في حديثه الذي جمعه مع جريدة "الحوار"، يوجه والي بومرداس خطابا صريحا لمواطني الولاية، مفاده أنه جاء للولاية واضعا نصب عينيه القضاء النهائي على مشكل "الشاليهات" واعدا إياهم بأنه سيرفع الغبن بكل أشكاله عن المواطن الذي يعتبره النواة الصلبة التي يجب ان تتمحور حولها كافة أعمال السلطات بالولاية، مضيفا في السياق ذاته أنه سينعش حركية الاقتصاد بالولاية عبر تشجيع المستثمرين وخاصة في قطاعي الفلاحة والسياحة. * يركز الخطاب الحكومي الصادر مؤخرا على أن قطاعي السياحة والفلاحة يشكلان القاطرة التي تجر عربة الاقتصاد الوطني، في هذا السياق ما هي خطة السيد الوالي للنهوض بالاقتصاد المحلي؟ الفكرة التي جاء بها اللقاء الذي جمع الولاة بالحكومة يوم 29 أوت 2015 والتي ستؤكد خلال اللقاء الذي سيعقد يومي 12 و13 نوفمبر الجاري، والذي سيجمع كذلك ولاة الجمهورية بدولة الوزير الأول والسادة أعضاء الحكومة كله يصب في هاته المهمة الجديدة، التي أريد بها تفعيل الدور الاقتصادي للولاة على مستوى الجماعات المحلية، وهذا يعني أساسا أن إرهاصات وتقلبات أسعار المحروقات في العالم، والتي أعطت صورة سلبية للحركية الاقتصادية على المستوى الوطني، جعلت من السلطات العمومية تفكر في إيجاد البدائل لهاته المعضلة من خلال القيام بكل ما من شأنه المساهمة الفعالة في خلق الثروة في إطار ما تسمح به قوانين الجمهورية، وعلى رأس تلك الأعمال تشجيع الاستثمار في القطاعين الفلاحي والسياحي وفكر المقاولاتية بصفة عامة. ولاية بومرادس ولاية سياحية وفلاحيه بامتياز، ولها من المقومات ما يجعلها تقدم إضافة لسكانها وللاقتصاد الوطني عموما، لأن تشجيع الاستثمار يهدف لإعطاء إضافة ثلاثية الأبعاد للاقتصاد هي: أولا خلق مناصب الشغل، ثانيا: خلق الثروة، وثالثا: إعطاء القيمة المضافة للاقتصاد الوطني.. هذه الأبعاد كلها تتوفر عليها ولاية بومرداس، ولكن ما وجب فعله هو خلق هذا التجانس من خلال إعطاء احترافية جديدة بالنسبة لقطاع الفلاحة، حيث توجد منتجات تعتبر رائدة وأساسية في الولاية، على غرار العنب الذي تسهم ولايتنا بتوفير ما يقارب 45 بالمائة من الاحتياج الوطني لهذه الفاكهة. قطاع الفلاحة له مهنية خاصة ومتفردة في العديد من ولايات الوطن، وعليه وجب اليوم التقرب من الفلاحين والمستثمرين الفلاحيين حتى نعطيهم المرافقة والتشجيع اللازمين لتطوير الإنتاج ورفع حجمه ونوعيته وتنوعه والسعي بجد واجتهاد لتحقيق الاكتفاء الذاتي للولاية في المقام الأول، ثم تحقيق الاكتفاء الذاتي على المستوى الوطني، ولمَ لا التصدير في مرحلة لاحقة، هذا فيما يخص الفلاحة. أما فيما يخص قطاع السياحة فلا يخفى على احد أن ولاية بومرداس تتوفر على أكثر من 100 كيلومتر من السواحل، ويقصدها الكثير من المصطافين والسياح من داخل الوطن وخارجه، لكن ما نريده هو إضفاء تلك الاحترافية على القطاع عبر التأكيد والتشديد على ضرورة تحسين ظروف الاستقبال والإيواء والنقل والترفيه وتقديم خدمات نوعية ترتقي بالسياحة في الولاية. ومن موقعي هذا أؤكد لكم أن المقومات الأساسية موجودة، لكن ما نريده هو أننا نفعِّل من احترافية المستثمرين والعاملين في القطاع.
* من منطلق أن لديكم مسارا مهنيا كبيرا في الإدارة الجزائرية مكنكم من تولي مهام سامية في مختلف مؤسسات الدولة، تسمحون لنا أن نكاشفكم بأن الإدارة الجزائرية دائما في موقع المتهم، خاصة فيما يتعلق بالبيروقراطية وعرقلة الاستثمار.. ما تعليقكم؟ للأسف، تحولت الإدارة الجزائرية لحائط مبكى، لأننا لم نستطع إحداث ثورة في فكر المصطاف وفي فكر من يقدم الخدمة للمصطاف، وذلك أصبح لزاما علينا جميعا أن نتقاسم هذه المسؤولية وهذا العبء حتى يقوم كل منا من موقعه بالمهمة الموكلة إليه، وهنا اقصد الإدارة والمصطاف والقائم بتقديم الخدمات السياحية للمصطاف، ونحن من جهتنا سنسعى جاهدين لخلق هذا التجانس حتى نعطي حركية جديدة لموسم الاصطياف المقبل من خلال وضع أساسيات الخدمات على مستوى الولاية، والتي تعتبر دون المستوى المطلوب، بالنظر إلى غياب المهنية عند هؤلاء الذين يقدمون تلك الخدمات. ولأننا ندرك جيدا بأن ولاية بومرداس تتوفر على مقومات فلاحية وسياحية، فإننا بصدد وضع رزنامة لإحصاء كل الاستثمارات التي من شأنها خلق الثورة وفرص العمل، وكذلك برمجة زيارات ميدانية لتشجيع الاستثمار الخاص والعمومي، هذه الامور كفيلة بصنع الفارق عن باقي ولايات الوطن، وأجدد من منبركم هذا يقيني بأن ولاية بومرداس سيكون لها شأن عظيم في القريب العاجل، بالنظر إلى المقومات التي تتوفر عليها، شرط توفر المرافقة الإدارية للمستثمر، وأن يشعر بها المستثمر حتى يتمكن من استكمال إنجاز مشروعه والانطلاق في مرحلة الانتاج وتقديم الخدمة.
* شاهدنا جميعا لما تم تحويلك من ولاية ميلة إلى ولاية بومرداس كيف خرج الناس للشوارع متظاهرين ومطالبين ببقائك، هل تعد المواطن البومرداسي بثورة في طبيعة العلاقة بينه وبين الإدارة؟ نعم أكيد، ولقد بدأت ذلك بالفعل، وأنا دائما أقول عملنا لا يرتكز على تسيير الشأن اليومي وتحصيل الجباية، ولكن على إحداث ثورة في الفكر، حيث لو تحققت ثورة فكرية لدى الإدارة ولدى المواطن، ولو توفر اندماج بين الفاعلين الأساييين وهما السلطة العمومية والمواطن سنقفز خطوات للأمام.
* هل ستواصل الاعتماد على الزيارات الفجائية كسلاح للمتابعة والمراقبة؟ بكل تأكيد، فهي التي تعطينا القدرة على الاطلاع الكامل على حقيقة الأوضاع في مختلف البلديات والدوائر والمؤسسات الحكومية دون "ماكياج" ولا مواربة، ومن خلالها نسعى كذلك إلى تقويم الخلل أينما كان، وكل هذا يصب في خانة الشعار الذي رسمناه منذ البداية وهو "رفع الغبن عن المواطن بكل أشكاله".
* في اللقاءات الجهوية التي جمعت وزير الداخلية بولاة الجمهورية، قال الوزير بدوي بوضوح إنه يريد من الولاة تفعيل الاستثمار وكل ما من شأنه دعم الخزينة العمومية في ظل انخفاض أسعار المحروقات في السوق العالمية، كيف ستتعاملون أنتم في بومرداس مع هذه الرؤية؟ لا يخفى على أحد بأن الانتقال من المجانية الكاملة للخدمات إلى رمزية الخدمات التي تعتبر المرحلة الثانية لنصل إلى المرحلة النهائية، وهي مرحلة الدفع مقابل الخدمات، لا بد ان تصاحب هاته العملية ثورة فكرية تهيئ المواطن وتجعله مستعدا لدفع مقابل مادي عن الخدمات التي يتلقاها. وفي النهاية كل العائدات ستصب في خزينة البلدية، وبالتالي سيستفيد منها المواطن حتما. ومع مراعاة الفروق بين بلديات الوطني، توجب علينا البحث بجدية عن منابع خلق الثروة التي تمكننا من التكفل بالاحتياجات الأساسية للمواطنين.
* على ذكر البلديات، كثير من المشاكل التي يعاني منها المواطن راجعة لضعف أداء رؤساء البلديات، وهو الأمر الذي يخلق في أحيان كثير حالات من الفوضى واللااستقرار؟ هذا حقيقة مشكل عويص، حيث نجد كثيرا من رؤساء البلديات لم يقدموا اضافة نوعية للمواطنين الذين انتخبوهم، وأصبحت الكثير من البلديات تعيش اوضاعا صعبة وانسدادا نتيجة الصراعات الحزبية التي تتنافى مع مصلحة المواطن، ونحن اليوم على مقربة من الانتخابات المحلية، وسنعمل إن شاء الله على تقديم افضل الكفاءات لتولي تسيير البلديات، لأن الخلية الاساسية للدولة ونجاحها هو نجاح مؤسسات الدولة والعكس صحيح، وستكون لنا لقاءات قريبة من السادة رؤساء البلديات من اجل ضبط منهجية عمل خاصة بهم، ونحسسهم بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم. ومع قرب الموعد الانتخابي فإنه يتوجب على كل رئيس بلدية أن يقدم حصيلة اعماله للمواطنين ليتسنى لهم تقييم أدائه الحكم عليه. من جهتي سأعمل جاهدا على قلب الموازين حتى يصبح المواطن هو النواة الصلبة التي تدور حولها كل عمليات التسيير والتنمية المحلية بالولاية.
* صرحتم مرارا أنكم تؤمنون بالتشاركية في العمل، ما الذي تنتظره من نواب وممثلي الشعب بالولاية، وكذا من الأسرة الإعلامية بالولاية؟ لدي إيمان راسخ بأن العمل التنموي لا يمكن ان ينجح إلا بتظافر جهود الجميع، وأقصد هنا نواب الشعب والمنتخبين المحليين والاداريين بكل مستوياتهم وفعاليات المجتمع المدني وأسرة الإعلام التي تقدم مادة إعلامية موضوعية. * مشكلتا البطالة والسكن من أهم المشاكل التي يعاني منها المواطن، ماذا في جعبتكم من حلول؟ محاربة البطالة ليست حكرا على السلطات العمومية، بل كذلك يمكن للمستثمرين الخواص توفير مناصب شغل، ولذلك نحرص على تشجيع الاستثمار في الولاية، أما بالنسبة لمشكل السكن فأقول إنه بفضل الجهد الجبار الذي تبذله الدولة، والذي لا يوجد له مثيل في الدول الاخرى، فقد انتقلنا من أزمة السكن إلى مشكلة السكن، بمعنى تم تخفيف حدة الأزمة، ونجحت الدولة في الوفاء بتعهداتها وتحقيق انفراج في الميدان. بالنسبة لبومرداس، أعد مواطني الولاية بأن القضاء على الشاليهات وترسبات زلزال 2003، هي أولوية الأولويات عندي، مع ضرورة ضبط الإجراءات التي تسمح باستفادة المواطنين المحتاجين من السكنات. وللاسف لا زلنا ابعد ما نكون عن التحكم في ملف توزيع السكنات.
* كلمة أخيرة للمواطن سيادة الوالي… أقول لمواطني الولاية الكرام إننا هنا في خدمتهم، وبابي مفتوح، وأعدهم برفع الغبن عنهم بكل أشكاله وفي كل الميادين، ولست هنا لأبيع لهم الأوهام، بل انا هنا لخدمتهم، ولن أرحم المتقاعسين في خدمة المواطنين، ولن يكون لهم مكان عندي، لأني أمقت المتقاعسين وبائعي الاوهام للشعب لأنهم اعداء الشعب.