يبدو أنّ الخسارة التي مني بها المنتخب الوطني على يد نظيره الصربي ألقت بضلالها سلبا حتى على برنامج “الخضر” المستقبلي وليس فقط على الشارع الجزائري الذي لا زال يتحدث عن الوجه الشاحب الذي ظهر به منتخبنا في تلك المباراة.. وإذا كان هذا البرنامج لن يعرف أي تغيير بخصوص مكان التربص الذي سيجري بداية من 20 ماي في مركز “كوفرتشيانو” بإيطاليا والمباراة الودية الثانية التي ستلعب أمام منتخب أيرلندا في “دبلن” يوم 28 من الشهر ذاته، فإن المعلومات الأخيرة تؤكد أن المباراة الودية الأخيرة التي كان من المقرر أن تلعب في ملعب 5 جويلية أمام منتخب الإمارات لن تلعب في الجزائر وقد تلعب بنسبة كبيرة في ملعب مارسيليا أو تستبدل بمباراة أخرى أمام منافس آخر يوافق على مواجهة “الخضر” في بلده. سعدان يرى أن اللعب أمام جمهور قياسي يُفقد التركيز أياما قبل المونديال!؟ وكان سعدان في تصريحاته الأخيرة التي أدلى بها أمس لإحدى القنوات الإذاعية قد لمّح إلى ذلك عندما أكد أن اللعب أياما قليلة قبل انطلاق نهائيات كأس العالم أمام جمهور قياسي كذلك الذي غصّت به مدرجات ملعب 5 جويلية الأربعاء الفارط من شأنه أن يُفقد أشباله تركيزهم، وهو تلميح كاف للتأكيد على أنّ سعدان يرغب في نقل مباراة الإمارات إلى خارج الوطن أو أن يحاول مع “الفاف” أن يجد منافسا آخر يتبارى معه في بلده في التاريخ نفسه. سيُراجع مع “الفاف” برمجة اللقاء في بلد آخر ومن المنتظر أن يدرس الناخب الوطني رفقة أعضاء مكتب “الفاف” أمر برمجة هذا اللقاء في بلد آخر وهو ما سيبقى مرهونا أولا بموافقة الإماراتيين من عدمها فمن الممكن أن يوافقوا على خوض المباراة في بلد آخر مثلما من الممكن ألا يوافقوا على ذلك. ثمّ إن هناك مشكلة أخرى ستلوح في الأفق أيضا وتتمثل في أن “الفاف” التي قد لا توافق أصلا على طلب سعدان لأنها قد تجد صعوبات بالغة في إيجاد بلد يحتضن هذه المباراة الودية بين المنتخبين الجزائريوالإماراتي لاسيما إذا فكّرت في برمجتها في أحد الملاعب الفرنسية في ظل رفض السلطات الفرنسية أن تخوض الجزائر هناك أية مباراة ودية بالنظر إلى الصعوبات التي تجدها في التحكم في جاليتنا المتواجدة بكثافة هناك. المباراة قد تُلغى والحل إيجاد منافس آخر نواجهه في بلده ويبقى الاحتمال الأخير الذي قد يحل هذه المعضلة هو إلغاء المباراة الودية أمام الإمارات وتعويضها بمباراة أخرى أمام منافس آخر يكون هو مضيف المنتخب الوطني. فبين أيدي أعضاء الاتحادية إذا وافقوا على طلب سعدان ثلاثة أشهر ستكون كافية لإيجاد منتخب محترم يتبارى ضده منتخبنا أسبوعا قبل دخوله غمار المنافسة الكروية العالمية في جنوب إفريقيا. لماذا يفقد اللاعبون تركيزهم بسبب الحضور القياسي للجمهور!؟ وإذا كان الناخب الوطني يرى الأسباب الحقيقية الخاصة به والتي جعلته يقنع نفسه بأن إجراء مباراة ودية في ظل حضور جمهور قياسي أياما قليلة قبل انطلاق المونديال وفي ظل الظروف المشابهة التي عرفتها مباراة صربيا من شأنه أن يفقد لاعبيه تركيزهم تحسبا لما ينتظرهم من تحديات، فإننا لا نشاطر سعدان هذا الرأي لأننا نعتقد أن حضور الجمهور بتلك الأعداد في مباراة أمام منافس من طينةالإمارات الذي يبدو على الورق في المتناول من شأنه أن يساعد اللاعبين على تحقيق فوز عريض يجعلهم يُشكرون على إثره من طرف الأنصار الحاضرين ويجعلهم بعدها يتوجهون إلى جنوب إفريقيا ومعنوياتهم مرتفعة بغية استهلال المحفل الكروي العالمي في ظروف جيدة خلال لقائهم الأول أمام منتخب سلوفينيا. ---------------------------------- الجزائريون ضدّ خيارات سعدان... ومارادونا، ليبي، لوف، دومينيك وشحاتة احترموا الإنتقادات يتعرض الإبن في بيته إلى اللوم والعتاب منأولياء أمره إذا أخطأ، ويتعرض التلميذ في مدرسته إلى اللوم والعتاب إذا تجاوز حدوده أو أهمل دروسه وواجباته، ويتعرض الموظف إلى اللوم والعتاب من مسؤوله إذا أهمل عمله أو تخلف عنه، ويتعرض حتى رئيس البلاد إلى الانتقاد في العديد من الحالات ويتقبّلها بصدر رحب، ويتعرض اللاعب في كرة القدم إلى الإنتقاد من النقاد والأخصائيين ورجال الإعلام وكذلك الأنصار إذا مرّ جانبا في مباراة ما أو إذا قام بتصرف غير لائق، ويتعرض المدرب في كرة القدم أو في أي رياضة إلى الانتقاد إذا لم تسر أمور فريقه معه بالشكل الذي يتمناه المسيّر والمناصر وكل من يحيط بالنادي، والأمر لا يختلف تماما مع مدربي المنتخبات في العالم بأسره إذ أنهم يكونون دوما عرضة للانتقادات من طرف الملاحظين والأخصائيين ورجال الإعلام والمناصرين أيضا. “أنت مهندس ملحمة أمّ درمان، لكن عليك أن تُشعرنا بالأمان” ناخبنا الوطني رابح سعدان واحد من المدربين الذين افتخرت بهم الأمة طويلا ولا زالت تفتخر به حتى الآن كيف لا وهو الذي هندس لملحة “أم درمان” بالسودان، كيف لا وهو الذي أخرج أكثر من 35 مليون جزائري إلى الشوارع للاحتفال بالتأهل إلى المونديال، كيف لا وهو الذي أنسى هذا الشعب همومه وجعل الشيوخ والعجائز أيضا يهتمون بالمنتخب وكرة القدم، كيف لا وهو الذي قطع المنتخب الوطني على يده مشوارا أكثر من رائع خلال التصفيات المزدوجة لكأسي إفريقيا والعالم 2010، كيف لا وهو الذي وصل تحت يده “الخضر” إلى المربع الذهبي من نهائيات كأس إفريقيا الأخيرة بعد أن غاب منتخبنا عن هذا الدور عشريتين من الزمن، كيف لا وهو الذي وصلت الجزائر على يده في ثلاث مناسبات إلى المونديال، وهي كلها عوامل تجعل سعدان يبقى في أعين الجزائريين دوما المدرب البطل وصانع ملحمة التأهل إلى مونديال إسبانيا والمكسيك وجنوب إفريقيا، هي كلها عوامل جعلت الجزائريين يحبون هذا الرجل كشخص طيب ومدرب يتمتع بكفاءة عالية في التدريب، لكن ذلك لا يمنع أن يكون ناخبنا الوطني عرضة للانتقاد عندما لا يصيب، من طرف الأنصار والنقاد والملاحظين والأخصائيين لأن الأمر لا يتعلق بناد أو مجرد فريق عادي بل بمنتخب وطني هو ملك لجميع الجزائريين الذي يرغبون في أن يشعروا بالأمان والاطمئنان على منتخبهم قبل أيام قليلة من انطلاق المونديال، لا أن يذهب منتخبنا هناك ويذلّ على يد المنتخبات مثلما حدث له في آخر ثلاث مواجهات خاضها حتى الآن أمام مصر، نيجيريا وصربيا. “كل مدرب في العالم عرضة للإنتقادات ومارادونا يُنتقد إلى يومنا هذا” وعلى ناخبنا الوطني أن يفهم جيدا أن الشعب لم يكن يوما ضده كشخص لأن سنه يجبرنا جميعا على احترامه وإنجازاته تجعلنا نقف له وقفة إجلال وتقدير لأنه ساهم في صنع أمجاد الكرة الجزائرية وما البصمات التي تركها والتي لا زال يتركها لخير دليل على ذلك، بل أن انتفاضة الشعب اليوم التي لم تكن لا عن طريق العنف ولا البطش ولا تكسير الكراسي بل بطريقة حضارية تمثلت في مغادرة نصف الجمهور وربما أكثر من ذلك مباشرة بعد الهدف الثالث للمنتخب الصربي، ما هي إلا دليل على أن هذا الجمهور غير راض على الخيارات التي يقوم بها ناخبنا ولا على المردود الشاحب الذي ظهر به لاعبونا، وعلى ناخبنا أن يفهم أيضا أن كل المدربين في العالم بأسره عرضة للانتقادات ما داموا قد اختاروا مهنة التدريب، وإذا أراد التأكد من ذبك فليسأل الجوهرة مارادونا الذي لم يشفع له لا تاريخه الحافل كأحسن لاعب في المعمورة رفقة البرازيلي بيلي، ولم يشفع له لا اسمه “مارادونا” ولا سمعته العالمية لتفادي الانتقادات التي طالته منذ أن تولى العارضة الفنية للمنتخب الوطني الأرجنتيني، وهي الانتقادات التي لا زالت تطاله إلى يومنا هذا رغم أنه نجح في تأهيل رفاق ميسي إلى المونديال ولو بعد عملية قيصرية كادت تؤدي إلى زوال أبناء “التانڤو”. “ليبي تعرّض للإنتقاد في إيطاليا بعد تعادله أمام الكامرون” ولم يكن سعدان المدرب الوحيد في العالم الذي تم انتقاده بسبب خسارة منتخبه في مباراة ودية، فأسماء كبيرة من المدربين وجهت لها سهام الانتقاد من طرف الصحافة والملاحظين والأنصار بسبب تعثر منتخباتهم خلال هذه المرحلة التحضيرية لنهائيات كأس العالم 2010، ونذكر منهم على سبيل المثال مدرب المنتخب الإيطالي “مارتشيلو ليبي” الذي تعرض لانتقادات لاذعة أمس وأول أمس بعد التعادل السلبي الذي فرض على منتخبه في عقر الديار أمام منتخب الكامرون، وانتقد أيضا على الخيارات التي قام بها رغم أنه وجه الدعوة للعديد من العناصر الجديدة بغية تجريبها، ومع ذلك تقبّل تلك الانتقادات بصدر رحب ولم يدخل في صراع مع أي طرف ولم يتهم أحدا ب “الخلاط” والعمل على زعزعة استقرار المنتخب الإيطالي الذي يحمل لقب كأس العالم 2006. “دومينيك لم يتركوا فيه شيئا بعد خسارته أمام إسبانيا” ولم يكن سعدان وليبي أول وآخر المدربين الذين طالتهم سهام الانتقاد هذا الأسبوع لأن المدرب الفرنسي “دومينيك” نال حصته من الانتقاد من طرف الصحافة والجماهير الفرنسية عقب تكبد منتخب “الديكة” خسارة على يد المنتخب الإسباني بثنائية دون رد على ملعب فرنسا، وهي الخسارة التي بالرغم من أنها كانت أمام بطل أوروبا وأمام صاحب المركز الأول عالميا إلا أن ذلك لم يمنع كافة الفرنسيين من ملاحظين وصحفيين وجماهير من انتقاد دومينك والمطالبة حتى بإقالته قبل نهائيات كأس العالم لتجنيب منتخب “الديكة” مهزلة في المونديال المقبل، لكن الفرنسي وبهدوء أعصابه تقبّل هذه الانتقادات التي ليست جديدة عليه بما أن الأصوات المطالبة برحيله ظلت تطالب بذلك وظلت تنتقده منذ أن صار زملاء تيري هنري يفوزون بدون إقناع بل ويتأهلون إلى المونديال بمساعدة من الحكام أيضا. “حتى شحاتة لم يسلم من إنتقادات المصريين” وحتى المدرب المصري حسن شحاتة الذي قال المصريون إنهم سيشيّدون له تمثالا يضعونه في ميدان التحرير أو في قلب القاهرة بعد إنجازاته التاريخية على رأس منتخب مصر بحصوله على ثلاثة كؤوس إفريقية متتالية، كان عرضة للانتقاد من طرف الإعلاميين المصريين الكبار لمجرد خسارة منتخبه في مباراة ودية على يد المنتخب الإنجليزي بثلاثية مقابل هدف وحيد، فرغم أن أحفاد الفراعنة سيكونون في عطلة مدفوعة الأجر مسبقا أدخلهم فيها منتخبنا يوم 18 نوفمبر (لن يشاركوا في المونديال) إلا أنّ الجماهير والصحافة المصرية لم تتقبل تلك الخسارة وحمّلت شحاتة المسؤولية بعد أن أعابت عليه تراجع أشباله إلى الخلف في المرحلة الثانية حفاظا على تقدمهم الضئيل في الشوط الأول، والأمر نفسه بالنسبة لمدرب منتخب ألمانيا “يواكيم لوف” الذي تعرض للانتقاد بسبب خسارة منتخبه في عقر داره على يد منتخب الأرجنتين بهدف دون رد، وغيرها من أمثلة المدربين الذي سقطوا ومنتخباتهم في المباريات الودية التي جرت يوم الأربعاء وطالتهم سهام الانتقاد. الإنتقاد في الوقت الحالي مفيد لأجل تصحيح الأخطاء واستخلاص الدروس ومهما يكن فإن الانتقاد في الوقت الحالي والعودة إلى كشف العيوب والأخطاء سيكون مفيدا لنا تحسبا للمستقبل، كما أن ذلك من شأنه أن يجعل سعدان يستخلص الدروس مثلما ظل يكرّر في مختلف تصريحاته منذ يوم المباراة ويتفادى تكرارها مستقبلا، لأن ما ينتظرنا أهم بكثير من مباراة صربيا فنحن مقبلون على كأس العالم خلال شهر جوان وعلى تصفيات كأس إفريقيا 2012 بعد ذلك بشهرين ونتمنى أن يكون استخلاص الدروس بطريقة جيدة تضمن لنا نتائج جيدة في المستقبل، كما نأمل ألا نزج من الآن فصاعدا في التشكيلة الأساسية بمن هو مصاب ومن نرغب في إرضائه ومن هو ناقص لياقة بدنية ومن لا يلعب بانتظام مع ناديه ومن لا يُرجى منه شيئ، وأن نقحم فقط من هو أهل لتقمص ألوان المنتخب الوطني ومن هو أهل للدفاع عنها فقط سواء كان هذا اللاعب ينشط وراء البحار أو في فرقنا المحلية. “الجواجلة” يُشيّعون جثمان الشاب مصطفى إلى مثواه الأخير شيّع سكان حي الحدادة بجيجل بعد صلاة الجمعة جثمان الشاب (ك. مصطفى) إلى مثواه الأخير وذلك دقائق فقط بعد وصول جثمان الضحية من العاصمة، أين لفظ أنفاسه الأخيرة بعد الإعتداء الذي تعرض له في أعقاب اللقاء الودي الذي جمع المنتخب الوطني بنظيره الصربي والذي انتهى لصالح الصرب بثلاثة أهداف مقابل صفر. وحسب المعلومات التي حصلت عليها “الهدّاف”، فإن مصطفى الذي لا يتجاوز 19 سنة تنقل إلى العاصمة يوم الثلاثاء الماضي رفقة بعض أصدقائه من أجل حضور لقاء المنتخب الوطني أمام نظيره الصربي، لكن الأقدار حكمت بأن يعود إبن حي الحدادة إلى بيت ذويه وهو في النعش، بعد تعرضه لإعتداء غادر بواسطة سكين من قبل مجهول مباشرة بعد نهاية اللقاء، ما تسبّب في فقدان الضحية كميات كبيرة من الدم وهو النزيف الذي عجّل بوفاة المعني ساعات فقط بعد نقله إلى المستشفى. وقد ترك رحيل الشاب مصطفى أثرا عميقا في نفوس أهله ومعارفه من سكان حي الحدادة وبقية مناطق الولاية 18 التي لبست ثوب الحداد حزنا على رحيل مصطفى الذي عرف بين أهله وذويه بحبه الشديد ل”الخضر” إلى درجة تضحيته بكل شيء من أجل رؤية رفقاء زياني عن قرب بمناسبة لقاء الأربعاء الماضي دون أن يدري بأن هذه المواجهة هي الأخيرة له وأنه لن يشاهد “الخضر” في المونديال الذي ذرف من أجله دموعا غزيرة بعد لقاء أم درمان.