أحدثت "عاصفة الحزم" العملية العسكرية التي قادتها المملكة العربية السعودية رفقة عدد من الدول العربية ضد أهداف الحوثيين في اليمن استجابة لطلب الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، عاصفة حقيقة في مواقف الدول عبر العالم، حيث سارعت بعض الدول الحليفة للسعودية بتزكية أمريكية إلى إعلان الدعم العسكري والسياسي، فيما رفضت موسكو وحلفائها التقليديين قرار التدخل العسكري فوق التراب اليمني، واكتفت دول أخرى بالدعم السياسي للعملية، وظهرت طهران الخاسر الأكبر في العملية. دقت طبول الحرب في جزيرة العرب حينما اتهم الرئيس اليمني الحوثيين بتنفيذ مشروع إيراني لنشر المذهب الإثنى عشر، وهو أول اتهام علني لإيران بنشر التشيع في دول المنطقة، وفي اليوم الموالي، طالب اليمن الأممالمتحدة بدعم عمل عسكري للتصدي للحوثيين، وفي نفس اليوم، ناقش وزراء الخارجية العرب طلب اليمن الخاص بالتدخل العسكري، وبعده بيوم -أي أول أمس- نفذت السعودية وحلفاءها ضربات جوية على الحوثيين في اليمن، بتسخير مائة طائرة حربية و150 ألف جندي. وسارعت أربع دول خليجية حليفة للسعودية، وهي: البحرين، قطر، الكويت، والإمارات إلى جانب كل من المغرب والسودان والأردن ومصر لتشارك في الهجمة، صباح أول أمس، وأعلنت عاشر دولة وهي باكستان ردها على أي تهديد لسلامة السعودية. وشكلت العملية خرجة مفاجئة في ظل وجود نزاعات حربية واحتقان في المنطقة دون تدخل عربي مباشر بهذا الشكل لا سيما أن الحالة مماثلة في كل من ليبيا وسوريا، مما يؤكد أن الصراع الخفي والجيواستراتيجي في المنطقة بين السعودية وإيران قد ظهر للعلن. وقد لقيت المباردة السعودية مباركة أمريكية، حيث قال مسؤول أمريكي في تصريح نقلته وكالة رويترز "إن السعودية تشاورت مع واشنطن على أعلى مستوى قبل بدء العملية في اليمن". وأعلن الأمين العام للجامعة العربية تأييد الجامعة لضرب الحوثيين، وأنشأت الجامعة قوة لمواجهة التهديدات، والتحقت الأردن بالعملية من خلال إقحام سلاح الجو، فيما شاركت مصر بقوات بحرية وجوية، والتحق المغرب بالعملية بحكم توافق المملكتين في مختلف القضايا. وقد استثمر عدد من رؤساء الدول- لتحسين مواقعهم – في التأييد الشعبي الكبير لوقف هذا الزحف الحوثي الذي تطبعه صبغة شيعية، حيث صرح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وفقا لمكالمة هاتفية مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، بأن أمن الخليج "خط أحمر" وجزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وبذلك يريد السيسي أن يعيد هيمنته على سدّة الحكم واستعادة شعبيته داخليا ليمحو آثار صفة الانقلابي التي تلازمه. وشكل السودان المفاجأة في ظل مشاكله الداخلية، حينما قال إنه سيشارك في حملة اليمن بقوات جوية وبرية، وبذلك يريد السودان هو الآخر أن يستعيد مكانته على الصعيد الخارجي والإقليمي، وإحداث توازن داخلي باعتبار أن موقفه ينم عن حماية لحدوده الترابية التي لا يفصلها عن اليمن سوى البحر الأحمر. أما الجزائر فتمسكت بمبدأ الحوار وتغليب الحل السياسي، حيث قال وزير الخارجية "الجزائر لن تشارك بوحدات عسكرية خارج ترابها وفقا للمبدأ الدستوري". ومن الدول الأوروبية، أعلنت بريطانيا تأييدها للتدخل العسكري، وكذا تركيا التي قال رئيسها أردوغان إنه يجب على إيران و"الجماعات الإرهابية" مغادرة اليمن، مضيفا أن "هجمات الحوثيين تمهيد الطريق لصراع مذهبي، ونحن نفكر في دعم لوجيستيكي للعملية". وقد لوحت موسكو، أمس، بوقف الحرب بالقوة معلنة تحرك بوارجها الحربية رفقة سفن حربية إيرانية باتجاه مضيق باب المندب، غير أن الولاياتالمتحدة حذّرت كل من روسياوإيران بعدم التدخل في اليمن، واعتبرت أن ذلك سيجر المنطقة لحرب عالمية ثالثة في حال تضرر المصالح الأمريكية في المنطقة.