يقول الله سبحانه تعالى "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ". البعض من مفكرين مثل الدكتور محمد عمارة لا يفهم كلمة الوهابيين ولا يحاول أن يفهم، لسبب واحد أن الوهابيين وفكره لا يتفق الطرف مع الطرف، ولو يجلس في طاولة حوار ويعرض فكره كله منذ أن ولدته أمه لحد الساعة، سيجد نفسه أنه في أخطاء متراكمة عليه وعلى فكره، لأن كل من تكلم عن الشيخ محمد ابن عبد الوهاب لا يتكلم عن مؤلفاته أوينقد ما جاء فيها، إنما يركز على أن كل وهابي إرهابي، وهذا خطأ كبير، وهذا ثناء أكبر علماء الجزائر على دعوة الشيخ محمد ابن عبد الوهاب: وقال الشيخ في أثار ابن باديس (5 /32 -33 ) " قام الشيخ محمد ابن عبد الوهاب بدعوة دينية، فتبعه عليها قوم فلقبوا ب " الوهابيين ". لم يدع إلى مذهب مستقل في الفقه؛ فإن أتباع النجديين كانوا قلبه ولا زالوا إلى الآن بعده حنبليين؛ يدرسون الفقه في كتب الحنابلة، ولم يدع إلى مذهب مستقل في العقائد؛ فإن أتباعه كانوا قبله ولا زالوا إلى الآن سنيين سلفيين؛ أهل إثبات وتنزيه، يؤمنون بالقدر ويثبتون الكسب والاختيار، ويصدقون بالرؤية، ويثبتون الشفاعة، ويرضون عن جميع السلف، ولا يكفرون بالكبيرة، ويثبتون الكرامة، وإنما كانت غاية دعوة ابن عبد الوهاب تطهير الدين من كل ما أحدث فيه المحدثون من البدع ، في الأقوال والأعمال والعقائد، والرجوع بالمسلمين إلى الصراط السوي من دينهم القويم بعد انحرافهم الكثير، وزيغهم المبين. قال الشيخ محمد البشير الإبراهيمي – رحمه الله – في مقال له نشر في العدد 9 من جريدة " السنة " ( 11 صفر 1352 ه / 5 جوان 1933 م، ص 3) ( ويقولون عنا إننا وهابيون، كلمة كثر تردادها في هذه الأيام الأخيرة حتى أنست ما قبلها من كلمات: عبداويين وإباضيين وخوارج، فنحن بحمد الله ثابتون في مكان واحد وهو مستقر الحق، ولكن القوم يصبغوننا في كل يوم بصبغة ويسموننا في كل لحظة بسمة، وهم يتخذون من هذه الأسماء المختلفة أدوات لتنفير العامة منا وإبعادها عنا، وأسلحة يقاتلوننا بها وكلما كلت أداة جاءوا بأداة، ومن طبيعة هذه الأسلحة الكلال وعدم الغناء، وقد كان آخر طراز من هذه الأسلحة المفلولة التي عرضوها في هذه الأيام كلمة "وهابي"، ولعلهم حشدوا لها ما لم يحشدوا لغيرها وحفلوا بها ما لم يحفلوا بسواها، ولعلهم كافؤوا مبتدعها بلقب مبتدع كبير. إن العامة لا تعرف من مدلول كلمة " وهابي" إلا ما يعرفها به هؤلاء الكاذبون، وما يعرف منها هؤلاء إلا الاسم وأشهر خاصة لهذا الاسم، وهي أنه يذيب البدع كما تذيب النار الحديد، وأن العاقل لا يدري مم يعجب! أمن تنفيرهم باسم لا يعرف حقيقته المخاطب منهم ولا المخاطب، أم من تعمدهم تكفير المسلم الذي لا يعرفونه نكاية في المسلم الذي يعرفونه، فقد وجهت أسئلة من العامة إلى هؤلاء المفترين من (علماء السنة !!) عن معنى "الوهابي"؛ فقالوا هو الكافر بالله وبرسوله، كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا. – قال الشيخ أحمد حماني – رحمه الله – في كتابه " صراع بين السنة والبدعة " ( 1/ 50-51)، أول صوت ارتفع بالإصلاح والإنكار على البدعة والمبتدعين ووجوب الرجوع إلى كتاب الله والتمسك بسنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ونبذ كل ابتداع ومقاومة أصحابه، جاء من الجزيرة العربية وأعلنه في الناس الإمام محمد بن عبد الوهاب أثناء القرن الثامن عشر ( 1694 _ 1765 )، وقد وجدت دعوته أمامها المقاومة الشديدة حتى انضم إليها الأمير محمد بن السعود وجرد سيفه لنصرتها والقضاء على معارضيها فانتصرت. ولما كانت نشأة هذه الدعوة في صميم البلاد العربية ونجحت على خصومها الأولين في جزء منها، وكانت مبنية على الدين وتوحيد الله – سبحانه – في ألوهيته وربوبيته ومحو كل آثار الشرك – الذي هو الظلم العظيم – والقضاء على الأوثان والأنصاب التي نصبت لتعبد من دون الله أوتتخذ للتقرب بها إلى الله، ومنها القباب والقبور في المساجد والمشاهد، لما كان كذلك فقد فهم أعداء الإسلام قيمتها ومدى ما سيكون لها من أبعاد في يقظة المسلمين ونهضة الأمة العربية التي هي مادة الإسلام وعزه، إذ ما صلح أمر المسلمين أول دولتهم إلا بما بينت عليه هذه الدعوة، وقد قال الإمام مالك (لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها)، لهذا عزموا على مقاومتها وسخروا كل إمكانياتهم المادية والفكرية للقضاء عليها، وحشدوا العلماء القبوريين الجامدين أو المأجورين للتنفير منها وتضليل اعتقاداتها، وربما تكفير أهلها، كما جندوا لها الجنود وأمدوها بكل أنواع أسلحة الفتك والدمار للقضاء عليها. بعد كل هذا الثناء من علماء الجزائر، لك الكلمة يا أستاذ أن ترد، فكل شيء منك مرحب به.