على هامش الحوار الذي أجرته جريدة “لوباريزيان“ مع المدرب الجديد للمنتخب الفرنسي “لوران بلان”، استغلينا الفرصة لنطرح العديد من الأسئلة التي تهمّ الجمهور الرياضي الجزائري خاصة قضية اللاعبين مزدوجي الجنسية. كما قدّم لنا رأيه بخصوص مشاركة المنتخب الجزائري الأخيرة في نهائيات كأس العالم، وعبّر لنا عن طبيعة العلاقة المميّزة التي تربط بطل العالم 1998 مع بلادنا. وأليكم الحوار كاملا الذي أجرته “لوباريزيان” بمشاركة مراسل “الهدذاف” من فرنسا. “يزعجني أكثر أن نأتي للاعب في سنّ 21 لنعرض عليه لعب المونديال مع منتخب آخر” “سأكون قريبا من طافار، بلفوضيل والبقية... سأعمل على إقناعهم حتى يقوموا بالخيار الأفضل” “منتخب الجزائر كان قريبا جدا من التأهل وضيّع فرصته في مباراة انجلترا” “أعشق الجزائر، زرتها في سنّ 13، زوجتي من أصول جزائرية وأريد أن اصطحب أولادي في زيارة إلى هناك” “بوڤرة هو الذي رفض اللعب ل بوردو وبودبوز يستحقّ أن يلعب في نادٍ أكبر” “إذا كانت لدى ريبيري الإرادة سنقدّم له يد العون والمساعدة“ ما رأيك في المشاركة الجزائرية خلال “المونديال“ الإفريقي الأخير؟ المنتخب الجزائري لم يكن بعيدا تماما عن التأهل، لقد كان قريبا جدا من الصعود للدور الثاني، للأسف الفرصة كانت كبيرة خاصة خلال المباراة الثانية أمام المنتخب الإنجليزي. يومها المنتخب الجزائري كان أقرب للفوز وكانت لديه كلّ الإمكانات للترشّح. أنت الذي عرفت بتوجّهك الدائم نحو الخطط الهجومية، أكيد أن لاحظت نقص الجُرأة لدى المنتخب الجزائري خلال هذا “المونديال“؟ نعم، يمكن أن نقول ذلك ولو أنه في العادة المباراة الثانية في “المونديال“ تكون دائما مباراة فخّ ومباراة حسابات، ولا نلعبها دائما بقوة لأننا دائما نضع في حسباننا المباراة الثالثة والأخيرة. للأسف، الجزائر لم تكن موفقة في هذه المباراة (خسرت أمام الولاياتالمتحدة بهدف لصفر)، وهذا ما يجعلنا نتصوّر أنه كان على الجزائر ألا تضيع فرصة الفوز الذي كان متاحا لها أمام إنجلترا. هل تعرف اللاعبين الدوليين في المنتخب الجزائري؟ نعم، أعرف مجيد بوڨرة الذي كاد يوقع لنادي “بوردو“ العام الماضي. كنت تفضله على المدافع “سياني“ الذي وقع في الأخير ل “بوردو“؟ لا، ليس هكذا. ما أقوله أني كنت فكرت فيه قبل “سياني“ لكنه لم يلتحق ورفض اللعب معنا لأسباب تبقى غامضة بالنسبة لي، وكان عليّ أن أتعامل مع ذلك لأنها أمور تعوّدنا عليها في كرة القدم. على كل لقد التقيت به في “ميرانو“ بإيطاليا أين جاء من أجل تخفيف وزنه حتى يستعدّ للموسم الجديد. هل يستحق برأيك أن يلعب لنادٍ أهمّ من ناديه الحالي “ڤلاسڤو رانجيرز”؟ يستحقّ ذلك، في فرنسا أو غيرها، وهو ليس الوحيد، هناك لاعبون آخرون ممن أعرفهم مثله بحكم أنهم لعبوا في السابق في الدوري الفرنسي، والذين أرى بأنهم يستحقون اللعب في أندية أكبر وأهمّ من تلك التي يحملون ألوانها. مثل من؟ مثل الصغير بودبوز الذي جرى كلّ تكوينه في الفئات الشابة للمنتخب الفرنسي. على ذكر بودبوز، نريد رأيك في كل هؤلاء الشبان الفرانكو- جزائريين الذين اختاروا اللعب لمنتخب الجزائر على غرار بودبوز؟ هذا يصدمني قليلا، لكن حتى وإن كنت أقرّ من المنطقي تواجد لاعبين مزدوجي الجنسية وبأن يختار هؤلاء المنتخب الذي يفضّلونه، إلا أنني أرى أنه من الضروري أن نعمل حتى يكون خيارهم الأفضل. هل تسعى لتكون مهتمّا وقريبا أكثر من اللاعبين مثل بلفوضيل، براهيمي، طافار وفغولي، وكلّ هذه الموجة الجديدة من اللاعبين مزدوجي الجنسية؟ نعم، سأعمل لكي أكون قريبا منهم حتى يقوموا بالخيار النهائي بالنسبة للمنتخب. هل ستعمل على إقناعهم؟ نعم، لكن سواء كانت لفائدة منتخب أو آخر أنا لن أعمل على التأثير عليهم، لأنه قبل كل شيء هناك اعتبارات كثيرة تتدخل، هناك قناعات، هناك روابط وانتماء. أنا أحترم الجميع لكن أرى بأنه عندما يحين الوقت لنقوم بقرار ما لا بدّ من أن نفعل ذلك. لا يعجبني تماما أن أرى لاعبا في سنّ 21 ولأسباب متعدّدة نقول له بأنه قادر على المشاركة في نهائيات كأس العالم مع منتخب آخر. هذا يؤلمني فعلا مع أنها الحقيقة. ما الذي تنوي القيام به لمواجهة هذا التوجّه بالنسبة لهؤلاء اللاعبين؟ من خلال المعايير التي سنعتمدها في المديرية الفنية الفرنسية لكرة القدم، سنواجه ذلك، حيث سنركز على الانتماء للقميص الذي يحمله أيّ لاعب في المنتخب. أنا شخصيا أولي أهمية كبيرة للانتماء للقميص ولا أريد أن يعتقد الناس أن هذا توجّها عنصريا من طرفي، ولمّا أتكلم عن هؤلاء الشبان فأنا أعني جميع الشبان من كل الألوان والأعراق. ما هي الذكريات التي تحتفظ بها من آخر زيارتيك للجزائر الأول في 2005 بمناسبة حفل الكرة الذهبية ل “الهداف“، والثانية بمناسبة جولة منتخب فرنسا 1998 هناك؟ ذكريات جميلة فقط، لقد ذهبت إلى الجزائر بكل إرادتي، ذهبت كثيرا للجزائر وبالخصوص العاصمة، هذا البلد أعشقه وبرغم ما يقال عن ذلك، فإن لدينا تاريخا مشتركا. أول مرّة زرت فيها الجزائر كان ذلك بمناسبة عطلة وكان عمري لا يتعدى 13 سنة، وأترككم تتخيّلون كم مرّ من سنة على ذلك (يضحك)... عائلة زوجتك من أصول جزائرية، هل هذا صحيح؟ بالفعل، والدة زوجتي وجدّها أيضا مولودان في الجزائر، وأتمنى فعلا أن أصطحب معي أبنائي لزيارة الجزائر، فهم لا يعرفون بعد هذا البلد، أجده بلدا رائعا، زرته قبل ثلاثين سنة وأرى أنه يتفتح أكثر على العالم، وهو برأي بحاجة لذلك خاصة في المجال الثقافي، فلقد عانى الكثير خلال السنوات القليلة الماضية. هل برمجة مباراة العودة بين منتخبي فرنساوالجزائر لتعويض المباراة التي لم تكتمل في 2001، هو أحد أمنياتك الآن كمدرب لمنتخب فرنسا؟ هذا لا يبدو ممكنا في الوقت الحالي لأن رزنامة المنتخب بخصوص المباريات الودية مضبوطة لغاية نهاية 2011 ولا توجد أي إمكانية قبل ذلك. على كل مع المباريات الودية المدرب دائما لديه رأيه الخاص، لكن هذا لا يعني بالضرورة أننا نأخذ برأيه (يضحك مجددا)... ستكون مباراة بالكثير من الرموز والمعاني؟ أكيد، ستكون كذلك خاصة أن المباراة الأولى لم تنته كما كنا نشتهي. لاعب تحت الرقابة القضائية هل يمكن أن يتم استدعاؤه؟ نعم، هو أمر قضائي وشخصي حتى لو لم يكن ذا أهمية بالغة. هناك تحقيق قضائي ونحن كذلك لسنا ملائكة ويمكننا أن نخطئ. بن زيمة الآن تحت الرقابة القضائية ويمكن أن يتم استدعاؤه شاهدا فقط، فلندع المحكمة تقوم بدورها وكما تعرف التحقيقات القضائية تتطلب وقتا طويلا ومثل هذه القضية يمكنها أن تستمر إلى خمسة أو ستة أشهر ويمكن أن تصل الأمر إلى عام ونصف وحتى سنتين، وأنا هنا لسنتين وسأحاول أن أشكل منتخبا قويا من أحسن اللاعبين، ريبيري و بن زيمة يملكان إمكانات تؤهلهما للتواجد في المنتخب ولذلك يمكن استدعاؤهما. لكن فيرناند ديشوساي الرئيس المؤقت للاتحادية الفرنسية لكرة القدم لا يريد أن يكون في صفوف المنتخب شخص يوجد تحت الرقابة القضائية. قال بالتدقيق: “بصفته مواطنا”. وهل تعتقد أن اللاعبين ضحية محيطهم؟ نعم، يجب أن نحاول تحسين الأمور، منذ حوالي عشر سنوات بدأ المحيط يتدهور وأصبحنا نجد أصدقاء أسميهم بأشباه أصدقاء يجعلون اللاعب يتخذ قرارات خاطئة في الوقت غير المناسب، وهذه رسالة أتمنى أن تصل، المنتخب الوطني يجب أن يكون مرجعية صحيحة والفريق الفرنسي فقد كثيرا من مصداقيته بالنظر إلى مشوار اللاعب وهذا ما يجب أن يتغير. ألا تعتقد مثل نيكولا ساركوزي أن لاعب كرة القدم يتقاضى أجرا عاليا؟ لا، إذا أردنا أن نحلل الأمور بكل هدوء سنستخلص أن كرة القدم تقدم أموالا طائلة، وعندما نرى أموال حقوق البث وميزانيات الأندية يصبح الأمر عاديا عندما نرى لاعبين يتقاضون أجرا عاليا، لذلك علينا أن نتحمل المسؤولية. هل توافق على حذف علاوات الفوز للاعبي المنتخب الفرنسي؟ هذه ديماغوجية، عندما يلعب المنتخب الفرنسي نكسب المال وإذا فاز اللاعبون فشيء عادي أن يحصلوا على منح وإذا تعادلوا سيحصلون على النصف أما في حالة الهزيمة فلن يتقاضوا شيئا... لا يوجد أي سبب لإلغاء المنح. وبصفتك مدربا، هل ستستمر في تقاضي ضعف المنحة؟ بالطبع. للممولين دور كبير في المنتخب الفرنسي، أليس كذلك؟ لطالما كان للمولين دور مهم في المنتخب الفرنسي مثل القنوات التلفزيونية. فكما تعلمون كرة القدم صارت تجارية أكثر من أي شيء آخر وعلى الجميع أن يتقبّلوا هذا الواقع الجديد. صحيح أن الممولين يتمادون في كثير من الأحيان في استثماراتهم ويبحثون عن الربح، لكن يجب على اللاعبين أن يحسنوا التعامل معهم ولا يمنحوهم من أوقات عملهم بطبيعة الحال. هل أنت مرتبط بعقد مع مموّل؟ لا، لست مرتبطا بعقد مع أي ممول تجاري. أنا اختار كل شيء من تلقاء نفسي ولا أحد يفرض عليّ ما ألبسه وما أقوم به لحد الآن. وما هي قيمة راتبك؟ إنه يعادل راتب مدرب فريق في وسط ترتيب بطولة الدرجة الأولى الفرنسية وبعيد كثيرا عما نجده في بلدان أخرى. وإذا طلبنا منك أن تحدد لنا بالأرقام أكثر، ماذا تقول؟ يصل إلى غاية 1.2 مليون أورو سنويا. إلى من تشبّه المنتخب الفرنسي؟ هذا كله متوقف على طبيعة اللاعبين المتواجدين بين يدي، وهم مطالبون بالتماشي والتعوّد على فلسفتي في العمل. تأسفت كثيرا على الطريقة التي تم بها إبعاد 5 لاعبين كنت أرى فيهم قطعا أساسية في المنتخب لا يمكن الاستغناء عنها. وإذا طلبت منكم أن تكتبوا قائمة 11 لاعبا المشكلين للفريق فإنكم ستذكرون هؤلاء دون احتساب الحارس (يقصد هيڤو لوريس)...علينا أن نشكل مجموعة من جديد. كيف ستتعامل مع هذا الموقف؟ بغض النظر عن 6 أو 7 لاعبين ممن يشكلون النواة الرئيسية للمنتخب الفرنسي فإنني مطالب بإيجاد الصيغة المناسبة لتسهيل عملية اندماج البقية معهم، لكن المشكل أنني سأعمل مع مجموعة أغلب لاعبيها سينضمون لأول مرة إلى صفوف المنتخب. وهل لديك طريقة لعب محدّدة في مخيلتك؟ ستكون لدي الكثير من الخيارات لأنني لن أكون مطالبا بالعمل مع مجموعة أعرفها بشكل كبير على عكس لما كنت في نادي بوردو. الآن لست مجنونا لأحرم الفرنسيين من رؤية طريقة لعب ترضيهم وتروقهم وسأصرّ على هذا الأمر، لكن أريد أن نكون قادرين على تغيير طريقة اللعب حسب طبيعة المنافسين أو النتيجة التي تعرفها كل مباراة. هل يمكن القول إنك تريد أن تسيّر المنتخب الفرنسي بنفس طريقتك في بوردو؟ هذا الأمر يساعدني كثيرا، لكن هذا لا يعني أنني أريد رؤية لاعبين من بوردو فقط. هل يمكن القول إنك قادر على تحويل الطريقة التي كنت تعمل بها في بوردو إلى المنتخب الفرنسي إذا أخذنا بعين الاعتبار الوقت القصير الذي يجتمع فيه اللاعبون في مختلف التربصات؟ كيف نجح الإسبان إذن في المونديال؟ هل يقومون بتربصات سرية؟ لا أظن ذلك لأنه سيكون من الصعب أن ترسّخ في ذهن اللاعبين فلسفة لعب قد لا تعجب البعض. والمهم في كل هذا هو تطبيق الخطط على أرضية الميدان لا أكثر ولا أقل وسأمنحهم فرصا كثيرة للعب بالكرة والتعبير عن إمكاناتهم دون حواجز. حسب رأيك هل اللعب بمسترجعين اثنين أضحى من الماضي؟ لا، بل هذا الأمر يساعد الفريق إذا كانا يساهمان في العمل الهجومي. هذا لم يكن من قبل في المنتخب الفرنسي، أليس كذلك؟ على كل حال هذه ليست ميزة الثنائي الذي أحوزه في المنتخب الفرنسي حاليا (يقصد تولالون وديابي). هل ستعتمد أمام النرويج بنسبة كبيرة على اللاعبين الذين ينشطون في البطولة الفرنسية؟ نعم، سيكون ذلك بالنسبة للقاء النرويج لأن البطولات الأجنبية ستنطلق متأخرة بعض الشيء ولا يمكنني القيام إلا ب 6 تغييرات في مباراة ودية، وهذا معناه 5 لاعبين سيلعبون 90 دقيقة ومن يمكنهم فعل ذلك وهم اللاعبون المحليون في الوقت الراهن. كيف بإمكانك أن تبعث مسيرة “غوركوف” من جديد، وهو الذي شعرنا جميعا أنه كان معزولا في “المونديال” الأخير؟ سيكون الأمر معه على غرار ما سنفعله مع البقية. سيكون لنا عمل كبير حتى نعيد لهم الثقة في النفس جميعا، هم لم يفقدوا مستواهم الحقيقي، ولا إمكاناتهم، سنفعل المستحيل حتى يعودوا إلى سابق عهدهم، وبعدها الأمور ستكون عادية وطبيعية بالنسبة لي ولهم. هل من شأن تصرّف “فرانك ريبيري” أن يقضي على مسيرته مع منتخب “الديكة”؟ أقول مهما كان مشواره قصيرا فهو شخص واع، لكن هذا لا يكفي، وإن كانت لديه الإرادة سنقدّم له يد العون والمساعدة، عليه أن تكون له القوة والرغبة حتى يقوم بذلك، لأننا في كرة القدم علينا ألا نفكّر في أنفسنا فقط. الرئيس ساركوزي يهتمّ كثيرا بمجال كرة القدم، فهل اتصل بك منذ تعيينك مدربا للمنتخب؟ لا، لم يفعل. ولا أدري إن كان سيفعل ذلك مستقبلا . أحداث جنوب إفريقيا أخذت أبعادا سياسية، أكيد أنك تأسّفت لذلك؟ بطبيعة الحال، في الجانب الرياضي هناك أشياء لا بدّ من ذكرها، لكن السياسيين ناقشوا في الجمعية الوطنية الأمر (يتنهّد)... فعلوا الكثير. ما هي علاقتك ب “روسلين باشلوت” و”راما ياد”؟ علاقة جيدة، لا أراهما دوما، لديهما رأي مشترك، يرغبان في أن يكونا على علم وصلة بكل ما يحدث. لقد التقيت السيدة “باشلوت”، لكن علينا ألا ندخل في التفاصيل، لأن ذلك لا يهمّ. أنا رجل ميدان، وما يوجد على جانبي ليس فنجان شاي، وسعادتي تكمن في كرة القدم ولا غير. ألا تتخوّف من أن يتكرّر الأمر ويتدخل الساسة مجدّدا في شؤون المنتخب؟ هذا يحدث في كلّ الأوقات، وسيحدث أيضا في المستقبل، لأن السياسيين أذكياء وانتهازيون في آن واحد، يحبون كرة القدم وأنا من بينهم. علينا ألا ننسى مساهمتهم من أجل “أورو 2016”.. السّاسة اهتموا كثيرا بهذا الملف وكانت لنا نتائج مثمرة. إذن علينا ألا نطالبهم بأن لا يتدخلوا فيما لا يعنيهم ، وننسى دعمهم وما قدّموه. هل كنت يوما ضمن جمعية لمساندة حزب سياسي ما؟ لا. صحيح أن السياسة تهمني بطبيعة الحال، لكني أحتفظ بآرائي لنفسي. الطرفان تقدما لي، لكن الإجابة تلقاها كلّ طرف. ما الذي يمثل لك تدريب المنتخب الفرنسي؟ (يفكّر)... هو طموح شخصي. في 2004 كدت أكون المدرب، لكن ذلك لم يحدث، والسبب أن الموعد لم يكن قد حان بعد... هذه المرّة أمر الموافقة من عدمها عاد لي شخصيا، ولو كان قراري الرفض فإنّ الفرصة لن تتاح لي مستقبلا. ثلاث سنوات مع بوردو أراها مدة تعني نهاية عهد، لذلك فإن خياري كان مرتبطا بأسباب شخصية، لأن تولي العارضة الفنية للمنتخب يمنحني الوقت لكي أعيش على الأقل وقتا إضافيا مع أفراد عائلتي. هل يمكننا أن نصفك بأنك منقذ “الزرق”؟ (يقاطع ضاحكا)... سواء أنا أم آخر، بعد الذي حدث في “المونديال” الأمر سيكون نفسه، لكني لست ساحرا، لا أملك وقتا طويلا. أن تكون مدربا للمنتخب فيعني أنك ستصارع الزمن. لو كان بإمكاننا الاعتماد على تشكيلة قوية ولدت في جنوب إفريقيا لسهل الأمر، ولربحنا مزيدا من الوقت، لكن العكس هو الذي حدث، ونحن الآن مطالبون بأن نبحث عن تشكيلة جديدة تحقق نتائج جيدة، تلعب كرة جميلة (يتنهّد)... هذه الحالة ستساعدك، أم أنها ستزيدك مسؤولية أثقل؟ الأمر يساعدني من أجل فرض أفكاري. “لومير، سانتيني، دومينيك”.. فضّلنا أن نذكر آخر المدربين فقط، خرجوا من تجربتهم مع المنتخب من الباب الضيّق.. سنتحدّث في الأمر بعد سنتين (يضحك)... هي مهنة تجعل الإنسان معزولا.. نعم، سأحاول ألا أقع في الفخ. يوم الاثنين لدي اجتماع مع كل مدربي بطولة القسم الأول، لأنهم هم من بإمكانهم تقديم لنا أكبر قسط من الأخبار حول اللاعبين. إذا لم نتحاور معهم مثلما كان الأمر من قبل، كيف سيكون بوسعنا أن نجمع أخبار لاعبينا؟ وأنا متأكد من أن الحديث معهم سيجعلني أربح بعض الوقت. هل ستعمل على خدمة صورتك لاعبا وصورتك مدربا؟ لديّ العديد من الأشياء سأقوم بها فوق الميدان. قبل أن أدرّب “بوردو” كانت لدي صورة، وثلاث سنوات بعد ذلك حافظت تقريبا على الصورة نفسها، ولست هنا من أجل خدمة صورتي أو تغييرها ، لأني أريد أن أبقى مثلما كنت عليه في السابق. ما رأيك في “ريموند دومينيك”؟ مثله مثل أغلب الفرنسيين، لم أفهمه يوما، ربما لأن الاتصال بيني وبينه كان نادرا ما يتمّ. هو شخص من الشخصيات المكروهة في فرنسا، الأمر غريب أليس كذلك؟ نعم، لكن الأمر يتعلق بكرة القدم وفقط، علينا ألا ننسى أننا في 2006 كنا قاب قوسين أو أدنى من التتويج بالكأس العالمية معه مدربا. هذا السّخط، هو من جلبه لنفسه؟ يجب أن تكون أنت نفسك. لسنا هنا من أجل لعب لعبة ما أو تقليد شخصية، وعلى كل طرف أن يتحمّل مسؤوليته. لو عدنا إلى الوراء وبالضبط إلى 20 جوان ب “كنيسنا” (جنوب إفريقيا) هل كنت ستنزل من الحافلة مثلما حدث في حادثة الإضراب؟ ما كنت لأركب الحافلة أصلا، عليك أن تعرف أن القرار اتخذ عشية الحادثة، وعمل كهذا من شأنه أن يحرمني من النوم، ثم في الصباح أحاول أن أقنع بعض اللاعبين الآخرين بما قرّرته. المشكل هو أنه عندما تتخذ أقلية قرارا، وإن كنت أنت لا تمثل الأغلبية في محاولة لإحداث التغيير، فلا يمكنك فعل أيّ شيء. على اعتبار أنك مدرب للمنتخب الفرنسي، هل قرأت الرسالة؟ حينما يرى مدرب أو مدرب وطني مشكلا في المجموعة فإنه يبحث عن حل فوري من داخل المجموعة ويبحث أيضا عن المعطيات التي سبّبت المشكل والقرار بعدها يأتي بالإجماع على سبب المشكلة والمسؤولين عنها، وهذا ما يجعلني كأي شخص أتساءل “ما الذي أفعله؟ لماذا التشكيلة ترفض أن تقدم ما عليها وتبذل جهدها في التمارين. الرحيل إذن هو الحل مادام المشكل يتلخص في أنا”. جيل بلان، ديشان وزيدان لم يسبق أن أضرب بذلك الشكل عن التدرب والعمل؟ من دون شك كان هناك اختلاف سواء في الرؤى أو في المواقف، لكن المشاكل دائما كانت تحل داخليا مع المدرب أو ممثلي الاتحاد. كيف سيكون رد فعلك إذا قام لاعب بإهانتك مثل ما فعل أنيلكا مع دومينيك؟ الشتائم تحدث من حين لآخر ويكون هناك شد للأعصاب أيضا خاصة في المواعيد الكبيرة والهامة. لكن لا يجب إغفال أنه يجب تحمّل المسؤوليات الفردية والجماعية لكل واحد قبل كل شيء، أعتقد هنا أن المسؤولية في تسرّب وتضخيم القضية هي بعد كشفها للرأي العام وخروجها عن النطاق الداخلي للفريق، فلو كانت هناك سلطة من الفنيين والقائمين على الإتحاد الفرنسي لكرة القدم لما حصل ذلك. ما حدث في الشوط الأول في مباراة المكسيكوفرنسا سبق لي أن رأيته مرات عديدة لكن يجب أن تحل المشاكل داخليا مع الحوار قليلا وقبل كل شيء يجب أن لا يخرج ما حدث إلى وسائل الإعلام. وعليه أعتقد أن اللاعب إذا فقد احترامه للمسيرين فإنه تجب معاقبته وفي هذا الصدد أقول هناك حلان إما أن يذهب المدرب أو يغادر اللاعب. هل ستطبق قواعد جديدة وترسم ميثاقا جديدا يُبنى على حسن السيرة والسلوك؟ يجب علينا أولا توفير ظروف عمل خاصة وأن يفهم كل لاعب أنه يسير في إطار عمل مدروس ومضبوط. وإذا أغفل ذلك فإنه من دون شك سيقضي على مستقبله في التشكيلة الوطنية، بالنسبة لي لست في حاجة لكتابة أو قراءة الميثاق على اللاعبين لأن هذا الأمر يتم ضبطه داخليا بيني وبينهم، أولئك الذين كانوا في جنوب إفريقيا لا يمكن أن نعاتبهم ونحملهم جميعا المسؤولية فهم يعرفون جيدا أنهم اتخذوا قرارات غير صائبة لطخت صورة الكرة الفرنسية، لكني على دراية تامة بأن تلك العناصر ستكون على استعداد تام لتصحيح خطئها، صحيح أنه يصعب التحكم في سير الأجيال والذهنيات التي تسير عليها لكننا سنحاول وسنرمي بكل ثقلنا لإعادة صورة الكرة الفرنسية وحل جميع مشاكلها، وهذا طبعا لا يعني أننا إذا نزعنا مشكل الكرة سنحل جميع المشاكل الإجتماعية في فرنسا طبعا. وهل ستطلب من اللاعبين ضرورة حفظ النشيد الفرنسي؟ أعتقد أن مسألة حفظ النشيد الفرنسي تتم في المدارس التعليمية وهذا الأمر بالنسبة لي حاليا لم يعد مطلوبا، لكن هذا لا يعني أنني سأهمش الأمر بل سأطلب من اللاعبين حفظه وسأشجعهم على ذلك، لكن أفضّل أن أكون متشددا في نقاط أخرى تساعد على العمل وتأتي بالنتائج. هل على لاعبي كرة القدم أن يغيّروا سلوكهم ويتحلوا بالتواضع لينجحوا؟ أكيد، فما نراه حاليا سواء في أندية كبيرة أو في صغيرة أخرى هناك هذه المشاكل وأعتقد أن الترفع عن الناس وتغير السلوك يرتبط بنجاح اللاعب في تحسين ظروفه الإجتماعية والإقتصادية التي تنعكس بالسلب على عقليته، لهذا أقول إنه يجب أن يحسن كل لاعب التصرف في هذه المسألة ويكون متخلقا قبل كل شيء ويجب أيضا أن يفكر في طريقة تطوير مهاراته، ونقطة هامة يجب أن لا نغفلها وهي تكريس هذا الأمر في مراكز التدريب وأن نأخذ بعين الإعتبار السلوك والتعليم، أما إذا كان اللاعب لا يملك حسن السيرة والسلوك فهذا لا يحتاج منا أن ننتظر منه أشياء كبيرة من جانب تحسين سلوكه أو انضباكه. كيف كان شعورك حول قضية “كنيسنا“؟ مثل معظم الفرنسيين كنت حزينا ومصدوما حيث بقيت صورتها ملتصقة في ذهني حينما رأيتها على شاشة التلفزيون، وبكل صراحة سلوك اللاعب غير مقبول تماما. لماذا استبعدت جميع اللاعبين الذين شاركوا في المونديال الأخير من مباراة النرويج؟ كنت أتساءل عما إذا كانت العقوبة ستلحق بلاعب واحد أو عدة لاعبين وخصوصا أولئك الذين يتحملون مسؤوليات أكبر من غيرهم، وخلصت إلى استنتاج مفاده أنه إذا كان الجميع قد فُرضت عليهم المساءلة من القائد إلى آخر لاعب فهذا يعني أن جميعهم قدّموا المصلحة الخاصة قبل المصلحة الجماعية لهذا السبب قررت فرض عقوبات على 23 لاعبا الذين كانوا على متن الحافلة الرياضية لأنه ليس بما رأيته من حالة نحضّر للمنافسة التي ستنطلق في شهر سبتمبر القادم. وهل سيمتد الإبعاد إلى ما بعد مباراة النرويج؟ لا، انطلاقا من شهر سبتمبر سيكون لي الخيار لأجلب جميع اللاعبين لأن هذا ما أردت أن يفهمه المجلس الاتحادي لكرة القدم الفرنسية الأسبوع الماضي، هي في نظري وسيلة لأقول إنه يجب على السلطات أن تسعى في أسرع وقت ممكن إلى تسوية ما حدث في جنوب إفريقيا وما خلفته الأوضاع وقتها بعد إقصائنا في الدور الأول ويجب أن تكون القرارات صارمة، لهذا أقول إنه تم تعيين لجنة لتقصي الحقائق لمعرفة ما جرى في جنوب إفريقيا .. في رأيي هذا لا يجلب أمورا كبيرة لأن هناك الكثير من الناس الذين كانوا في المونديال ويعرفون ما حدث بالضبط، لهذا لا أعتقد أن هذه اللجنة ستجلب العديد من الأمور الجديدة. عملك وكلامك وما تنوي القيام به، ألا تعتبره تحديا كبيرا وضعته فيك الإتحادية الفرنسية؟ لقد استغل البعض الكارثة التي ألمت بالمنتخب في المونديال ليدرسوا كل صغيرة وكبيرة أوصلت المنتخب إلى تلك الكارثة بالإقصاء في الدور الأول وتمت على ضوء ذلك إعادة النظر في الاتحاد الفرنسي لكرة القدم، أنا لا أريد في الوقت الحالي الحديث عن أمور كهذه، وبالنسبة لسؤالك أقول التحدي الوحيد الذي يطرح نفسه بالنسبة لي هو تصفيات كأس الأمم الأوروبية عام 2012 لأن ما يحدث لرئيس الاتحاد الفرنسي لا يضر بالمجموعة، وعلى كل حال سأبذل كل ما في وسعي من أجل إعادة المنتخب بسرعة إلى الواجهة وهذا ما يهمني في الوقت الحالي. وهل ستستدعي نيكولا أنيلكا؟ بعد مباراة النرويج وإذا كانت الأمور عادية ولم يعاقب اللاعب سأستدعيه بشكل عادي. وهل يمكن أيضا أن نتحدث عن حالة “إيفرا“ رغم أن “ليليان تورام“ اقترح تشديد العقوبة عليه؟ جميع القرارات في الوقت الحالي صعبة وسيئة للغاية، أما عما قاله “ليليان” فهو بالنسبة لي مثير للدهشة فهو يملك ذكاء شديدا وأيضا روح الحوار والدبلوماسية وما يثير الدهشة أنه قرار صارم للغاية مقارنة بما يتمتع به “ليليان” من حزم وحدة نظر كما قلت، لكن ما قاله يبقى صارما ومن الصعب جدا أن يعود في كلامه. أدهشك أنه لم يحضر أو يُستدعى إلى المجلس الاتحادي في المرة السابقة؟ نعم، فحينما نصرح بكلام صارم يجب أن نتحمّل المسؤولية.