مرّة أخرى تجد الجزائر نفسها مضطرة للدخول في متاهة هي في غنى عنها، والظاهر أن المباريات مع الأشقاء تحوّلت إلى نقمة علينا لاسيما عندما نفوز عليهم، فما حدث سهرة الأحد الماضي بملعب محمد الخامس بالدار البيضاء المغربية بين منتخبي الجزائر وليبيا أعاد ذاكرتنا إلى ما حدث بين الجزائر ومصر عندما أُجبرنا على الدخول في صراع لم نكن نريده، وهو الصراع الذي كسبناه من اليوم الأول إلى النهاية في السودان في ظل توتر شديد عصف بالعلاقات بين الجزائر ومصر، وحتى إن كان ما حدث يوم الأحد الماضي في المغرب يبقى مجرد اشتباكات بين اللاعبين إلا أنّ القنوات الليبية التي تبث من طرابلس ومصر قد تفعل ما فعلته قنوات هذه الأخيرة وتجرّنا إلى فتنة جديدة يرفضها مسؤولو الكرة في الجزائر وليبيا والجميع لتفادي أي توتّر جديد قد يعصف بعلاقة ليبيا معنا. روراوة يصرّ على تجاهل ما حدث وكويدر يعتذر ومن حسن الحظ أنّ مسؤولي الكرة من الطرفين لجآ إلى أسلوب التهدئة وتجاهل ما حدث في صورة رئيس الاتحادية الجزائرية محمد روراوة الذي رغم تأسفه على ما حدث إلاّ أنّه رفض الدخول في التفاصيل وأصرّ على تجاهل الأمر، مطالبا بطي الصفحة ونسيان ما حدث بما أنّ هذا النوع من الاشتباكات يحدث بين اللاعبين في الكثير من مباريات كرة القدم، والأمر نفسه بالنسبة للرجل الأول على رأس الكرة الليبية مفتاح كويدر الذي اعتذر من روراوة على ما حصل من لاعبيه وهنّأ الجزائر على فوزها المستحق وشجب تصرفات لاعبيه بل وهدّد بمعاقبتهم وطرد عدد منهم بعدما يحقق في الأمر، وهي مبادرة حسنة قد نتفادى من خلالها ما حدث بيننا وبين مصر سابقا. المنتخبان سيلتقيان في تشاكر وحذار من فتنة جديدة ضرورة تجاهل ما حدث تفرضها عوامل عدّة أبرزها أنّ الأمر يتعلق باشتباكات بين اللاعبين فقط فالليبيون لم يتقبّلوا الخسارة في آخر دقيقة فتصرّفوا بتلك الطريقة وتسبّبوا في اندلاع تلك الاشتباكات على أرض الميدان وانتهى الأمر بعد ذلك، وبالتالي فلا حاجة إلى تهويل ما حدث لاسيما أنّ المنتخبين مقبلان على مواعيد هامة مستقبلا أوّلها بعد شهر من الآن عندما يحل المنتخب الليبي ضيفا على الجزائر في ملعب مصطفى تشاكر بالبليدة لخوض مباراة العودة لحساب الدور التصفوي الأخير، والتهدئة من الآن أفضل لتفادي أي سيناريو خطير. ... وسيلتقيان أيضا في “الشان" ذهابا وإيابا ولن تكون مباراة العودة الأخيرة بين المنتخبين لأنّ القرعة أبت إلا أن يواجها بعضهما البعض في تصفيات كأس إفريقيا الخاصة بالمحلّيين، لذلك فإنّ أي تصعيد أو تهويل من الآن لما حدث أوّل أمس بملعب محمد الخامس قد يزيد الطين بلّة وقد يضرّ العلاقات بين البلدين والمسؤولين إلى غير ذلك، لذلك فإنّ التعقّل مطلوب لتفادي مشاهدة صور قد تكون أبشع من تلك التي شاهدناها على الميدان مساء الأحد الماضي. الجزائر قد تواجه ليبيا في طرابلس وحتى إن كانت ليبيا إلى حدّ كتابة هذه الأسطر مضطرة إلى استقبال “الخضر" في تصفيات كأس إفريقيا الخاصة بالمحليين على ملعب محايد بما أنها لم تتلق الضوء الأخضر للعودة إلى ديارها بسبب تردي الأحوال الأمنية هناك، إلا أنّ هناك احتمالا أن يُسمح للمنتخب الليبي باستقبال منتخب الجزائر في تصفيات “الشان" على أرضه، وحينها وفي حال أي تصعيد أو تضخيم للأمور قد يدفع محليونا الثمن لاسيما أنّ القنوات الليبية في الوقت الحالي تحذو حذو القنوات المصرية سابقا وتحاول بأي شكل من الأشكال أن تجرّ البلدين إلى ما لا تُحمد عقباه. علي سلامة سبب ما حصل وكويدر يهدّد بمعاقبته وبالعودة إلى تلك الأحداث المؤسفة التي عشناها في المغرب لابد من التأكيد على أنّ أشبال المدرب أربيش دخلوا اللقاء وهدفهم إخراج زملاء قدير من تركيزهم، فمنذ انطلاق المباراة كانوا يتعمّدون السقوط واستفزاز الحكم والتشابك مع لاعبينا، إلى أن أعلنها اللاعب علي سلامة الذي يحمل الرقم 14 حربا في الميدان، حيث حصل اشتباك بينه وبين جبور في الوقت بدل الضائع قبل أن يتوجّه إليه مباشرة بعد نهاية اللقاء للاعتداء عليه، فاختلط الحابل بالنابل حينها بين الطرفين وامتدت الاشتباكات إلى الأنصار من خلال التراشق بالقارورات في المدرجات وخارج الملعب، ومن حسن الحظ أنّ الكرة الليبية هي الأخرى يشرف عليها شخص عاقل اسمه كويدر الذي وعد بمعاقبة المتسبّبين في الأحداث وبشطب أسماء من يثبت تورّطهم، والصور تثبت أنّ علي سلامة هو سبب المشاكل ومعاقبته من طرف الإتحادين الليبي والإفريقي أيضا بما أنّ الحكم دوّن كل شيء قد تُنهي الحكاية من الآن. الجمهور الجزائري عليه التعقّل لأنّ “الخضر" اقتربوا من التأهل وبغض النظر عن كل ما حدث يبقى جمهورنا الجزائري مطالبا بالتعقل في لقاء العودة حتى لا تتأزّم العلاقات أكثر بين الطرفين، لاسيما أنّ منتخبنا وضع قدما في جنوب إفريقيا بعد هذا الفوز ولم يعد يفصله عن المشاركة في نهائيات كأس إفريقيا 2013 سوى 90 دقيقة ستُلعب على أرضنا.