عزيزي القارئ كنت وعدتك الأسبوع الماضي بأن أبدا لك هذا المقال ببيت شعري لكني أخلفت الوعد فهل ستحاسبني وأنت لم تحاسب من وعدوك بأن يحولوا لك البلاد إلى اليابان ولم تعد البلد تشبهها اللهم إلا في كثرة الزلازل، وعدوك بتحويلها إلى "ماليزيا " ثم توقفوا في منتصف الطريق وحولوها إلى "مالي " وعدوك بالرفاهية ثم أخلفوا الوعد وطالبوك بالتقشف ولأنك متساهل لن يوفيك حقك أحد حتى أنا رغم أنى أحبك.. والحب عندنا مرتبط بالوفاة فمن يريد أن يلتف الشعب حوله ويقتنع بوطنيته ويؤمن بأفكاره.. فقط عليه أن يموت.. ولا أعرف من اجتمع الناس عليه في حياته عندنا إلا الرئيس الراحل هواري بومدين ولشدة فضولي لمعرفة كيف فعلها فكرت في استحضار روحه.. جلبت زجاجة بترول مؤمم ورقتي شجر من السد الأخضر وحفنة تراب من قبر العقيد شعباني ولم تبقى إلا تعويذة مناسبة. …"من داهيا اليل في الجنوب من زفير الأرض والقلوب من الجنوب أنا هرة في الجزائر وطني الأمة شهيد وطني الموفا تظاهر انتهى عصر العبيد أنا هرة أنا هرة أنا هرة في الجزاااائر" هكذا رحت اردد كلمات ميرايام ماكيبا كما ألقتها سنة 69 في حضرة الزعيم أو كما سمعتها أنا على الأقل أشبه ما تكون بطلاسم فودو منها إلى العربية تلوتها محاولا استحضار روحه العصية على الاستدعاء كأنها ترفض رجس هذا الزمان المقيت… فجأة انتابتني قشعريرة ولا أعرف حقا هل نجح الأمر أم أن رغبتي في التصديق جرفتني فحتى أعظم العقول قد تغلبها الرغبة وتغيبها العاطفة.. فالعبقري آرثر كونان دويل أقنع أعظم سحرة القرن الماضي هاري هوديني بأن يحضر له روح أمه…المهم هنا أنى بدأت أسمع صوت الزعيم يسألني وقد منعتني الهيبة من أن أبادره بالسؤال: ماذا حل بالدولة التي لا تزول بزوال الرجال؟ عقد السؤال لساني فلم أعرف كيف أجيب هل أحكي له عن الصناعة وأخبره أننا بعنا مركب الحجار آم عن الزراعة وأننا نستورد البصل أم عن المحروقات وفضائح سوناطراك هل أحكي له عن التأميم والمادة 66.. عن مجانية التعليم وبن غبريط.. عن مجانية العلاج وفضائح المستشفيات.. عن أحلامه التي أصبحت كوابيسنا.. جاهدت نفسي لأحرك لساني وأقول: لقد انتقلنا من زمن دولة التي لا تزول بزوال الرجال إلى زمن رجال الذين لا يزولون بزوال الدولة… هنا زادت القشعريرة وأحسست ببرد شديد وعرفت أن الأمر يتعدى تحضير الأرواح… من المؤكد أنى نسيت باب غرفتي مفتوح مجددا..