الصعلوك عند العرب هو الفقير الذي لا مال له والصعلكة هي الفقر، ومنه نستنتج أننا دولة أغلبنا صعاليك أو ربما أوشكنا أن نصبح ليس لأننا أعلى من الصعلوك بل لأننا أدنى، فكلمة صعلوك أصبحت ذات مدلول أدبي بعد عروة والسليك. صعاليك الجاهلية سببت وجودهم الأزمة المالية والأنظمة القبلية، وربما لا يتهم عروة. عبس بالفساد والاختلاس ولم يقاتل الشنفري بني سلمان لأنهم خوصصوا المال العام إو لوصصوه إن صح التعبير. لكن كان خروجهم عن عرف القبيلة وقوانين شيخها وإغارتهم على القوافل دليل وأسلوب رفض وعصيان مدني. طبعا بعد أن رفضت القبيلة أفعال الصعلوك تبرأت منه وأصبح معنى صعلوك: "الطريد، المنبوذ، الشريد." ثم تتجاوز الكلمة معناها الدلالي حقا لتصبح الآن تشمل قاطع الطريق وقليل الأدب رغم أنها أطلقت في الأساس على شعراء…. صعاليك اليوم لا يملكون من الكلمة إلا معناها الأول فهم فقراء لكنهم لا يثورون ولا يرفضون مهما قسى الجوع واشتد الظمأ، صعاليكنا هادئين، يعبرون عن غضبهم في الملاعب فقط. ويسد رمقهم "هامبرغر زايد مايونيز". والقبيلة تعلمت أن تحتوي الصعلوك ولا ترفضه وتشغله بكل مباريات العالم وتسد رمقه بمحلات "الفاست فود"… تعلمت كيف تمنعه من أن ينعزل وتعلمت أن تغتال شاعريته. كتبت هذا الكلام وقد أغلق جارنا صاحب البيتزيريا وفاتني وقت السحور واستيقظ الصعلوك داخلي وتذكر قول عروة بن الورد: إِذا المَرءُ لَم يَبعَث سَواماً وَلَم يُرَح *** عَلَيهِ وَلَم تَعطِف عَلَيهِ أَقارِبُه فَلَلمَوتُ خَيرٌ لِلفَتى مِن حَياتِهِ *** فَقيراً وَمِن مَولىً تَدِبُّ عَقارِبُه وَسائِلَةٍ أَينَ الرَحيلُ وَسائِلٍ *** وَمَن يَسأَلُ الصُعلوكَ أَينَ مَذاهِبُه