أجمع عارفين بالشأن الاقتصادي، ممن تحدثت إليهم "الحوار" على توجه الجزائر نحو الاستدانة الخارجية في وقت ليس بالبعيد، معتبرين أن الاستدانة الداخلية التي أعلن عنها الوزير الأول عبد المالك سلال في شكل قروض سندية هي مجرد بداية ومرحلة أولية للاستدانة الخارجية، مؤكدين في ذات السياق على أن الإجراء مجرد محاولة اخرى من الحكومة لاستقطاب أموال "الشكارة" لسد العجز في السيولة الذي تعاني منه خزينة الدولة، مستبعدين ان تفتح هذه الخطوة شهية رجال الأعمال لضعف نسبة الفائدة المقدرة ب5 بالمائة والمقتربة بشدة من معدل التضخم المقدر ب4,5 بالمائة، وعليه سيكون المستفيد من القرض معرض للخسارة بنسبة كبيرة. ما هو القرض السندي ؟ إصدار سندات حكومية توجه في غالب الأحيان إلى السوق النقدي أي البنوك وشركات التامين، وقد تطرح في البورصة أيضا، إلا أنها قد توجه أحيانا إلى المواطنين. الخبير الاقتصادي مصطفى مقيدش: القرض السندي مرحلة أولى والاستدانة الخارجية غير مستبعدة لم يستبعد الخبير الاقتصادي مصطفى مقيدش أن تتوجه الجزائر إلى الاستدانة الخارجية قريبا، على اعتبار أن الاستدانة الداخلية عبر القرض السندي ما هي إلا مرحلة أولى وليست بديلا فعالا للازمة في حال ما ضلت أسعار البترول في انهيار مستمر. واكد مقيدش في اتصال هاتفي مع "الحوار" بان توجه الحكومة نحو الاستدانة الداخلية عن طريق القرض السندي امر جد ايجابي خلال الفترة الحالية، حيث كان قد طالب بها كحل لتمويل العجز الذي تعاني منه خزينة الدولة شهر اوت الماضي. ونفى مقيد شان يكون للقرض السند ياي علاقة بالمادة 66 من قانون المالية لسنة 2016، معتبرا أنها تحفيز أخر لاستقطاب اموال "الشكارة"، حيث تتوجه الحكومة بالإجراء الى جميع المواطنين بمعدل فائدة يبلغ 5 بالمائة. الخبير الاقتصادي كمال ديب: القروض السندية لن تسد العجز ومتوجهون إلى الاستدانة الخارجية توقع الخبير الاقتصادي كمال ديب أن تتوجه الجزائر إلى الاستدانة الخارجية نهاية هذه السنة نظرا لضعف مواردها التي دفعت بها إلى الاستدانة الداخلية عبر القروض السندية، خاصة في ظل الظروف الاجتماعية والأمنية التي تعاني منها الجزائر على غرار اندلاع الحرب في ليبيا ودخول الآلاف من اللاجئين الليبيين إلى الأراضي الجزائرية. وأكد ديب في اتصال هاتفي مع "الحوار" توجه الحكومة الى القرض السندي بعد شعورها باشتداد الأزمة الاقتصادية، طارحا تساؤلا حول جدوى القروض السندية وتوجه المواطن إليها من عدمه على اعتبار نسبة الفائدة المحددة ب5 بالمائة، التي ستتأثر بمعدلات التضخم المتحركة والمرشحة للارتفاع. من جهة أخرى استبعد الخبير الاقتصادي كمال ديب توجه رجال الأعمال إلى القروض السندية، كونهم قادرين على تحقيق ما يفوق نسبة الفائدة التي طرحتها الحكومة، بالإضافة إلى اعتبارهم للقرض السندي تجميدا لأموالهم ليس إلا، معتقدا ان الإجراء الذي أعلن عنه الوزير الأول عبد المالك سلال خلال افتتاح الدورة الربيعية للبرلمان والذي سيدخل حيز التنفيذ الشهر القادم، وسيلة أخرى لاستقطاب أموال "الشكارة"، ودليل على ضخامة الأزمة المالية. الخبير الاقتصادي فارس مسدور: نسبة الفائدة الحقيقية من القرض السندي هي 0,5 بالمائة! اعتبر الخبير الاقتصادي فارس مسدور القروض السندية التي اعلن الوزير الاول عبد المالك سلال عن بداية تطبيقها شهر افريل المقبل، "لعبة قذرة" على اعتبار ان نسبة الفائدة المحققة منها هي مجرد 0,5 بالمائة وليس 5 بالمائة كما اعلنت الحكومة وذلك احتسابا لمعدل التضخم المقدر ب4,5 بالمائة. وقال مسدور في تصريح خص به "الحوار" بان المادة 66 من قانون المالية لسنة 2016 هي اكبر دليل على ذلك خاصة وانها تدعوا الى فتح راسمال الشركات العمومية للخواص التي ستمهد لفتحها الى الاجانب ايضا، محملا الدستور الجديد ايضا جزءا من المسؤولية كونه جسد للانفتاح الاقتصادي على الداخل والخارج. وفي نفس السياق استبعد الخبير الاقتصادي ان يتوجه كبار رجال الاعمال الى القروض السندية لانعدام الثقة فيها وضعف نسبة الفائدة التي لا تخدم نشاطاتهم، داعيا الحكومة الى تطبيقها بصكوك اسلامية للتمكن من استقطاب الجمهور التي ستكون مبنية على المشاركة والابتعاد على الصكوك الربحية المبنية على الفوائد الربوية، معتقدا ان القروض السندية ستكون ايجابية في هذه الحالة فقط. الأفلان:" القرض السندي إجراء تقني بحت نثمنه" أكد، أمس، المتحدث باسم حزب جبهة التحرير الوطني حسين خلدون في اتصال هاتفي ب" الحوار"، حول قرار الحكومة القاضي باللجوء الى الاستدانة الداخلية عن طريق القرض السندي الذي يضمن 05بالمائة فائدة، يعد:" اجراءا تقنية بحتا، و ما يهمنا في الافلان، هو انتهاج السياسة التي تجعنا في منأى عن الاستدانة الخارجية، ونؤكد أن مثل هذه الاجراءات تبقى معمول بها في كل الدول و نحن نثمنها"، مضيفا أن حزبه يبقى وفيا لمبادئه المدافعة عن القدرة الشرائية للمواطن و المحافظ على الطابع الاجتماعي للدولة الجزائرية. و إن كان القرض السندي يعد بديلا ماليا صائبا لمواجهة انهيار أسعار المحروقات، أوضح المتحدث باسم الآفلان قائلا:" قضية تراجع أسعار المحروقات في السوق العالمية له لها تداعياتها على الاقتصاد ككل، و الدولة الجزائرية عرفت كيف تحافظ على التوازنات الكبرى للميزانية وهذه الآلية المتمثلة في القرض السندي تصب في هذه البوتقة، و نؤكد أن ما تقوم به الحكومة ايجابي جدا". حسين خلدون، رد حول أن كان من بين أهداف اعتماد القرض السندي استرجاع أموال السوق الموازية قائلا:" أن كان كذلك فهذا جميل جدا، ندعوا الجميع إلى الثقة في حكومتهم، هذه الثقة التي تفعل لا محالة الاقتصاد و يزيد من شفافيته و يقضي على كل البؤر الغامضة".و حول رأي المعارضة القاضي بان القرض السندي خطوة سريعة نحو بيع المؤسسات العمومية حسب المادة 66 من قانون المالية 2016، قال محدثنا:" أبدا هذه القراءة غير صائبة و لا جدوى منها". حمس:" القرض السندي خطوة سريعة نحو بيع المؤسسات العمومية" حركة مجتمع السلم ، لم يرق لها اعتماد هذا الإجراء و شككت في إمكانية بلوغ أهدافه المسطرة من قبل الحكومة، حيث أكد القيادي في الحركة ناصر حمدادوش، ل" الحوار":" هذه خطوة سريعة نحو بيع المؤسسات العمومية، حسب المادة: 66 من قانون المالية لسنة 2016م التي حذرنا منها في السابق. لن ينجح هذا القرض السندي، والمحاولة اليائسة لاستقطاب تضامن الشعب مع الحكومة، واستدراج "الشكارة" من السوق السوداء، لأن البيئة لا تساعد على ذلك للإصرار على الفوائد الربوية، ولانعدام الثقة في الحكومة".بالمقابل، يرى محدثنا أن القرض السندي:" ستكون فرصة لرجال المال السياسي الفاسد لاختطاف هذه المؤسسات العمومية، بما فيها القطاعات السيادية والإستراتيجية، لتكتمل الصورة بأنهم هم مَن وضع قانون المالية، ومن قرر مكان مؤسسات الدولة الرسمية، وهو ما يؤكد الذهاب – بعنف – نحو الرأسمالية المتوحشة عن طريق الأيادي الأجنبية، وهو ما يعرض السيادة الوطنية للخطر". بن حبيرش: القرض السندي مورد هام لتمويل الخزينة العمومية القيادي في حزب الكرامة بن حبيرش محمد، بدوره أكد ل" الحوار"، ان تشكيلته ترى أن لجوء الدولة إلى اعتماد الاستدانة الداخلية عن طريق القرض السندي خطوة ايجابية من طرف القائمين على الخزينة العمومية، من أجل الابتعاد عن الاستدانة الخارجية، مؤكدا ان هذا الاجراء يعد موردا هاما من موارد تمويل الخزينة العمومية خاصة في ضل انهيار أسعار المحروقات في السوق العالمية، و بالتالي الإجراء يعد ضرورة لتفادي الاستدانة الخارجية التى ترهق لا محالة كل الدول التى تضطر للتوجه اليها.كما أوضح محدثنا أن الإجراء هذا سيقلل من عزوف المواطنين وأرباب العمل من إيداع أموالهم في البنوك، عن طريق تحفيزهم بنسب الفوائد العالية التى يضمنها القرض.و ان كان لديهم تخوف مما يشاع حول ان القرض السندي خطوة سريعة نحو بيع المؤسسات العمومية حسب المادة 66 من قانون المالية 2066، أكد بن حبيرش، أن التخوف الوحيد يتمثل في فقدان سيادة الدولة على هذه المؤسسات على اعتبار انها مؤسسات توجيهية للاقتصاد العام. خليفة:الإجراء هذا مفيد لكن إعادة النظر في السياسة النقدية ضرورة وسألت" الحوار" النائب أحمد خليفة، عن القرض السندي ليجيب:" الأمر عادي جدا، في ظل الظروف الاقتصادية التي تعيشها الجزائر، فعوض الاستدانة الخارجية تلجأ الحكومة إلى الاستدانة الداخلية، خاصة و أن الجميع يعرف أن الاستدانة الخارجية تفرض على الدولة شروط تعجيزية كالابتعاد على الدعم الاجتماعي الذي لا يخدم أحد"، مضيفا ان هذا الاجراء سيعمل على القضاء على السوق الموازية التي تنخر الاقتصاد الوطني ب40 مليار دولار، و بالتالي يقول وجب الاعتماد على مثل هذه الحلول، مشددا على ضرورة إعادة النظر في السياسة النقدية في الجزائر و فتح الشبابيك و جعل سعر الدينار موحد سواء داخل البنك أو خارجه. شداد: اللجوء لهذا القرض تقنية مالية لاسترجاع أموال "الشكارة" بدوره اعتبر البرلماني السابق عن حزب جبهة التحرير الوطني عبد القادر شداد، أن لجوء الحكومة إلى القرض السندي، ما هو إلا تقنية مالية جديدة لاسترجاع الأموال الموجودة في السوق الموازية ، بعدما فشلت الإجراءات الأولى المتضمنة في قانون المالية التكميلي لسنة 2015، يتصدرها التصريح الجبائي الطوعي الذي دخل حيز التنفيذ بداية من 2 أوت الماضي، وإلزامية الصك في الفاتح جويلية المنصرم معتبرا أن فتح سندات الخزينة إجراء مالي معتمد بكافة الدول، للهروب من الاستدانة الخارجية من خلال إشراك المواطنين والخواص في تمويل المشاريع، مشيرا إلى أن هذا الإجراء سيكون عبر فتح سندات الشركات العمومية لتمويل مشاريعها. حداد يشجع القرض السندي أكد رئيس منتدى رؤساء المؤسسات، أن مصالحه ستعمل على إبعاد الجزائر من الاستدانة الخارجية. حيث قال علي حداد، على هامش اللقاء الاقتصادي الذي جمع أعضاء "FCE"، أمس السبت، في مستغانم " سنعمل كل ما في وسعنا لنجنب بلادنا من الاستدانة الخارجية، وحتى وان حدث ذلك فانها لا تعتبر كارثة، خصوصا أن كان هدفها تطوير الاقتصاد الجزائري". كما أعلن، علي حداد، عن تشجيع كل أعضاء رؤساء المؤسسات للمساهمة بقوة في عملية اكتتاب السندات التي أعلنت عنها الحكومة لتجنب اللجوء إلى الاستدانة من الخارج.