تربية الكلاب الشرسة تجاوزت التباهي إلى الترويع وتهديد الأمن آمنة بولعلوة لم تعد تربية الكلاب الشرسة تقتصر على الحراسة كما كان الحال سابقا، فقد تحولت إلى موضة اجتاحت العاصمة بعماراتها قبل فيلاتها، ولم يعد أحد يستغرب رؤية فصائل جديدة وشرسة من الكلاب تتجول إلى جانب أصحابها بكل حرية على غرار"البيبتول" والدوبرمان""الروك فوبير"و"البلاك دو" أنواع يظهر معها الكلب "الراعي الألماني"الذي اعتمده أغلب الجزائريين في وقت ما كلبا للحراسة وكأنه حمله الوديع. على رغم أبعادها الخطرة، انتشرت تربية الكلاب المفترسة بين شباب الجزائر كنوع من التباهي الذي يحمل في طياته الكثير من معالم العنف الذي طغى على المجتمع، ويعكس تغيرا واضحا في طبيعة الجزائري الذين غير تربية"الكانيش" الودود بالكلاب الشرسة، والأسوأ أن أصحابها لايتقيدون بشروط السلامة، فلا أحزمة ولا كمامات، وكأنهم يقصدون لفت الأنظار و ترويع المواطنين غير آبهين بالعواقب الوخيمة لذلك، بدليل تسجيل الكثير من الحوادث المؤلمة خلال الفترة الماضية راح ضحيتها أبرياء حتى من الأطفال، آخرها حادثة ترويع الطفل أيمن بوهران. وبعيدا عن التباهي، يقدم العديد من هؤلاء الشباب على استخدام كلابهم الشرسة في الدفاع عن النفس أثناء الشجارات التي تحدث من حين لآخر، خاصة بين الفرقاء في الأحياء الشعبية، وتنتهي بتعرض البعض منهم إلى إصابات بالغة الخطورة. حوادث تدمي العين والقلب راح ضحيتها أطفال أبرياء في الجزائر، تعرضوا لأعنف هجوم قد يصادف الإنسان على وجه الأرض، فمنهم من تشوه وجهه ومزقت أطرافه ومنهم من لقي حتفه بين مخالب وعضات الكلاب التي صارت حيازتها وتربيتها موضة بين الشباب المستهتر. *كلاب شرسة تحصد أرواح الأطفال اهتزت الجزائر مرات عديدة على وقع حوادث مؤسفة أبطالها وحوش وضحاياها أبرياء، فلم تمر سوى أيام على وفاة طفل في الرابعة من عمره بقرية هنية ذراع الميزان جنوب ولاية تيزي وزو، وذلك إثر تعرضه لهجوم كلبين من فصيلة "بيت بول"ن حيث هاجمه الكلبان أحدهما في الرأس والثاني في الأطراف السفلية في مكان غير بعيد عن المنزل العائلي ونهشا جسمه قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة دقائق بعد وصوله إلى المستشفى. جاءت هذه الحادثة لترفع من قائمة ضحايا الكلاب في الجزائر، فلم تمر سوى بضعة شهور على وفاة رائد صاحب الإحدى عشر سنة والذي راح ضحية لتعرضه لهجوم كلب حراسة شرس من نوع "رود فايلر" ببرج الكيفان، فقد كان "رائد" مارا أمام مدخل ورشة الملعب البلدي التي تعج بكلاب الحراسة من نوع "رود فايلر"، وفي ظل غياب الحراس أمام مدخل الورشة، أفلت أحد الكلاب وانقض على الضحية على مستوى رقبته، في وقت هب أحد المارة بالطريق الخارجي لإنقاذه ولكن بعد فوات الأوان، حيث أكد شهود عيان أن الطفل تعرض لإصابات جد خطرة على مستوى رقبته، لاسيما حنجرته التي أطبق عليها الحيوان بفكيه القويتين واقتلع جزءا من رقبته لم يصمد بعدها إلا دقائق ولقي حتفه. كما لفظت دنيا من السحاولة أنفاسها في التاسعة من عمرها بسبب هجوم كلبين مسعورين عليها، حيث خرجت الطفلة في ماي الماضي لتشتري من البقال وفي طريق عودتها إلى المنزل هاجمها كلبان ضالان مسعوران لتعود إلى البيت والدماء تغطي ملامح وجهها، فنقلت على إثر ذلك فورا إلى المستشفى حيث تمت خياطتها ب 50 غرزة، وغادرت غرفة العمليات ليتم حقنها باللقاح المضاد للكلب في ساعات متأخرة، وبعد مرور 16 يوما من الحادثة لفظت دنيا أنفاسها بداء الكلب. فيديو تحريض كلب على الطفل أيمن يفتح الملف لا يقتصر خطر الكلاب المتوحشة على الهجوم على الأطفال الأبرياء وإزهاق روحهم، بل أنهم باتوا يستعملون كأداة للإرعاب والتخويف، حيث تداول نشطاء على موقع "يوتوب" خلال الأيام الماضية فيديو صادم، يقوم فيه مجموعة من الشباب بتحريض كلب على طفل صغير في وهران، ما سبب له حالة من الرعب والذعر فراح يصرخ ويبكي بأعلى صوته، ولكن دموعه البريئة لم تشفع له، فكلما حاول الفرار منه أعادت المجموعة تقديمه للكلب، وقد أثار هذا الفيديو استياء وسخط كل من رآه، لأنه تعبير حقيقي عن الاستهتار وانعدام المسؤولية، وعلى إثره باشرت مصالح الشرطة التحريات في هذه القضية بأمر من النائب العام لمجلس قضاء وهران، وبعد التحريات توصلوا إلى هوية الضحية، ويتعلق الأمر بالطفل "أيمن" البالغ من العمر 7 سنوات وتلميذ في السنة الأولى الابتدائي، كما أوقفت الشرطة أربعة أشخاص متورطين في القضية. وعلى رغم أن مصالح أمن ولاية وهران أوقفت العصابة الإجرامية المتورطة في تحريض كلب شرس على الطفل أيمن ، حيث قامت بتصويره وهو يصرخ ويستغيث، بينما الكلب يحاول نهش أطرافه في مشهد عنيف، إلا أن الحادثة كانت كفيلة بفتح ملف تربية الكلاب المفترسة في العاصمة، وبإحالة الجناة على العدالة، واسترجاع الحيوان الذي استعمل في هذا العمل الشنيع اللاإنساني، صار جديرا بكل مواطن يتعرض للترويع بسبب تجول الكلاب المفترسة في الأحياء والشوارع، إخطار مصالح الأمن للقضاء على الظاهرة الخطرة التي تهدد أمن الأحياء والشوارع في الآونة الأخيرة. *عبد الرحمن عرعار: "بعض الشباب تبنوا موضة الكلاب المفترسة لتهديد الناس" أكد عبد الرحمن عرعار رئيس شبكة ندى لحماية حقوق الطفل في تصريح للحوار أن تربية الكلاب المفترسة والمتوحشة أصبحت موضة تبناها الكثير من الشباب والمراهقين في الجزائر، وهي تمثل خطرا حقيقيا يحدق بالناس ويهدد حياتهم ويتضح ذلك من خلال الحادثة المرعبة التي سجلتها الجزائر مؤخرا وراح ضحيتها طفل في بداية العمر، مرجعا ذلك إلى عدم وجود الرقابة فكيف لهذه الكلاب الخطرة أن تدخل إلى الأراضي الجزائرية وتربى وتباع وتشترى وتتسبب في أذية الناس، وأضاف المتحدث ذاته بأن هذا راجع لضعف تنفيذ القانون. كما أشار رئيس شبكة ندى بأن تربية الكلاب المتوحشة من الفصائل الألمانية وغيرها تعني استعمال القوة الغير رسمية، وأطفالنا باتوا عرضة لهذه المخاطر التي تصل حد الموت، وأضاف المتحدث ذاته بأنه يتأسف عند سماع حادثة جديدة تتعلق باعتداء كلب على طفل، فإن لم يتسبب في القضاء على حياته فمن المؤكد أنه يعرضه لأمراض عديدة. هذا، وقد وجه عبد الرحمن عرعار نداء للسلطات بضرورة التحرك لإيقاف هذه المشاكل بالاتجاه نحو العمل الوقائي، فتربية الكلاب لها مقاييس وقوانين ورقابة صحية وأمنية ولا ينبغي أن تتم بصفة عشوائية. *الشيخ عبد النور يؤكد: الإسلام أمر بقتل الكلاب المفترسة والعدوانية أكد الشيخ عبد النور المفتي بالمجلس العلمي لدار الأرقم في تصريح للحوار أن حكم تربية الكلاب في الإسلام يختلف فمنه الجائز ومنه الممنوع، فإذا كان اقتناء الكلب بغرض الحراسة أو الزرع وله منفعة فهذا جائز، أما الممنوع فيعود لكلاب المنازل التي يقتصر سبب اقتنائها على الزينة والتفاخر مثل "الكانيش"، حيث قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَمْسَكَ كَلْبًا فَإِنَّهُ يَنْقُصُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطٌ إِلا كَلْبَ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ". أما الكلاب المفترسة والعدوانية أو ما يسمى ب"الكلب العقور"، الذي يكن العدائية للناس ويعتدي عليهم فالأصل أنه يقتل لدفع شره على الناس، فقد قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: "خَمْسُ فَوَاسِقَ يُقْتَلْنَ في الحِلِّ وَالحَرَمِ : الغُرَابُ وَالحِدَأةُ وَالعَقْرَبُ وَالفَأرَةُ وَالكَلْبُ العَقُورُ". وأضاف الشيخ عبد النور بأن الخلاصة في هذا الشأن أنه حتى وإن جاء اقتناء بعض أنواع الكلاب للحراسة أو الزرع فإن هذا النوع مستثنىً منهم، ولا ينبغي إزعاج الناس بتربية كلب في المناطق السكنية وداخل العمارات، كجعله في الشرفة فتنزل على الناس والجيران نجاسته فهو بهذا الفعل يؤذيهم، وإذا تسبب الكلب في إلحاق الأذى بشخص ما فإن صاحبه يعتبر ظالم وفي حال تسبب في قتل شخص ما فتترتب على صاحبه دية. *حسين زهوان يؤكد: "تربية الكلاب تخضع لشروط وعلى المخالفين أن يحالوا إلى العدالة" أشار رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان حسين زهوان في تصريح للحوار أن تربية الكلاب لا تتم بطريقة عشوائية، وإنما تتطلب الخضوع إلى شروط وقوانين ورقابة منذ دخول الحيوان إلى التراب الوطني وصولا إلى طريقة تربيته، ومن الضروري أن يخضع إلى الرقابة الطبية وغيرها من الشروط الموجودة في بلدان العالم المتقدم والتي تمنع حتى أن يقدم الحيوان على توسيخ الشارع، وبالتالي فيتحمل الشخص المالك للكلب مسؤوليته الكاملة وفي حال خالف الشروط فإنه يحال إلى العدالة. *ولاية الجزائر تصدر تعليمة لمنع تربية الكلاب الخطِرة قررت ولاية الجزائر مؤخرا منع تربية الكلاب الخطرة والشرسة بمختلف أنواعها وكذا المتاجرة فيها، على غرار "بول ماستيف"، "رود فايلر"، "دوبر مان"، "بول تيريير" و"بيت بول"، وذلك في إطار المحافظة على الصحة العمومية، لما تشكله هذه الكلاب المفترسة من خطورة على المواطنين خاصة منهم الأطفال وكبار السن، حيث سيتم تسليط عقوبات تصل حد المتابعة القضائية على المخالفين، حيث وجه والي الجزائر عبد القادر زوخ، تعليمة إلى مصالح الصحة والنظافة بالمجالس الشعبية البلدية تتضمن قرار منع تربية الكلاب الخطرة والشرسة بمختلف أنواعها.