تغيّرت كلية السمة التي كانت تُعرف بها التشكيلة الوطنية في الأسابيع الماضية، خاصة منها الأجواء الحيوية الكبيرة التي كانت تُميز النخبة من مرح ومزاح وحيوية كان يُحسد عليها اللاعبون من قبل “الغيورين” على ما وصلت إليه الجزائر من إذابة الجليد وإبطال مبدأ التكتلات التي حاول البعض زرعها وسط اللاعبين، لكن ما شهدناه في الفترة الأخيرة، لاسيما عقب الخسارة التي تكبدها المنتخب الوطني أمام سلوفينيا جعلنا نشهد على وجه مغاير تماما لما تعوّدنا عليه وسط التشكيلة، بل الخسارة أفسدت الأجواء كلية وسط المنتخب. مجموعة واحدة زالت في الأيام الأخيرة كلما تقدمت الأيام وكلما بدأت الساعات تقل عن موعد المباراة التي تنتظر “الخضر” أمام المنتخب الإنجليزي، كلما زاد تأكدنا ونحن نقف على تدريبات “الخضر” هنا في “دوربان” أن الأمور والتلاحم والصورة الجماعية وأيضا روح المجموعة بدأت تزول بشكل تدريجي، إن لم نقل زالت في الأيام الأخيرة، خاصة لما ترى أن من كان يخلق أجواء من المرح صار منكمشا ويتدرب في صمت، مثال ذلك شاوشي، حتى وإن كان هذا الأخير يمزح من حين إلى آخر . “الطوايش” و”الدقايش” تغيب في وقت سابق، وحينما كان الطاقم الفني يبرمج تمارين بالكرة يضع فيها عنصرا أو عنصرين وسط مجموعة من اللاعبين ويطلب منهم تمرير الكرة بلمسة واحدة، كان من يخطأ في التمرير ينال عقابه من زملائه بطريقة تبعث على المرح وتترك إنطباعا لكل من يشاهد الحصة أن المجموعة هي مثل العائلة الواحدة، لا سيما في “الطوايش” و”الدقايش” التي يستعملها اللاعبون، لكن حتى هذه التصرفات غابت وغابت معها روح المرح بين اللاعبين. الحصص تفتقد إلى الحيوية وكأن الجميع يتنقل إلى جنازة وفضلا عن غياب الحيوية في الحصص التدريبية التي يبرمجها المدرب الوطني كل عشية، فإن الأمر الذي شد إنتباهنا ونحن نقف على ما يجري وسط النخبة هو حينما تخرج من الفندق وتهم بركوب الحافلة للذهاب إلى مكان إجراء الحصة التدريبية، حيث يُخيّل لنا وكأن الجميع ينتقل “فوق القلب” إلى التمارين أو كأنهم ذاهبون إلى دفن ميت عزيز عليهم. “لم تُعوّدونا يا أبطال العرب على هذه الصورة” كل من شاهد صورة المنتخب الجزائري في اليومين الماضيين يتأسف بشدّة على حال “الخضر” سواء بين الأنصار أو الزملاء الصحفيين، ولسان حال الجميع يقول: “لم تعوّدونا يا أبطال العرب على هذه الصورة الشاحبة والبرودة القاسية في التدريبات”، هي صورة تنطبق تماما على منتخب فقد الأمل في إمكاناته وبدأ يُحضّر حقائبه لأجل مغادرة المونديال، وكأنهم خسروا مسبقا مبارتي إنجلتراوالولاياتالمتحدةالأمريكية، وهذا رغم بعض التصريحات المتفائلة من بعض اللاعبين. إبعاد منصوري أفقد البعض الثقة في النفس بعد أن كان يزيد منصوري قائد التشكيلة الوطنية صاحب الكلمة الأولى في المنتخب، ليس فقط لأنه يحمل شارة القائد ويعد أقدم عنصر في المنتخب، وإنما لروحه المرحة ومحاولاته المتكرّرة لإشراك الجدد في المجموعة، لكن سحب شارة القائد وإبعاده عن التشكيلة في لقاء سلوفينيا كان له أثر شديد في نفسية اللاعب وزملائه الذين أبدوا تعاطفا كبيرا مع زميلهم، وقد يكون هذا سببا في شعور اللاعبين أن القرار لم يكن تكتيكيا من سعدان بقدر ما كان إرضاء رغبة الشارع وضغط الجماهير. عنتر يحيى ويبدة أخذا زمام القيادة بالإضافة إلى إبعاد منصوري، ليس فقط عن التشكيلة الأساسية، بل حتى عن الندوات الصحفية، نصّب مدافع نادي “بوخوم” الألماني عنتر يحيى نفسه قائدا جديدا وبأتم معنى الكلمة، لاسيما وأنه يُحاول أن يضفي نوعا من الجدية وسط التشكيلة ويكون دائما على رأس أول من يعلق على أسئلة الصحفيين وما يدور من حول المنتخب، وفضّل إبن مدينة “سدراتة” أن يكون وسط الميدان حسان يبدة هو الزميل الأنسب لأخذ زمام المبادرة في قيادة المجموعة. الندوات الصحفية... “دائما حاضران” كما يبقى عنتر يحيى وحسان يبدة محافظين دائما على نشاطهما وحيويتهما في قيادة التشكيلة، بدليل ظهورهما المستمر في الندوات الصحفية التي ينشطها الناخب الوطني، أو يكون فيها رجال الصحافة بحاجة إلى توضيحات من قبل اللاعبين لأمر ما، وأحسن مثال هو ردهما على ما كتبته الصحيفة الفرنسية “ليبيراسيون”. “الكوادر” يُحاولون إزالة الضغط وإذا كان يبدة يُعتبر لاعبا جديدا في المنتخب، فإن عنتر يحيى، مجيد بوڤرة وكريم زياني الذين يعتبرون من “كوادر” المنتخب يُحاولون في كل مرة إيجاد طريقة يُزيلون فيها القلق عن زملائهم ويزيلون الضغط الذي بدأ يدب في نفسية الشبان أمثال رياض بودبوز، جمال مصباح، ڤديورة، قادير والبقية. تنظيم رحلة “حظيرة التماسيح” لإزالة الضغط والرتابة والظاهر أن برمجة الناخب الوطني رحلة إلى “حظيرة التماسيح” أول أمس، ما هي إلاّ طريقة اهتدى إليها سعدان بعد ملاحظته للأوضاع التي صارت عليها التشكيلة، حيث راح يحاول كيف يعيد تلك الحيوية بإخراج اللاعبين من الفندق وتركهم في جو مرح يتمتعون بالطبيعة ومشاهدة التماسيح، وهذا كما هو معلوم يدخل في سياسة إزالة الضغط والرتابة. الحديث قل بين التشكيلة والطاقم الفني الأمر الآخر الذي لاحظناه وسط النخبة الوطنية، هو أن ذلك الحديث الجانبي الذي كان من حين لآخر نشاهده بين اللاعبين والطاقم الفني، زال بشكل تدريجي، بل صار منعدما في الوقت الحالي، وهذا ما يعكس قلة التواصل بين الطاقم الفني واللاعبين وما من شأنه أن يحدث إشكالا في المستقبل، يجعلنا نقلق على الوجه الذي سيظهر به عناصرنا الوطنية أمام إنجلتراوالولاياتالمتحدةالأمريكية. التشكيلة إستفادت من راحة وبقيت في الفندق فضلا عن الراحة التي استفادت منها العناصر الوطنية صبيحة الثلاثاء والتي نقل خلالها الوفد إلى “حظيرة التماسيح”، فإن سعدان منح عناصره أمس راحة، لكن اللاعبين لم يخرجوا من الفندق، بل بقوا بداخله يتجاذبون أطراف الحديث ويناقشون مسائل تدور في أغلبها حول ما ينتظر المنتخب، وأيضا ما يحدث في المونديال. سعدان يعيش ضغطا رهيبا وإذا كانت العناصر الوطنية ترى نفسها قد تركت أجواء المرح وصارت تحت ضغط رهيب أبعدها عن جو المرح المعتاد، فإن الأمر الأكيد هو أن الضغط كله هو على الناخب الوطني الذي ما يزال يقلب صفحاته التكتيكية ويرى أي حل يناسب التشكيلة قبل ملاقاة “الأسود الثلاثة”. ... ويكتفي بمعاينة اللاعبين والمنافسين وفي مقابل خروج سعدان لأجل الترويح عن نفسه مع اللاعبين إلى حظيرة التماسيح، فإنه إكتفى يوم أول أمس بالبقاء في الفندق ومعاينة لاعبي منتخب إنجلترا من جديدومحاولة الوقوف على نقاط ضعفهم لإستغلالها وتوضيحها إلى عناصره، كما بقي أيضا مثلما ذكرته “الهدّاف” في عدد أمس يُعاين بالتدقيق لقاء إنجلترا – الولاياتالمتحدة الذي جرى السبت الفارط.