لم يكن من الممكن في فترة سابقة أن نتساءل عما إذا كان الجمهور الجزائري سيلبي الدعوة من أجل الوقوف إلى جانب منتخبنا الوطني في مبارياته التي يكون على موعد معها، سواء كانت تلك المباراة ودية أم رسمية، لأن الجمهور كان يلبي الدعوة بصدر رحب ويقف إلى جانب “الخضر” في كل مباراة، ومن عليه أن يسترجع ذلك فليعد إلى كافة مباريات الإقصائيات المزدوجة إلى نهائيات كأسي إفريقيا والعالم 2010... وليعد أيضا إلى موقعة الخرطوم، وليعد أيضا إلى مباراة الدور نصف النهائي من “الكان” في أنغولا، وليعد إلى المباريات الودية أمام صربيا والأوروغواي، وليعد أيضا إلى “مونديال” جنوب إفريقيا 2010، وليعد إلى مباراة الإمارات الودية بألمانيا عندما اكتظت المدرجات عن آخرها، وليعد إلى مباراة إيرلندا في ديار هذا الأخير، وليعد إلى أي مباراة خاضها منتخبنا قبيل موعد جنوب إفريقيا ليتأكد من أن حضور الجماهير كان في كل مرّة قياسيا. لكنّنا لا ندري إن كان الحضور سيكون بنفس العدد في الموعد الودي القادم الذي سيجمع منتخبنا الوطني يوم 11 من الشهر الجاري أمام منتخب الغابون، ولعلّ ما جعلنا نتساءل حول ما إذا كان الجمهور الجزائري سيلبي الدعوة ويكون بنفس الأعداد الكبيرة التي عوّد عليها اللاعبين من قبل، وسيغزو مدرجات مركب 5 جويلية الأولمبي، هو تغير المعطيات في الفترة الأخيرة، وزوال الحماس والحرارة لدى الشعب مقارنة بما كان عليه الأمر من قبل. النّتائج السلبية قد تجعل الجمهور يعزف عن الحضور هذه المرة وأوّل الأسباب التي تجعل التساؤل يطرح حول ما إذا كان الجمهور سيكون خلف منتخب بلاده يوم الأربعاء المقبل، هو تراجع نتائج المنتخب في الفترة الأخيرة، واكتفائه بتحقيق انتصار وحيد من ضمن 8 مباريات خاضها منذ آخر فوز حققه في أنغولا أمام كوت ديفوار. إذ ما عدا الانتصار على الإمارات في مباراة ودية بهدف يتيم سجل إثر ركلة جزاء، لم يعرف لاعبونا طريق إدخال الفرحة في قلوب الجماهير ولو في مباراة واحدة من المباريات السبع الأخرى التي خاضوها، فالخسارة كانت مآلهم أمام منتخبات مصر، نيجيريا، صربيا، إيرلندا، سلوفينيا والولايات المتحدةالأمريكية، فيما انتهت مباراة إنجلترا بالتعادل. وهو ما يجعلنا اليوم نتخوف من عزوف الجماهير ومغادرتهم المدرجات إلى أجل آخر، قد يكون المنتخب استعاد فيه بريقه الذي فقده منذ سبعة أشهر، أي منذ نهائيات أنغولا 2010. الخوف من عدم رؤية الأهداف والعروض والنسوج الكروية عامل آخر وقد يعزف الأنصار خوفا من عدم الحضور لتسجيل أهداف في مباراة الأربعاء المقبل، لاسيما في ظلّ صيام المهاجمين وعجزهم عن إيجاد حل يمكنهم من الوصول إلى مرمى المنافسين في المباريات السابقة، سواء كانت تلك المباريات رسمية أم ودية، وقد تتخوف الجماهير أيضا من عدم رؤية أي شيء من حيث المردود، ومن عدم الوقوف على أي شيء يمتعها من خلال طريقة لعب المنتخب التي بدت في جميع المباريات الأخيرة، طريقة عقيمة تعتمد على الدفاع وتمرير الكرة بين المدافعين ولاعبي الوسط فقط، دون أن تصل الكرة مرمى المنافسين أو منطقة عملياتهم سوى نادرا، وهي المخاوف التي تضاعف من حظوظ مقاطعة الجمهور لهذه المباراة الودية. الصيف، الحرارة والعطلة قد تحدّ من حضور الجمهور عامل الصيف وموجة الحرّ الشديد التي تجتاح العاصمة ومختلف أرجاء الوطن هذه الأيام، فضلا عن تواجد المواطنين في الفترة الحالية في عطل هنا وهناك خارج الوطن، قد تحدّ من الحضور الكبير للجماهير، وقد تجعل البعض يفضل المكوث في البيت ومشاهدة اللقاء عبر التلفزيون على التنقل إلى الملعب وعدم الاستمتاع بالأهداف، وقد تجعل البعض الآخر يفضل تمديد عطلته والبعض الآخر إلى الذهاب إلى أماكن الاستجمام والراحة عوض التنقل إلى الملعب، حتى وإن كان موعد اللقاء في حالة لعب المباراة قبيل شهر رمضان في موعد غروب الشمس. تزامن موعد اللقاء ورمضان الأمل الوحيد ولعلّ العامل الوحيد الذي قد يجعل حضور الجماهير محترما هو تزامن المباراة وأول أيام شهر رمضان المبارك، لأن هناك احتمالا كبيرا لو أن أول أيام رمضان يكون في 11 أوت، وحينها سيتغير البرنامج وستلعب المباراة في السهرة بداية من الساعة العاشرة ونصف، وهو احتمال من شأنه أن يجعل الجماهير تفضل التنقل إلى الملعب لقضاء سهرة رمضانية في مدرجات ملعب 5 جويلية وهي تمني النفس بأن تكون تلك السهرة في مستوى تطلعاتها، بأن تحضر أهدافا وعروضا ونسوجا كروية شيقة من أشبال سعدان، لا أن تحضر تمريرات بين المدافعين ولاعبي الوسط وفرص ضائعة وهجوم عقيم. وما عدا هذا العامل، فإن المباراة لو تلعب في يوم لن يكون شهر رمضان قد حلّ فيه، فإننا نتوقع عزوفا من الجماهير عن الحضور حتى لا نقول مقاطعة مؤقتة من طرف الأنصار، الذين اشتاقوا كثيرا للحرارة التي كان يلعب بها رفاق زياني في التصفيات، وهي الحرارة التي افتقدوها منذ التفرغ من موقعة “أم درمان“. جمهور 5 جويلية يعرف “بالون” ويريد رؤية “بالون” ومهما يكن ومهما كان الحضور يوم الأربعاء القادم، سواء كان حضور الأنصار قويا أم قليلا، فإنّ النقطة التي لا بدّ أن نشير إليها هي أنّ الجماهير العاصمية التي عودتنا على غزو ملعب 5 جويلية تعرف كرة القدم جيدا، وتعرف ما إذا كان المنتخب الحالي في أفضل أحواله أم لا، وتعرف ما إذا كان هذا المنتخب قادرا على مواصلة المشوار بثبات مثلما بدأه منذ ثلاث سنوات تقريبا أم لا، وتعرف من يصلح لتسجيل الأهداف ومن لا يصلح. وبكل بساطة هو جمهور إن أقنعت صفق لك وهتف باسمك، وإن أخطأت شجعك وطالبك بتصحيح أخطائك، وعلى لاعبينا أن يكونوا يومها في مستوى هذا الجمهور، الذي وحتى إن لم يكن غفيرا بالنظر إلى العوامل التي كشفنا عنه، إلا أن مزاجه يفرض على أشبال سعدان أن يكون مردودهم مقبولا، وأن يكون تسجيل الأهداف أمرا حتميا، وتفادي الخسارة أمرا أكثر من ضروري حتى وإن تعلق الأمر بمجرد لقاء ودّي.