بقلم: رياض بن وادن لا أقتنع بتاتا بالطرح الذي يجعل من المجاهدين في فترة الاحتلال الفرنسي كأنهم ملائكة أو أنبياء أو أن السماء هي من بعثت بهم من أجل تحرير الوطن..أو بذلك الطرح الذي يجعلهم منزّهين عن كل الأخطاء أو أنهم بعيدون عن كل نقد لتلك الفترة الحساسة من كفاحهم ضد المستدمر الفرنسي الغاشم. فكل المعارك التي قام بها الأحرار في كل بقاع الأرض من أجل تحريرها وتحرير الإنسان يمكن إخضاعها للدراسة الأكاديمية الجادة التي تحدد الخطأ والصواب فيها..بل وحتى تلك الحروب التي شارك فيها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تتطلب التحليل والنقاش وفهم أسباب النصر وأسباب الهزيمة مثل غزوة أحد وكذا العديد من الفتوحات التي قام بها صحبه من بعده. لكن الذي نرفضه هو تطاول الكاتب الجزائري بوعلام صنصال الذي أصبح يحدث كل مرة أصوات شادة كالتي يحدثها الفخار الذي صنع من صلصال عند طرقه عندما شبه ذلك العمل الذي قام به أحد الإرهابيين ضد الناس في مدينة نيس الفرنسية بأنه من نفس العمل الذي كان يقوم به المجاهدون أثناء فترة التحرير الوطني من أجل تحرير الوطن من السفلة والمستعمرين ومن مغتصبي أرزاق الناس والمستوطنين جورا وظلما!!؟. وفي حقيقة الأمر فإن مثل هذا التشبيه لا يمكن أن يصدر إلاّ من شخص جاهل بالحقائق التاريخية وبالفهم السوي والصحيح لمصطلحات مهمة مثل: الاستعمار والظلم والحريات وحقوق الناس والكفاح والجهاد وهذا أمر مستبعد عن كاتب مثله..أو أنه يصدر من شخص خائن لوطنه ولأمته يتاجر بدماء الشهداء وتاريخ نضالهم من أجل بعض الإستحقاقات اللحظية التي لم تتوقف فرنسا يوما عن دعم وتشجيع ومكافأة كل من يعمل لصالحها منذ احتلالها لأرض الجزائر إلى غاية اليوم..وقد وجدت جمعا معتبرا لفعل ذلك في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية وليس فقط في مجال الأدب والكتابة !!. وما أحدثه الكاتب صنصال بهذا التصريح ماهو إلاّ زفير خائن أمام رياح المجاهدين العاتية رغم -مثلما قلت سابقا- الأخطاء التي حدثت هنا وهناك والتي تطرق إليها المؤرخون وما يزالون يفعلون ذلك في دراساتهم الأكاديمية..فتصريح صنصال هذا ماهو إلاّ طرق على واجهة فخار مصنوع من صلصال قد يتكسر في أي لحظة من اللحظات..تصريح الكاتب بوعلام ماهو إلاّ إعلام منه بأنه حاقد على وطنه الأصلي وعلى أبناء وطنه وعلى تاريخ أمته وكاره لجذوره وغير منصف للملايين التي ضحت من أجل أن يحيا هذا الشعب معززا مكرما. إن تصريحات هذا الكاتب لا يمكن أن تضر بتاريخ حرب تحريرية شهد لها البعيد قبل القريب بأنها من أعظم حروب التحرير التي شهدها هذا العصر الحديث..تصريحات هذا الكاتب تؤكد وللمرة الألف بأن لفرنسا أيادٍ داخلية وخارجية تعمل لصالحها في جميع المجالات حتى تمنع هذا الوطن من التحرير الكامل..وتؤكد بأن الخيانة والدياثة و"الطحين" عمل يقوم به كذلك المثقفون والمتعلمون وأصحاب الجاه والمال في كل الأزمان.