التأخر واحد من العادات الجزائرية الأصيلة كانت قبل الأمازيغ ويقال في كتب الأثر أنها هاجرت مع الكسل المزعوم في أهل السودان من بلاد الأكسوم والحبشة ويقول غيرهم إنها أتت مع الفاتحين العرب وإنها من عادات أبناء عامر بن صعصعة ولا أعرف رأي ابن خلدون في الموضوع ولا تجعلوا التأخر يقودنا لفتنة عرقية .. ونحن متأخرون في كل شيء وعندنا جل أنواع التأخر المعروفة وقد تأخر استقلالنا 130 سنة عن الاستعمار ونحن الآن من الدول المتأخرة وعندنا تأخر في سن الزواج وتأخر في سن النطق تأخر في المقرر الدراسي وتأخر في دفع الرواتب والمستحقات وتأخر في سداد الديون، تأخر في مواعيد وصول الطائرات طبعا وتأخر وصول سيارات الإسعاف لكن هذا لا يقارن بتأخر إنجاز المشاريع. ولعل أشهر تأخر بعد تأخر العادة الشهرية في حالة حدوث حمل هو تأخر إنجاز ميترو الجزائر فالمشروع يعود لسنة 1928 ليتأخر إلى سنة 1959 ثم إلى 1981 ثم إلى 1990 ولم يفتتح إلا في قرن جديد تماما سنة 2011، ومع هذا تم اعتباره إنجازا تاريخيا ولا شيء فيه خارجا عن المألوف أو صادم إلا مدة إنجازه فهي حقا مدة تاريخية استهلكت نصف قرن من الزمان لتحوله من فكرة إلى واقع … وهناك تأخير أخير لا أعرف إذا انتبهتم له وهو تأخير سن التقاعد وإضافة مرحلة جديدة بين ممارسة العمل والتقاعد هي مرحلة "طاب جنانو" فهو يعمل عادي لكن يجب أن نوقره لسنه … ومع كل هذا التأخر نحن لا نشتكي ولا نحس بأي تأخير إلا في حالات ثلاث ربما ولا أعرف لها رابعة فالكل يتذمر في حال ما تأخر تسجيل هدف في أي مباراة يتابعها، والكل ينزعج إذا تأخرت إذاعة حلقة أخيرة من مسلسل يتابعه، لكن أكثر ما لا يمكن التساهل فيه هو تأخر أذان المغرب في رمضان فلن تتسامح الجماهير أبدا مع إمام أو مؤذن تأخر ربع ساعة في رفع الأذان وستطالب بتغيره وتغير كل هيئة المسجد .. وعلى رغم أن كل أهداف الدولة لم تسجل بعد وكل الحلقات الأخيرة التي ينتصر فيها الخير من أعمارنا لم تبث بعد ونحن نقضي عمرنا كله صائمين عن المجد والسؤدد إلا أن هذا التأخر لا يزعجنا، لأننا لم نعد نحس بالوقت يمر إلا في توافه الأمور ..ألقاكم في المقال المقبل إن شاء الله إذا لم أتأخر كالعادة..