رئيس الجمهورية: متمسكون بالسياسة الاجتماعية للدولة    رئيس الجمهورية يؤكد أن الجزائر تواصل مسيرتها بثبات نحو آفاق واعدة    الشروع في مراجعة اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوربي السنة القادمة    المطالبة بمراجعة اتفاق 1968 مجرد شعار سياسي لأقلية متطرفة بفرنسا    تنظيم مسابقة وطنية لأحسن مرافعة في الدفع بعدم الدستورية    مراد يتحادث مع المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة    صدور مرسوم المجلس الأعلى لآداب وأخلاقيات مهنة الصحفي    الكشف عن قميص "الخضر" الجديد    محلات الأكل وراء معظم حالات التسمم    المعارض ستسمح لنا بإبراز قدراتنا الإنتاجية وفتح آفاق للتصدير    انطلاق الطبعة 2 لحملة التنظيف الكبرى للجزائر العاصمة    عدم شرعية الاتفاقيات التجارية المبرمة مع المغرب.. الجزائر ترحب بقرارات محكمة العدل الأوروبية    رئيس الجمهورية: الحوار الوطني سيكون نهاية 2025 وبداية 2026    ماكرون يدعو إلى الكف عن تسليم الأسلحة لإسرائيل..استهداف مدينة صفد ومستوطنة دان بصواريخ حزب الله    العدوان الصهيوني على غزة: وقفة تضامنية لحركة البناء الوطني لإحياء صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته    مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي: فيلم "ميسي بغداد" يفتتح المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة    للحكواتي الجزائري صديق ماحي..سلسلة من الحكايات الشعبية لاستعادة بطولات أبطال المقاومة    البليدة..ضرورة رفع درجة الوعي بسرطان الثدي    سوق أهراس : الشروع في إنجاز مشاريع لحماية المدن من خطر الفيضانات    مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي يعود بعد 6 سنوات من الغياب.. الفيلم الروائي الجزائري "عين لحجر" يفتتح الطبعة ال12    الجمعية الدولية لأصدقاء الثورة الجزائرية : ندوة عن السينما ودورها في التعريف بالثورة التحريرية    رئيس جمهورية التوغو يهنئ رئيس الجمهورية على انتخابه لعهدة ثانية    بيتكوفيتش يعلن القائمة النهائية المعنية بمواجهتي توغو : استدعاء إبراهيم مازا لأول مرة ..عودة بوعناني وغياب بلايلي    الرابطة الثانية هواة (مجموعة وسط-شرق): مستقبل الرويسات يواصل الزحف، مولودية قسنطينة ونجم التلاغمة في المطاردة    اثر التعادل الأخير أمام أولمبي الشلف.. إدارة مولودية وهران تفسخ عقد المدرب بوزيدي بالتراضي    تيميمون: التأكيد على أهمية التعريف بإسهامات علماء الجزائر على المستوى العالمي    بداري يعاين بالمدية أول كاشف لحرائق الغابات عن بعد    حوادث المرور: وفاة 4 أشخاص وإصابة 414 آخرين بجروح خلال ال48 ساعة الأخيرة    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 41825 شهيدا    بلمهدي يشرف على إطلاق بوابة الخدمات الإلكترونية    لبنان تحت قصف العُدوان    البنك الدولي يشيد بالتحسّن الكبير    شنقريحة يلتقي وزير الدفاع الإيطالي    يوم إعلامي لمرافقة المرأة الماكثة في البيت    إحداث جائزة الرئيس للباحث المُبتكر    أسماء بنت يزيد.. الصحابية المجاهدة    دفتيريا وملاريا سايحي يشدد على ضرورة تلقيح كل القاطنين    الأمم المتحدة: نعمل "بشكل ثابت" لتهدئة الأوضاع الراهنة في لبنان وفلسطين    سايحي: الشروع قريبا في تجهيز مستشفى 60 سرير بولاية إن قزام    الجزائر حاضرة في مؤتمر عمان    طبّي يؤكّد أهمية التكوين    استئناف نشاط محطة الحامة    بوغالي يشارك في تنصيب رئيسة المكسيك    افتتاح الطبعة ال12 لمهرجان وهران الدولي للفيلم العربي    الرابطة الثانية هواة (مجموعة وسط-شرق): مستقبل الرويسات يواصل الزحف, مولودية قسنطينة و نجم التلاغمة في المطاردة    صحة: تزويد المستشفيات بمخزون كبير من أدوية الملاريا تحسبا لأي طارئ    رابطة أبطال إفريقيا (مرحلة المجموعات-القرعة): مولودية الجزائر في المستوى الرابع و شباب بلوزداد في الثاني    الجزائر-البنك الدولي: الجزائر ملتزمة ببرنامج إصلاحات لتعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة والشاملة    ديدوش يدعو المتعاملين المحليين للمساهمة في إنجاح موسم السياحة الصحراوية 2025/2024    سايحي يشدد على ضرورة تلقيح كل قاطني المناطق التي شهدت حالات دفتيريا وملاريا بالجنوب    محارم المرأة بالعدّ والتحديد    حالات دفتيريا وملاريا ببعض ولايات الجنوب: الفرق الطبية للحماية المدنية تواصل عملية التلقيح    كأس افريقيا 2025: بيتكوفيتش يكشف عن قائمة ال26 لاعبا تحسبا للمواجهة المزدوجة مع الطوغو    توافد جمهور شبابي متعطش لمشاهدة نجوم المهرجان    هذا جديد سلطة حماية المعطيات    خطيب المسجد النبوي: احفظوا ألسنتكم وأحسنوا الرفق    حق الله على العباد، وحق العباد على الله    عقوبة انتشار المعاصي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"هزك الما يا مباركي؟
نشر في الحوار يوم 27 - 04 - 2015

تعيش الجامعة الجزائرية حالة من التسيب و الرداءة ، بسبب الكثير من الظواهر السلبية و التي ينسج فصولها من تم ائتمانهم على تكوين إطارات الجزائر المستقبلية ، تراوحت الكوارث في الجامعة من الاستغلال السيئ للميزانية المرصودة لهذا القطاع ، فمن التربصات العلمية التي تحولت أهدافها لغير تلك المخصصة له ، ظاهرة السرقات العلمية التي ضربت سمعة الجامعة في العمق و التي تورط فيها الكثير من الأساتذة ، و ممارسات غير مهنية تقوم بها اللجان العلمية في الجامعة و التي راحت تصفي حسابات شخصية لا تمت للعلم و للبحث بصلة ، كل هذا يحدث في المؤسسات الجامعية و الوصاية لازالت لم تحرك ساكنا.
التربصات العلمية مقابل الولاء
تدخل التربصات العلمية في إطار عملية ترقية البحث العلمي بالجامعة الجزائري ، و قد خصصت لطلبة الدراسات العليا مناصفة مع الأساتذة في مختلف الدرجات ، و قد استفاد الآلاف من هذه المنح متجهين نحو العديد من المؤسسات الجامعية في العالم، و يجمع أهل القطاع أن أغلب هذه الخرجات التي كانت باسم التعاون العلمي و تطوير البحث لا مردود لها بسبب التسيب و الإهمال و حالة اللارقابة على هذا الملف الذي يستنزف الملايير سنويا توزعت بين العملة الصعبة و بين تذاكر الطائرات ، فقد تحولت هذه التربصات إلى رحلات سياحية مدفوعة التكاليف ، و مع استمرار الحال دون حسيب و لا رقيب تحول الأمر إلى ظاهر بعينها ، و تشكلت لها قواعد لعبة تحكمها ، بداية بتوزيع هذه المنح و الذي يخضع لسيطرة عمداء الكليات و نوابهم ، أما الحصول عليها فيتطلب الولاء و التملق في بعض الأحيان ، و قد حدث في العديد من المؤسسات الجامعية في الجزائر أن حظي مجموعة من الأساتذة و المحسوبين على محيط الإدارة من تربصات متتالية كل سنة ، بينما يحرم منها غيرهم لاعتبارات غير علمية ، و لحد الساعة يشتكي طلبة الدراسات العليا من احتكار هذه التربصات و حرمانهم منها خاصة مع معاناتهم في إتمام بحوث الدكتوراه و الماجستير التي يقدمون على تقديم رسائل فيها ، و يتحصل عليها الأساتذة بغرض السياحة و الاستجمام .
باحثون متذمرون من "الحقرة"
و قد تحدث طلبة في الدراسات العليا للحوار عما تعرضوا له من امتهان للكرامة و من تجاوزات باسم اللجان العلمية و التي مهمتها التقرير في علمية المواضيع البحثية المعروضة عليها من عدمها ، و توزيع لجان المناقشة للرسائل الأكاديمية ، و لكن يتحدث الباحث " ن ، ف" الذي قدم موضوع كمشروع لتحضير رسالة دكتوراه علوم ، و لكن تعرض المشروع للرفض عدة مرات لدواعي غير علمية و كانت بغرض تصفية حسابات بين الأساتذة راح ضحيتها الطلبة الباحثون ، فلم يتم قبول الموضوع إلا بعد أشهر من المماطلة التي مارسها أعضاء اللجنة العلمية بالقسم و التي لم تحتكم للمعايير العلمية ، و الحل كان بتسوية خارج اللجنة مفادها السماح للطالب بالتسجيل في الدكتوراه بعد رضا الأعضاء المعترضين على المشرف و الذي تربطهم به خلافات غير علمية في الأساس و هو ما يطرح التساؤل عن مكانة ميثاق أخلاقيات الجامعة الذي كان يُفترض أن يكون الحكم في مثل هذه الحالات و التي خرجت عن نطاق البحث العلمي و عن التعليم و أخلاقه.
لجان " تصفية الحسابات " لمناقشة الرسائل
يعاني العديد من الباحثين المقبلين على مناقشة رسائل الماجستير و الدكتوراه من ضغوط تفرضها عليهم اللجان العلمية و التي تنتقي أعضاء لجنة المناقشة في كثير من الأحيان وفق معايير المحاباة و العلاقات الرابطة بين الأساتذة، و يظهر هذا المشكل أثناء المناقشة بطفو السجالات و تبادل الاتهامات و المزايدات بين الأساتذة الزملاء و بممارسة الضغط الذي يصل حد الإهانة في حق الطالب صاحب الرسالة و التشكيك في مستواه المعرفي و حتى في محتويات و مصادر بحثه، هذا ما حدث في الكثير من الجامعات التي شهدت هذه المواقف التي لا تمت للبحث العلمي بصلة تُذكر، و هو الأمر الذي جعل الكثير من الرسائل الجامعية لا ترقى لمصاف البحوث التي يمكن أن تعتمد عليها الجامعة في ترقية المعرفة المقدمة للطلبة، ذلك أنها لم تخضع لمقاييس علمية صارمة، وجعلها رسائل تناقش و تُمنح العلامات الكاملة باعتبار العلاقة المصلحية بين المشرف و بين أعضاء اللجنة المناقشة أو اللجنة العلمية، بينما تغيب المعايير العلمية الأكاديمية التي تُمنح على أساساها العلامة على الرسالة المنجزة، و قد اشتكى العديد من الطلبة من هذه الممارسات التي تحتقر الجهد الذي بذلوه لسنوات ، مستهجنين الاستهزاء بأعمال تطلبت الكثير من الوقت و المال و التعب
مليارات لمخابر البحث ..و الإنتاج صفر
و قد خصص قطاع التعليم العالي ميزانية للبحث العلمي تصرف كذلك عبر تكوين مخابر للبحث العلمي ، و تتفرع هذه المخابر إلى فرق مدتها ثلاثة سنوات ، هذه المخابر تتلقى ميزانية سنوية معتبرة تصرف على الفرق و على نشاطات المخبر ، هذا في الورق ، و لكن العارفين بخبايا المخابر فقد صرحوا للحوار أن هذه المخابر عاطلة عن البحث طوال السنة و بقيت مكاتبها موصدة في وجه الباحثين ، و إنتاجها ضعيف يكاد منعدما ، و إن كان هناك فيكون متجسدا في ملتقيات تصرف فيها الميزانية ببذخ على الفنادق و المحافظ للضيوف مقابل صفر من الإنتاج العلمي ، كما أن أعضاء المخابر يتمتعون بزيادات معتبرة في رواتبهم مقابل انتسابهم و تسييرهم للمخابر هذه ، و ما زاد حدة التسيب هو عدم وجود آليات للرقابة و المحاسبة للمطالبة بمردود هذه الفرق العلمية ، و لكن تبقى دار لقمان على حالهما مع " ملك البايلك "
تعليمات على الورق من الوصاية
و لازالت وزارة التعليم العالي و البحث العلمي تتعامل بأسلوب التعليمات دون العمل على إيجاد آليات جادة و فعالة للقضاء على هذه الظواهر السلبية التي دمرت منتوج الجامعة لجزائرية ، هذا و قد أقرت الوزارة إجراءات بخصوص التربصات قصيرة المدى و أوامر المهمّة بالخارج للأساتذة و الموظفين ، و كانت هذه الإجراءات عبر تعليمة صادرة عن مديرية التعاون و التبادل بين الجامعات تحت رقم 194 يوم 21 أفريل 2015 طالبت فيها بضرورة تطبيق أقصى درجات الصرامة و مراقبة التربصات بالخارج و تضمنت التعليمة شروطا جديدة ، كما وجهت الوزارة أمرا لجميع الجامعات بالعمل عبر الوسائط الإلكترونية ذلك لتقييم المهمات و التربصات بصفة منتظمة و مباشرة .
– أبطالها دكاترة و عمداء كليات
السرقات العلمية تعصف بمصداقية البحوث
نبيل /ع
شهدت عدة مؤسسات جامعية في الجزائر عمليات سرقة وسطو على أبحاث علمية تم فضحها من أصحابها الأصليين أو من قبل باحثين وطلبة بنفس المؤسسات التي ينتمي إليها المتورطون في عمليات السرقة، والتي طالت بحوثا علمية ورسائل جامعية تمت مناقشتها، والكارثة الكبرى هي وجود أسماء مسؤولين في الجامعات من رتب عمداء في قائمة المتورطين في هذه السرقات، وهو الأمر الذي حدث في جامعة عباس لغرور بخنشلة حيث شهدت الجامعة فضيحة علمية تعدت إلى جامعات أجنبية فقد كان ضحية السرقة العلمية الأستاذ الفلسطيني سامر حاتم رشدي علي أحمد، وكان الضحية قد قام بإنجاز رسالة ماجستير منذ سنوات عنوانها "التخطيط المكاني للخدمات الصحية في منطقة ضواحي القدس الشرقية، باستخدام تقنيات نظم المعلومات الجغرافية"، ولكن المتورط في السرقة العلمية وهو أستاذ ومسؤول كبير بالجامعة قدم نفس البحث بمجلة البرهان بكلية العلوم الاجتماعية والإنسانية، وذلك بعد تحويل كلمة "القدس" إلى "خنشلة" ووقع البحث باسمه الشخصي مع لقبه الأكاديمي "الدكتور".
وعن تبعات هذه الفضيحة فقد تمت إقالة عميدة كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بذات الجامعة، كما تم السحب الفوري وإيقاف مجلة "البرهان" مع التوقيف التحفظي للأساتذة المتورطين في هذه السرقات، والضحية الثانية بنفس الجامعة كان أستاذ تعليم عالي بذات الجامعة في قسم الفلسفة حيث تعرض لسرقة جهده من طرف زميل له بنفس الجامعة، وقام بنشر المقال المسروق على مجلة "البرهان"، وعملية نقل آخر لمقال أستاذ مصري من جامعة أم القرى بالسعودية يدعى "الدكتور محمود محمد عبد الله كسناوي" وتم نشره باسم دكتورة بنفس الجامعة وهذا البحث يتعلق بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية علما أن هذا البحث مسجل في عام 2001 بمكتبة قسم التربية الإسلامية والمقارنة بكلية التربية بجامعة أم القرى السعودية.
وفي جامعة مستغانم قام مجموعة من الطلبة بتفجير فضيحة مدوية بطلها عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية متهمين إياه بالاستنساخ الحرفي للكلمة الترحيبية في الموقع الرسمي للجامعة والموقعة باسمه من كلمتي عميدي كليتي دجلة وواسط بالعراق، كما أنه قام بالنقل الحرفي لمقال نشره باسمه في مجلة علمية محكمّة وذلك من موقعين إلكترونيين.
ولم تتوقف سرقات العميد المتورط بل تعدى ذلك إلى نقل حرفي لافتتاحية في المجلّة العلمية المحكّمة بقسم الفلسفة والتي يديرها بنفسه وهي مجلّة "الحوار الثقافي" وكان هذا في سنة 2012.
ظاهرة السرقة العلمية صارت عقبة أخرى وخطيرة في وجه البحث العلمي الجاد وهو ما يضرب سمعة الجامعة الجزائرية في الصميم، هذه الظاهرة السلبية لم تقتصر على الأساتذة والباحثين بل انتشرت على نطاق واسع في مذكرات التخرج لليسانس، فهي لا تخضع للمراقبة، مما يجعل مهمة السرقة العلمية في غاية السهولة، وهذا ما سيجيب عن سبب تذيل الجامعات الجزائرية جداول الترتيب بين المؤسسات الجامعية العالمية.
ويبقى متى يتم إيجاد رقابة صارمة لوقف هذه الجرائم العلمية التي جعلت الجامعة الجزائرية عاجزة عن تقديم أي حلول تنموية للدولة بالرغم من استنزافها المليارات كل سنة ؟


* أحمد حمدي عميد كلية علوم الإعلام والاتصال ل"الحوار":
الجميع شركاء ومسؤولون عن أوضاع الجامعة
قال أحمد حمدي عميد كلية علوم الإعلام والاتصال في حديثه ل"الحوار" بأن الجميع شريك في صناعة حالة اللبس والشبهة التي تطال الجامعة الجزائرية، مشيرا إلى قصور السياسة الوطنية للبحث العلمي التي لم توجه حسبه أهدافها بشكل دقيق، لجعل البحث العلمي ضمن عجلة التنمية الوطنية. وأكد أحمد حمدي على ضرورة تجريم وإدانة أعمال السرقات العلمية المتنافية مع أخلاقيات البحث العلمي والتي اعتبرها ظاهرة فردية لا تعني الجميع.

حاورته: خيرة بوعمرة

* هل ترى بأن الجامعة الجزائرية تعطي مردودها فيما يخص البحث العلمي بالنظر إلى الميزانية التي ترصدها الدولة في هذا المجال ؟
– لا شك أن المتأمل في تفاصيل هذا السؤال والملاحظ لمعطيات البحث العلمي في الجزائر سيفضي إلى حقيقة أن الأمر تشوبه الكثير من السلبيات، وتتداول ضمنه العديد من الاتهامات، ويجري عبره إخلاء الذمة، بينما أن الجميع شريك في صناعة هذا الواقع الملتبس، ولعل السياسة الوطنية للبحث العلمي قد تكون محل تساؤل لأنها لم تحدد أهدافها بشكل دقيق، ولم تصاحب برنامجها في جميع مراحله، ولم تعمل على جعل البحث العلمي ضمن عجلة التنمية الوطنية مواكبا ومؤطرا ومندمجا في مختلف دواليب الاقتصاد الوطني حسب التخصصات، أي لم تحدث القطيعة مع ما يعرف بانغلاق الجامعة على نفسها وانزوائها في برجها الذي لا أسميه بالعاجي، وكذلك فإن الباحث الجزائري استسلم ورفع الراية البيضاء أمام هذا الواقع الذي لا يساعد أبدا على الإنتاج العلمي، إن أول شيء يصطدم به هو التجاهل، وعدم التقييم والتثمين، ناهيك عن التحفيز وتوفير بيئة علمية حاضنة لمشاريع البحث، أما عن الميزانية فأنا لا أشاطر الرأي القائل بأنها ضخمة بل هي هزيلة إذا ما قارناها بما تخصصه الدول الأخرى للبحث العلمي، ينبغي ألا نشح أمام المنجزات العلمية والثقافية فهي أدوات صناعة المستقبل، نعم يجب أن نكون صارمين في تسيير المال العام وعقلانيين في تدبيره وتوزيعه ولن يكون ذلك إلا بالعلم، ألسنا في عالم الاقتصاد المبني على المعرفة؟

* وما رأيك في من يتهم الجامعات الجزائرية بالغرق في سيل السرقات العلمية آخرها قضية اتهام عميد كلية مستغانم بسرقة بحوث أجنبية ونسبها لنفسه؟
– أولا وقبل كل شيء يجب تجريم وإدانة، وبكل حزم وصرامة، مثل هذه الأعمال التي تتنافى تماما مع أخلاقيات البحث العلمي، هناك تفش لهذا المرض، وقد ساعد على انتشاره تطور تكنولوجيا وسائل الإعلام والاتصال وبروز ظاهرة "انسخ والصق" لكن تبقى ظاهرة فردية، وفي أغلب الأحيان يكون ضحيتها الأساتذة المشرفون قبل غيرهم، لا ينبغي أبدا ان تطلق على الجميع، ففي الجامعة الجزائرية أيضا نزهاء وأخيار وهم الذين يكشفون حالات السرقة هذه، ولا ينبغي أن توصف بها الجامعة الجزائرية وحدها، بل هي ظاهرة طالت حتى الجامعات العريقة، غير أن مكافحتها يجب أن تكون بكل حزم وصرامة.

*هل هناك فعلا حالة انسداد في المجالس العلمية في الجامعات الجزائرية فيما يخص تضارب الآراء حول مواضيع الرسائل المقترحة من قبل الباحثين ؟
– ينبغي أن نشير إلى أن المجالس العلمية تنتخب من كبار الأساتذة ذوي الاختصاص ومهامها بيداغوجية وعلمية، ومن سمات البحث العلمي هو طرح الأسئلة والإجابة عنها، وهذا ما يثير النقاش والجدل وهو أمر مفضل لدى أهل الفكر، لأن النقاش الحر يقود إلى النهايات الصحيحة، وأعتقد أن النقاش لا ينبغي أن يوصف بالانسداد بل هو من مميزات البحث العلمي، فالباحث المقتنع ببحثه عليه أن يدافع عن نتائج بحثه ويقنع الجميع بذلك، وبهذا الصدد أيضا يجب أن يخضع الجميع للبرنامج الوطني للبحث العلمي الذي يساهم في إنجازه الباحثون والمحيط الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.

* وكيف تفسر اتهام الجامعات بممارسة سياسة الإقصاء و لمحاباة فيما يخص توزيع المنح العلمية على الباحثين ؟
– أعتقد أن هذا من أمراض الجامعة الجزائرية، يجب مكافحته والقضاء عليه، ولا علاقة عضوية له مع البحث العلمي، بل وصار لدى البعض شكلا من اقتسام الغنيمة لا غير، وقد صدر في الأيام الماضية قانونا جديدا يهدف إلى عقلنة وتأطير مسألة المنح العلمية وربطها بالبحث والإنتاج العلمي.
* الدكتور علي ملاحي الأستاذ بجامعة الجزائر ل"الحوار":
أبعدوا الجامعة عن حساباتكم السياسية
خيرة بوعمرة
يؤكد الدكتور علي ملاحي في تصريح ل"الحوار" بأن ظاهرة السرقات العلمية لا تقتصر على الجامعات الجزائرية بل هي ظاهرة موجودة في كل مكان من العالم، مشيرا إلى دور الهيئات العلمية في معالجة هذه الاعتبارات. واعتبر علي ملاحي الأستاذ المحاضر في جامعة الجزائر 1″ والمشرف على رسائل البحث في جامعة العلوم الإنسانية, كل من يتهم الجامعة الجزائرية بالغرق في سيل السرقات العلمية من دعاة التهويل الاجتماعي والمتاجرين بالسياسة.
وأكد محدثنا في ذات السياق بأن الأسرة الجامعية في الجزائر تقف بالمرصاد بوسائلها وإجراءاتها المعروفة بيداغوجيا, لكل من تسوّل له نفسه الدخول لممارسة الخطيئة العلمية، ووصف محدثنا الاتهامات التي تطال الجامعة الجزائرية بهذا الشأن بأنها مجرد محاولات للتقليل من شأن الجامعة الجزائرية. واستشهد الدكتور علي ملاحي في معرض حديثه بحادثة قال بأنها وقعت في أواخر الثمانينيات في مصر, حيث اتهم فيها أحد النشطين إعلاميا أستاذا من كبار أساتذة جامعة عين شمس هو الدكتور رمضان عبد التواب وكان وقتها رئيس قسم بسرقة أحد الكتب وتطورت القضية عبر وسائل الإعلام وداخل أروقة العدالة وثبتت بالدليل القاطع براءة الأستاذ لكن الأمر انتهى بوفاة الأستاذ لأنه لم يتقبل الأمر نفسيا ..
وتساءل ملاحي وفي هذا الظرف الحساس من حياة الجامعة الجزائرية، كيف لا يتحدث الإعلام في الجزائر عن العدد الهائل من الاساتذة الذين يخدمون الجامعات الدولية. كم عددهم وماهي أبحاثهم ؟؟ معتبرا أن الحالات المحدودة من السرقات العلمية التي تحدث لفراغ أو لسبب من الأسباب تتجاوز الجامعة والمشرف والمجلس العلمي لأنها مسائل أخلاقية مثلها مثل السرقات التي تحدث في الواقع.
واعتبر الدكتور علي ملاحي أن قضية السرقات العلمية ليست بالحجم الكارثي الذي يستدعي التهويل معتبرا بأن اللجان والمجالس العلمية التي تتغير بشكل منتظم لا تقبل بيع ضميرها والسقوط في وحل اسمه السرقة العلمية ..ليتوقف محدثنا عن قضية السرقة التي فجرها طلبة مستغانم منذ أيام مؤكدا بأنها مسألة تعالج في مستغانم داخل الحرم الجامعي وأمام الهيئات العلمية أولا قبل الإدارة ..والأستاذ بريء حتى تثبت الهيئات العلمية إدانته.
وفي توضيحه لطريقة تعامل المجالس العلمية مع رسائل البحث, وما يقال هنا وهناك عن حالة الانسداد التي وصل إليها المجلس بسبب تضارب مصالح القائمين عليه، قال علي ملاحي بأن الموضوعات التي تطرح للنقاش العلمي في المجلس تناقش بموضوعية لأن المستفيد هو البحث, وهو ما يجعل حسبه فكرة الانسداد في المجالس العلمية غير مطروحة، وإن كان هناك اختلاف بين الأعضاء لأي اعتبار بما فيه الحساسية أو المصلحة أو أي شيء آخر فإن على العميد أو حتى رئيس الجامعة التدخل طبقا للقوانين المعمول بها ..ودعا محدثنا إلى ترك المجال للجامعة للعمل بعيدا عن المصالح الضيقة السياسية.
وأكد الدكتور علي ملاحي بأن الجامعة الجزائرية اليوم تعطي مردودها فيما يخص البحث العلمي..وما يناقش من مذكرات وأطروحات معتبرة ومميزة في كفاءتها دليل على النضج الكبير للأبحاث التي تشهدها الجامعة الجزائرية، متسائلا لماذا تصر بعض وسائل الإعلام التقليل من شأن الجامعة الجزائرية إلى حد الاستهزاء والاستفزاء أحيانا ؟..وقال ملاحي بأنه لا مجال للدخول في اللغط السياسي الذي تروج له بعض الأطراف.

* أشار إلى أن السرقات أبطالها بروفيسورات وعمداء
الجامعة لا تخرج سوى البطالين وأنصاف المتعلمين
خيرة بوعمرة

اتّهم الدكتور, عمر أزراج, في تصريح للحوار الجامعات الجزائرية بأنها لا تحقق التنمية التي كان من المفروض أن تكون ضمن أولوياتها على اعتبار أن الجامعة ركنا أساسيا في الحياة الثقافية والعلمية والمعرفية في أيّ بلد من بلدان المعمورة، بل وتشكل العقل المفكر الذي بدونه لا يمكن أن تتحقق التنمية بكل أنماطها. مؤكدا بأن الجامعات الجزائرية لا تلعب أيّ دور له شأن في الحياة الجزائرية، حيث أصبحت متخصصة في تخريج أنصاف المتعلمين، والبطالين ما عدا استثناءات قليلة شاذة لا يقاس عليها.
واعتبر أزراج بأن وزارة التعليم العالي في الجزائر مصرة على أن تلعب دورا سلبيا في تأخير الجامعات الجزائرية عن الركب العلمي والفكري العالمي، مؤكدا بأن الوزارة تفتقد إلى الإطارات العلمية والفكرية في أجهزتها المركزية. وذلك بسبب خلق حالة إسناد في المسؤوليات الحساسة في مديرية البحث العلمي والتكوين عن طريق إيكال الأمور إلى عناصر لا تفقه شيئا في هذا المجال الحساس والمصيري.
ويذهب أزراج في اتهاماته إلى أبعد من هذا حيث يشير إلى عديد الكفاءات والنخب الجزائرية التي أفلتت مما سماه الجهل المتفشي في هذه الجامعات بقدراتهم الشخصية، وعصاميتهم والذين يضطرون لمغادرة البلد بأعداد كبيرة جدا إلى دول أخرى بحثا عن المناخ العلمي، والبيئات الفكرية الإبداعية ولا يعودون إلى وطنهم نهائيا.
ويستشهد أزراج بعدد من قضايا السرقات العلمية التي طفت إلى السطح خلال السنوات الأخيرة والتي تخص عددا من الدكاترة وما يدعى بسلك الأساتذة "البروفسورات" بما فيهم عمداء الكليات بسرقة الأبحاث، ومضامين الأطروحات التي أنجزها باحثون أجانب.
واستنكر عمر أزراج وقوف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي موقفا سلبيا دون أي تدخل أو محاولة لمعالجة هذه القضايا الشائكة التي تعتبر حالة مرضية مستعصية، وهو ما اعتبره الدكتور عمر أزراج سببا من أسباب بقاء الجامعات الجزائرية تحتل ذيل قائمة التصنيف العالمي لأبرز الجامعات في العالم، التي حققت إنجازات كبرى في مجالات البحث العلمي، انعدام المناخ العلمي والثقافي والفكري فيها لحدّ يبعث على الخوف على مستقبل البلاد برمتها. مشيرا إلى الأموال الضخمة التي تصرف على مخابر البحث العلمي الكثيرة التي تقدر ميزانياتها بمليارات الدنانير والتي تذهب أدراج الرياح بلا نتيجة تنعكس إيجابيا على التنمية الوطنية وعلى المحيط العام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.