بكثير من الصراحة حدثنا نور الدين قريشي عن الفريق الوطني وعن نقاطه الإيجابية والسلبية، وهذا بعدما انتهى كل شيء وخرج فريقنا الوطني من المونديال الإفريقي... وحان الوقت لكي نتناقش بهدوء وعقلانية في ما يخص مشاركة “الخضر” في كأس العالم وحتى كأس إفريقيا للأمم بأنغولا، حيث حدثنا قريشي عن كل الأمور بعدما تابع كل صغيرة وكبيرة في مباريات “الخضر” في سنة 2010، كما حدثنا عن مستوى لاعبي الفريق الوطني في كلتا المنافستين، وإليكم ما استخلصه اللاعب الدولي السابق لسنوات الثمانينات. “تحضيراتنا كان ينقصها اللقاءات الودية الكثيرة” في البداية تحدث قريشي بخصوص التحضيرات التي أجراها “الخضر” قبل الذهاب إلى جنوب إفريقيا، وقال إن الفريق كان مشكلا من عدد كبير من اللاعبين الجدد إضافة إلى أن اللاعبين القدامى أغلبهم لم يكونوا يلعبون بانتظام في أنديتهم، ولذلك كان يتوجب علينا أن نلعب أكبر عدد ممكن من المباريات الودية مثلما حدث قبل مونديال إسبانيا 1982 ومونديال المكسيك سنة 1986، حيث صرح لنا: “لقاءين فقط أمام كل من إيرلندا والإمارات لم يكونا كافيين من أجل وضع خطط مناسبة في الهجوم وإحداث الانسجام بين اللاعبين الجدد والقدامى، تحضيراتنا كان ينقصها اللقاءات الودية الكثيرة، لم نلعب مباريات كبيرة من أجل تحسين اللعب الجماعي وخلق أسلوب لعب خاص بالمنتخب الجزائري”. “كان لزاما علينا أن نستخلص الدروس من مشاركتنا في كأس إفريقيا” وفي السياق نفسه قال نور الدين قريشي إننا لم نستطع أن نستخلص العبر من مباريات أنغولا، حيث صرح: “بالرغم من أننا لعبنا 6 لقاءات في كأس إفريقيا الأخيرة بأنغولا إلا أننا لم نعرف كيف نستخلص الدروس، حيث كنا نستطيع أن نحسن من مستوانا في التنشيط الهجومي، كانت تجربة جيدة وأتاحت لنا لعب عدد كبير من المباريات، فمن خلالها شاهدنا صيام غزال عن التسجيل وكذا عدم وجود حلول في التنشيط الهجومي، ولم نسجل عن طريق بناء الهجمات إلا في لقاء كوت ديفوار الذي أعتبره لقاء خاصا من جميع النواحي، كل هذه الأحداث ولم نعرف كيف نحلل نقاط ضعفنا لنستخلص السلبيات والإيجابيات”. “نملك حراسا من العيار الثقيل” أما فيما يخص مردود اللاعبين فوق أرضية الميدان، فبدأ نور الدين قريشي بتحليل مستواهم بدءا من حراس المرمى، وقال: “رغم الخطأ الذي ارتكبه شاوشي في المباراة الأولى أمام سلوفينيا، إلا أنه يبقى حارس مرمى جيدا وبفضله تأهلت الجزائر إلى مونديال جنوب إفريقيا، أما عن الخطأ فكان سوء تقدير منه فقط وعوض الانقضاض على الكرة قبل أن ترتطم بالأرض تركها حتى تصل إليه، وهو الشيء الذي جعل الكرة تبتعد عنه وتدخل الشباك، لكن عليه أن يعمل أكثر وبجدية حتى يعود إلى مستواه”، أما بخصوص الحارس المفاجأة مبولحي، فقال بشأنه “مبولحي عرف كيف يستفيد من الفرصة التي أتيحت له واستطاع بفضلها الحصول على الرقم واحد في حراسة عرين “الخضر” وهذا طبعا بفضل إمكاناته الكبيرة التي يتمتع بها والاحترافية التي تميز عمله أيضا، ومردوده الجيد أمام كل من إنجلترا ثم الولاياتالمتحدة الأمريكية“. مدافعونا جيدون فرديا لكن... وبخصوص المدافعين صرح قريشي أن الدفاع الجزائري كأفراد يتشكل من أقوى المدافعين على مستوى إفريقيا، وأضاف “فمثلا حليش كان يصارع من أجل الفوز بالثنائيات خاصة في الكرات العالية، أما بوقرة وعنتر فمستواهما لا يمكن أن نتحدث عنه، فعنتر يحيى مدافع صلب وكان يساهم مع زملائه بشكل كبير في الهجوم خاصة عن طريق الكرات الثابتة، وكان وراء تسجيل الهدف الذي أهلنا إلى المونديال، أما بوقرة فينشط في ناد كبير اسمه غلاسغو رانجرز، كما سبق له اللعب في البطولة الإنجليزية، ولذلك مستواهم من الناحية الفردية جيد، لكن الشيء الذي جعلهم يتلقون أهدافا كثيرة، لعبهم بطريقة 3-5-2، وهي الخطة التي لم يتعودوا عليها في أوروبا حيث لا تجد فريقا أوروبيا يلعب بهذه الخطة، إذا أردنا أن نضع لاعبينا في ظروف جيدة علينا أن نلعب بخطة 4- 4- 2، وهنا يجب أن نضحي بحليش أو بوقرة أو عنتر يحيى لأنه من غير الممكن أن نضع عنتر أو بوقرة على الجهة اليمنى ومنصبهما الأصلي في وسط الدفاع”. “يمكن لبلحاج أن يفعل ما كان يفعله مغني على الجهة اليسرى” أما في ما يخص الحلول التي يمكن لنور الدين قريشي تقديمها للخط الهجومي، فقد اقترح أن يتم وضع نذير بلحاج في الشق الهجومي من الناحية اليسرى وإعطاؤه حرية أكبر من أجل التوغل داخل المنطقة أو تقديم كرات في العمق نحو المهاجمين، وهو الدور الذي كان يقوم به مراد مغني بالإضافة إلى وضع بوديوز أو قادير على الجهة اليمنى من الهجوم ليقوم بنفس الدور الذي يقوم به بلحاج لكن على الجهة اليمنى وهذا إلى غاية العثور على صانع ألعاب حقيقي “في الهجوم كان بإمكاننا أن نضع بلحاج في الشق الهجومي من الناحية اليسرى لأنه بإمكانه أن يعطي الحلول لكن بشرط إعطائه حرية أكبر من أجل التوغل داخل المنطقة أو تقديم كرات في العمق نحو المهاجمين“. “كرة القدم الجزائرية تعتمد كثيرا على الأسلوب الفني” وفي موضوع آخر حدثنا نور الدين قريشي عن طبيعة اللعب الجزائري والتي سمحت للمنتخب الوطني سنوات الثمانينيات بالتألق أمام أقوى المنتخبات العالمية، والتي جعلت من الجزائر قوة على المستوى الإفريقي، حيث قال في هذا الشأن: “لم نشاهد ذلك اللعب الذي يتميز بالسرعة والخفة والمراوغات التي عوّدنا عليها اللاعب الجزائري، كرة القدم الجزائرية تعتمد كثيرا على الأسلوب الفني من أجل خلق المساحات والتي تسمح للاعب باختراق الدفاع المكثف وهذا ما كان ينقصنا أمام سلوفينيا التي لعبنا أمامها بتحفظ أكثر من اللازم، حيث لم نستغل الفرصة للتقدم للأمام خاصة من الجهة اليمنى لدفاعهم التي كانت ضعيفة للغاية ولم يحسن بلحاج استغلالها كما ينبغي، وعوض اللعب في الهجوم لعبنا بستة لاعبين في الوسط وثلاثة في الدفاع ومهاجم واحد في الأمام”. “إن بقي سعدان مدربا يمكن أن أقدم له المساعدة” وعن المساعدة التي يمكن أن يقدمها للفريق الوطني وللمدرب رابح سعدان، في حال واصل سعدان مهامه على رأس الفريق الوطني خلال السنتين المقبلتين، قال قريشي: “بعد مشاركة الفريق الوطني في كأس إفريقيا للأمم الأخيرة بأنغولا وكذا كأس العالم بجنوب إفريقيا استخلصت عدة أمور ربما لم ينتبه إليها رابح سعدان ومساعديه، كما سجّلت عدة سلبيات يجب مراجعتها من ناحية لعب الخضر وأعتقد أنه حان الوقت لتغيير بعض الأمور خاصة من الناحية الهجومية. إن بقي سعدان مدربا يمكن أن أقدم له المساعدة”. وقد ركز قريشي على منح الإضافة للخط الأمامي الذي عانى كثيرا منذ اللقاء الذي خسره أمام مصر في نصف نهائي كأس الأمم الإفريقية الأخيرة بأنغولا. “حضرت جميع لقاءات الجزائر في المونديال وأعرف أين يكمن الخلل” وعن الإضافة التي يمكن أن يقدمها نور الدين قريشي ل”الخضر” بفضل تجربته بما أنه كان لاعبا سابقا في الفريق الوطني، تحدث بإسهاب عن نقاط الضعف التي يجب أن نجد لها الحلول في أقرب وقت ممكن، حيث قال: “لم أقل هذا إلا بعدما شاهدت كل مباريات المنتخب الوطني في كأس أمم إفريقيا بأنغولا، بالإضافة إلى أنني كنت حاضرا في جنوب إفريقيا وتابعت مباريات الجزائر التي لعبتها في المونديال عن قرب وعرفت أين يكمن الخلل، ويبقى الآن أن أقدم الحلول التي أراها صائبة”. “يجب أن نخلق التوازن بين الدفاع والهجوم” وبخصوص الحلول التي اقترحها نور الدين قريشي قال: “أولا علينا خلق التوازن بين الخطوط الثلاثة في المنتخب، فلا يعقل أن نلعب كل اللقاءات بخطط دفاعية والاكتفاء فقط ببعض المحاولات عن طريق الكرات الثابتة”، وأعطى مثالا في هذا الصدد بالمنتخب الذي شارك في مونديال 1982 حيث قال: “في 1982 لعبنا بدفاع مسطح مكوّن من 4 مدافعين ومسترجع واحد وهو علي فرڤاني الذي لا يعتبر وسط ميدان دفاعي حيث يملك نزعة هجومية، أما الباقي فكلهم كانوا مهاجمين أمثال بلومي، ماجر، عصاد، دحلب وجمال زيدان، واستطعنا أن نخلق التوازن بين الخطوط الثلاثة وبذلك حققنا نتائج جيدة”. “يجب منح الفرصة للاعبين القدامى وبإمكاني تقديم الإضافة” وفي الأخير ذكر نور الدين قريشي أن الاتحادية الفرنسية لكرة القدم منحت الفرصة ل”لوران بلان” من أجل الإشراف على تدريب المنتخب الفرنسي رغم أنه لا يملك الخبرة على مستوى التدريب، لكن خبرته حين كان لاعبا جعلت المسؤولين على الكرة الفرنسية يضعون فيه الثقة من أجل العمل على تحضير منتخب قوي في المستقبل. وعلى ضوء ذلك طلب نور الدين قريشي من القائمين على الكرة الجزائرية أن يمنحوا الفرصة للاعبين القدامى من أجل تقديم المساعدة للمنتخب الجزائري الذي يحتاج إلى خبرة لاعبين تقمصوا ألوان أكبر الأندية الأوروبية سابقا، حيث قال: “على المسؤولين في الاتحادية الجزائرية لكرة القدم أن يمنحوا لي وللاعبين القدامى الفرصة لأنه بإمكاني تقديم المساعدة للمدرب رابح سعدان في حال بقائه، خاصة أنني نشأت في بيئة تشبه كثيرا البيئة التي نشأ فيها اللاعبون المغتربون، زد على ذلك تجربتي حين كنت لاعبا مكنتني من تحضير مشروع جيد إلى غاية 2012 بإمكانه أن يقدم الإضافة للمنتخب خاصة من الناحية الهجومية، فرنسا ليست أفضل منا لأنها وضعت الثقة في لاعب سابق للإشراف على الديّكة”.