عمود خبايا يكتبها كل سبت: رابح لونيسي تعد الجزائر البلد الوحيد في العالم الذي يحتفل مرتين في العام بحرية التعبير، أحدها وطني حدد ب 22 أكتوبر، والذي أقره رئيس الجمهورية بمرسوم كتخليد لإنشاء "المقاومة الجزائرية" كأول صحيفة للثورة الجزائرية في1955، والتي تحولت إلى"المجاهد، وآخر عالمي في03ماي، لكن هل الشعارات والاحتفالات والمواد الدستورية كافية لضمان الحريات في بلادنا؟. لامعنى لكل هذا الصخب عن الحريات بسبب ضعف الثقافة الديمقراطية وتغييب قيمة الحريات لدى شعبنا على عكس الغرب الذي يقدسها، والذي يرى أن حرياته مستمدة من الحقوق الطبيعية للإنسان، ويشبه تصورهم نفس تصور الخليفة عمر بن الخطاب صاحب مقولة "متى استعبدتم الناس، وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا"، لكننا عجزنا عن تجسيد ذلك عمليا ومن ناحية التصور، فمن الضروري غرس تصور تقديس الحريات وقيم أخرى في الإنسان الجزائري بداية من الطفل في المدرسة كي تجعله يحترم الآخر، وذلك انطلاقا من تصورات قرآنية، ومنها إعطاء الله للإنسان حرية الاختيار بين طريقي الجنة والنار، الذي تعد أكبر قضية مصيرية للإنسان، ولهذا لايحق لأي كان منع الإنسان من التعبير عن رأيه أو حرية اختياراته، ويمكن أن نسرد للطفل في المدرسة كيف أن الله ترك إبليس حرا طليقا رغم معارضته له، ورفض تطبيق أوامره، فهناك الكثير من التصورات القرآنية يمكن لنا تلقينها للمواطن تجعله يحترم الحريات والآخر، يستحيل علينا توطين قيم الحريات والديمقراطية في بلادنا دون الاستناد على تصورات فلسفية قرآنية، وهذه ليست خاصية عندنا فقط، بل نجدها حتى لدى المفكرين المؤسسين للديمقراطية الغربية الحديثة كلوك وجفرسون وتوماس باين وغيرهم الذين استندوا أيضا على قراءة فلسفية للكتاب المقدس في ذلك. لكن مادام أن الإنسان الجزائري لم يكتسب بعد هذه التصورات الفلسفية، فعلينا إذا تحصين هذه الحريات إما بجمع الإعلاميين وكل أصحاب الكلمة في مؤسسة دستورية تجمع ممثليهم، فتكون مؤسسة مستقلة في قراراتها ومنتخبة كلية من ممثلي المهنة، وتتلخص مهامها الأساسية في تسيير وضبط الإعلام، وخاصة الإشهار الذي يعد مربط الفرس في العملية الإعلامية، لأن السلطة المتحكمة في الإشهار هي التي تتحكم في الحريات، ونضيف لذلك إعطاء حصانة لكل أصحاب الكلمة، ولاتنزع منه إلا من هذه المؤسسة الدستورية بالتنسيق مع القضاء المستقل في حالة مخالفة القوانين، ولعل بذلك ستكف بعض المؤسسات الإعلامية عن التطبيل واستحمار الشعب، فتتحول كلها إلى مدافعة عن المجتمع وصوته لدى السلطة، وأيضا مرآة للسلطة تكشف لها انحرافاتها، فحصانة الإعلام هو تحصين للمواطن من أي طغيان، وأيضا من مهام الإعلام نقل المعلومات للمواطن من مصادرها، مما يتطلب معاقبة كل معرقل له للوصول إليها. لكن لن تتحقق مانراه أرضية مطالب أساسية دون تجاوز الإعلاميين لحزازاتهم وخلافاتهم والانخراط في تنظيم نقابي قوي، وإلا سيكررون كلهم الواحد بعد الآخر مقولة "أكلت يوم أكل الثور الأبيض". [email protected]