تصنيف ظالم هذا الذي يقصي جامعاتنا في كل مرّة من مصاف الجامعات المتقدمة دولية،فكيف لا تصنّف جامعات تصرف عليها الملايير، وبلغ عدد الطّلبة فيها رقما خياليا تجاوز المليون طالب ،وفيها وليس في غيرها تنسخ البحوث نسخا، وتسرق رسائل التّخرج من أجل الحصول على شهادة الدكتوراه،حتى مُرّغ وجه وزارة التّعليم العالي ومعها بلد اسمه الجزائر في التّراب،بسبب محسوبين على الحقل الجامعي، بدل أن يجشموا النّفس ويرسموا مسارا خاصا بهم راحوا يتكؤون على عكاز الغير ،ففضحوا أنفسهم وفضحونا معهم،وهووا بمستوى الجامعة الجزائرية إلى الحضيض. لا أدري أي مبرر ستقدّمه وزارة التّعليم العالي فيما يخص التّصنيف العالمي الجديد لجامعات العالم الذي أجرته مؤسسة "تايمزهاير ايديوكيشن"البريطانية المتخصصة في تصنيف أفضل الجامعات العالمية،وخلو القائمة من الجامعات الجزائرية،فكعادتها جامعاتنا خارج التّصنيف الذي لا يعترف بالمليونيات الطلابية التي نتفاخر ونتباهى بها ،فإذا كنّا نحن نهتم بالكم فهذه التصنيفات لا تعترف إلاّ بالكيف، المتمثل في جودة التعليم وقيمة البحوث المنجزة في مختبرات هذه الجامعات ،في المقابل نحن كذلك نهتم بالبحث،ولكن بحث من نوع آخر، البحث عن الأرقام الهلامية،التي جعلت جامعاتنا مفتوحة لكل من هب ودب،فحطّمنا أرقاما قياسية في عدد الطلبة الذي بلغ المليون،فتباهينا بهذا الكم على أنّه انجاز عظيم. التّصنيفات العالمية لا تعترف بالمليونيات ،ولا تعترف بالبحوث المنسوخة من ألفها إلى يائها،كما لا تعترف بالجامعات التي تسرق فيها الرّسائل الجاهزة من أجل الحصول على شهادة الدكتوراه،كما لا يمكنها الاعتراف بجامعة يتنافس فيها الطلبة ببسطة الأجسام من أجل وجبة غذاء أو عشاء،بدل أن يتنافسوا على التحصيل العلمي ،ولا يمكنها أن تعترف بجامعة تُخرج سنويا جيش عرمرم من الأميين، كل ما يحملونه من زاد من هذه الجامعات مجرد شهادة كتب عليها "ناجح". ففي السنوات الأخيرة طفت سلوكات أضرت بسمعة الجامعة الجزائرية،وكانت سببا في تذيلها الترتيبات العالمية، إذ لا يصدق تماما أن تأتينا الشّكاوي من الخارج عن السّرقات العلمية التي مرغت وجه وزارة التعليم في التراب.وليت الأمر توقف فالحبل لا زال على الغارب،آخرها إلغاء رسالتي دكتوراه في جامعة وهران لذات الحجّة، لكن ،هذه السّلوكات وغيرها من المظاهر السيئة التي التصقت بالجامعة الجزائرية في العقد الأخير لا تنفي وجود كفاءات تجشّم النّفس في البحث على مدار سنوات تعليمها العالي وترسم مسارا ناجحا بسواعدها بعيدا عن سياسة انسخ الصق، التي أصبحت عار يلاحق الجامعة الجزائرية. خلاصة القول ، إذا أردنا أن نمضي قدما إلى الأمام من أجل تحصيل جامعي يحفظ ماء وجه الجامعات الجزائرية،ويرتقي بها إلى مصاف الجامعات العالمية، يجب أن نراجع سياستنا ،فبالسياسة الحالية المنتهجة لن تقوم لنا قائمة، وسنعرف مزيدا من التقهقر على جميع الأصعدة ،فالأمر يحتاج لمراجعة شاملة يشارك فيها باحثون وأخصائيون،تمكّن من النّهوض بواقع قطاع التّعليم العالي في الجزائر، فالتّصنيف الحالي لم يكن ظالما،ويجب أن نعترف بالحقيقة المرّة ونتجرّعها بدل البحث عن أعذار واهية،فنحن أعلم بجامعاتنا من الجميع،وأدرى بحالها وما يسوءها،وما يعلق بها من سلوكات ومظاهر، أساءت لسمعتها التي كانت ذات يوم فخرا للجزائريين،قبل أن تنهار علميا وأخلاقيا وتهوي في واد سحيق.