نصفها إنسان ونصفها سمكة، وعروس اليوم نصفها مهر ونصفها نفقة، ففي موروثنا الشعبي ينقص الإنسان زعانف ليسبح، بينما من المنظور العقلي يلزمه خياشيم ليتنفس، ومن المنطق أن الأولوية للاتفاق في الزواج لينجح، لكننا نجعلها للإنفاق، ومع هذا أنا لا أفكر في أن أكتب لك عن الزواج، فلا تخف، فما كان لي أن أكلمك عن الزواج أو الطقس أو غيرها من الحوارات التي تصلح للحافلات ولسيارات الأجرة مع الغرباء، فأنت بالنسبة لي أكثر من قارئ، أنت صديق عزيز، لذلك دعنا نتكلم عن أشياء أكثر حميمية، كالدستور مثلا. فمنذ أن ضرب الداي البلقاني القنصل الفرنسي وعاد إلى تركية، وإلى أن رفض المدرب البلقاني طلب الرئيس وعاد إلى تركية، تحولت هذه الأرض من أكبر منتج لل"قمح" إلى أكبر منتج لل "حمق"، فنحن الآن جمهورية بلا جمهور بسبب عقوبات الفيفا، ورغم ذلك مازلنا نملك دستورا يجعلنا سواسية كأسنان في تقويم طبي، لا فرق عندنا بين مواطن ومسؤول إلا بالرشوة، لا يتفاضلون إلا بالعافية، إذا مرض المسؤول يعالج في الخارج "خارج البلاد"، وإذا مرض المواطن يعالج كذلك في الخارج "خارج المستشفى". والدستور هو أبو القوانين على الورق، لكن بعد تحليل الموروثات، اتضح أنه وليد تزاوج السلطة مع المصلحة، والكل يعرف قصة حبهما الأسطورية، حين وقعت السلطة في حب المصلحة، من أول طلقة في إحدى إقامات الدولة وعرضت عليها الارتباط واشترطت أن تنجب ولدا وبنتا، الولد تسميه قانون يكون فوق الجميع لكن تحتها، والبنت اسمها ثروة تسكن حسابا سريا في سويسرا، طبعا قصد تبيضها من سمارها الإفريقي لضمان مستقبلها مع عريس لا يشترط فيه القدرة على الباءة، وإنما القدرة على الخروج براءة. وهكذا تستمر أسطورة عروس البحر تعزف على القيثارة، والدولة تعزف على القانون، والشباب يعزف عن الزواج، وأنا أعزف لك على الوتر الحزين، وبدل أن أعدّل لك مشاعرك، سنعدّل على الدستور، ونضيف فيه مادة تؤكد على التزامه وشعوره بالمسؤولية وتقديس الحياة الأسرية، يبحث عنها عاملة أربعينية، لديها سكن مناسب، سيتفهمها حتى لو لها ماضي ...