رهن الوزير الأسبق للطاقة شكيب خليل مستقبل البلاد الاقتصادي بمدى سرعة الحكومة في تسيير الأزمة وتطبيق الإجراءات اللازمة للخروج منها، خاصة في ما يتعلق بتنويع الاقتصاد لخلق ثروة جديدة ومتجددة تعوض خسائر الخزينة العمومية من الريع البترولي. ودعا شكيب خليل في حوار مع موقع "أخبار الجلفة"، الحكومة إلى مواجهة هذا التحدي بكل حزم واليوم قبل الغد، رغم ما يتطلبه من جهد كبير ووقت طويل وحتى لو تحسنت أسعار البترول في المستقبل، على اعتبار المؤهلات الجزائرية التي تساعدها على النجاح وعلى رأسها الاحتياطي المالي، مشيرا إلى أن تطوير اقتصاد متنوع ومستدام يستفيد منه كل الجزائريين على المدى الطويل بقي الخيار الوحيد أمام استنفاذ جميع الخيارات الممكنة. وأقر شكيب خليل بصعوبة الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، على اعتبار أن انخفاض سعر البترول قلّص مداخيلها إلى النصف في 2015 و2016، قائلا بأنه "حتى لو ارتفع سعر البترول في هذه الأيام وربما يصل إلى أكثر من 50 دولارا للبرميل في 2017، وحتى لو يستمر في الارتفاع عام 2018، إلا أنه لن يصل إلى المستوى الذي وصل إليه سابقا"، وبناء على ذلك أكد خليل بأن الجزائر لا يمكنها أن تسير على رجل واحدة والتي هي المحروقات، بل يجب عليها تنويع اقتصادها وتحويله إلى اقتصاد أكثر استقرارا لكي تحافظ عليه من أخطار سعر البترول، وللوصول إلى ذلك يجب على قطاعات الفلاحة، والصناعة والصيد البحري والسياحة والخدمات أن تساهم في الحصول على المداخيل من العملة الصعبة، وبهذا يكون اقتصادنا أقل اعتمادا على المحروقات. وأكد الوزير الأسبق للطاقة بأن الحلول الاقتصادية تتطلب جهدا أكبر من الحكومة عن طريق تحسين خدماتها اتجاه مستثمري القطاع الخاص والعمومي وتشجيع التصدير والحفاظ على نمو الإنتاج الوطني، وتوجيه البنوك والبورصة إلى خدمة الاقتصاد الوطني، وتوجيه التعليم والصحة والبحث العلمي لسد احتياجات المستثمرين والمواطنين في هذه الميادين، كما أبرز في نفس الإطار ضرورة الاهتمام بالولايات الجنوبية في الجزائر لما تملكه من مؤهلات وعلى رأسها الأراضي الخصبة، ووجود المياه والطاقة ومكانة الجنوب الجيو-إستراتيجية والثورة الطبيعية والبشرية، داعيا خليل الحكومة وكذا القطاعين العمومي والخاص إلى الالتزام بتطبيق هذه الإجراءات التي من شأنها رفع الاقتصاد الوطني للوصول إلى الهدف المنشود. واقترح المستشار الأسبق للرئيس الراحل هواري بومدين كإجراءات لمواجهة الأزمة البترولية، خلق بنك لتمويل مشاريع الحرف الصغيرة، وخلق صندوق ضمان لمساعدة تمويل المشاريع الصناعية، وإنشاء صندوق ضمان لمساعدة المواطنين لتمويل شراء بيوتهم، وإنشاء بنك جزائري في الخارج، وتشجيع الطاقة الشمسية وتشجيع خلق مكاتب الدراسات، بالإضافة إلى تطبيق التخطيط التأشيري بهدف التنسيق بين طلبات المتعاملين الاقتصاديين مع خريجي الجامعات ومراكز التكوين. وفي نفس السياق، أكد شكيب خليل تأييده لمسعى الحكومة للتعاون الاقتصادي مع الدول الإفريقية الذي تعمل عليه في الآونة الأخيرة، مشددا على ضرورة تقوية العلاقات الجزائرية مع هذه الدول، قائلا بأنه "لابد أن نوجه صادراتنا إلى السوق الإفريقية، وفي الوقت نفسه أن نحافظ على الإنتاج الوطني لتوفير العملة الصعبة وأن نصدّر، وزيادة على ذلك أن نطبق المعايير الدولية على منتوجاتنا، لكي نربح أسواقا في أوروبا وأميريكا والشرق الأوسط". وفي سياق متصل، جدد شكيب خليل توقعاته بخصوص الزيادة في سعر البترول في الأشهر القادمة، مستشهدا على ذلك بوصول الأسعار إلى 45 دولارا بعدما كانت بداية السنة لا تتجاوز عتبة 30 دولارا للبرميل، متوقعا أن يكون المعدل السنوي لسنة 2016 45 دولارا، والسنة القادمة 52 دولارا، مستندا في طرحه على تراجع الفائض من الإنتاج خلال السنوات القليلة المقبلة مقارنة بسنتي 2014 و2015، خصوصا إذا لم تزد ليبيا في إنتاجها سيكون هناك فائض قليل في 2017، وبذلك سيزداد الطلب العالمي للبترول –حسب توقعات خليل- كل سنة بحوالي مليون برميل في اليوم، حيث سيتوازن الطلب مع العرض، ومنه ستبدأ الأسعار في الصعود تدريجيا. وفي سياق منفصل، كشف الوزير الأسبق للطاقة بأن القسط الأكبر لاقتراحاته في الميدان الاقتصادي هو ناتج عن أفكار واقتراحات الشباب الجزائري الذي يتواصل معه عن طريق "الفايسبوك" و"السكايب"، مشيرا إلى أنه استعمل تلك الأفكار في ندواته عن بعد وطرحها لأكبر فئة من الشباب على المستوى الجهوي، وأوضح شكيب بأنه من خلال مواقع التواصل الاجتماعي اكتشف بأن الموضوعين الأهم بالنسبة للشباب الجزائري هما السياسة والاقتصاد. ليلى عمران