إميليو أظهر حسرة كبيرة على حالها، نظرا للإهمال الذي وجده فيها ولا مبالاة المسؤولين بهذا العمران التاريخي الصامد منذ القرن 16. كان نجم سهرة الكرة الذهبية وبعد زيارته لبعض المناطق في العاصمة ومروره على مقر جريدة "الهداف" و"لوبيتور" أين أمضى على السجل الذهبي للجريدة، توجه بوتراڤوينيو ليرتاح في الفندق مع والده الذي رافقه في تلك الزيارة، قبل أن يحطّ أدراجه في الحفل البهيج الذي أقامته الجريدة، والذي كان هو نجمه الأول نظرا لوزنه الكبير كواحد من أعظم اللاعبين الذين أنجبتهم الكرة الإسبانية والعالمية على حد سواء، وقد قام بوتراڤوينيو بتسليم الكرة الذهبية الخاصة بأحسن لاعب في الجزائر لسنة 2010 وهي السنة التي حقق فيها المنتخب الجزائري تأهله ل المونديال بعد 26 سنة كاملة من الغياب، أي منذ آخر مواجهة مع المنتخب الإسباني بقيادة بوتراڤوينيو، وقد كان عبد المجيد بوقرة هو اللاعب المتوج بالكرة الذهبية واستلم الجائزة من إميليو بوتراڤوينيو، وقد كانت مناسبة الكرة الذهبية فرصة ل النسر حتى يلتقي بعدة شخصيات جزائرية على غرار رابح ماجر الذي أجرى معه حديثا طويلا. البطاقة الفنية: الاسم: إميليو بوتراڤوينيو سانتوس تاريخ الميلاد: 22 جويلية 1963 مكان الميلاد: مدريد، إسبانيا تاريخ التسجيل في الاحتراف: 15 أوت 1980 تاريخ الانضمام للفريق الأول: 5 فيفري 1984 عدد المباريات مع الأندية: 497 عدد المباريات مع المنتخب:69 عدد الأهداف مع الأندية: 188 عدد الأهداف مع المنتخب: 26 الألقاب: البطولة الإسبانية: 6 مرات (1986، 1987،1988، 1989، 1990، 1995) كأس الملك: مرتين (1989، 1993) كأس الاتحاد الأوروبي: مرتين (1985، 1986) كأس السوبر الإسبانية: 4 مرات (1988، 1989، 1990، 1993) كأس الرابطة: مرة واحدة (1985) كأس "إيبيروأميريكانا": مرة واحدة (1994) لقب الدرجة الثانية: مرة واحدة (1984) الحذاء الذهبي (هداف الليڤا): مرة واحدة (1991) الكرة البرونزية: مرتين (1986، 1987). من إعداد: كمال عصماني.